سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

السياسة التركيّة… تاريخٌ من التقلّباتِ السياسيّةِ

رامان آزاد_

التقلّبُ والتغييرُ أو الانتقالُ من النقيضِ إلى النقيضِ، سِمةٌ بارزةٌ في سياسةِ أنقرة، لها جذورها التاريخيّة لأكثرِ من قرنٍ، ومنذ صعود حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002، تبدلت المواقف التركيّة، اعتباراً من تبنّي مبدأ “صفر مشاكل”، إلى توترٍ دائم مع المحيط، وتبدلات في العلاقةِ مع موسكو وواشنطن، إلا أنّها حافظت على ثباتِ عدائها الكرد ودعمِ الجماعاتِ المرتزقة واستخدامها أداةً للتدخّلِ الخارجيّ وبخاصةٍ في سوريا.
بارانويا المؤامرةِ
تسكن العقل التركيّ على مدى أكثر من قرنٍ بارانويا المؤامرة وهاجس المخاوف، وكان الميثاق المليّ 28/1/1920، أحد تجليات التصدّي العثمانيّ للمؤامرةِ بآخر عهدها، ونصَّ على حقِّ تركيا باستعادة أراضٍ في شمال سوريا والعراقِ، ومازالت نظرية المؤامرة تحكمُ السياسة التركيّة الداخليّة والخارجيّة، بعدما تحولت إلى متلازمةٍ سيكولوجيّة، تنعكس في تبدلاتِ مواقفها وتأرجحها، وعبر توظيفِ نظريةِ المؤامرة خاض حزب العدالة والتنمية جولاتِ الانتخابات، ليقدّمَ نفسه على أنّه الطرفَ الأقوى الذي يمكنه تسكينُ مخاوف الأتراك، فيما برر تدخّله الخارجيّ بالمخاوفِ الأمنيّة وطموحات الانبعاث.
العلاقةُ التركيّة ــ الروسيّة كانت أوضح نموذج لتأرجحِ السياسة التركيّة، والتي يمكن تقسيمها زمنياً إلى ثلاث مراحل، الأولى القيصرية والعثمانيّة، والشيوعيّة والأتاتوركيّة، فيما المرحلة الثالثة تبدأ مع مطلع القرن الحالي الذي شهد وصول بوتين إلى الكرملين، والعدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا، وقد شهدت تقلبات من أقصى درجات التوتر مع إسقاط المقاتلة الروسية في 24/11/2015، والبدء بالمصالحة مع زيارة أردوغان إلى روسيا في 9/8/2016، لتكون أولى زيارتاه بعد محاولة الانقلاب في 15/7/2016 بالتوازي مع اتهام واشنطن وجماعة الخدمة التابعة للداعية التركيّ فتح غولن بالضلوع فيها، وبنهاية عام 2016 كان الاستدراج الروسيّ لأنقرة إلى منصة أستانة.
عملت الحكومة التركيّة وماكينتها الإعلاميّة على تقديم صورة تركيا، على أنّها في مرمى الاستهدافِ بالمؤامرات، لتجعل من قرار تتخذه نصراً سياسيّاً في مواجهتها، ولذلك اتسمت مواقف أردوغان بالتصعيد السياسيّ وتوجيه الاتهامات في كل مفصل سياسيّ، فتارةً بدعم جماعة الخدمة وطوراً بدعم حزب العمال الكردستانيّ والعلاقة مع الإدارة الذاتيّة.

تقلبات سياسيّة تاريخية
لا يمكن للذاكرة التركيّة أن تتجاوز أن روسيا كانت سبب نهاية الدولة العثمانية عندما غامر وزير الحربيّة العثمانيّ إسماعيل أنور باشا، بمهاجمة القوات الروسيّة في البحر الأسود في 29/10/1914، متحالفاً مع الإمبراطوريّة الألمانيّة، رغم أنّها كانت أقرب للتحالف مع بريطانيا وأسبغوا على الرب طابع الجهاد المقدس بالإيعاز لمفتي السلطنة (شيخ الإسلام)، بإعلان النفير العام للجهاد من مسجد الفاتح بإسطنبول، وجسّد ذلك تواطؤ القوميين في تركيا الفتاة والاتحاد والترقّي المعارضين للتوجّه الإسلاميّ، وبذلك دخلت الدولة العثمانيّة الحرب العالميّة الأولى إلى جانب دول المحور، ضد دول المحور (فرنسا وبريطانيا وروسيا وإيطاليا)، وانتهت المشاركة التركيّة بالحرب بتوقيع اتفاقية مودروس في 30/10/1918، وانتهت المشاركة الروسيّة بمعاهدة بريست ليتوفسك في 3/3/1918، بالاعتراف باستقلال أوكرانيا، وتم تثبيت هزيمة تركيا باتفاق باريس للسلام، الذي عُقِد في 19/1/1919
والانقلاب التالي حدث عندما أعلن أتاتورك حرب الاستقلال في 19/5/1919 ضد بريطانيا، وتلقّى دعماً روسيّاً بعد انتصار الثورة البلشفيّة في روسيا، ففي 26/4/1920 بعث أتاتورك رسالة إلى لينين اقترح عليه فيها إقامة علاقات دبلوماسيّة مع روسيا السوفيتية وطلب المساعدة، وتم التوقيع على اتفاق موسكو في 16/3/1921.
