سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

مراكب الموت… الهروب إلى الفردوس المفقود                                         

محمد الجعابي_

ملفُ الهجرةِ عبر البحر، ليس حديث العهد، ولكنه ازداد خلال السنوات الأخيرة، باتجاه أوروبا، انطلاقاً من سواحل شرق المتوسط، وزادت معه حالات الغرق للمراكب المُقلّة، التي تحمل على متنها المئات من الحالمين بالوصول إلى غاياتهم، في رحلةٍ محفوفةٍ بالمخاطر قد لا تصل إلى مبتغاها، والقصة باختصار هي هروبٌ من غرق في اليأس والعجز إلى غرق الماء، ولعله استعجال الانتقال من الاحتضار إلى أحد مجرد احتمال الحياة فيما وراء البحر الذي تثور أمواجه فيقلب المراكب بمن فيها.
قوارب الموت
حادث غرق مركب قرب ساحل مدينة طرطوس، في 21/9/2022، وكان قد انطلق من ميناء المنية في مدينة طرابلس اللبنانيّة، ووجهته الأساسيّة إلى إيطاليا، وعلى متنه نحو 150 مهاجراً بينهم نحو 25 طفلاً، من جنسيات سوريّة ولبنانيّة وفلسطينيّة، وعُثر على معظم الجثث قرب جزيرة أرواد وعمريت والمنطار، وتجاوز عدد الضحايا 100 شخص، فيما أُنقذ 20 شخصاً من قبل فرق الإنقاذ السوريّة، وأُلقي القبض في لبنان على بعضِ المهربين المسؤولين عن المركب، وصرّح المفوض العام للأونروا (فيليب لازاريني) معلّقاً على حادثِ غرق القارب (لا أحدَ يصعدُ على قواربِ الموتِ بسهولةٍ، يتخذُ الأشخاص هذه القراراتِ الخطيرةَ ويخاطرون بحياتهم بحثاً عن العيشِ بكرامةٍ وعلينا أن نفعلَ المزيدَ لمعالجةِ الشعورِ باليأسِ في المنطقةِ).
الحادثُ الثاني وقع مساء الثلاثاء 4/10/2022، بغرق مركبٍ قبالة السواحل الجزائريّة، وكان يُقلُّ 34 مهاجراً لقوا حتفهم غرقاً كلهم، وعُرِف منهم 11 سوريّاً، معظمهم من مدينة كوباني وعُثر على جثثهم وفق ما أعلن مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا، فيما رفضت السفارة السوريّة في الجزائر التعاون في قضيةِ المهاجرين، وتسلم الجثث وإرجاعها إلى سوريا.
يأتي غرق قارب يقلُّ لاجئين قرب السواحل اليونانية قرب جزيرة كارباثوس في بحر إيجة، كان قد انطلق من انطاليا في تركيا متجهاً إلى إيطاليا وتم الإعلان عن 50 شخصاً في عداد المفقودين، بين 80 شخصاً من المرجّحِ أنّهم كانوا على متن القارب المنكوب، وتمَّ إنقاذُ 29 شخصاً، معظمهم عراقيين أفغان إيرانيين ولم يكن من ضمنهم سوريون هذه المرة.
وتأتي هذه الحوادث بالصدفة مع إحياء الذكرى التاسعة لغرق مركب يقلُّ مهاجرين قبالة جزيرة لامبيدوزا الإيطالية في 3/10/2013 الذي أدى لوفاة 360 شخصاً من ضمن 368 كانوا على متن القارب المنكوب الذي كان منطلقاً من ليبيا الى إيطاليا وعلى متنه 500 مهاجر، وأثار هذا الحادث صدمة كبيرة، وصرحت سيليسيا باني المسؤولة عن مشاريع الهجرة في منظمة سانت إيجيديو الإيطالية بغرق 22 ألفاً في مياه البحر المتوسط خلال التسعة أعوام الماضية منذ فاجعة لامبيدوزا هذا الرقم وفق الهويات التي تم تعرف عليها للضحايا في وقت يعتقد أن الرقم الحقيقي أكبر من ذلك  بكثير.
