قضية أسر داعش وخلاياه… مسار متعدد السويات

بدرخان نوري_

---

كانت حملة تحرير الريف الشرقي لدير الزور وبالأخص في الباغوز نهاية الوجود الجغرافيّ لمرتزقة “داعش”، والشكل الظاهريّ له، وبرزت من بعدها جملة تحديات أمنيّة بأشكال مختلفة، منها مسألة إدارة المخيمات، التي تم نقل عوائل “داعش” إليها، والسجون التي تُحتجز فيها مرتزقته، فيما مسارات الحلّ تتطلب استمرار العمليات الأمنية لملاحقة خلاياه النائمة، وتجفيف منابع التطرف عبر عمليات إعادة تأهيل، واندماج في المجتمع، وتعاون مختلف الدول، التي تحمل جنسياتها أُسَر “داعش”، وكذلك تعاون مختلف المنظمات الدوليّة ذات الصلة، كلٌّ باختصاصه.

191 عائلة عراقية تغادر الهول 

يؤوي مخيم الهول، وهو أخطر المخيمات بالعالم، شرق مدينة الحسكة في إقليم شمال وشرق سوريا، وفق آخر إحصائيّة نشرتها وكالة هاوار من إدارة المخيم، 42781 شخصاً، بينهم 19530 عراقياً، و16779 سورياً، فيما يبلغ عدد الأجانب 6461 شخصاً، 11 شخصاً من مجهولي النسب. ولهذا كان إخراج العراقيين ضرورةً لتخفيف عدد قاطني هذا المخيم، لتحسين الشروط الأمنيّة فيه وإدارته وكذلك إعادة الأسر من الجنسيات الأجنبيّة إلى بلادها.

وفي إطار التنسيق بين الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة لإقليم شمال وشرق سوريا، واللجنة الأمنيّة، ولجنة الهجرة والمهجرين في مجلس النواب العراقيّ، غادرت مخيم الهول شرق مدينة الحسكة يوم الأحد 28/4/2024 دفعة من العراقيين المقيمين فيه، وبلغت 191 عائلة عراقيّة، ضمت 714 فرداً 40.

وهذه هي الدفعة الثانية، التي يُنقل فيها اللاجئون العراقيون من مخيم الهول إلى بلادهم خلال العام 2024، بعد إخراج الدفعة الأولى في 9/3/2024، وضمت 150عائلة. وتم تسيير القافلة برفقة حماية مشددة من قوى الأمن الداخليّ، حتى عبور الحدود العراقيّة، ومن المتوقع نقلهم جميعاً إلى مخيم الجدعة في مدينة الموصل.

طاجيكستان تستلم 50 شخصاً من عائلات “داعش” 

أعلنت الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا، الخميس 25/4/2024 أنّها سلمت جمهورية طاجيكستان 50 شخصاً من عائلات مرتزقة “داعش”. وقالت العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية في بيان نشرته على موقعها الرسميّ، إنه جرى التسليم في لقاء جمع وفداً من جمهورية طاجيكستان برئاسة السفير زبيد الله زبيدوف، سفير جمهورية طاجكستان في دولة الكويت مع هيئة العلاقات الخارجية للإدارة الذاتية. وأشارت إلى أنّه تم تسليم 17 امرأة و33 طفلاً من عوائل “داعش”، ممن يحملون الجنسية الطاجيكية، وفق وثيقة تسليم بين الجانبين.

ورحبت منظمة الة خلايا “داعش”

في إطار ملاحقة خلايا “داعش” وتجفيف بؤره، والقبض على المطلوبين بمن فيهم منفذو الهجمات “”الإرهابيّة” والمتعاونون معه، والمتورطون بتسويق الأفكار المتطرفة، وخاصة بين الأطفال، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، السبت 27/1/2024 انطلاق المرحلة الثالثة من حملتها “الإنسانية والأمن” في مخيم الهول، بعد جمعها معلومات تشير إلى تنسيق خلايا مرتزقة “داعش” لتنفيذ عمليات في المخيم الأخطر عالميّاً. وشاركت في الحملة “قسد”، ووحدات حماية المرأة، وقوى الأمن الداخلي “الأسايش”، والتحالف الدولي، وكانت القوات العسكرية والأمنية قد نفذتا المرحلتين الأولى والثانية من الحملة، في أوقات سابقة من عامي 2023 و2022.