أسفرت الحرب العالمية الأولى عن خروج بريطانيا قطباً سياسيّاً قوياً، واحتلت مساحات واسعة في آسيا وإفريقيا، ليبدأ الانحياز إلى جانب الغربِ، وقال أتاتورك أمام المؤتمر الاقتصاديّ في إزمير في 17/2/1923، “الحرب فوق انتصاراتنا الذاتيّة ولكن الصراع الحقيقيّ للانتصار هو تحقيق الحضارة الغربيّة في تركيا”، كان ذلك التحوّلُ مقدمةً لموافقةِ الغربِ على إبرام اتفاق لوزان في 24/7/1923، الذي أطاح بحقوقِ الكردِ، وكانتِ الطريقَ إلى إعلانِ تأسيس الجمهوريةِ التركيّة بصيغتها القوميّة في 29/10/1923.
في 18/6/1941، وقّعت حكومة عصمت إينونو معاهدةِ الصداقةِ مع ألمانيا، وكانت الحربِ العالميّة الثانية في بدايتها، وتعهّدت تركيا بموجبها بعدم التدخّل ضد المصالح التوسعيّة الألمانيّة بالمنطقةِ ووافقت على تحسينِ العلاقات الاقتصاديّة والتجاريّة معها، ومع دخول الجيشِ السوفييتيّ بلغاريا وانقطاع الطريقِ بين تركيا ودول المحور خلال آب 1944، تنكرت تركيا لاتفاقيةِ الصداقة وقطعت العلاقاتِ الدبلوماسيّة مع ألمانيا خشية تدخلٍ عسكري سوفيتي ضدّها، ومع تبيّن هزيمةِ النازيّة بالحربِ انقلبت تركيا على وعودها لهتلر، وأعلنت في 23/2/1945 الحربَ على ألمانيا دون مشاركة فعليّة بالحربِ.
في 20/7/1936 عقدت معاهدة مونترو المتعلقة بالملاحة البحريّة وحريّةِ الدخول إلى المضايق التي تربط البحر الأسود بالبحر المتوسط، وحاول ستالين مراراً تغييرَ بعض شروط الاتفاقية عام 1939 واقترح إدارة مشتركة؛ وفي عامي 1945ــ1946، احتجّ الاتحاد السوفياتي على التضييق الذي طال مرورَ السفن الحربيّة، ودعا مراجعة المعاهدة وأن تكونَ السيطرة مشتركةً على المضائق، وتخلّت أنقرة حينها عن سياسة الحيادِ منحازةً إلى واشنطن.
التحوّل إلى واشنطن
في 12/3/1947 أعلن الرئيس الأمريكيّ هاري ترومان تبنّي (مبدأ الاحتواء) العقيدة التي أدخلت تغييراتٍ جذريّةً على السياسات الخارجيّة الأمريكيّة، ومثلت بدايةَ الحرب الباردة وجسّدتِ الرغبة الأمريكيّة بالتصدّي للنفوذِ السوفييتيّ المتنامي، وتطور بشكلٍ أكبر في 4/7/1948 عندما تعهّد ترومان باحتواءِ التمردِ الشيوعيّ في اليونان وتركيا، ولم تتدخّل واشنطن عسكريّاً حينها، لكنَّ الكونغرس خصص مساعداتٍ اقتصاديّةً وعسكريّة لليونان وتركيا، خشية وقوعهما بقبضةِ الشيوعيّة، ووفقاً لذلك أسست واشنطن “حرب العصابات”، فرع منظمة غلاديو في تركيا، أو حلف شمال الأطلسيّ ويتكون من جيوش سريّة أُنشئت بعد الحرب العالمية الثانية للتصدّي للنفوذ السوفييتي، وكان ترومان يخشى، تهديد اليونان الشيوعيّ لاستقرار تركيا.
