بعد توقف لأشهر، عادت بعض عضوات أوركسترا “زهرة” الأفغانية الشهيرة للعزف من جديد، لكن أمام جمهور محدود في الدوحة، وعلى آلات مستعارة بعدما تركن آلاتهن خلفهن في أفغانستان لدى هروبهن خوفاً من حركة طالبان.
عزفت مرزيا أنوري (18 سنة) برفقة زميلاتها وموسيقيين أفغان آخرين الأسبوع الماضي أمام دبلوماسيين وسكان مجمع للاجئين في العاصمة القطرية، وبمشاركة عازفين من أوركسترا الجيش القطري.
وقالت مرزيا لوكالة الصحافة الفرنسية: “معظم فتيات أوركسترا (زهرة) معي هنا في قطر، لكن بعضهن ما زال في أفغانستان. آمل أن ينضممن إلينا هنا في أقرب وقت ممكن حتى نكون معاً ونعيد بناء الأوركسترا”.
سعادة الهروب ومرارة الفقد
تضم أوركسترا “زهرة” التي انطلقت في عام 2016 خمساً وثلاثين فتاة بين سن 14 و21 سنة، بعضهن من أوساط متواضعة جداً.
وقدمت هذه الفرقة التي كانت تلقى دعماً من البنك الدولي وأطراف أجنبية مانحة للمرة الأولى عرضاً في الخارج خلال منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا في كانون الثاني 2017.
وعلى غرار العديد من الفرق الرياضية والثقافية وغيرها، تسببت سيطرة طالبان على أفغانستان في تفكك الأوركسترا النسائية الشهيرة، غير أن معظم اللواتي تمكنَّ من الهرب تركنَ أثمن ما لديهن خلفهن.
تقول مرزيا إنها تشعر بالسعادة لهروبها من بلدها، لكن أيضاً بالمرارة لتركها وراءها عائلتها وأصدقاءها وأحد أغلى ممتلكاتها: آلة الكمان الخاصة بها.
في الدوحة، تحاول مرزيا التأقلم على العزف على آلة كمان أعطيت لها، على أمل الحفاظ على موروث بلدها الثقافي مع موسيقيين آخرين هربوا إلى قطر.
وقالت الشابة البالغة من العمر 18 سنة: “أنا هنا الآن وسعيدة، لأنني بعيدة عن طالبان، لكنني قلقة على الفتيات اللواتي ما زلن في أفغانستان، وحزينة على شعبي وأصدقائي وعائلتي الذين ما زالوا هناك”.
وأضافت: “بشكل عام، في أفغانستان يعتبرون كل شيء حراماً بالنسبة إلى النساء، بخاصة الموسيقى”.
موسيقيات “زهرة”
تقول العازفة شغوفا صافي، (18 سنة)، إن أحداث هروبها المروع لا تفارق مخيلتها، وهي تترقب في الدوحة ما قد يحمل لها المستقبل.
وقالت: “كان الوضع في أفغانستان خطيراً حقاً، وكان مخيفاً للراغبين في المغادرة. لم يعرفوا (طالبان) أننا موسيقيون، لو علموا لقتلونا”.
قائد الأوركسترا الوطنية الأفغانية، “محمد قمبر نوشاد“، عبر عن سعادته للعزف من جديد أمام الجمهور برفقة موسيقيات “زهرة”. وقال: “لم نتمكن من العزف لمدة ثلاثة أشهر في الأقل منذ أن سيطروا على كابول. لذلك كانت فرصة رائعة لتحقيق أحلامنا من جديد”.
وعلى غرار زملائها، أكدت الشابة شغوفا صوفي أنها ستواصل عزف الموسيقى لتبقي موروث بلدها الثقافي على قيد الحياة ولو “من خارج الحدود”.