وقالت “قسد” في بيان، إن الحملة في مرحلتها الثالثة، انطلقت “بناء على اعترافات العديد من عناصر الخلايا الإرهابية، الذين تم القبض عليهم خلال الفترة الماضية”. وأضافت أن التنظيم “خطط، وبناءً على توجيهات من متزعمه، للهجوم على المخيم من الخارج بالتنسيق مع تحركات الخلايا في الداخل، إذ لا يزال مخيم الهول الهدف الأساسي للتنظيم ومادة دعائية معتمدة في إصدارته ومعرفاته الترويجية”.

أعلنت قوى الأمن الداخلي “الأسايش”، ليل الأربعاء 24/4/2024، اعتقال 25 شخصاً، بينهم امرأة من خلايا “داعش” في مخيم الهول، وقالت في بيان عبر موقعها، إنّ العناصر، الذين تم اعتقالهم هم “عناصر خمس خلايا تُعد من أخطر الخلايا في المخيم”. وأضافت أن عناصر الخلايا كانوا يقومون “بمراقبة ورصد الدوريات الأمنية، وتنفيذ عمليات قتل، وتعذيب النساء والرجال، ونشر الفكر المتطرف بين قاطني المخيم”. وكانت هذه الخلايا بصدد تنفيذ عمليات بينها استهداف النقاط العسكريّة والأمنيّة، وخلال عمليات التفتيش ضُبطت كمية من الأسلحة، والذخائر، والعبوات الناسفة وأجهزة اللاسلكي.

وقد أعلنت قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، السبت 27/4/2024 مقتل عنصر من مرتزقة “داعش”، وإلقاء القبض على آخرين، بريف دير الزور بالتعاون مع قوات التحالف الدولي بعمليتين منفصلتين. وهما “خالد الخليفة السهيل”، و“فيصل مُحمَّد مبارك” الملقَّب “أبي مسلم الفاعوري”.

وكان مرتزقان قد اُستهدفا، صباح الخميس الماضي، وهما، المواطن “حسن الحسين السَّلامة”، وشخص آخر كان معه، لدى خروجه من منزله على درّاجة ناريَّة، متَّجهين إلى قرية “الجردي” بريف مدينة “هجين”. وأثناء ملاحقة المرتزقين قُتل أحدهما، وجرح الآخر، وألقت قوات سوريا الديمقراطية القبض عليه.

اجتماع مع وجهاء قبيلة العكيدات

عقدت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” السبت 27/4/2024 اجتماعاً موسعاً مع شيوخ ووجهاء قبيلة العكيدات في الجزيرة، لبحث التحديات الأمنيّة، التي تمر بها المنطقة، وجاء في بيان “قسد”، إنّ الاجتماعَ تناول الأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقة دير الزور، وبعض المحاولات التي تهدف إلى بثّ الفتنة بين سكان المنطقة تحت مسميات وشعارات طائفيّة.

وشدد شيوخ ووجهاء العشائر على أنّهم متمسكون بمشروع الإدارة الذاتيّة، وأن أبناءهم جميعاً ضمن صفوف قوات سوريا الديمقراطية. وأنّ جميع من يحاولون الادعاء بأنّهم ممثلون لعشائرهم، هم خارج مناطق شمال وشرق سوريا في خطوة منهم لنشر الفتنة والطائفية بين السكان في المنطقة. كما أكّد الشيوخ على حقهم في تقرير مصير عشائرهم وقبائلهم، وضمان حقوقهم، لافتين إلى أنّ الأشخاص، الذين هم خارج المنطقة، ويسعون إلى ضرب الأمن وخلق الفتنة، ولا يمثلون إلا أنفسهم لأنهم يحاولون تحقيق غاياتهم الشخصية فقط.