واصلت أنقرة سياسة التحالفِ مع الطرفِ الذي تعتقد أنّه الأقوى، بسببِ مشكلةٍ بنيويّة تتعلقُ بطبيعةِ النظامِ السياسيّ الحاكم ذي الصبغةِ القوميّةِ المتطرفة، ليكونَ ذلك سبيلَ بقائه، ويضمنَ عدم الاعتراضِ على سياسته الداخليّة، وبنهايةِ الحربِ العالميّة الثانية تأسسَ حلف شمال الأطلسيّ، وفي 4/4/1949، تقدمت أنقرة بطلبِ العضويّةِ فيه وانضمّت فعليّاً في 18/2/1952، ولأنّ الغايةَ الأساسيّةَ للحلفِ هي ردعُ الاتحاد السوفييتيّ من أيّ توسّعٍ في أوروبا، فإنّ انضمامَ تركيا الدولةَ المتشاطئةَ مع الاتحاد السوفييتيّ يعني أداءَ دورٍ وظيفيّ مباشرٍ في محاصرته، وكان يعني التبعيّةَ والتراجعَ عن معاداةِ الغربِ والإمبرياليّة مقابل أن تلعبَ تركيا كقاعدة استراتيجية للحدود الشرقيّة يقودها الناتو، وتنال الشرعيّةَ بتصفيةِ الكردِ والقوى اليساريّةِ.
وأمّنت تركيا بذلك عضويّة حلفِ الناتو والحصولِ على مساعداتٍ اقتصاديّةٍ من خطةِ مارشال الأمريكيّة، وتم تسليم مليارات الدولارات كمساعدات أمريكيّة للنخبةِ التركيّة، إضافة لتدفقِ الدعمِ العسكريّ والمعدات التقنيّة الأطلسيّة، واستمرت تركيا موقعاً متقدماً للناتو في موقع استراتيجيّ بغاية الأهميّة، إلى أن قلل انقسامُ الاتحاد السوفييتيّ من أهمية دورها.

انقلابُ أردوغان
كانت موسكو بحاجةٍ لإعادةِ صياغةٍ بعد انهيارِ الاتحادِ السوفيتيّ، وطرحتِ النظريةَ الأوراسيّة والتشبيك البريّ (التيلوروكراتيا) في مواجهةِ الهيمنةِ الغربيّة/ الناتو بزعامة واشنطن أو القوى البحريّة (التالاسوكراتيا)، ولذلك كانت حاجة موسكو ماسّة جداً لعلاقاتِ التنسيقِ عبر البحرِ الأسودِ والوصولِ إلى المتوسطِ، بعد هزيمةِ العرق السلافيّ وأنصار الكنيسة الأرثوذكسيّة في يوغسلافيا بعد إطلاق حلف الناتو في 24/3/1999 عملية “ملاك الرحمة” وإجبار بلغراد على الانسحابِ من إقليم كوسوفو.
ينطوي المبدأ الأوراسيّ على هويةٍ جغرافيّة وفلسفيّة محددة لروسيا، وتحظى الأوراسيّة في روسيا باهتمام القوميّين المتطلعين لدورٍ روسيّ رياديّ يواجه هيمنة الغرب، والمنظّرين لها كثر، ويؤكدون أنّ المكانة الاستراتيجيّة لروسيا تعطيها أفضليّة الهيمنة على العالم.
