بارك محللون، وكتّاب مصريون للسوريين، ذكرى ثورة 19 تموز، وأكدوا، أنها أنتجت نموذجاً جديداً في تجارب الحكم الذاتي بالمنطقة، هو نموذج الإدارة الذاتية، وأشاروا، إلى أن هذا النموذج يمكن أن يكون حلاً لمعظم أزمات دول المنطقة، التي تعيشها.
يحتفل شعب شمال وشرق سوريا هذه الأيام، بالذكرى الحادية عشرة لثورة 19 تموز، التي مثّلت بداية جديدة لشعوب سوريا، وغيّرت الكثير من الأمور على الخريطة السورية.
بعد 11 عاماً من قيامها، استطاعت ثورة 19 تموز، التي انطلقت شرارتها الأولى في مدينة كوباني، وامتدت لعموم مدن شمال وشرق سوريا، أن تقدّم شيئاً مختلفاً عن الثورات التي شهدتها المنطقة، وسرعان ما تغيّر مسارها، حيث بدأت المنطقة تحصد ثمار الثورة الشعبية؛ فقد تم تشكيل قوات عسكرية تحمي مناطق شمال وشرق سوريا، وبناء إدارات ذاتية تديرها وتنظم شعبها وتقدّم الخدمات لها، كما أحدثت قفزة فكرية، وثقافية، وتعليمية في منطقة تشارَك فيها السوريون على اختلاف أعراقهم، ودياناتهم ومذاهبهم، بإدارة وحماية أنفسهم، وتعايشوا معاً كأخوة على مبدأ الأمة الديمقراطية.
ثورة تموز حققت أهدافها
حول ثورة تموز وإنجازاتها تحدث لوكالة هاوار، الكاتب والمؤرخ المصري، الدكتور علي أبو الخير: إن “الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا تمثّل النموذج الأمثل في تجارب الحكم الذاتي بالمنطقة، وثورة 19 تموز، ربما من الثورات القليلة، التي شهدها الشرق الأوسط، واستطاعت تحقيق أهدافها، وما يحدث على أرض الواقع يؤكد أن تجربة الإدارة الذاتية تعدُّ ناجحة، ويجب تعميمها والحفاظ عليها”.
وأوضح أبو الخير: أن “وجود الإدارة الذاتية ساهم في تحقيق الكثير من مطالب الشعب السوري بطوائفه كلها، كما نجحت في الوقوف في وجه الاحتلال التركي، وحفظ الأمن في المنطقة، فضلاً عن الدور الريادي، الذي لعبته قوات سوريا الديمقراطية في القضاء على الإرهاب بالانتصار على داعش”.
وأشار أبو الخير: إلى أن “ما تحقق في شمال وشرق سوريا، ما كان ليكون لولا وجود الإدارة الذاتية، التي نجحت في التغلب على التحديات والتهديدات واستطاعت تحقيق مكتسبات لم تتحقق في مناطق كثيرة، سواء داخل سوريا أو حتى في بعض دول المنطقة”.
واختتم على د. علي أبو الخير، حديثه: إن “المنطقة العربية عموماً تعيش حالة من الميوعة السياسية، إن صح التعبير، وذلك منذ فترة طويلة، وليس اليوم فقط، ولكن ازدادت فداحتها خلال العشر سنوات الماضية، فضلاً عن أزمات كبيرة تواجه شعب المنطقة، منها سيطرة القوى الغربية على ثرواتها، وهو ما يجعل فكرة الإدارة الذاتية صعبة التطبيق في الدول العربية في الوقت الحالي”.
الإدارة الذاتية يمكن تعميمها
بدوره، تحدث الكاتب والمحلل السياسي، إبراهيم شعبان لوكالة أنباء هاوار: إن “تجربة الحكم الذاتي في البلدان العربية لا تزال تجربة حديثة العهد، ولم تنضج بعد، وما زالت بحاجة لتجربة ديمقراطية أصيلة لتأسيسها، لأن المجتمعات العربية لا تزال تعاني ديماغوجية فجّة واتهامات جاهزة ضد تجربة الحكم الذاتي والإدارة الذاتية في المنطقة العربية”.
وبين شعبان: “تجربة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا تعدُّ تجربة ناضجة وناجحة على الرغم من حداثة عهدها، شأنها في ذلك شأن تجربة باشور كردستان، على الرغم من فارق الإمكانات والتحديات”.
وأشار شعبان: “على الرغم من الاتهامات، التي لاحقت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، طوال السنوات الماضية، إلا إنها تجربة ديمقراطية ناجحة بالمقاييس كلها، خاصة أنها نجحت في تمثيل مختلف شعوب شمال وشرق سوريا، دون تهميش لأي أحد أو تمييز بين أي عرق، أو دين، أو طائفة”.
وفي نهاية حديثه أكد إبراهيم شعبان: “إنه لا يمانع من تطبيق تجربة الإدارة الذاتية والحكم الذاتي في المنطقة العربية، وقد تكون تجربة ناجحة وقد تفشل، ولكن المعيار الأساسي أن يتم الابتعاد عن التخوين والعمالة ويكون الهمّ الأساسي هو النهوض بالمجتمع، تجربة الإدارات الذاتية يمكن أن تكون الحل المثالي لأزمات العديد من الدول كسوريا، واليمن، وليبيا، على أن تحافظ على وحدة الدول، وتحفظ ثرواتها لشعوبها، وتمنع وجود نظم استبدادية جديدة”.