إعادة دمج العائدين

أقامت وزارة الخارجيّة الأمريكيّة ومكتب شؤون الشرق الأدنى، وإمباكت للأبحاث والتنمية، الاثنين 29/4/2024، فعالية لمناقشة كيفية تنظيم إعادة دمج العائدين في شمال وشرق سوريا. وشارك في الحوار نائب مساعد وزير الخارجيّة إيثان أ.جولدريتش، ومنسق تحالف منظمات المجتمع المدنّي في شمال وشرق سوريا ناصر حاج منصور، وهوزان إبراهيم المدير التنفيذيّ لإمباكت للأبحاث والتنمية، ومديرة منصة نكستستوري نكست ستب آريا حاجي، والرئيس التنفيذي لمؤسسة سما ياسر الشيخ.

وقال بيان الفعاليّة: “خلال خمس سنوات منذ هزيمة تنظيم داعش في سوريا عام 2019 على يد التحالف الدوليّ، حقق السوريون والسوريات تقدماً ملحوظاً في مواجهة تحديات إعادة الاستقرار وإعادة بناء البنى التحتيّة والاقتصاد المحليّ المنهك”. وأضاف: “أنّ السوريين ساهموا في استقبال العائدين من النزوح نتيجة الصراع، ومن بين هؤلاء 17 ألفاً من المغادرين لمخيم الهول، وستتناول هذه الفعالية الاستراتيجيات، التي يقودها المجتمع المدنيّ من أجل إعادة دمج العائدين”.

وأشاروا إلى أنهم يسلطون الضوء على الجهود التعاونيّة، التي تبذلها منظمات المجتمع المدنيّ في شمال وشرق سوريا والجهات الفاعلة في الحكم المحلي في معالجة فجوات الخدمات الحيوية للاستقرار الإقليمي. وناقشت الفعالية الأدوار المتعددة، التي تلعبها منظمات المجتمع المدني في تسهيل رحلة العودة بأكملها.

إعادة تأهيل قاطني مخيم الهول

وإذا كانت المخيمات، التي تقيم فيها عوائل “داعش” تعدُّ قنابل موقوتة، فإنّ إعادة تأهيل سكان المخيمات يعد بمقام نزع فتيل هذه القنابل، وإعطابها وعلى هذا الأساس تبذل الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، عبر مؤسساتها، جهوداً كبيرة في المخيمات المخصصة لأسر داعش في إقليم شمال وشرق سوريا (الهول، وروج)، غير تلك المتعلقة بتنظيم المخيم والجمعيات والمنظمات العاملة فيه والتنسيق لإخراج الأسر أو استقبالها، بل على تنفيذ برامج إعادة تأهيل تلك الأسر والتحضير لدمجها ضمن المجتمعات، لإنهاء التطرف وإبعاد الأطفال عن تلك الأجواء. في خطوة تعدّ استكمالاً للجهود العسكريّة، التي تبذلها قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي في مكافحة داعش.

ويؤكد الرئيس المشترك لإدارة مخيم الهول، خورشيد قرو، أنهم يسعون مع شركائهم على الأرض، من الجمعيات والمنظمات المحلية والدولية، للحد من انتشار الفكر المتطرف. وقال عن تلك الجهود وإمكاناتها: “هناك جمعيات تابعة للإدارة الذاتية تقدّم برامج توعوية، وإعادة تأهيل لقاطني المخيم، وهناك جمعيات محلية ومنظمات دولية ندفعها لذلك، وهذا ما نعدّه جزءاً بسيطاً، لأن هناك حاجة إلى جهد أكبر من الدول والأمم المتحدة، ويجب أن يكون هناك اتفاق دولي ومحلي على إعادة تأهيل جميع قاطني المخيم للحد من فكر داعش المنتشر داخل المخيم”.