بوصول حزب العدالة والتنمية (الذي أسسه أعضاء سابقون من حزبِ الفضيلةِ الإسلاميّ) إلى السلطةِ عام 2002 فقدتِ الأوراسيّةُ بعض تأثيرها أمام الأفكارِ الليبراليّةِ الموالية لأوروبا التي دعا إليها أردوغان خلال العقد الأول للقرن 21، وكان حزب العدالة والتنمية يطمحُ لجعلِ تركيا قطباً مستقلاً ويستعيد نفوذَ الامبراطوريّة العثمانيّة البائدة، وأحرزت تقدّماً ملحوظاً في ملف الانضمام للاتحاد الأوروبيّ بالتوازي مع علاقاتها مع الولايات المتحدة، وأشاد بها الرئيس أوباما نموذجاً مثاليّاً لدولةٍ إسلاميّةٍ، وبموازاةِ ذلك جرت محاكمة ضباطٍ ومسؤولين مؤيدين للنظرية الأوراسيّة وقوميين والمتحفظين تجاه أوروبا بتهمةِ الانقلابِ فيما عُرف بقضية أرجنكون وبايلوز (المطرقة) عامي 2007-2008. التي مُنع فيها المحامون من المرافعةِ، وعُرفت بالأدلةِ المفبركةِ، إلا أنّ تلك الضربة لم تقضِ على التيار الأوراسيّ رغم قسوتها، فعادتِ الأوراسيّة أكثر قوةً عام 2011، مع تعثرِ محادثاتِ انضمامِ تركيا إلى الاتحاد الأوروبيّ واندلاع الأزمةِ السوريّةِ، وتطورتِ العلاقاتُ الاقتصاديّة مع موسكو وعقدت صفقات الغاز ومنظومة الصواريخ إس 400 الروسيّة الأكثر تطوراً، وهي مبادرة لا تنسجم مع كونها عضواً في الناتو، وكانت سببَ توتر العلاقة مع واشنطن، وكأنّما باتتِ الأوراسيّةِ بديلاً للأطلسيّة.
الأوراسيّة التركيّة مناهضة للغربِ
استغل أردوغان محاولة الانقلاب 15/7/2016، للفرزِ والتخلصِ من مناوئيه العسكريين والمدنيين، فكانت محطة تحوّلٍ وتصعيدِ التوتر بين أنقرة وواشنطن، حيث حملت إرهاصاتِ انسحابٍ محتملٍ لتركيا من حلف الناتو، وتمتينِ الشراكة الاستراتيجيّة مع روسيا.
وكان الانقلابُ علامة تغيير التوازنِ بين النخبِ التركيّة، والتي يمكنُ تصنيفُها إلى ثلاثِ مجموعات رئيسيّة: الكماليين ومعظمهم من جنرالات الجيش (سبق أن أُدين بعضهم في قضية أرجنكون) وجماعة الخدمة (أنصار الداعية فتح غولن) وحزب العدالة (الإسلاميون المعتدلون وأنصار أردوغان).
حالةُ الدعمِ التي يحظى بها أردوغان ليست شعبيّة بالمعنى الدقيق للكلمةِ بقدر ما هي إثارةُ مخاوفِ الأتراك وتوظيفها انتخابيّاً، وتقومُ مناورة أردوغان السياسيّة على أساسِ اعتبار الجغرافيا حقيقة ثابتة يمكنُ البناءُ عليها ولها دورٌ فاعلٌ في العلاقاتِ بين الدول، أي إيلاء الجغرافيا السياسيّة أهميّة أكبر.
ظهرت الأوراسيّة في تركيا بوضوح مع نهاية الحرب الباردة ويمثلها اليوم الحزب الوطنيّ اليساريّ بزعامة المحامي دوغو برينجك، وهو حزب لم تتجاوز نتائجه 2٪ في الانتخابات، ولكن أنصاره يزدادون ومنهم قادة عسكريون ونخبة مثقفين. ويتميّزون بعدائهم للغرب، ويتهمون الأوروبيين بالإساءةِ لتركيا خلال عملية التفاوضِ لانضمام تركيا للاتحادِ الأوروبيّ، وانّهم دعموا صعودَ الإسلامويّة والقوميّة الكرديّة.
في معظمِ الأحزاب التركيّة تيارٌ مؤيدٌ لتحسينِ العلاقة مع روسيا، بصرفِ النظرِ عن حجمِ هذه التيارات، ويسودُ الارتباكُ لدى بعض النخب التركيّة بسبب ارتباطِ تركيا المبالغِ فيه بالغرب، تحرّكُهم دوافع قوميّة أو شيوعيّة أو إسلامويّة، ويدعون للتقاربِ مع روسيا، وإعادةِ قراءةِ ماضي الجمهوريّة التركيةِ الفتية، والإيحاءِ بالقربِ الأيديولوجيّ بين لينين ومصطفي كمال في كفاحهما ضد إمبرياليّة القوى الغربيّة الطامحة إلى السيطرة على الإمبراطوريتين الروسيِّة والعثمانيّةِ أو تفكيكهما.
يُعدُّ كلُّ ذلك تغيّراً نوعيّاً غير متوقع مقارنةً مع تاريخ العلاقة التركيّة والروسيّة والميراثِ الثقافيّ المتداول والذي يعتبر روسيا سبباً بتفكيكِ الامبراطوريّة العثمانيّة أوائل القرن الماضي، ويعدُّ تنامي هذا الخطابِ مفاجأة لأنَّ تاريخ الإمبراطوريّة العثمانية اتّسم بسلسلةٍ طويلة من الحروبِ الدمويّةِ ضد روسيا، وصولاً إلى تفكيكها. وتحمل لفظة “موسكوف” وتعني سلافيي الشمال البريّين معنىً سلبيّاً للإشارةِ إلى الروس، واستخدم في محطات تاريخيّة كثيرة كالاحتلال السوفييتي لأفغانستان، وكانت سبباً بتوحيدِ الشعوب التركيّة، واستمرتِ الصورةُ السلبيّة خلال الحربِ الباردةِ لتوصيفِ روسيا السوفيتيّة المستعمرةِ للشعوبِ التركيّةِ في القوقاز وآسيا.
تحوّل عقائديّ
رغم تفوقِ العدالة والتنمية الظاهريّ، فالسلطة السياسيّة في تركيا ترتكز إلى تحالفٍ غير متجانسٍ، والتحالفُ الرسميّ بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية (اليمين المتطرف) يتصفُ بالتناقضِ والتخادم، إضافة لجماعات يساريّة معروفة بعدائها للغربِ، ولكنها تدعم حكومةً تنتهجُ سياسة إسلامويّة قوميّة.
في تركيا شكلٌ من التعايش السياسيّ القسريّ تفرضه الضرورةُ بين قوى قوميّة واشتراكيّة متنافسة، ولكنها ملزمةٌ بموالاةِ قوى إسلاميّة للبقاءِ في المشهدِ السياسيّ، وإلا فإنّ مصيرها مهددٌ بالنهاية والملاحقة، وتُفهم هذه المفارقة بدراسةِ تطور الظرفِ الأمنيّ للشرق الأوسط وتركيا خلال العقد الأول من القرن الحالي، وظهور أردوغان كموالٍ لأوروبا وإصلاحيّ وليبراليّ، بدأ عهده بإقرار قوانين لتحسينِ وضعِ الأقلياتِ والمهمّشين سياسيّاً واجتماعيّاً.
“الأوراسيّة” ليست مجرّد خيار سياسيّ بالنسبةِ لأردوغان بل ملاذ سياسيّ، فالتموضعُ محلُّ جدلٍ في تركيا، وثمّة محاور ثلاثة محتملة: الإسلاميّ بالانفتاح الإقليميّ، التغريب بتوثيق العلاقة مع أوروبا، والتركيّ (الطورانيّ) الداعي لوحدةِ الشعوبِ التركيّةِ، وبعد نهاية الحرب الباردة برز توجّهٌ جديدٌ هو الأوراسيّة، (أوراسياشيليك بالتركيّة)، وهو يتقاطعُ مع الدعوةِ لوحدةِ الشعوبِ التركيّةِ.
اليوم، يُطرحُ السؤال الجديّ حول انتهازيّةِ أردوغان، فبسببُ غيابِ أيّ بديلٍ في مجال الأمن وربما لدواعٍ براغماتيّة جيوسياسيّة، يحظى بدعم الحركة القوميّة. وكذلك الحزب الوطنيّ اليساريّ بزعامة دوغو برينجك، قائد التيار الأوراسيّ، ويستثمر أردوغان الحالة المناوئة للغربِ في سياق انفراده بالسلطة وتجاوز محنةِ انحسار شعبيّته، وهذا سر التحولات السياسيّة والجيوسياسيّة في تركيا وتحوّل أردوغان إلى الأوراسيّة، لتكون تركيا بمواجهةِ تغييرٍ عقائديّ، وليس ظاهرة طارئة لتنامي مؤيدي التيارِ الأوراسيّ.
تعتبر أنقرة الإدارة الذاتيّة في شمال وشرق سوريا أخطر ظواهر الأزمة السوريّة بما فيها إرهاب “داعش”، وتهديداً مباشراً لأمنها، والمسألة لا تتصل بالكرد كحالةٍ إثنيّة بل بالمشروعِ السياسيّ التعدديّ وتخشى انتقاله، ولا تنفكُّ تصفه مقترناً بحزبِ العمال الكردستانيّ لتبرير عملياتها العسكريّة، التي تهدف إلى تغيير الديمغرافيا على الحدودِ، لمنع عبور التأثيرات إليها، فيما تسعى للعبور بمشروعها إلى العمقِ العربيّ، واستثمرت علاقتها مع موسكو لتحقيق هذا الهدف.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle