سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

سوريا… مؤشراتٌ اقتصاديّةٌ سلبيّة مع السنةِ الجديدةِ

رامان آزاد_

كان قرارُ رفعِ أسعارِ المحروقاتِ مع مطلعِ السنةِ الجديدةِ مؤشراً سلبيّاً، أجهضَ كلَّ الأمنياتِ المعقودة على أنّ تكونَ سنة 2024 واعدةً بالانفراجِ الاقتصاديّ وتخفيفِ الأعباء الماليّة عن المواطنين في بلدٍ يرزحُ نحو 90% من أبنائه تحت خطِ الفقرِ وفقَ مؤشراتٍ دوليّة، كما أنّ القرار أكّد مجدداً استمرارَ حكومةِ دمشق في نهجها الاقتصاديّ، والذي بقي أسيرَ الوضعِ السياسيّ وتعقدِ الأزمة بسببِ تعددِ التدخّلاتِ الأجنبيّة في ظلّ انسدادِ مساراتِ الحلّ السياسيّ وغيابِ المبادراتِ الوطنيّة لحلّ الأزمة سوريّاً.
عام جديد وأسعار جديدة
لم تقتصرِ الإجراءاتُ الحكوميّةُ على رفع أسعارِ الموادِ المرتفعةِ بالأصلِ في الأسواقِ بل طالتِ السلعَ التموينيّة المشمولة فيما يسمى “الدعم الحكوميّ” بموجب البطاقة الإلكترونيّة مثل السكر والرز والزيت النباتي والبقوليات والمعلبات.
فقد أعلنت المؤسسة السورية للتجارة الداخلية في 4/1/2024، رفع أسعار المواد الرئيسيّة التموينية المدرجة على البطاقة الإلكترونيّة بذريعة توقيع عقود جديدة بتلك المواد ومنعاً لخسائر قد تتعرض لها المؤسسة. وتم تحديد سعر ليتر الزيت النباتي بـ 22500 ليرة، وكيلو السكر والرز بـ14 ألفاً والبرغل أصبح بـ 7500 ليرة، والعدس بـ 18 ألفاً. وشمل القرار رفع سعر عبوة “الطون” إلى 14 ألف ليرة ويحق لكلِّ عائلة كمية خمس علب طون عبر البطاقة. وبذلك اقتربت من الأسعار المتداولة في الأسواق، ما أسقط كليّاً فكرة الدعم الحكوميّ، وبخاصةٍ أنّ التطبيق العمليّ للدعم كان في أدنى الحدود، وكانت مواد الدعم توزع على فترات غير منتظمة ولا تغطي الحد الأدنى من حاجات الأهالي وتشهد صالات المؤسسة ازدحاماً كبيراً وكثيراً ما يتوقف العمل بسبب توقف شبكة الإنترنت.
رفع أسعار الوقود
جاء قرار رفع الأسعار المواد التموينية سبقه قيام وزارة التجارة الداخليّة رفع سعر لتر المازوت المدعوم، فقد أعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك رفعَ سعر مادة المازوت الحر مساء الثلاثاء 2/1/2024، ليبلغ 11880 ل.س مسجلاً ارتفاعاً بقيمة 1000 ألف عن سعره السابق، وأشار البيان الصادر عن وزير التجارة الداخليّة بأنَّ الآليات العاملة على نقل الركاب الجماعيّة داخل وخارج المحافظات مع الجرارات الزراعيّة سيتم استثناؤها من هذا القرار الذي تم العمل على تطبيقه فوراً، الأمر الذي سينعكس مباشرةً على أسعار المواصلات ونقل البضائع بين المحافظات وكل أسعار المواد الغذائيّة والاستهلاكيّة وصولاً للخضار والفواكه، ما من شأنه زيادة وطأة المعاناة على ملايين السوريين في مناطق سيطرة حكومة دمشق، في ظل تدهور سعر صرف الليرة السوريّة أمام العملات الأجنبيّة، وضعف الراتب الشهريّ.
في 7/1/2024 أصدرت وزارة النفط والثروة المعدنيّة قراراً برفع سعر البنزين أوكتان (90) إلى 9500 ل.س، وكذلك 10896 ليرة، للمشتركين في القطاع الخاص (مسبق الدفع). بالمقابل قررت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك رفع بنزين أوكتان ٩٠ إلى ٩٥٠٠ ألف ل.س لليتر الواحد وبنزين ٩٥ حددته بـ ١٢٤٣٠ ل.س لليتر الواحد.
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قد حددت في 24/12/2023، سعر مبيع ليتر المازوت الحر بـ 10900 ل.س، وبقي حينها سعر المازوت المدعوم على حاله 2000 ل.س لليتر الواحد. ويذكر أنّه في 22 /11/2023 أعلنت وزارة الزراعة توزيع المازوت الزراعي عبر البطاقة الإلكترونيّة الأمر الذي حرم المزارعين العُزاب من الحصول على مازوت مدعوم بسعر ألفين ليرة لليتر الواحد.
شكّل القرار المفاجئ برفع أسعار المحروقات صدمة كبيرة لأصحاب السيارات الخاصة وكذلك مالكي سيارات الشحن وصهاريج نقل المواد النفطيّة، والمواد الغذائية والتجاريّة المتعاقدين مع المؤسسات الحكوميّة بموجب عقود رسمية، والذين تم إدراجهم ضمن القرار الذي يجبرهم على التزود بالوقود (المازوت الحر) بمبلغ 11880 ل.س بعدما كانوا يحصلون عليه بمبلغ 3000 ل.س.
وكان قد بدأ بتوزيع كميات من مازوت التدفئة بواقع 50 لتراً لكلِّ بطاقة بسعر 106 آلاف ليرة، أي 2120 ليرة للتر الواحد، والكمية غير كافية لفصل الشتاء، وتزداد صعوبة المسألة مع عدم توفر البدائل بسبب انقطاع الكهرباء وعدم توفر الغاز المنزليّ.
وكانت وزارة الكهرباء قد رفعت في 4/9/2023، تعرفات استهلاك الكهرباء للاستخدامات المنزليّة والصناعيّة بالإضافة إلى الخطوط المُعفاة من التقنين. ووفقاً للقرار أصبحت التعرفة 200 ليرة بدلاً من 90 ليرة للمستهلك فوق 1500 كيلوواط، ولفئة الاستهلاك فوق 2500 كيلوواط أصبحت التعرفة 450 ليرة بدلاً من 150 ليرة، وفقاً لصحيفة الوطن المقربة من حكومة دمشق. وفي الاستخدامات الصناعية ارتفعت معظم التعرفات أكثر من الضعف لتصبح 220 بدلاً من 100 ليرة، وعلى المستوى المنخفض للتجاريّ والحرفيّ أصبحت 250 ليرة بدلاً من 100 ليرة. وحددتِ الوزارة تعرفات جديدة للكهرباء، وباتت تعرفة الكيلوواط الساعي لاستجرار الكهرباء للمشتركين الرئيسيين (للقطاعين العام والخاص المعفيين من التقنين كليّاً أو جزئياًّ) لأغراض الاستهلاك المنزليّ بـ 800 ليرة للكيلوواط الساعي.
وقال معاون وزير الكهرباء أدهم بلان إنّ التعديل جاء لضمان استمرار الخدمة الكهربائيّة وتأمين السيولة اللازمة في ظل التضخمِ منذ عام 2021 وهو تاريخ آخر تعديل للتعرفة الكهربائيّة، مبيناً أنّه تم البدء بالعمل بالتعرفة الجديدة منذ بداية شهر أيلول.
والمفارقة أنّ زيادة أسعار استهلاك الكهرباء جاءت في ظلِّ تردٍ كاملٍ في الواقعِ الكهربائيّ، وغياب برنامج تقنين منظم، وتجاوزت ساعات القطع في بعض المحافظات 23 ساعة متواصلة، إضافةً إلى أعطال الشبكة، فيما ما زالت بعض المناطق محرومة من التيار الكهربائيّ منذ عدةِ سنوات.
سعر وجبة يُعادل 60% من الراتب
شهدت أسعار الوجبات السريعة ارتفاعاً ملحوظاً خلال الفترة الماضية، ما أدّى لإعراض الأهالي عن ارتياد مطاعم الوجبات بشكلٍ لافتٍ بسبب تردي الأوضاع المعيشية وتراجع الدخل لدى المدنيين القاطنين ضمن مناطق سيطرة حكومة دمشق.
وارتفعت أسعار الساندويش كالشاورما والشيش والكريسبي وغيرها مقارنةً بما كانت عليه نهاية العام الماضي، ما دفع الأهالي للتوجه إلى المطاعم الشعبيّة لبيع سندويشات الفلافل والحمص فقط.
فقد ارتفع سعر وجبة الكريسبي (10 قطع) إلى 120 ألف ل.س، وهو ما يعادل نحو 60% من راتب الموظف الحكوميّ وبلغ سعر وجبة الشاورما الدبل 50 ألف ل.س والساندويش العادي 25 ألف ل.س، وسعر كيلو الشاورما نحو 200 ألف ل.س، وسعر وجبة الرنجر 35 ألف ل.س، وتجاوز سعر الفروج المشوي 120 ألف ل.س، ويتجاوز سعر طبق البيض 60 ألف ل.س. وأما اللحوم فقد أضحت نسياً منسياً بالنسبة لعامة الناس.