وأضاف “عبر هذه الإجراءات التوعوية وبرامج العمل، نحاول قدر المستطاع إعادة تأهيل الأطفال والنساء ومحو الفكر المتطرف، على الرغم من التهديدات المستمرة بشكل يومي”. وأشار قرو إلى أنّ “نسوة داعش يحاولن ترسيخ ذلك التطرف بين الأطفال، عبر إعطاء ما يسمونها (دروساً شرعية)، ويقمن بنشر شائعات بين قاطني المخيم حول ماهية البرامج التوعوية، التي نفردها للمتلقين، وإقدام بعض النساء والأطفال على استهداف من يحاولون الاستفادة من برامج عمل المنظمات والإدارة”.

ومن بين الجهات العاملة على إعادة تأهيل الأسر القاطنة في مخيم الهول، مجلس المرأة السورية، الذي يستهدف الفئات العمرية من الأطفال والنساء، ضمن جميع أقسام المخيم، باستثناء قسم المهاجرات، الذي يؤوي أسر مرتزقة داعش الأجانب، عبر محاضرات وعلاج نفسي، ودورات مهنية تساعد النساء على الالتفات لمستقبلهن بعيداً عمّا يراد به ترسيخ الفكر المتطرف بين قاطني المخيم.

فيما ذلك ذكرت المشرفة في مجلس المرأة السورية على برامج التوعية، وإعادة تأهيل الأطفال والنساء في مخيم الهول، جيهان حمزة: “نتلقى تهديدات عديدة بالقتل بشكل مباشر، بالإضافة إلى حرق الخيمة، التي ندير أعمالنا منها، ناهيك عما تتلقاه المتدربات والمستهدفات بالبرامج التوعوية من تهديدات، مصدرها نساء أخريات”.

الإدارة الذاتية ترد على تقرير العفو الدوليّة

قالت دائرة العلاقات الخارجيّة في الإدارة الذاتية، الأحد 28/4/2024، إنها على استعداد للتعاون مع منظمات حقوق الإنسان الدوليّة، مطالبة المجتمع الدولي بدعمها في إدارة المخيمات ومراكز اعتقال عناصر “داعش”. وذلك رداً على تقرير لمنظمة العفو الدوليّة، الذي اتهم مؤسساتها القضائية والأمنيّة والعسكريّة بارتكاب انتهاكات “ترقى إلى جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية” فيما يخص أوضاع النساء والأطفال في المخيمات ومراكز اعتقال عناصر “داعش”.

وجاء في تعليق الإدارة الذاتيّة: “في 17 نيسان 2024، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً بعنوان “في أعقاب هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية: ظلم وتعذيب وموت أثناء الاحتجاز في شمال وشرق سوريا”، وذكر التقرير عدة مواضيع تتعلق بمرحلة ما بعد الهزيمة العسكرية لداعش، المصنف كمنظمة إرهابية من قبل المجتمع الدولي. وقال بيان دائرة العلاقات الخارجية، إن الإدارة تقدر أهمية التقارير الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان، وأن العفو الدوليّة أكملت تقريرها “بفضل تعاون الإدارة الذاتية”، رغم “تحفظها” على بعض الاتهامات والمصطلحات، التي استخدمت في التقرير، والتي كان ينبغي التحقق منها بشكل جيد.

وشدد البيان على أن فريق المنظمة “لم يزر مركزي الاعتقال في الكامب الصيني بالشدادي، والبانوراما في الحسكة”، وجاء فيه “يبدو أنهم اعتمدوا بشكل أساسي على مقابلات وشهادات لأشخاص قد ينتمون إلى داعش أو خلاياه النائمة، والذين ربما التقى بهم فريق منظمة العفو الدولية خارج مركزي الاحتجاز”. وأكدت: “إننا منفتحون على التعاون مع منظمة العفو الدولية، فيما يتعلق بتوصياتها المقترحة”.

وكرر البيان مطالبات الإدارة من المجتمع الدولي للوفاء بمسؤولياتهم ودعم الإدارة الذاتية، حتى تتمكن من تلبية الاحتياجات في المخيمات، ومنشآت الاحتجاز، والتي تتطلب موارد مالية ضخمة لا تستطيع الإدارة الذاتية تحملها.