روزنامة مفاجآت 2024 للشعب السوري بدأت برفع سعر المازوت

حسام الدخيل_

---

في الوقت، الذي تمنى فيه الشعب السوري الخلاص من الحرب، وحل الأزمة السورية، وإنعاش الاقتصادي السوري في العام الجديد، استقبل السوريون في مناطق سيطرة حكومة دمشق، اليوم الأول من 2024 قراراً جديداً، يقضي برفع سعر مادة المازوت، وكأن الأمنيات جاءت على عكس ما كان يتمناه الشعب السوري.

في عشية رأس السنة وعند منتصف الليل تماماً جهزت حكومة دمشق مفاجأة جديدة للشعب السوري، تقضي برفع سعر المازوت للآليات العاملة على المازوت باستثناء آليات النقل الجماعي للركاب داخل وخارج المدن، والمحافظات والجرارات الزراعية 11880 ليرة، طبعاً “للمصلحة العامة”، العبارة التي اخترعها المسؤولون لتبرير فشلهم ولمعالجة مشاكلهم الداخلية، ومن جهة أخرى لزيادة ثرواتهم، فكما يبدو السعر القديم لم يعد كافياً لملء جيوبهم “ما عاد يوفي معهم”.

مسلسل رفع الأسعار بداية 2024

ولم تشفَ جراح الشعب الفقير من إصدار هذا القرار من وزارة التجارة الداخلية، وحماية المستهلك التابعة لحكومة دمشق حتى تداول ناشطون خلال الساعات الأخيرة من ثاني أيام عام 2024 الجاري، خبراً يفيد بارتفاع سعر البنزين إلى 10900 ليرة. قبل أن يباغتهم قرار التجارة الداخلية برفع سعر مازوت.

وبالطبع لكي تكون المفاجأة ذات هيبة بين عموم الشعب، ولتكمل الحكومة مسلسلها، فقد أعلنت وزارة النقل عن تعديل تعرفة نقل البضائع والمواد في السيارات الشاحنة، وذلك بناءً على قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وحددت التعرفة بـ 523 ليرة للطن الواحد لكل كيلومتر.

وأوضحت الوزارة، أن هذا التعديل يهدف إلى تحقيق التنسيق والتكامل بين الوزارتين، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وتشجيعهم على الاستهلاك الرشيد والمسؤول، وتوفير الدعم للقطاعات الإنتاجية والتنموية، وتحقيق العدالة الاجتماعية.

وبهذه الطريقة تكون الحكومة قد حققت هدفين بهجمة واحدة في مرمى المواطن المنتوف في أولى دقائق عام 2024، ليكون “المكتوب مبين من عنوانه”، كما ورد في المثل الشعبي.

قرارات تقتل الأمنيات الجديدة

ولم يجد الشعب المصدوم طريقة ليخفف الحمل عن نفسه سوى التعليق على القرار وبشكل شفاف على وسائل التواصل الافتراضي، على الرغم من فقدانه الأمل بإصلاح المهدوم، أو حتى ترميم الموجود.

ولأن سعر المازوت ارتفع، فحتماً سترتفع أسعار البضائع جميعاً “ما حدا أحسن من حدا”، فكتب فؤاد عليان على مجموعة “اللاذقية بيتنا” على فيسبوك “مع أوّل يوم دوام في العام الجديد عاد الفريق الاقتصادي لمزاولة عمله المحصور برفع الأسعار”.

وتابع “رفع أسعار المواد التموينية في صالات وزارة التجارة، ورفع سعر المازوت تُستثنى منه السرافيس وباصات نقل الركّاب، هذا يعني رفع أجور نقل البضائع من وإلى الأسواق والشركات ومواد البناء وكل شيء. وسيدفع المواطن بكل هدوء فَرق زيادة أجور النقل على البضائع كافة”.

وأردف “مازلنا في الأيام الأولى للعام الحالي، وإذا أخذنا دفتراً وقلماً، وسجّلنا قرارات رفع الأسعار حتى نهاية العام فستكون الحصيلة مُرعبة”.

واختتم حديثه: “يبدو أننا بدأنا بالقرارات القاتلة لكل أُمنية تمنّيناها في رأس السنة، والله يسترنا كطبقة فقيرة من قادم الأيام”.

كما ورأى المعلق Adeeb Ateeh بأن ضحية هذه القرارات هو المواطن نفسه “بالنهاية لن يدفع الثمن إلا المواطن الفقير المسحوق”.