لم تعد الخضار والفواكه ملاذ المواطنين بسبب ارتفاع أسعارها أيضاً، وعدم توفر الكهرباء لحفظها لعدة أيام، فيما انحسرت العادات الموسميّة كحفظ المونة مثل الجبن واللبنة والمكدوس ورب البندورة والزيتون وأنواع البقوليات والبرغل، وبلغ سعر كيلو غرام من زيت الزيتون نحو 100 ألف ل.س.
الدواء بين الغلاء والندرة
لم يكنِ الدواءُ بمنأى عن موجةِ زيادةِ الأسعارِ، وقد طرأت عليه الزيادةُ بنسب كبيرة، وللمرةِ الثالثة في أقل من سنة، ما أثار المخاوف بشأن النتائج التي ستترتب على المرضى في بلدٍ يعاني معظم سكانه من فقرٍ مدقع، ما دفع نشطاء لوصف ما يحدث بأنّه “حكمٌ بالإعدام البطيء” على كثيرٍ من المرضى. وأما الحديث عن كلفة الجراحة والإقامة في المشافي فهو يتجاوز التقدير والتخمين. بل لم يعد بوسع المواطن العادي احتمال تكلفة زيارة طبيب أخصائيّ وشراء وصفة الأدوية، فيما كلفة معالجة الأسنان وصناعتها فهي فلكيّة.
رفعت وزارة الصحة دون إعلان رسميّ، أسعار الأدوية، بنسب كبيرة كشف عنها نقيب الصيادلة حسن ديروان، في تصريح لصحيفة “تشرين” الرسميّة، وأوضح أنّ وزارة الصحة رفعت أسعارَ الأدوية 70 ــ 100%، وأكد ديروان أنَّ النشرةَ الجديدةَ للأسعارِ الدوائيّةِ، شملت غالبيّة أصنافِ الأدويةِ، لافتاً إلى أنّ الحبوب والكبسولات والأدويةَ السائلة، ارتفعت أسعارها بنسبةِ 70%، بينما ارتفع سعر المراهمِ والكريمات والبخاخاتِ الأنفيّة والفمويّة بنسبةِ 100%. وبرر ديروان الزيادة بأنّها ستساهمُ “بحلّ مشكلة انقطاع أيّ دواء ليبقى متوفراً في الأسواق”.
ونقلت صحيفة “الوطن” شبه الرسميّة عن مصادر مختصة بصناعةِ الدواء في سوريا، “أنّ وزارة الصحة أصدرت في تشرين الثاني الماضي قائمة بتعديل بعض أسعار الأدوية العصبيّة. فيما أفادت تقارير إعلاميّة بوجود نقصٍ في بعض أصناف الأدوية تصل إلى 20%.
وجاء رفع أسعار الدواء في مطلع كانون الأول 2023، بعد زيادة سابقة في آب الماضي طالت نحو 13503 صنفٍ دوائيّ بنسبة 50%، وزيادة مطلع العام الماضي تراوحت بين 70 ــ100% لتتجاوز نسبة غلاء بعض الأدوية 1500% عمّا كانت عليه عام 2011. وجاءت الزيادة الأولى في 17/1/2023. وخلال عام 2022 رُفعت أسعار الأدوية ثلاث مرات أيضاً.
ولا يمكن مقارنة أسعار الأدوية بدخل المواطن وبخاصةٍ الموظف الحكوميّ، وبخاصةٍ إذا كان مريضاً بداء عضال ولا تتوفر الأدوية المطلوبة في عموم الصيدليات، وبذلك؛ فإنّ معضلة الحصول على الدواء أكبر من مسألة رفع سعره، وهناك الكثير من الحالات التي يتجاوز فيها ثمن الأدوية عتبة 500 ألف ليرة شهريّاً.
قطاعات أخرى شملتها زيادة الرسوم
من الصعوبة بمكان حصر القطاعات التابعة للحكومة التي شملتها زيادة الرسوم والغرامات، ومن جملتها القطاع الجمركيّ، وقد ذكرت صحيفة الوطن شبه الحكوميّة أنّ اللجنة الاقتصاديّة وافقت على قرار رفع الغرامات الجمركيّة، بنسبة تتجاوز 250 ضعفاً، فالغرامات التي كانت قيمتها من 1000ــ 2000 ليرة ستصبح مع القرار الجديد 250 ــ500 ألف ليرة، والغرامات التي تتراوح 5ــ 10 آلاف ستصبح 750ــ 1.5 مليون ليرة.