من اللافت، إنَّ معظمّ هذه الحوادث تأتي في فترة متقاربة من بعضها، ما يدلُّ على ارتفاع وتيرة الهجرة غير الشرعية عبر البحر الأبيض المتوسط من قبل المهاجرين، وذلك بمساعدة مهربين للبشر إن كان في تركيا ولبنان، والجزائر وليبيا وشمال العراق وسوريا وهذه الشبكات للإتجار بالبشر مرتبطة ببعضها، وقد تكون متعاونة مع بعض المسؤولين الأمنيّين في بعضِ الدول التي تنطلق منها قوارب المهاجرين، وذلك لقاء مبالغ ماليّة ضخمة يدفعها المهاجرون، ونشطت الهجرة مؤخراً من مناطق شمال شرق سوريا، باتجاه إقليم كردستان ومن هناك يتوجهون إلى دولِ شمال إفريقيا، مثل ليبيا والجزائر عن طريق مهرّبين سوريين مرتبطين بشبكاتِ تهريبِ البشر في بعض دول شمال إفريقيا، ليتمّ وضعهم في قوارب مطاطيّة في عرض البحر متجهةً إلى إيطاليا وإسبانيا ولا يهتم المهربون، إن كانوا بوصولهم إلى وجهتهم النهائيّة أو لا، وأحياناً يقوم المهربون بسرقة المهاجرين، وإغراق مراكبهم في عرضِ البحرِ.
ازدواجيّة التعامل مع المهاجرين
ازدادت حالات غرق مراكب المهاجرين هذه السنة، وحسب تقديرات، بلغ عدد الذين لقوا حتفهم خلال هذا العام غرقاً في البحر، أربعة وعشرين ألف مهاجر، جلهم كانوا متوجهين من دول الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، وأفغانستان، وإيران، وتعد الدول الأوروبية المطلة على البحر المتوسط، هدفاً لوجهة  قوارب المهاجرين، مثل إيطاليا، إسبانيا، اليونان، فرنسا، مالطا، قبرص، وساهمت سياسات الاتحاد الأوروبي في التعامل مع طالبي اللجوء، من ناحية عدم قبول طلبات اللجوء من خارج حدود الاتحاد الأوروبي، إلى حصر الطريق الوحيد للوصول إلى أوروبا عبر الهجرة غير الشرعية عبر طرق برية شاقة وخطرة وعن طريق القوارب البحرية التي يديرها المهربين (عصابات الاتجار بالبشر) وبالتالي ارتفاع حالات الغرق لقوارب المهاجرين، وهناك بعض التقارير، التي تتحدث عن قيام خفر السواحل في بعض الدول الأوروبية، مثل اليونان، إيطاليا بعدم تقديم المساعدة للقوارب المتجهة اليها، بل تصل إلى محاولة إغراقها قبل وصول المهاجرين إلى بر الأمان، وانتشر مقطع مصوّر عام 2020 يظهرُ قيام خفر السواحل اليونانيّ بمحاولةِ إغراق قارب لمهاجرين كان متجهاً إلى جزيرة (كوس) وقيامهم بالاعتداء بالضرب على الركاب وكان من ضمنهم نساء وأطفال، هذا التعامل مع اللاجئين القادمين من دول الشرق الأوسط وإفريقيا بالمقارنة مع استقبال دول الاتحاد الأوروبيّ للاجئين السلافيين الأوكرانيين الذين يُقدّر عددهم 7.5 مليون، وسرعة الاستجابة لهم، ومساعدتهم بالمقارنة مع 109 آلاف يخاطرون بحياتهم بالبحر بحياتهم، لا يتلقون المساعدة المطلوبة، يعكس مدى عنصريّة، وازدواجية المعايير التي يضعها الاتحاد الأوروبيّ، وزيف ادعاءاتهم بالإنسانيّة.
حيث قالت شابيا مانتو، المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة للاجئين في جنيف: (لقد رأينا مدى سرعة الاستجابة للتعامل مع هذا الوضع، وتقصد اللاجئين الأوكرانيين، بطريقةٍ إنسانيّة للغاية وجديرة بالثناء) وتساءلت: (طالما استطعنا أن نرى ذلك يحدث بشكلٍ ملموس للغايةِ في هذا الموقف مع اللاجئين الأوكرانيين، فلماذا لا يتم تطبيقه على 120 ألف يأتون إلى أوروبا بشكلٍ سنويّ؟)
موجات الهجرة السوريّة 
وفقاً للدراسات الخاصة بتاريخ سوريا الحديث، تمَّ توثيق موجات لهجرة السوريّين لعدة أسباب، حيث كان لكل موجة أسباب، وعوامل مختلفة تبعاً لطبيعة المرحلة التي كانت تمر فيها البلاد، الموجة الأولى تمتد بين عامي 1880 و1914 وتمت بدوافع سياسيّة، والمجاعات، وثقافية، حيث كانت البلاد تعاني من ظلم الاحتلال العثماني، وبلغ من هاجروا خلال هذه الموجة 500 ألف مهاجر، وهي نسبة كبيرة لعدد السكان في ذاك الوقت.