تعليق ساخر لكل من دافع عن القرار

فيما انتقد المواطن “فهر زينه”، من مدينة جبلة بريف مدينة اللاذقية، القرار، عبر منشور على صفحته على فيسبوك، منتقداً بمنشور “ساخر”، المواطنون الذين علقوا على القرار بقولهم إن قرار رفع المازوت لا يشمل أجور النقل، فكتب الحوار التالي:

رفعوا سعر المازوت ؟؟

ونحنا شو دخلنا؟؟

ما اتغير مازوت النقل

يعني مارح ترتفع أجور المواصلات

دخلك المواد متل السكر والرز والمته والبندورة…الخ

كيف تنقل من المنتج للمستهلك؟؟

قصدك رح ترتفع سعر المواد..؟

لا أبدا ما بترتفع

مبارح شفت علبة مته جاي ركض من عند كبور لعنا عالضيعة، وشفت فليفلة ماسكة بأيد بندوراية وعم يتمشوا من البيت البلاستيكي للبازار

والتقوا ببطاطاية جاي من حماة عا مقص جبلة وكملوا تمشاية للبازار للدكان

اي شو هالكذبة!!!؟؟؟

هي كذبة؟؟؟؟؟

بس رفع سعر المازوت ما بأثر عالمواطن مانا كذبة ؟؟؟؟” وبذلك لخص التغييرات التي ستطرأ على المواد (كل شيء سيتأثر لا مهرب).

حلول بنكهة استهزاء

وتأكيداً على تعليق “فهر” فقد شاركت Ruba Tobaily في تعليق لها على مقطع فيديو يوضح فيها المواطنون استياءهم من القرار: “بكرا بيصير تكلفة نقل البضائع إلى أسواق الهال أكبر من كلفة إنتاجها وبالتالي كساد البضائع، صار عنا تحدي عدم توفر الكهرباء وتحدي عدم توفر المازوت صار بدنا آليات وسيارات وشاحنات شحن بضائع تعتمد ع الطاقة النظيفة والطاقة الشمسية يعني شي ما بيتأثر بالوقود والفيول أو العودة إلى الأحصنة لنقل البضائع متل قديم الزمان”.

أما المعلق Abo Loae فقد وجد بأنه لإيقاف إصدار القرار: “لازم تغيير حكومي بأسرع وقت القرار غير صائب أبداً … الجوع دبح العالم”.

فيما يوضح “المعلق يونس الفاعوري” بمشاركته في التعليقات بأن سوريا باتت على المحك “هل هناك من شيء جديد، لا قديم يذكر ولا جديد يعاد… سوريا في مهب الريح من أيام الأجداد يا رب فرجاً قريباً عاجلاً غير آجلٍ على هذه البلاد”.

وبدوره يكشف منهل الياسين خطط الحكومة قديماً وما آلت إليه اليوم لدى رفعها لأسعار بعض المواد: “وقت كنا صغار كانت الحكومة إذا بدها تغلي شي تطالع إشاعة أنو مثلاً جرة الغاز 500 ليرة الناس… ضج وتنفعل وتغضب أنو كتير… تسويه الحكومة 350 مثلاً الناس تقول أو 350 أشو من 500 الله يخلينا الحكومة شقده رحمية هلق بالسوق حتى الناس تقول الحمد لله صحي غالي بس رجع أتوفر”.

مبدأ “حبة حبة يا علام”

فيما يصف Salhani Salhani هذا القرار بالخازوق، ويبشر هو الآخر الشعب بخوازيق أخرى خلال الأيام القادمة “بدأت تصل واردات خوازيق العام الجديد بكل سهولة ويسر … انتظروا موجة غلاء للسلع لا أقل من 50%”.

أما موقع “سناك سوري” فقد عنونت خبرها عن إصدار قرار رفع المازوت بعنوان “التجارة الداخلية تُخيب آمال المنتظرين وترفع سعر المازوت عوضاً عن البنزين”، وبينت بأن تأقلم السوريون مع المفاجآت يساهم في التقليل من الضجة “عموماً لم يخلق القرار أي حالة جدل واسعة. فالسوريون تأقلموا ومخزونهم اللغوي بات شحيحاً مقارنة بكثرة قرارات الرفع. فآخر قرار قبل قرار أمس الثلاثاء، صدر ليلة عيد الميلاد شهر كانون الأول الفائت. حين ارتفع سعر البنزين من 8500 إلى تسعة آلاف ليرة. فيما يبدو أن الحكومة تخاف على المواطنين من الصدمة وتعمل على الرفع “بالتقسيط”، على مبدأ “حبة حبة يا علام”.

فيما جاء في الأخبار والتقارير المعدة بهذا الشأن ومن التعليقات التي شاركها الشعب نجد بأن هذا القرار، هو برهان على حكمة ورؤية وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، فهي تعرف أن السوريين يحبون التحديات والمغامرات، ولا يرضون بالحياة السهلة والمملة، وتعرف أنهم يمتلكون قدرات خارقة وإبداعية، ولا يحتاجون إلى الدعم والمساعدة، ويعشقون الطبيعة والبيئة، ولا يهتمون بالراحة والرفاهية، ويتمتعون بالصبر والتضحية، ولا يشكون من الظلم والقهر. ولكن كما تمنى المواطن السوري فلتكن قراراتكم عفواً خوازيقكم في وقت أبكر” الظهر، العصر، المغرب أيضاً لا بأس به”، لا أن يكون في الساعة الثانية عشرة ليلاً.