كما رفعت وزارة الماليّة بدل الرسوم الواجب دفعها من طلاب الشهادات لقاء التسجيل على الشهادات العامة الإعدادية والثانويّة. ويضاف إلى ذلك زيادة في أسعار الاتصالات والإنترنت والخبز. كما رُفعت رسومُ الحصول على جوازاتِ السفرِ وعلى سبيل التندرِ يقول سوريون: “الحكومةُ تأخذ منك عندما تغادر البلاد، وتأخذ منك على بوابات الحدود والمطار إذا عدت، وتأخذ يومياً إذا بقيت، وبالمقابل تعطيك فيضاً من الوعودِ والشعاراتِ، فالكلامُ مجاني ولا رسومَ جمركيّة تترتب عليه”.
تدهور الوضع المعيشيّ
يُقدّر متوسطُ الراتبِ للموظفِ الحكوميّ 200 ــ 240 ألف ل.س، وهو يعادلُ نحو 12ــ13 دولار شهريّاً، فيما يُقدّر متوسطُ التكاليفِ الشهريّةِ لأسرةٍ من خمسةِ أفرادٍ 12 مليون ليرة، وبذلك فالراتبُ الشهريّ بعد الزيادةِ الأخيرة، والتي بلغت 100% يغطي نسبة لا تتجاوز 1.6% من الإنفاق المطلوب فيما كان يغطي نحو 2.4% من الإنفاق قبل الزيادة، ما يعني تراجعاً في القدرة الشرائيّة رغم الزيادة.
وبحسب مركز قاسيون للدراسات بدمشق فقد ارتفعت تكاليف معيشة الأسرة السورية المؤلفة من خمسة أشخاص، من 6.5 إلى 10.3 ملايين ليرة، وارتفع الحد الأدنى لتكاليف المعيشة، من نحو 2.3 إلى 4.1 ملايين ليرة، أي ارتفعت تكاليف معيشة السوريين خلال شهري تموز بواقع 59.3%.
الواقع الاقتصاديّ وحالة الغلاء تثير مخاوف كبيرة لدى عامة الناس في ظل تجاهل حكوميّ وعدم اتخاذ إجراءات واقعيّة تخفف المعاناة وبخاصة مع تجاوز نسبة الفقر في سوريا 90% بحسب تقديرات سابقة، ففي 14/6/2023، ذكرت اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر، أنّ نحو 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وأكثر من 15 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانيّة. بينما أفاد للبنك الدوليّ، ارتفع معدل الفقر في سوريا بشكل كبير من 12.3% في عام 2009 إلى ما يقدر بنحو 82.5% عام 2019. وهذا يعني أنَّ الغالبية العظمى من السكان يعيشون تحت خط الفقر.
وقالتِ اللجنة إنَ خطرَ انهيارِ البُنى التحتية الحيويّة في سوريا يدعو للقلق، مشيرةً إلى أنّ التدابيرَ التقييديّةَ والعقوباتِ الدوليّةَ أعاقت استيراد قطع الغيار اللازمة لصيانة البنى التحتية الحيويّة في المدن الرئيسيّة. وأضافت: إنّ معظم محطات تكرير المياه تضررت وباتت تعمل بقدرات متدنية، ما أدّى إلى تدنٍ مقلقٍ لإمكانيات الوصول إلى مياه الشرب.
وقال المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى والأوسط باللجنة فابريزيو كاربوني: “لا يمكننا أن نغض الطرف عن معاناة الناس في سوريا. وعلينا أن نمنح الأولوية للحفاظ على البنى التحتية الحيوية وتقديم استجابات إنسانية شاملة”.
بالمجمل فإنّ الوضع الاقتصاديّ في سوريا كارثيّ فقد تأثر بالأزمة السياسية والصراع المسلح وانسداد أفق الحل السياسيّ والتدمير الواسع للبنية التحتية، والخسائر بالأرواح، ما أدى إلى هجرة ملايين السوريين، وارتفاع معدلات البطالة والتضخم ونقص الضروريات الأساسيّة، وزيادة معدلات الفقر وبروز أزمة غذائيّة حادة، ويكافح معظم السوريين للحصول على الغذاء الكافي، ووفقاً لبرنامج الأغذية العالميّ، يعاني نحو 12.1 مليون شخص في سوريا من انعدام الأمن الغذائي، ما يجعلها من بين البلدان الستة التي تعاني من أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائيّ بالعالم.
بشكلٍ عام، فإنّ الوضع الاقتصاديّ في سوريا مزرٍ، مع ارتفاع معدلات الفقر والجوع، فضلاً عن الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية، مما يجعل من الصعب للغاية على السكان تلبية احتياجاتهم الأساسيّة. ولا سبيل لتجاوز المحنة إلا بإيجاد حلّ سياسيّ توافقيّ عبر الحوار الوطنيّ، لتدور عجلة الإنتاج وتخلق الفرص الملائمة للاستثمار، وستزداد المعضلة الاقتصاديّة تعقيداً عبر فرض المزيد مع الزيادات على الرسوم والأسعار.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle