سياسي: التقارب السوري – التركي محاولة جديدة لنسف مشروع الحلول الممكنة

روناهي/ الدرباسية –

استبعد المحلل السياسي الكردي، موسى أحمي، حدوث أي تقارب بين النظامين التركي والسوري، نظرا لتعارض مصالح هاتين الدولتين تعارضا كبيرا، وأشار إلى أن هذا التقارب، إن حصل سيكون عملية إجهاض للحل السياسي السوري.

بعد فترة من الجمود، عاد ملف التقارب التركي – السوري المحتمل برعاية روسية، على الواجهة من جديد، وذلك من خلال حديث نائب وزير الخارجية الروسي ميخائل بوغدانوف، الذي كشف عن سعيٍّ روسيٍّ لعقد لقاء على مستوى وزراء الخارجية، لحكومة دمشق، والنظام التركي، بحضور وزراء خارجية روسيا، وإيران.

وحسب مراقبين، فإن هذا التقارب تعترضه صعوبات جمة، لا سيما وإن مصالح الدولتين متعارضة تماماً في هذا الملف، حيث تسعى دولة الاحتلال التركي لحجز موطئ قدم لها في سوريا المستقبل، في حين تهدف حكومة دمشق إلى إخراج القوات الأجنبية كافة، وإعادة الوضع إلى ما كانت عليه سوريا قبل اندلاع الصراع في سوريا في عام 2011.

على الرغم من الدفع الروسي باتجاه هذا التقارب، بهدف إعادة تعويم النظام السوري، إلا إن هذا الملف لا يزال يراوح مكانه دون أي خطوات ملموسة، حيث اقتصرت الإجراءات على لقاء جمع وزراء الدفاع، وأجهزة استخبارات سوريا، وتركيا، وروسيا، مع ما رافقه من تصريحات إعلامية توضح بعضا من سياسة هذا التقارب.

تعويم النظام خطورة كبرى

وحول هذا الموضوع، التقت صحيفتنا المحلل السياسي الكردي موسى أحمي: إن “الحديث عن التقارب السوري التركي ما هو إلا محاولة لإعادة تعويم النظام السوري، وخاصة بعد ما رافقه الحديث عن انفتاح جزئي لدمشق على المحيط العربي، وما تبعه من زيارات بين النظام السوري وبعض البلدان العربية، كسلطنة عُمان، والإمارات، ومؤخرا مصر، كل هذه المعطيات تشير إلى إن هناك مسعى محموماً لإعادة تعويم النظام السوري، بهدف القضاء على كل ما تم خلال الاثني عشر عاما، والقضاء على حركات المعارضة الموجودة في سوريا.

وأضاف أحمي: إن محاولات التقارب هذه، وكما هو معلوم تجري برعاية روسية، حيث يسعى الروس إلى إعادة العلاقات السورية التركية إلى سابق عهدها، والمصلحة الروسية اليوم وخصوصا بعد حرب أوكرانيا، تقتضي حدوث مثل هذا التقارب حيث يسعى الروس إلى تأسيس شبه سوق مفتوحة بين كل من تركيا وسوريا، وذلك للهروب من العقوبات الغربية، التي فُرضت عليها جراء غزوها لأوكرانيا، حيث تسعى لتصدير مواردها للدول الخاضعة لها، كسوريا، ونوعا ما تركيا، ومن خلالهما تريد الانفتاح على منطقة الشرق الأوسط، من هذا المنطلق يسعى الروس، إلى جعل العلاقات بين النظامين التركي والسوري طبيعية، كي يؤمنوا لبضائعها سوق تصريف بمساعدة إيران والصين، ومن خلال المرور بتركيا وسوريا، ومن ثم العراق، وباقي دول المنطقة”.

أحمى تابع حديثه بالقول: “اللافت في المسألة، محاولة ودعوة إيران للانخراط في هذا التقارب، وتأتي هذه المساعي الإيرانية لحجز مقعد إيراني في القاطرة السورية، ففي بداية الأمر كانت إيران مُستَبعَدَة عن هذا التقارب، بالرغم من الادعاءات، التي كانت تقول: إن هذا التقارب يجري ضمن صيغة أستانا، ولكن هذا الاستبعاد أثار حفيظة الإيرانيين، لذلك أبدوا استعدادهم، ورغبتهم في المشاركة في محاولات التقريب هذه، ونظرا للدور الإيراني المؤثر في الملف السوري، وكذلك السيطرة الإيرانية على جزء كبير من القرار السوري، لم تتمكن روسيا وتركيا، فضلا عن حكومة دمشق، من استبعاد إيران، لأن إيران اليوم قادرة على تحريك قطاعات سورية واسعة، ومن ضمنها الجيش السوري، لذا فإن أي استبعاد إيراني عن ملف التقارب يمكن أن يؤدي إلى انقلاب عسكري في النظام السوري، الأمر الذي لو جرى، لذهبت المساعي الروسية كلها أدراج الرياح”.

الرفض الأمريكي يعقد التطبيع

وأوضح أحمي: “عدا عن العوائق، التي ذكرناها، للحلول دون التطبيع، هناك عائق كبير آخر، حيث يتجلى في الرفض الدولي ولا سيما الأمريكي، لمثل هذا التقارب، والذي يمكن أن يؤثر بشكل كبير على المحادثات، حيث إن واشنطن لطالما أعلنت معارضتها لأي تطبيع مع نظام بشار الأسد، وهي بذلك تستطيع إلحاق أضرار كبيرة بالنظام التركي، سواء كان عن طريق العقوبات السياسية، أو من خلال الضغط عليه في إطار حلف الناتو، الذي لا تزال دولة الاحتلال التركي عضوا فعالا فيه، من هذا المنطلق، فإن المعارضة الأمريكية ستلعب دورا مهما في عرقلة سير هذا التقارب السوري – التركي”.

المحلل السياسي موسى أحمي، اختتم حديثه: إن “أي تطبيع مع حكومة دمشق، يعني بالضرورة إعادة تعويم هذا النظام، وأي تعويم للنظام سيؤدي حكما إلى إجهاض أي عملية سياسية تهدف إلى إيجاد حل شامل للأزمة السورية، لذلك، فإن المطلوب هو تجميع القوى الديمقراطية السورية، للضغط على النظام السوري، وإجباره الجلوس على طاولة مفاوضات حقيقية، تفضي إلى سوريا ديمقراطية لا مركزية”.