“الهباري” زي المرأة الفراتية الذي لا يقبل الاندثار رغم الحداثة

الرقة/ لافا إسماعيل ـ

“يا زين لبس الهباري براس غالينا، يدنجر ويغض النظر لمّن يلاقينا”، بتلك الأبيات الشعرية تغنى الشعراء الشعبيون “بالهباري” اللباس الخاص بالمرأة الفراتية، والذي يعكس جمالها وأصالتها واقتداءها بجذور أسلافها.

ماتزال النساء الفراتيات يتمسكن بعادتهم وتقاليدهن الأصيلة والمتوارثة، عبر التمسك بزيهن التقليدي “الهباري”، ويرتدينه في المناسبات والأعراس بدلاً من اللباس العصري، لأنه أصبحت هوية وطابعاً مميزاً لهنَّ.

ويتألف اللباس الخاص بالمرأة الفراتية من عدد من القطع هي (القصيرة ـ والثوب ـ والزبون ـ والعباية) ثم تأتي الهباري، وهي غطاء رقيق وشفاف مصنوع من الحرير الخالص، لتغطي شعر الرأس لتتدلى من تحتها الجدائل الظاهرة، والتي ترتكز على خصلة طويلة من الشعر، وتسمى هذه الخصلة “كذلة”.

وللهبرية ملحقات مكملة للباس المرأة الفراتية، ويتكون من الثوب الداخلي، ويكون من القماش الملون غير الشفاف، والثوب الخارجي، وله أكمام عريضة تُعقَد على الظهر، وأيضاً الزبون، الذي يشبه العباءة، ويلبس بأكمام يستر الظهر، ويكون مفتوحاً من الأمام، والحزام، الذي يربط به وسط الجسم، ويكون مصنوعاً من القماش أو الجلد، والقديم منه الشعبي كان يصنع من نسيج الصوف ويسمى “الشويحي”، لتأتي عصبة الرأس “الهبرية” المتممة للباس الفراتي.

وخلال سنوات سيطرة مرتزقة داعش الإرهابي على مدينة الرقة في بدايات عام 2014، اختفت الألوان في الأسواق، إلا اللون الأسود “اللباس الشرعي” للمرأة في مقاطعة الرقة، نتيجة فرضه بشكل قسري، ومن يخالف القانون يتعرض أحد ذويها الرجال “المحّرم” إلى ثمانين “جلدة”.

وبعد تحرير مناطق إقليم شمال وشرق سوريا على يد قوات سوريا الديمقراطية، ووحدات حماية المرأة، تحررت النساء في المجالات الحياتية كافة، وبات كل شعب وطائفة يرتدي اللباس الشعبي والتراثي الخاص به دون خوف.

ولمعرفة تفاصيل أوسع عن اللباس العربي الأصيل؛ أوضحت لصحيفتنا “صباح المحمد“، من أهالي مدينة الرقة، التي تبلغ من العمر 37 عاماً، وهي مازالت ترتدي الزي الرقاوي، إنها بدأت بارتداء الزي العربي الرقاوي، وكان عمرها 15 سنة، “كانت والدتي وجدتي يرتدين لباس العرب، ولازالت أحافظ على ارتدائه”.

وحول أنواع النقش، الذي تُطرز على الثوب العربي “الخرج”، بينت صباح المحمد، “تتعدد النقوش والرسمات على الزي العربي الخاص بالمرأة منها الدلة، والفنجان، والقمر، والنجم، وأما بالنسبة للنقوش فمنها السلاسل، والمخمس”.

فيما لفتت صباح إلى ما هو محتوى الزي الرقاوي وتفاصيله، “غطاء الرأس، أو ما يعرف بـ(الهباري) تصنع قديما من الحرير، أما الوشاح فهو(الملفع) وشكله مستطيل تستعمله المرأة الرقاوية، وتلفه على العصبة أو حول رقبتها، وأيضاً توجد “التنورة” أو ما يسمى بـ(القصيرة)، وهي عبارة عن ثوب ترتديه المرأة الرقاوية تحت لباسها، وقماشها من النوع الكودري، ويأتي فوقها “الردان” يسمى (بالشلاليح)، وهو عبارة عن ثوب له كمان طويلان، يتم شدهما إلى الوراء ويصنع من الحرير أو الدانتيل”.

وأضافت صباح أيضاً يتكون الزي من “الصاية” وهي بمثابة زينة للمرأة على شكل رداء ترتديه فوق ثيابها، وتكون مفتوحة من الأمام بدون أزرار، وتصنع من القماش الكودري والمخمل والحرير، أما “الزبون” فهو رداء يشبه “الصاية” يصنع من المخمل الثقيل، حيث يكون الزبون مطرزاً من الخارج بألوان زاهية، وجميلة.

وسمي الهباري بهذا الاسم اشتقاقاً من نوع من ورود تنمو في بادية الرقة تدعى “الهبري”، وهو ناعم الملمس، برتقالي اللون ينبت في فصل الربيع، وللهباري أنواع أخرى، منها “جناح الخضر”، وهو يجمع بين لوني الأخضر والأحمر، و”جناح الخضر” طائر أخضر اللون يعيش في منطقة زور الفرات في الرقة، وأيضاً “رشك الحنة”، ويجمع بين الأصفر والأسود والأبيض، وجاء تسميته من لون الحناء.

ومازالت معظم الفتيات الفراتيات يرتدين لباس العرب في المناسبات والأفراح رغم حداثة الأزياء العصرية؛ ما يدل بأن الزي المرأة الشعبي في الرقة غير قابل للاندثار.