الموجة التالية كانت في ستينيات، وسبعينيات القرن الماضي مع ازدهار عمليات استكشاف النفط واستثماره، والطفرة الاقتصادية في دول الخليج، وليبيا، والجزائر حدثت موجة هجرة باتجاه هذه الدول بدوافع البحث عن فرص عمل، وتحسين الأوضاع المعيشية نتيجة ارتفاع معدلات الأجور عما هو موجود في سوريا.
وكانت موجة أخرى باتجاه لبنان والأردن أغلبهم من العمال في البناء والإنشاءات والمهن الحرة وعمال زراعيين موسميين، ممن لا يحملون شهادات، ومؤهلات علمية، وكانت تتم بشكلٍ موسمي بشكلٍ مؤقت يستطيعون فيها العودة إلى البلد بين الفينة والأخرى ولم يكونوا يبحثون عن استقرار دائم.
مع دخول البلاد في الأزمة عام 2011 بدأت موجة جديدة من الهجرة واللجوء تتخذ طابعاً أمنيّاً، وسياسيّاً بسبب اشتداد حدة المعارك بين الأطراف المتصارعة في سوريا، وتدهور الأوضاع الأمنيّة، والاقتصادية، والتهجير الممنهج للسكان، من قبل مختلف الجهات المتصارعة في البلاد، حيث لجأ الكثير من السوريين إلى الدول المجاورة مثل العراق وتركيا والأردن ولبنان.
في مرحلة لاحقة تحولت مسارات الهجرة للتوجه للدول الأوروبيّة نتيجة للمساعدات والمزايا التي تقدمها للمهاجرين، وبحثاً عن ظروف معيشة كريمة، مقارنةً بالبلاد العربيّة التي أغلقت أبوابها بوجه استقبال السوريّين كافة، متخذين طرقاً غير نظاميّة للوصول إلى أوروبا بريّة وبحريّة محفوفة بالمخاطر.
وازداد تدفق موجات الهجرة منذ عام 2020حتى 2022 واتخذ طابعاً جديداً، يتصف بهجرة الكفاءات العلميّة، من أطباء، ومهندسين، وخريجين جامعات، نتيجة التدهور الاقتصاديّ الذي وصلت اليه البلاد، وهروب البعض منهم كيلا يلتحقوا بالخدمة العسكريّة الإلزاميّة، إضافة لتردّي الواقع التعليميّ في البلد وانخفاض مستوى تصنيف الجامعات السوريّة عالمياً، وإرسال المراهقين من قبل ذويهم طمعاً بإجراءات لم الشمل في الدول الأوروبيّة.
هذه المرحلة من موجة الهجرة شملت جميع المدن السوريّة، نتيجة عدم وجود أفق منظور لحل سياسيّ دائم، وشامل للقضية السوريّة، وتردّي الوضع الأمنيّ والاقتصاديّ، وتبدل سياسات الدول ذات العلاقةِ بالملف السوريّ إذ لم يعد يشكل أولويةً بالنسبة لها؛ نتيجة انشغال العالم بأزمات أكثر أهميّة بالنسبة لها مثل أزمة الحرب الروسيّة في أوكرانيا، وبالتالي سعيها إلى تثبيت الأمور على ماهي عليه، ومحاولة إعادة تعويم حكومة دمشق، إضافة لتوجه معظم الدول المحيطة لسوريا، مثل تركيا والأردن ولبنان، إلى إعادة التفكير بتحسين علاقاتها مع حكومة دمشق، وفتح قنوات حوار معها جعلت ملف اللاجئين، في المرتبة الأولى في مباحثات التطبيع معه، بحكم أنَّ أعداد اللاجئين السوريّين الهائلة في دولهم تشكّلُ عبئاً اقتصاديّاً وسياسيّاً وأمنيّاً حتى أصبح، يدخل في السجالات السياسيّة والحملات الانتخابيّة، علاوةً على سياسةِ الحربِ الخاصة التي تمارسها الجهات المعادية بالترويجِ للهجرةِ كحلٍ للخلاصِ من الأوضاعِ السيئة التي تمرُّ بها البلاد.
