سردشت عثمان…. قاتله طليق وقلمه لا زال يكتب!

سربست عته_

بأسلوب ساخر، وكأنه أحد كتاب أدب الكوميديا السوداء، كتب مقالته الشهيرة “أريد أن أكون صهر مسعود برزاني” في 2009، هذه المقالة التي كانت سببا لاستشهاده في السادس من أيار 2010، إنه الصحفي سردشت عثمان، قبل أن تغتاله السلطة، التي كان ينتقدها في مقالاته، ويصبح شهيد قلمه الحر.

“أتمنى ان أكون صهر مسعود برازاني”

سردشت عثمان صحفي من باشور كردستان، من مواليد عام 1987، من هولير، ورغم صغر سنه اُشتُهر بقلمه الناقد لسلطات الإقليم، وعائلة البرزاني بسبب فسادهم، وبأسلوب ساخر، يقول في إحدى مقالاته مخاطبا مسعود برزاني: “أنا لا أريد أن تكون قائدي؛ أحب أكثر أن أكون صهرا لكم، أيها القائد! منذ متى، وأنت لم تزر الأحياء الفقيرة في هولير والسليمانية؟ وأريد أن أصبح أحد أفراد عائلتك، لأستطيع قضاء شهر عسل برفقة ابنتكم في باريس، لأتمكن من زيارة أعمامي من عائلتكم في أمريكا، لأقضي وقتا جميلا في قصوركم الفاخرة هناك.

 وأريد أن أصبح صهر البرزاني، لأسكن في قصوركم المرفهة في “سري رش” لكي أعيّن والدي وزيرا، الذي رفضتم الاعتراف به من المحاربين القدامى في البيشمركة، وأريد أن أصبح صهر البرزاني، كي أعيّن أخي مسؤولا في دولتكم الذي تخرج من جامعاتكم وبقي دون عمل، وأرفع منزلة أختي التي مازالت تخجل من الذهاب الى البازار سيرا على الأقدام، علها تصبح مثل بنات عائلة البارزاني، وتقود أحدث وأفخم السيارات، وحتى أتمكن من تعيين أطباء لمعالجة أمي المريضة، التي لا نملك المال لعلاجها، سأعيّن وقتها طبيبين إيطاليين لخدمتها”.

تنبؤ الصُّحُفي بمصيره 

سردشت عثمان في مقالة أخرى: “الرئيس، أي مسعود، ليس إلهاً، ما هذا البلد الذي لا يمكن لأي شخص أن يعلم شيئا عن الحياة، التي يعيشها الرئيس، فلا يسمح لك أن تسأل مقدار راتب الرئيس الشهري!، لا يسمح لك أن تسأل، أو تعرف عن سبب منح الرئيس لعائلته، أو أقاربه المناصب العليا الحساسة في الحكومة، ولا يسمح لك أن تعرف مصادر ثروة أبناء وأحفاد الرئيس، فمن يسأل هذه الأسئلة أو غيرها، يكن قد خرق الأمن القومي، ويحاسب على هذه الأسئلة، فيكون هدفا لبنادقهم”، وبنادقهم لم ترحمه.

 ومن أمام مبنى جامعة صلاح الدين في الرابع من أيار من عام 2010 تعرض سردشت عثمان للخطف، ثم وجد مقتولا بعد يومين من اختطافه في مدينة الموصل في السادس من أيار.

ومن خلال تلك المقالات الساخرة للسلطة، فقد تنبأ بمقتله وبمصيره على أيديهم، من خلال مقالة كتبها بنفسه، وقد تلقى رسائل تهديد من أشخاص يتوعدون بقتله، وذلك قبل مقتله بعدة أيام.

رواية سلطات باشور في قتل سردشت

ما يدعو للغرابة بعد مقتله، حاولت السلطات التي كان سردشت ينتقدها، أن تحذو حذو أسلوبه الأدبي الساخر، فقد ألفت السلطات رواية حول مقتله كانت بعيدة عن الأدب وعن الأسلوب الذي اتبعه الصحفي الشهيد، فنسبته لتنظيمات إرهابية خطيرة وبسبب ذلك قاموا بتصفيته، لكن عائلته كذبت الرواية.

تكذيب المنظمات المختصة رواية سلطات باشور

منذ الأيام الاولى لمقتل سردشت عثمان لم تصدق عائلته، ولا المنظمات والمؤسسات الصحفية المحلية، والعالمية رواية السلطات في باشور، مقتل الصحفي سردشت عثمان وطلبت من السلطات الشفافية وإبراز الحقيقة في هذه الجريمة بحق الصحافة وحرية الرأي.

ما زالت المؤشرات التي تدل على تورط السلطات الحاكمة في باشور بخطف وقتل الصحفي سردشت قوية، بحسب آخر تحقيق لمنظمات تعمل في حماية الصحفيين تحت اسم “اغتيال سردشت عثمان، وزيف الرواية الرسمية”، وقد نشرت كل من منظمة الصحافة الحرة بلا حدود، ومنظمة مراسلين بلا حدود، ولجنة حكاية الصحفيين في الثاني من أيار هذا العام في ذكرى اغتياله هذا التحقق، وكشف التحقيق وجود الكثير من المفارقات في التحقق الذي قامت به السلطات في باشور، وتعمدت السلطات أثناء التحقيق بمقتله تجاهل المعلومات التي تعرفها عائلته، فطلبت منهم الصمت وعدم التصريح عنها وهددتهم بالملاحقة إذا أدلوا بأي معلمات عن مقتله، وكما اكدت المنظمات تناقض الرواية الرسمية التي حاكتها السلطات، وطالبت المنظمات في التحقيق ضرورة محاكمة الجناة.

استمرارية فضح قلم سردشت فساد البرزاني

على الرغم من اغتيال الصحفيين سوران مام حمه 2008 وسردشت عثمان 2010 وكاوا كرمياني 2013، ووداد حسين وشكري زين الدين في 2016، وارمانج بابان وزوجته لانا محمد في 2019، مازالت الأقلام الحرة تكشف فساد وسياسات السلطة، والحزب الديمقراطي في باشور كردستان، وآخرها التقارير الأمريكية، التي فضحت ثروات عائلة البرزاني وفسادهم، بنشر تفاصيل ثرواتهم في أمريكا ودبي واسطنبول، نعم اغتيل سردشت، لكن قلمه بقي يكتب حقيقة فساد البرزاني.