حوار/ غاندي إسكندر_
بين رئيس حركة التجديد الكردستاني في سوريا الدكتور رزكار قاسم، خلال حوار أجرته معه صحيفتنا، أن الصراع في سوريا لم يعد مسألة سورية، وقد أخذ بعدا دوليا منذ زمن، وأضاف “مباحثات أستانا المزمع عقدها في الأيام المقبلة، بعيدة كل البعد عن جلب الحلول للشعب السوري، فهي اجتماعات الغاية منها التفاهم ما بين أطرافها على مناطق معينة” واستبعد قاسم نجاح الحوار الكردي – الكردي قريبا مادام المجلس الوطني الكردي يسير وفق الإرادة التركية ومرتزقته، ما سمّي (بالائتلاف). جاء الحوار على النحو التالي:
-في ظل الصراع الدولي والإقليمي على سوريا، المنهكة من تداعيات الحرب المستمرة، برأيكم هل هناك انفراج ما للوضع السوري المتأزّم، منذ أكثر من عقد من الزمان؟
الحلول المتعلقة بسوريا لم تعد بيد السوريين، بقدر ما هي بيد الدول، والقوى الكبرى المؤثرة في هذا الشأن، إذ لكل منها تصورها في الحل، حسب ما تمليها مصالحها، الأمر الذي يعقد المسألة أكثر بوجود تناقضات جوهرية وكبيرة فيما يطرحه كل طرف، فترتكز رؤيتهم في الحل على القرار الأممي ٢٢٥٤، والتمسك بجنيف ومحاسبة النظام والمتورطين في جرائم حرب هذا من جهة، أما في الجهة المقابلة وعلى الجانب الآخر، وعلى النقيض من التحالف، هناك روسيا وإيران وتركيا (ضامنو أستانا) الذين يدعمون النظام، ويبذلون كل ما بوسعهم لشرعنة النظام، بإعادته لحضن الجامعة العربية، وخاصةً من الجانب الروسي، فبسبب هذه التناقضات الموجودة بين التحالف من جهة، والروس وحلفاؤها من جهة أخرى، لا أرى أنه من الممكن على المدى القريب إيجاد حلول توافقية بينهم، ولا لحلول سياسية تضع حدًا للأزمة السورية على الأقل حتى منتصف ٢٠٢٣، ولكن قد تضطر بعض الأطراف الداعمة للنظام السوري، كالروس مثلاً، لإجبار الأطراف التي تعرقل الحلول، اللجوء إلى المرونة بالدخول لتفاهمات مع الجانب الأمريكي وحلفائه؛ لإيجاد حلول حسب جنيف و القرار الأممي ٢٢٥٤.
– هل سترسم الجولة المقبلة من المفاوضات الدولية حول سوريا؛ آفاقا للحلّ في سوريا؟
بالتأكيد لا لأن صيغة أستانا ومؤتمراتها، التي بدأت لأول مرة عام ٢٠١٧ في العاصمة الكازاخية، محور أستانا هذا وضامنيه، يحاولون من خلاله إجهاض جنيف والقرار الأممي، ما يدل بأنه يوجد قطبان للحل، وبالتالي قطبان للصراع على سوريا، هما جنيف وأستانا، فجنيف ومن خلاله سيتم إيجاد الحلول السياسية للمعضلة السورية، وتحديد مستقبلها، أما أستانا فترتكز على مناطق أساسية منها إدلب، وهي المحورية ومحاولة أطرافها التفاهم على تلك المناطق باعتماد سياسة المقايضات خاصةً بين الأتراك والروس، كالتي جرت بحق عفرين ومناطق كردية أخرى، وما تزال هذه الأطراف تحاول الاستمرار في مثل هذه السياسات، ما يُفهم من ذلك أن (أستانا) ليست لإيجاد الحلول المستقبلية لسوريا، بقدر ما هي تفاهمات بين أطرافها كل حسب مصالحه.
-التقى نائب المبعوث الأمريكي الجديد إلى سوريا (ماثيو بيرل) مع المجلس الوطني الكردي، ومع ممثلين من مجلس سوريا الديمقراطية، هل سيدفع هذا الاجتماع بعودة المباحثات الكرديّة – الكرديّة قريباً؟
للأسف لا أتوقع أي تقدم لمثل هذا الحوار، كون أحد هذه الأطراف، وهنا أقصد ما يُسمى بالمجلس الوطني الكردي، فهو أداة بيد محتلي كردستان، سواء أكان تركيا، أو الائتلاف، الذي يحتل مع الأتراك الجزء الغربي من روج آفا، عفرين وكري سبي وسري كانية في شرقه، إذ تكمن المشكلة الكبيرة هنا، حيث يركز هذا المجلس في حواره بالشراكة فقط، على مناطق الجزيرة وكوباني، أي المناطق المحررة بيد الإدارة الذاتية، ما يؤكد على عدم وجود البعد الوطني لسياساتهم، التي ترتكز على المصالح الحزبية الضيقة، التي تنحصر لديهم في كلمة (الشراكة).
أضف الى ذلك تبعيتهم المطلقة لأجندات دولة الاحتلال التركي، التي تعادي كل ما يتعلق بمكاسب الكرد، أينما كانت، وللأسف أكد المجلس مراراً استقواءه بهذا المحتل، ثم الأمر الذي يدعو للشك بقابلية نجاح مثل هذا الحوار، هو معاداة هذا المجلس للإدارة الذاتية، وعدم قبولها، بل ورفضها ودعواتهم المتكررة على لسان مسؤولييهم، أنهم سيبذلون كل الجهود، لتدميرها، الأمر الذي يدعو للحيرة والتناقض لديهم، من جهة يدعون أنهم مع الحوار، ومن جهة أخرى يدعون إلى تدمير هذه الإدارة؟! وأصبح شغلهم الشاغل الهجوم على الإدارة متناسين النظام، واحتلال الأتراك لمناطق كردية، ويأخذون من أسطنبول مقراً لهم، وهم موجودون ضمن الائتلاف ويشرعنونه بوجوده هذا، رغم عدم اعتراف هذا الائتلاف بأي حقوق كردية، والأنكى من ذلك تحتل مرتزقته مناطق كردية في روج آفا، وتمارس الإرهاب بحق أهالينا هناك، وما زال المجلس مصراً على هذا الائتلاف المخزي؟! بذكر كل ذلك برأي سيكون من الصعب إنجاح هذا الحوار على المدى القريب، إلا في حالة واحدة أن يترك المجلس تبعيته للأتراك، وينسحب من الائتلاف ويعود إلى حضن المصالح العليا للشعب الكردي في روج آفا، عندها حتى نحن كحركة، ولا أستبعد كذلك أحزاب الوحدة الوطنية أن يدعموا هذه الخطوة حينها سيسهل الوصول إلى تحقيق ما يصبوا اليه شعبنا
ـ ما تزال دولة الاحتلال التركي تهدد باحتلال المزيد من الأراضي، وترتكب أبشع الجرائم في (عفرين، وكري سبي، وسري كانيه)، فما الطريقة المثلى لِلَجْمِ تركيا، ودفعها إلى الانسحاب من المناطق، التي احتلتها؟
تركيا دولة محتلة وغاصبة لكردستان، وهي ليست كما تدّعي أنها ضد طرف كردي معين، بل هذه الدولة الغاصبة تستهدف الوجود الكردي أينما كان، والحل الوحيد لمواجهتها، ومواجهة محتلي كردستان، هي رفع وتيرة النضال والمقاومة على المستويات كافة، وبآليات جديدة، فهم لا يعترفون بكل ما هو كردي، ولا جغرافية كردستان، وانطلاقا من ذلك علينا أن نفهم أن الحقوق لا تُعطى، بل تُؤخذ وما المقاومة إلا السبيل الوحيد للتحرير والخلاص، علينا تفعيل هذه المقاومة على الأصعدة كافة العسكرية والدبلوماسية، وبالعقول النيرة.