انعدام ثقة اللاجئين بوعودِ حكومة دمشق
رغم محاولات حكومة دمشق والدول الداعمة له، بالترويج لتحسّنِ الأوضاع الأمنيّة في سوريا، وانحسار العمليات العسكريّة في معظم المناطق السوريّة، إلا أن ثقة اللاجئين السوريّين، بحكومة دمشق باتت شبه معدومة، ولديهم شكوك حول مصيرهم، إن فكروا بالعودة إلى سوريا، من ناحية توفير الأمن، وعدم ملاحقتهم من قبل السلطات السوريّة، والميليشيات التابعة لها، بتعبير أوضح إن الشعب السوريّ الذي غادر البلاد، وأصبح لاجئاً في دول الجوار، نتيجة انتفاضه ضد نظام الحكم، والمطالبة بتغييره وتعرض للقصف، والقتل، والتهجير لم يعد هذا المطلب أساسياً بالنسبة له، نتيجة إدراكه مدى استحالة تغيير النظام، وسلوكه، بنفس الوقت، فإن لديهم رغبة بالعودة إلى بيوتهم، ومناطقهم، وبالدرجة الأولى هم بحاجة إلى ضمانات من قبل النظام، والدول المعنية بالملف السوريّ، بعدم تعرضهم للملاحقات الأمنيّة، والتعذيب في حال العودة.
وعند الحديث عن موضوع الهجرة، واللجوء من سوريا لا بد من الإشارة، إلى أن مخاوف اللاجئين السوريّين حول مصيرهم بعد العودة، بأنها محقة ومنطقية، وخاصةً بعد ظهور بعض التقارير، التي تتحدث عن تعرض مواطنين سوريين للاعتقال، والاختفاء القسري بعد عودتهم إلى مناطقهم بموجب التسويات التي يروج لها النظام، ومراسيم العفو التي صدرت كذلك.
حيث وثقت منظمة العفو الدولية في أيلول 2021 انتهاكات بحقوق عدد من اللاجئين العائدين إلى مناطقهم، حيث تعرضوا للاعتقال والتعذيب والاغتصاب على أيدي حكومة دمشق ما يثبت أن البلد ما يزال غير آمن لعودة اللاجئين.
وذكرت هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته في 20تشرين الأول 2021 قالت فيه إنَّ اللاجئين العائدين إلى سوريا من لبنان والأردن بين عامي 2017-2021 واجهوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان واضطهاد على يد حكومة دمشق والميليشيات التابعة له.
كما أكّدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، أنَّ سوريا غير آمنة وأنّها لن تسهّلَ عملياتِ العودةِ الجماعيّة في ظلِّ غياب شروط الحماية الأساسّية، وأكدت أنَّ أولئك الذين يعودون يتعرضون غالباً للتعذيبِ ولضغوطٍ شديدةٍ.
بالنتيجة ليس خياراً سهلاً، أن يتركَ المرء وطنه الذي نشأ فيه، ولديه روابط عدة معه، لو لم تغلق كافة الأبواب، والفرص للعيشِ بحياةٍ حرة كريمةٍ في بلده، إلى حدِّ تفضيلِ خيار الهجرة إلى مكان أفضل غير بلده، والموت في عرض البحر، على خيارِ البقاء في بلده، وتدلُّ زيادةُ أعدادِ الراغبين في الفرار من بلادهم، على مدى سوءِ الأوضاع الأمنيّة والحقوقيّة والاقتصادية في بلادهم، وعلى الدول التي يهرب منها مواطنوها، أن تخجلَ من نفسها، وتضع رأسها في التراب، فهي دول لا تستحق أن يكون لها وجود، أو أن تمثل شعوبها، وهذا أكبر دليل على عدم شرعيّتها، وإن أراد المجتمع الدوليّ أن يجدَ حلاً لملف اللاجئين جديّاً، فيجب عليه يتدخّل بشكلٍ فعّالٍ بإيجاد حلول للأزماتِ السياسيّة والاقتصاديّة التي تمر فيها الدول التي يأتي منها المهاجرون.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle