نقص الأدوية وارتفاع أسعارها… حالة طبيعية أم أزمة مفتعلة؟!

قامشلو/ رشا علي –

نقص في الأدوية وارتفاع أسعارها، وفقدان بعض أنواعها في مناطق شمال وشرق سوريا، أثر سلباً على المواطنين، فما هي الأسباب وهل من حلول؟

أدت سنوات الحرب الطويلة التي عصفت بسوريا إلى تضرر القطاع الصحي بشكل كبير كحال القطاعات الأخرى، وتعرضت أغلب معامل الأدوية للتدمير والنهب جراء المعارك، مما أدت إلى نقص الأدوية وزيادة في أسعارها بمعظم المناطق السورية، ومن ضمنها مناطق شمال وشرق سوريا، وثقل كاهل المواطنين.

وحول موضوع نقص الأدوية وارتفاع أسعارها؛ التقت صحيفتنا مع المواطن “محمد عته” من أهالي مدينة قامشلو، الذي أشار لنا في حديثه إلى أن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها المنطقة أدت إلى ارتفاع أسعار جميع السلع والاحتياجات اليومية، ولا سيما أسعار الأدوية: “الدواء كالغذاء لا يستطيع الفرد الاستغناء عن شرائه لأننا دائماً نكون بحاجة الدواء، ويؤدي فقدانها أو ارتفاع أسعار إلى مشكلة لدى جميع المواطنين”.

احتكار العلاج

وعن الاختلاف الكبير في أسعار الأدوية بين صيدلية وأخرى بيّن عته: “إن سعر الدواء عند شرائه من الصيدلية يختلف كثيراً عن سعره المدون على العلبة، حيث تكون أكثر من ثلاثة أضعافها، ونتيجة عدم توفر بعض الأنواع الدوائية التي اعتدنا عليها نضطر لشراء البديل، وهناك بعض الصيدليات ومستودعات الأدوية تقوم بالاحتفاظ ببعض الأدوية التي فقدت أو قلت ولا يتم عرضها للبيع، وبعد فترة يتم إخراجها وبيعها بأسعار كبيرة جداً”.

وفي نهاية حديثه تمنى المواطن “محمد عته” أن يتم إيجاد حل مناسب لمشكلة نقص الأدوية وغلاء أسعارها وأن تقوم الجهات المعنية على منع احتكار الدواء من قبل البعض بغية المتاجرة بها والمتاجرة بحياة المواطنين.

وفي السياق ذاته ولمعرفة سبب نقص الأدوية وارتفاع أسعارها التقينا مع “مصطفى كلش” الرئيس المشترك لهيئة الصحة في إقليم الجزيرة، والذي قال أن مسألة نقص الأدوية وغلاء أسعارها ليست وليدة اليوم، وإنما هي موجودة منذ عدة سنوات نتيجة الحرب السورية “أدت الحرب السورية إلى خلق الكثير من المشاكل في القطاع الصحي ومنها مشكلة نقص وفقدان الكثير من أنواع الأدوية، نتمنى أن نحصل في إقليم الجزيرة على رخص لصناعة الأدوية”.

إغلاق المعابر

وعن فقدان بعض أنواع الأدوية؛ أوضح لنا كلش بأن السبب هو الحصار الذي يفرضه الاحتلال التركي على المنطقة، وإغلاق النظام السوري للمعابر التي تربط مناطق شمال وشرق سوريا مع المناطق السورية الأخرى “إغلاق المعابر وفرض الحصار على مناطق شمال شرق سوريا من قبل النظام السوري ودولة الاحتلال التركي، يتسبب في مشكلة تأمين الأدوية وارتفاع أسعارها، وهذا ما يؤثر سلباً على الشعب، وهدف الحكومة السورية من ممارسة هذه السياسات هو الضغط على الشعب في مناطق شمال وشرق سوريا وابتزازه لكسر إرادته”.

وحول ارتفاع أسعار الأدوية ذكر كلش بأن السبب الأساسي هو استيرادها من المناطق الأخرى، والفرقة الرابعة التابعة للجيش السوري  تفرض إتاوات على حركة الشحن التي تدخل مناطق شمال وشرق سوريا، إضافة إلى تكلفة الشحن، حيث يضاف كل ذلك على سعر الدواء ويتسبب في ارتفاعه بشكل كبير: “هناك لجان لنا، يقومون بجولات يومية من أجل ضبط أسعار الأدوية، لنكن واضحين في هذه المسألة، إن فقدان بعض أنواع الأدوية وزيادة أسعارها ليست مرتبطة بالإدارة الذاتية، لأن معظم الأدوية يتم صنعها في مصانع حمص وحلب، وإغلاق المعابر من قبل النظام يؤدي إلى فقدان بعض أنواع الأدوية وارتفاع أسعارها بشكل كبير”.

قيد الدراسة

وتابع كلش: “تسعى هيئة الصحة للقضاء على هذه المشكلة، وتقوم بالتحضير لدراسة مخطط لإنشاء مصنع للأدوية في إقليم الجزيرة، ولكن نسبة نجاحه ليست واضحة إلى الآن، أما بشأن مستودعات الأدوية حيث تصلنا شكاوي وملاحظات حولها، تقول أن التجار يقومون باحتكار الأدوية، فقد قمنا بعقد الكثير من الاجتماعات مع أصحاب مستودعات الأدوية وأتحاد الصيادلة لأجل إيجاد حلول مناسبة”.

ولدى هيئة الصحة في إقليم الجزيرة صيدلية مركزية في مدينة قامشلو، حيث تخصم نسبة من ١٠ إلى ١٥ بالمئة من سعر الدواء ولكنها لا تسد حاجات أهالي الجزيرة.

المجتمع الدولي يتحمل جزءاً من المسؤولية

وتابع كلش حديثه ودعا أصحاب مستودعات الأدوية واتحاد الصيادلة للاتفاق على صيغة معينة للحد من ارتفاع أسعار الأدوية حيث تكمن المشكلة الأساسية في عدم وجود مصانع للأدوية في مناطق شمال وشرق سوريا: “في جميع دول العالم هناك تجار الأدوية ومصانع خاصة للأدوية فيجب متابعتهم للحد من الاحتكار، والحل الأساسي هو افتتاح مصنع للأدوية التي تستعمل بشكل كبير كأدوية القلب وغيرها من الأدوية التي تستهلك كثيراً في منطقتنا”.

واختتم “مصطفى كلش” الرئيس المشترك لهيئة الصحة في إقليم الجزيرة حديثه: “نطالب منظمة الصحة العالمية والمنظمات العالمية الأخرى بالتدخل لفتح المعابر الحدودية، وإن افتتاحها سيلعب دوراً إيجابياً وسيؤدي إلى خطوات جيدة، ونحن كهيئة الصحة نتابع هذا الموضوع عن قرب ونجهز مخططاتنا لتنفيذها في أقرب وقت”.