سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

دعم كييف عسكريّاً… حماسُ الإليزيه وفتور الناتو

بدرخان نوري_

شهد العالم لحظةً مفصليّةً صباح السبت 24/2/2022، عندما قطع التلفزيون الروسيّ برامجه المعتادة ليبثَّ كلمةً مسجّلة للرئيس فلاديمير بوتين، أعلن فيها بدءَ “عمليةٍ عسكريّة خاصة” في أوكرانيا لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسيّة، هي حماية سكان دونباس، واجتثاث النازيّة، ونزع سلاح أوكرانيا. إلا أنّ الحربَ طالت ودخلت في شباط الماضي عامها الثالث خلافاً لتصورات موسكو، بأن تكون العملية سريعة وخاطفة، وارتفعتِ الأصواتُ الغربيّة الداعية لدعم كييف، وكان أعلاها صوتُ الرئيس الفرنسيّ ماكرون الذي دعا لإرسالِ قواتٍ عسكريّة إلى أوكرانيا، إلا أنّه قُوبل بفتور شركائه.
 رد الكرملين الحاسم
الخميس 29/2/2024، بعث الرئيس فلاديمير بوتين رسائل كبرى للغرب حول تطور السلاح الروسيّ، ومخاطر الاستهانة بقوة روسيا التي وضعت حداً لطموحات الغربِ، مؤكداً الانفتاح على الحوار والمفاوضات، وحذّر من الصدام المباشر، وتحويل المواجهةِ لحربٍ نوويّة على خلفيّة التصعيد الغربيّ في أوكرانيا.
وقال الناطق باسم الكرملين “ديمتري بيسكوف” الثلاثاء الماضي: إنّ إرسال قوات غربيّة إلى أوكرانيا، “يعني حتماً المواجهة المباشرة مع الناتو، وأضاف: “هذا ليس في مصلحة هذه الدول بتاتاً يجب أن تدرك ذلك”. ونقلت فرانس برس عن بيسكوف أنّ مجرد إثارة هذا الاحتمال يشكّل عنصراً جديداً مهماً جداً في الصراع.
تصريحات المسؤول الروسيّ جاءت رداً على إعلان الرئيس الفرنسيّ، إيمانويل ماكرون، الاثنين، تشكيلَ تحالف عسكريّ لحلفاء أوكرانيا لتسليمها صواريخ متوسطة وطويلة المدى، ولم يستبعد نشر قوات فرنسيّة بريّة في أوكرانيا.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسيّة ماريا زاخاروفا في مقابلة مع سبوتنيك: “لقد أحدث هذا التصريح صدمة بين رفاقه من شركاء “الناتو، وعلى الفور أدلت القيادة العليا لدول الحلف والقادة ووزراء الخارجية والدفاع بسلسلة من التصريحات، نؤوا فيها بأنفسهم عما قاله ماكرون، وقالوا: إنهم لا يخططون لشيء كهذا، ولا ينوون إرسال أيّ أفرادٍ إلى أوكرانيا، مدركين بشكل عام أن هذه ستكون قصة مختلفة”.
وتابعت أنّ السبب يعودُ إلى أنّه في ظروف التوقف المؤقت للمساعدات الماليّة من واشنطن، فإنّ ماكرون قرر تقديم بعض المساعدة الإعلاميّة والسياسيّة إلى البيت الأبيض، لاستثمار شيء ما على الأقل في دعم نظام كييف.
ماكرون يدعو لهزيمةِ روسيا 
قال الرئيس الفرنسيّ ماكرون في ختامِ مؤتمرٍ دوليّ لدعم أوكرانيا، عُقد الاثنين في باريس: إنّه “تقرر إنشاء تحالف يدعم أوكرانيا لتوجيه ضرباتٍ في العمقِ”. ولم يستبعد نشرَ قواتٍ بريّة فرنسيّة في أوكرانيا، وقال إنّه يمكن لكلّ دولة أن تقرر بشكل مستقل وسياديّ نشر القوات البرية. وذكر الرئيس الفرنسيّ أن تسليم مقاتلات “ميراج” الفرنسيّة لم يتقرر بعد، لكن المعدات العسكرية الفرنسيّة التي يمكن أن تساعد أوكرانيا لا تزال قيد الدراسة”.
وقال ماكرون في مؤتمر صحفيّ: “لقد تمت مناقشة كل شيء اليوم بطريقة حرة ومباشرة. اليوم لا يوجد إجماع على إرسال قوات برية “إلى أوكرانيا” بطريقة رسميّة، ولكن في تطور الوضع، لا يمكن استبعاد أي شيء”. وقال أيضاً: “نحن مقتنعون بأن هزيمة روسيا ضرورية لضمان الأمن والاستقرار في أوروبا”.
وفي تصريح سابق ومماثل، قال ماكرون عشية قمة الجماعة السياسية الأوروبيّة في كيشيناو، والتي تضم 47 بلداً، في 31/5/2023: “إنّ الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين أيقظ الحلف عبر أسوأ صدمة” من خلال غزو أوكرانيا. وشدد على وجوب أن يقدم الغرب “ضمانات أمنيّة ملموسة وذات مصداقية لأوكرانيا من خلال طموح أكبر”.
وبذلك انتقل الرئيس الفرنسيّ ماكرون من النقيض إلى النقيض، بعدما كان أبرز دعاة تجنب القطيعة مع الرئيس بوتين وصرح في 4/6/2022: “يجب علينا ألا نذلَّ روسيا حتى نتمكن في اليوم الذي يتوقف فيه القتال من بناء منحدر للخروج بالطرق الدبلوماسيّة، أنا مقتنع بأنّ دور فرنسا هو أن نكون قوةً وسيطة”. وأنَّ روسيا موجودة في أوروبا وستبقى في أوروبا. وانتقد الرئيس الأوكرانيّ سابقاً ماكرون مباشرة بسبب مواقفه، وتم ابتداع كلمة أوكرانية جديدة هي “المكرنة” للإشارة إلى الكلام غير المفيد. لكن ماكرون اليوم يطرح نفسه “رأس الحربة” بمواجهة روسيا ويدعو لإلحاقِ الهزيمة بها.
وأعلن وزير الجيوش الفرنسيّ سيباستيان ليكورنو الخميس 29/2/2024، طلب ألفي مركبة جويّة مسيّرة من شركة Delair العسكرية الفرنسيّة، مؤكداً أنّه سيتم إرسال 100 منها إلى أوكرانيا الصيفَ المقبل.
 فتور حلفاء باريس
 واستبعد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، في مقابلة مع أسوشيتد برس، وجودَ خطط لدى الناتو لإرسال قوات قتاليّة إلى أوكرانيا. وقال ستولتنبرغ: “حلفاء الناتو يقدمون دعماً غير مسبوق لأوكرانيا.. نقوم بذلك منذ عام 2014 وكثفنا جهودنا بعد الغزو بواسع النطاق، لكن لا توجد خطط لنشر قوات قتاليّة تابعة لحلف شمال الأطلسي على الأرض في أوكرانيا”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر الأربعاء، إنّ كل دولة ستقرر بنفسها ما إذا كانت سترسل أفراداً عسكريين إلى أوكرانيا أم لا، والولايات المتحدة ليس لديها مثل هذه النوايا أبداً. وقال ميلر في مؤتمر صحفي: “ستقرر الدول الأخرى ما تريد القيام به حول الموضوع، لكن نيابة عن الولايات المتحدة، أوضح الرئيس أنه لن يكون هناك جيش أمريكيّ على الأرض”، وأعلنت الإدارة الأمريكية أنها “لا تعتزم إرسال القوات إلى أوكرانيا للمشاركة في العمليات القتاليّة هناك”.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس: إن “الناتو لن يصبحَ طرفاً في الصراع بأوكرانيا، ولن يتم إرسال القوات الألمانيّة إلى أوكرانيا”.
وأعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس بعد مؤتمر حول دعم أوكرانيا في باريس عن أنّ مسألة إرسال قوات أوروبيّة تابعة لحلف “الناتو” إلى أوكرانيا ليست من القضايا المثارة. وقال ميتسوتاكيس: أودُّ أن أؤكد لكم أنّه ليس هناك حديث حول إرسال قوات، قوات حلف “الناتو” الأوروبيّة إلى أوكرانيا. هذه المسألة غير موجودة بالنسبة لليونان، وأعتقد أنّها غير موجودة بالنسبة للغالبية العظمى من زملائنا.
وردًا على سؤال عما إذا كان موضوع الجيش الأوروبيّ قد نوقش، أجاب ميتسوتاكيس: “كما قلت، لا يوجد مثل هذه القضية، وأعتقد أن هذا النقاش يصرف الانتباه أيضا عن جوهر جهودنا لدعم أوكرانيا عمليا في الوقت الحالي”.
وفي حديثه عن الاجتماع، قال رئيس الوزراء إنّه يعتقد أن المشاركين فيه أكدوا من جديد وحدتهم وتصميمهم على دعم أوكرانيا حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها بشكل أفضل، وحددوا أيضا كيف يمكن لهذه المساعدة أن تكون لها نتائج أكثر أهمية ومفيدة لأوكرانيا.
موقف غربي داعم لأوكرانيا
وكان حلف شمال الأطلسي “الناتو”، قد أعلن السبت 24/2/2024، التزامه بدعم تعزيز القدرات الأمنية والدفاعية لأوكرانيا في حربها ضد روسيا. وقام أربعة من القادة الغربيين، بزيارة إلى كييف “لتأكيد تضامنهم مع أوكرانيا مع دخول العملية العسكرية الروسيّة في أوكرانيا الحرب السنة الثالثة.
وقال حلف الشمال الأطلسي في بيان، إنه “يواصل دعم قدرة الجيش الأوكراني على الردع على المدى البعيد”. وأشار إلى أن “العمل مستمر أيضاً على تعافي الدفاع الجوي والصاروخي لكييف وإعادة الإعمار”. وتابع البيان أنّ “نضال أوكرانيا من أجل استقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها داخل حدودها المعترف بها دولياً يساهم بشكل مباشر في الأمن الأوروبيّ والأطلسي”.
وحمّل بيان الناتو روسيا “المسؤولية الكاملة عن هذه الحرب، التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدوليّ، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة”، مشدداً على ضرورة “محاسبة موسكو”. وأنّ “على روسيا إيقافَ الحرب فوراً وسحب جميع قواتها من أوكرانيا بشكل كاملٍ وغير مشروط، بما يتوافق مع قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة”.
المتغيرات في موقف الدول الغربية تزامنت مع موافقة البرلمان المجريّ، مساء الاثنين، على طلب السويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. لتكون المجر آخر دولة من 31 عضواً في الحلف تصادق على عضوية السويد، إذ يشترط انضمام أية دولة إلى هذا التحالف العسكري موافقة الأعضاء كلهم. وصوّت 188 عضواً بالبرلمان المجري لصالح انضمام السويد من إجمالي 194 عضواً في البرلمان، فيما صوت ستة ضده.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، إن عضوية السويد تجعل الحلف “أقوى وأكثر أماناً”، وقال: المستشار الألمانيّ أولاف شولتز: إن ذلك “سيعزز أمن أوروبا والعالم”.
يُذكر أنّ السويد وفنلندا تقدمتا بطلبِ العضويةِ إلى النادي الأطلسيّ “الناتو” في 18/5/2022 أي بعد نحو شهرين من بدءِ العمليةِ العسكريّة الروسيّة في أوكرانيا.
وأعلن المسؤول الأوروبيّ عن السياسة الخارجية جوزيب بورّيل الأربعاء أنّ “بوتين لم ينتصر حتى الآن، لكن أزف الوقت كي تستيقظ أوروبا”، ودعا للإسراع بتقديم الدعم إلى أوكرانيا لتمكينها من الصمود.
واقترحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين، أن يستخدم الاتحاد الأوروبي فوائد الأرصدة الروسيّة المجّمدة بالمصارف الأوروبيّة بسبب العقوبات المفروضة على موسكو لشراء أسلحة وذخائر لأوكرانيا، وتقدر تلك الأرصدة بنحو 285 مليار دولار، وتتجاوز قيمة الفوائد التي أودعت بحساب خاص منتصف شهر كانون الثاني الماضي 4.5 مليار دولار.
لا تراجعَ في الحرب 
اقتربت الحرب الروسيّة في أكثر من مناسبة من حافة الصدام المباشر وحلف الناتو، وخلق هواجس ومخاوف أمنية لدى مختلف الدول الغربيّة، فيما توقعت موسكو أن تكون الحرب عملية خاطفة تجبر فيها كييف للتراجع والاستسلام، لتكون بوابة عودة روسيا إلى الواجهة الدولية وتفرض واقعاً أمنيّاً وعسكريّاً وسياسيّاً جديداً في أوروبا وتدفع الغرب للجلوس إلى طاولة مفاوضات لإبرام صفقة شاملة.
لكنّ سرعان ما تحولت العملية العسكريّة الخاصة لحربٍ شاملة هجينة بين روسيا والغرب، اُستخدمت فيها كلّ أنواع الأسلحة والتكتيكات. وعلى مشارف السنة الثالثة للحرب أقرت موسكو بأنّ المواجهة أصبحت حرباً كاملة بين روسيا والغرب، وامتدت تداعياتها لتشملَ كلَّ نواحي الحياة، وأصبحت منعطفاً لإعادة رسم خرائط النفوذ وموازين القوى، بما يتضمن ذلك من تغيير للتحالفات وبناء التكتلات وإعادة هيكلة الخطط السياسيّة والعسكريّة والاقتصاديّة.
لا يمكن لموسكو التراجع في أوكرانيا وتدعها تكونُ جزءاً من الاتحاد الأوروبيّ أو الناتو، وتستند إلى المشاعر القوميّة الروسيّة التاريخيّة، وأنّها جيوبولتيكيّاً “منطقة مصالح متميزة”، وحديقتها الخلفيّة، بل تتطلع أن تكون أوكرانيا حصناً استراتيجيّاً، يعزلُ روسيا عن الغرب وحلفائه، وسبق ذلك خطوة ضم شبه جزيرة القرم، لتضمن البقاء الدائم لأسطولها في البحر الأوسط دون أن تضطر لعقد اتفاقية مع أوكرانيا. وموسكو ليس لها بوارد التوقف عن عملياتها العسكريّة في أوكرانيا دون أن تحصل على تعهدٍ واضح بتحييد أوكرانيا، وأطلستها، وتسعى لانتزاع تنازلٍ أوكرانيّ وإلزام رئيسها وحكومتها بالاستقالةِ ونزع سلاح جيشها.
من المرجح أنّ موسكو لم تتوقع أن تطولَ الحربُ، وتصورت تحقيق أهدافها العسكريّة والسياسيّة بزمنٍ قياسيّ، لكنها لأسبابٍ متعددةٍ أهمها التنسيق بين حلف الناتو والولايات المتحدة وبريطانيا، للعملِ على استنزاف القوات الروسيّة، وقد استدركت موسكو ذلك لاحقاً وغيّرت استراتيجيتها للعمليةِ العسكريّة بالتركيزِ على منطقة الجنوب والشرق هدفاً رئيسيّاً ووحيداً.
وبالمقابل لا يمكن للغرب التراجع في أوكرانيا، والإطاحة بثقة حلفائه في أوروبا الشرقيّة، ويظهر بأنّه غير مؤهل للاعتمادِ عليه بحال تعرضهم لتهديدٍ روسيّ. وجدد حلف الناتو تماسكه بصورةٍ غير مسبوقة. وهذا مشهدٌ غربيّ مختلف، فقد وصف الرئيس الفرنسيّ في مقابلة نشرتها مجلة “ذي إيكونوميست” في 7/11/2019 حلف “الناتو” بأنّه في حالة “موت سريريّ”، وانتقد قلّة التنسيق بين واشنطن وأوروبا والسلوكَ الأحاديّ لتركيا، عضو الحلف، في سوريا، ورأى ماكرون أن لا خيارَ لروسيا سوى إقامة “شراكة” مع أوروبا.
ودفعتِ الحرب “الناتو” لترميم الروابط بعد انقسام دام سنوات، وتجاوز نقاط الخلاف الرئيسيّة. كما دفعتِ الحرب إلى مزيد من تسلحِ دول أوروبا، وخاصة ألمانيا التي زادت اعتمادات التسليح، وتمدد الحلف عسكريّاً في الدول المجاورة لروسيا بصورة غير مسبوقة عبر تمركز قوات أمريكيّة وقوات للحلف، ودفعتِ الحرب دولاً التزمت موقف الحياد مثل فنلندا والسويد لتتقدم رسميّاً بطلب للانضمام إلى النادي الأطلسيّ، وهو متغيّر لا يصبُّ في مصلحة روسيا.
لم تردعِ العقوباتُ الاقتصاديّة الغربيّة ضد موسكو وتمنعها عن أهدافها التي تطمح لتحقيقها عسكريّاً في أوكرانيا، ويمكن لموسكو الالتفاف عليها، فيما لو أضرّت العقوبات نسبيّاً بالاقتصاد الروسيّ، فتفرضَ عقوباتٍ مضادةَ تضرُّ الاقتصادَ الأوروبيّ. وواجهت روسيا تحديات كبيرة مع استمرار الحرب في أوكرانيا، لكنها ماتزال الطرف المتحكم بمعادلة الاشتباك العسكريّ، وبقيت أوكرانيا محور مواجهة قد يطول مستقبلاً في معركةِ الترتيبات والسياسات الدفاعيّة بين روسيا والقوى الغربيّة.
بالمجمل، لا حلَّ متوقعاً للنزاع الأوكرانيّ ــ الروسيّ إلا بالاتفاقِ بين الأطراف المعنية (موسكو، كييف، واشنطن، الناتو)، على تحييدِ أوكرانيا في سياسةِ المحاورِ وألا تعقدَ تحالفاتٍ أو اتفاقات تعاونٍ عسكريّ غير دفاعيّ مع أيّ من الجانبين، وأيُّ تصوّرٍ للحلِّ لا يأخذُ بالاعتبار الحياد الأوكرانيّ لا يحتملُ نجاحه، مع إصرارِ موسكو على وضع حدٍ لمشروعِ “أطلسة” الجوارِ.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle