سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

حرب الشعب الثورية ـ7ـ  ثورة الهند السلميّة

دجوار أحمد آغا-

تخوض الشعوب حروبها وفق ظروفها الذاتيّة والظروف الموضوعيّة التي تحيط بها، ولكل شعب وضعه الخاص وشروطه الخاصة به والظروف الملائمة المناسبة لثورته التحررية. وثورة اللاعنف وحرب الشعب الهندي من ضد الاستعمار البريطانيّ، والتي استلهمت مبادئها من قائدها المهاتما غاندي نموذج فريدٌ يختلف عن بقيةِ الحروبِ الشعبيّةِ الثوريّةِ.
الموقع والمساحة 
تقع جمهورية الهند في شبه الجزيرة الهنديّة، جنوب قارة آسيا وتمتد سواحلها أكثر من 7000 كم تحدّها من الشمال الغربيّ باكستان وأفغانستان ومن الشمال الصين ونيبال وبوتان، وشرقاً الشرق بنغلاديش وميانمار (بورما سابقاً). وفي المحيط الهنديّ، تحاذيها جزر المالديف من الجنوب الغربي، وسريلانكا من الجنوب، وإندونيسيا من الجنوب الشرقيّ. والهند سابعُ أكبر دولة بالعالم بالمساحةِ، إذ تبلغُ مساحتها 3,287,590كم2.
تقع فيها أعلى جبال في العالم وهي جبال هملايا وتشتهر بوادي السند، ومن أشهر مدنها دلهي العاصمة السياسيّة والإداريّة وتمَّ تحديثها وأصبحت نيودلهي (أي دلهي الجديدة)، إضافةً إلى مجن مومباي العاصمة الاقتصاديّة للبلاد، بنغالور، كالكوتا، حيدر آباد، ومدراس…الخ.
تعتمد الهند على الزراعة والتعدين والنفط والأفلام وصناعات النسيج المختلفة، ومن أهم صادرتها الأحجار الكريمة، والأسمدة، والكيماويات، والنفط الخام، والمنتوجات الزراعيّة المختلفة، وتعودُ عليها بعائدٍ ماديّ يرفعُ الناتجَ القوميّ الإجماليّ للبلادِ ويشغلُ الكثيرَ من الأيدي العاملة.
سكان الهند وشعوبها 
تأتي الهند بالمرتبة الثانية عالمياً بعددِ السكان بعد الصين ويبلغ عدد سكانها نحو 1,022 مليار نسمة (16% من سكان العالم)، مع زيادة كبيرةٍ بالنمو السكانيّ.
يتحدث سكانُ الهند 14 لغة رئيسيّة وأكثر من ألف لغة ولهجة محليّة. تنتمي اللغات الرئيسيّة إلى الأسرة الهندو-أوروبيّة والأسرة الدرافيديّة. واللغة الهنديّة هي الرسمية بجانب اللغة السنسكريتيّة و13 لغة إقليميّة أخرى، كما تعدُّ اللغة الإنكليزيّة لغة رسميّة في أنحاء الهند المختلفة.
ينتمي سكان الهند إلى عدد من المجموعات العرقيّة وأكبر مجموعتين عرقيتين هما:
الهنود – الآريون: جاءت هذه القبائل على الأرجح من المناطق الجنوبيّة من روسيا الحالية، وسكنتِ الهند، وكانت مميّزة عن الشعوب التي كانت تسكن الهند أصلاً بلونِ بشرتها الفاتحِ، وتنظيمها الاجتماعيّ وتقدمّها من حيث استعمالها الأدوات الصناعية والزراعية، وتمكنت هذه الشعوب على مرِّ القرونِ من الاستئثار ببعض أجزاء الهند الشماليّة، ثم أخذوا ينتشرون جنوباً وأقاموا حضارةً برهميّة تشكّلت فيها الأصول الأساسيّة للمذهب الهندوسيّ، ويسكنُ معظمهم حالياً شمال الهند ويشكلون أكبر عرق في الهند ويبلغ عددهم 741.6 مليون نسمة ويمثلون 72% من الشعب الهندي.
ــ الدرافيديون: أقدم الشعوب التي سكنت شبه القارة الهنديّة، ويُحتملُ أن يكونوا من شعوبِ البحر المتوسط من ذوي البشرةِ السمراء، وجاؤوا إلى الهند من شمالها الغربيَ، وأسسوا حضارة مدنيّة في وادي نهر السند، ازدهرت حوالي عام 2500 ق.م ويعتبر الدرافيديون ثاني أكبر عرق من حيث العدد، ويصل عددهم إلى 257.5 مليون بما يمثل 25% من سكان الهند ويسكن معظمهم جنوب الهند.
الطوائف الدينيّة في الهند 
ــ الهندوسيّة: أقدمُ ديانات الهند وأكبرها من حيث عدد معتنقيها، ولها أثرٌ كبيرٌ في كلِّ مظاهر الحياة الهنديّة، وينتشر الهندوس في جميع الولايات الهنديّة حيث يصل عددهم إلى 837.4 مليون نسمة بما يمثل 81.3% من مجموع الشعب الهنديّ، ويسيطر الهندوس على جميع مناحي الحياةِ السياسيّة والاقتصاديّة منذ استقلال الهند عن بريطانيّا في 15 آب 1947.
ــ البوذيّة: ثاني أقدم ديانات الهند بعد الهندوسيّة، وهي حركة دينيّة هنديّة إصلاحيّة ظهرت بالقرن السادس قبل الميلاد ويصل عدد معتنقيها حالياً حوالي 10.3 ملايين بما يمثل 1% من الشعب الهنديّ، ويعيشُ معظمهم بأعداد صغيرة بحبال الهيمالايا.
ــ الإسلام: كان الوجود الإسلاميّ بالهند ينحصر ببعض مسلمي آسيا الوسطى وإيران ووجودهم فيها، لكن الحضور الفعليّ حدث في عصر الحجاج بن يوسف الثقفي الذي احتل معظمها سنة 711 م استمرّت بعدها الغزوات والاحتلال الاسلاميّ للهند عبر الغزنويين، ومن بعدهم الغوريين، ثم المماليك وصولاً للمغول الذين حكموها نحو قرنين. ويبلغ عدد المسلمين بالهند حالياً حوالي 123.5 مليون نسمة، يمثلون 12% من السكان، لتكون الهند ثاني أكبر دولة إسلاميّة بعدد السكان بعد أندونيسيا.
ــ السيخ: وتعني التابع، ويتبعون تعاليم 10 معلمين روحيين ويحتوي كتاب السيخ المقدس المعروف باسم “غودو حرانت حاهب” على تعاليم هؤلاء العشرة. تبلغ نسبةُ السيخ 1.9% يعيشون في المناطق الريفيّة في إقليم البنجاب.
ــ المسيحيّة: انتشرت بالهند مع البعثات التبشيريّة بُعيد اكتشاف الهند من قبل الرحالة البرتغاليّ فاسكو دي غاما لدى وصوله إلى كالكوتا عام 1498. وبعد دخول البريطانيّين واحتلالهم للهندِ عن طريق الشركات التجاريّة اهتموا بنشر المسيحية في جنوب الهند أكثر من شمالها وهو ما يُفسّرُ كثافتهم بالجنوب ويُقدرُ عددهم بـ 23,6 مليون نسمة.
تاريخ الهند وحضاراتها
نشأت في الهند العديدُ من الحضارات الأولى التي شهدها العالمُ القديمُ، كما ظهرت فيها العديد من الديانات الهامة في العالم أمثال: (الهندوسيّة، البوذيّة، السيخيّة).  أظهرت الاكتشافات الأثرية في “بيمبكتا” بولاية “ماديا برادش” بعض الكهوف الصخرية عليها رسومات تعود للعصر الحجري وتُعد دلائل على تواجد الإنسان في الهند منذ القديم ما يُقارب ال 9000 الاف سنة. من أهم الحضارات التي قامت في الهند تلك التي بُنيت في وادي نهر السند وكان عصرها الذهبيّ خلال الفترة 2600 إلى 1900 ق.م. من أهم الممالك التي وحدت بلاد الهند كانت مملكة “ماوريا” على زمن ملكها “أشوكا” سنة 180 ق.م
الاستعمار البريطانيّ للهند 
بدأ توافد المستعمرين الأوروبيين إلى الهند بعد اكتشافها من جانب الرحالة البرتغاليّ فاسكو دي غاما 1498 حيث وصل البرتغاليون ومن ثم الفرنسيون وبعدها الهولنديون والبريطانيّون الذين قدموا في عام 1613 وأسسوا أول مركز تجاريّ إنكليزي في سورت.
بعد تغلب البريطانيّين في البداية على القوات البرتغاليّة والهولنديّة، اشتبكوا مع الفرنسيين وانتصروا عليهم، وتوجّه الفرنسيون نحو الهند الصينيّة (فيتنام، لاووس، كمبوديا) حينها أصبحت اللغة الإنكليزية لغة التعليم بالمدارس الهنديّة بدءًا من عام 1835 حيث الاحتلال المباشر ما زاد سخط الهنود على الاحتلال البريطانيّ.
كانت بريطانيّة العظمى “المملكة التي لا تغيبُ عنها الشمس” بسبب كثرةِ المستعمراتِ التي كانت تديرها وكانت الهند إحدى تلك المستعمرات حيث كانت تديرها بريطانيّة من خلال شركة الهند الشرقيّة البريطانيّة، التي كانت غطاءً شكليّاً لحكمِ وإدارةِ الهند. وفي عام 1774 عيّنت أول حاكم بريطانيّ لها في الهند، السير “وارين هاستينغس”.
ثورة الهند ضد بريطانيّا العظمى 
 كان “باغا جاتان” من أوائل المناضلين من أجل استقلال الهند. حيث قاد سنة 1857حرباً شعبيّةً ثوريّةً واسعة النطاق، وسط وشمال البلاد ضد حكم شركة الهند الشرقيّة البريطانيّة، وكانتِ الشرارةُ التي أشعلت الثورة، استخدامُ البريطانيّين لشحم الأبقارِ والخنزير في خراطيشِ بندقية “إنفيلد طراز 1853” التي سُلّمت للجنودِ وكان عليهم أن يعضّوا الخراطيش بأسنانهم قبل تحميلها في بنادقهم، الأمرُ الذي يُعتبر مسيئاً للجنودِ الهندوس والمسلمين على حدٍ سواء. ما أدى إلى قيام هذه الثورة في 10 أيار 1857، حيث هاجم الجنود ضباطهم الإنكليز وقتلوهم. وباليوم الثاني وصلت الانتفاضة إلى دلهي العاصمة حيث أحرق الشعب مقرَّ الشركة البريطانيّة وقتلوا الكثير من المستعمرين الأوروبيين. اندلعت انتفاضات وثورات في مناطق أخرى من البلاد، ولكن دون وجودِ تنظيم يقودُ الجماهير الشعبيّة الثائرة إلى جانب التفوق العسكريّ للبريطانيّين وبعد حصارهم لدلهي سقطت المدينة بيدهم في 20 أيلول 1857 وبعدها تم سحق سائر الانتفاضات.
كانتِ الانتفاضة للشعبِ الهنديّ سنة 1857 نقطة تحوّلٍ رئيسيّة في تاريخِ الهندِ الحديثة، حيث في عام 1876، وفي خطوة مثيرة للجدل، أصدر رئيس الوزراء بنيامين دزرائيلي تشريعاً لمنحِ الملكة فيكتوريا لقبًا إضافيّاً لإمبراطورة الهند. وبذلك وضعت بريطانية الهند تحت الاحتلالِ المباشر، وقضت على شركةِ الهند الشرقيّة البريطانيّة. وفي عام 1885 تأسس المؤتمر الهنديّ الوطنيّ كمنتدىً لدعم المقاومة الوطنيّة ضد الاحتلال البريطانيّ.
ثورة اللاعنف (الساتياغراها) 
سنة 1919 قاد الجنرال البريطانيّ داير جنوده للسيطرةِ على اجتماعٍ للثوارِ الهنودِ في أمرتسار بولاية البنجاب، وأمر جنوده بسدِّ مخارجِ مكانِ الاجتماع وإطلاق النار على الجموع المحتشدة والمقدّرة بنحو 15 ألف امرأة وطفل ورجل عشوائيّاً ما أدى لمقتل نحو 1500 شخص وجرح 1200 آخرين. وزاد هذا الأمر من اقتناع الثوار الهنود بعدم جدوى النقاش بين حزب المؤتمر والحكومة البريطانيّة، وانضمت مجموعة من الشباب الثوريّ الهنود.
 المحامي الشاب “موهنداس غاندي” (1869 ـ 1948) والد رئيسة الوزراء الهند أنديرا غاندي (1917-1984)، كان شاهداً على العنفِ المفرط والقمع الوحشيّ الذي استخدمه الجيش البريطانيّ لإخماد ثورة “قبائل الزولو” في جنوب إفريقيا ضد الحكم العنصري، وتكونت لديه مفاهيم فلسفيّة حول كيفيّة مواجهة العنف، على أساسِ أنّ النضالَ السلميّ، وعبر ثورة اللاعنف، على أنّها السبيل الأمثل في مواجهةِ القوة العسكريّة البريطانيّة الغاشمة، وقال عنها: “إن اللاعنف هو أعظم قوة متوفرة للبشريّة. إنّها أقوى من أقوى سلاح دمار صنعته براعة الإنسان”.
واجترح غاندي نموذجاً للثورة الشعبيّة على أساس مبدأ اللاعنف (الساتياغراها)، والتي تعني “قوة الحقيقة” واعتمد على عدةَ أساليب لتحقيق أغراضها منها الصيام والمقاطعة والاعتصام والعصيان المدنيّ الاحتجاج باللاعنف والقبول بالسجن وعدم الخوف من أن تقودَ هذه الأساليب بالنهايةِ إلى الموتِ. واللاعنف لا يعني السلبيّة والضعف كما يتخيل البعض، بل هي كلَّ القوةِ إذا آمن بها من يستخدمها ومن شأنها تحريض القيم الإنسانيّة حتى لدى العدو، ولذلك لقّبه شاعر الهند “رابندراناث طاغور” بالـ”مهاتما”، أو الروح العظيمة. 
أيها الهنود اصنعوا الملح
الغالبيّة الساحقة من الشعبِ الهنديّ كانت أمية غير متعلمة ومتأثرة إلى حدِّ التعصبِ بالأفكار الدينيّة. لذا كان المهاتما غاندي مقتنعاً باستحالةِ انتصارِ الهنود البسطاء على بريطانيا العظمى صاحبة القوة العسكريّةِ الهائلةِ والإمكانات الاقتصاديّة الكبيرة في أيّ مواجهة عسكريّة بين الطرفين، وأخذ بالحسبان خصوصية الشعب الهنديّ وتأثره العاطفي وحبه لوطنه واستعداده للموتِ في سبيله، لذا اعتمد على مبدأ اللاعنف أي التظاهر السلميّ ومقاطعة المصانع والمعامل البريطانيّة. استجابة لندائه بالمقاطعة، قاطع ملايين الهنود معامل خياطة الملابس وأزرار الثياب والتي كانت في مجملها مملوكة للإنكليز ما سبّب خسائر اقتصاديّة فادحة لهم وكانت من إحدى وسائل المقاومة السلميّة حسب سياسية اللاعنف التي انتهجها المهاتما غاندي، حتى يومنا هذا نرى اللباس الهنديّ عبارة عن “ساري” يلف على الجسم وليس به أزرار أو خياطة.
قاد غاندي الحركة خلال الفترة 1920 ـ 1922 حيث اعتقلته السلطات البريطانيّة وحكمت عليه بالسجن ست سنوات ثم عادت وأفرجت عنه في عام 1924. تحدّى غاندي القوانين البريطانيّة التي كانت تحصر استخراج الملح بالسلطات البريطانيّة ما أوقع هذه السلطات في مأزق، وقاد في 12/3/1930 مسيرة شعبيّة توجّه بها إلى البحر لاستخراج الملح بدون ضريبة، وفي عام 1931 أنهى هذا العصيان بعد توصل الطرفين إلى حلٍّ وسط يسمحُ للشعب الهنديّ باستخراج الملح من البحر.
غيّر غاندي التاريخ بكلماتٍ معدودةٍ قال: “أيها الهنود اصنعوا الملح”. في نهاية “مسيرة الملح”، لم يتحدث عن العنف والسلاح، ليكون ذلك انطلاقة مبدأً سلميّ جديدٍ في المقاومة الشعبيّة.
الاستقلال والتقسيم
عام 1943 قبل غاندي لأول مرة فكرة دخول الهند في حربٍ شاملة ضد دول المحور على أملِ نيل استقلالها بعد ذلك، وخاطب الإنكليز بجملته الشهيرة “اتركوا الهند وأنتم أسياد”، ولم يعجبِ الخطابُ السلطاتِ البريطانيّة فشنّت حملة اعتقالات ومارست ألواناً من القمعِ العنيفِ، كان غاندي نفسه من ضحاياه حيث ظل معتقلاً خلف قضبان السجن ولم يفرج عنه إلا في عام 1944، وكان عدد سكان الهند آنذاك يناهز 400 مليون نسمة، غالبيتهم من الهندوس، وكان المسلمون يشكّلون 25% تقريباً من سكان البلاد. وكان الزعيم الهنديّ جواهر لال نهرو، زعيم حزب المؤتمر وأول رئيس وزراء في الهندِ المستقلة، معارضاً لمبدأ تقسيمِ البلاد على أسس دينيّة.  لكن محمد علي جناح، رئيس عصبة مسلمي الهند، والذي أصبح حاكماً عاماً لباكستان عقب التقسيم، كان مصراً على أن لمسلمي الهند الحقَّ بتأسيس دولة خاصة بهم.
قال مسؤول بريطانيّ كبير حينذاك: “جاء التقسيم والاستقلال سوية. فقد كان أحدهما ثمناً للآخر”.
تداعيات التقسيم على البلدين
محمد علي جناح رئيس باكستان التي انفصلت عن الهند وأضحت دولة مستقلة غالبيّة سكانها من المسلمين، اشتكى من أنَّ دولته الجديدة تكونت من شطرين تفصل بينهما 2000 كم من الأراضي الهنديّة. (استقلت فيما بعد باكستان الشرقيّة بعد حرب عام 1971 وأصبحت دولة مستقلة تُعرف باسم بنغلاديش). قبيل إعلان استقلال الدولتين، اندلعت صدامات عنيفة بين الهندوس والمسلمين، ولكن أحداً لم يتوقع مستوى العنف الذي اندلع عقب التقسيم. عقب قرار التقسيم، نزح أكثر من 12 مليون مواطن من إحدى الدولتين الى الأخرى، وقتل في العنف الطائفيّ حوالي مليون شخص على الأقل واُختطفت عشرات آلاف النساء من الطرفين. ولم تتعافى العلاقات الهنديّة الباكستانية أبداً من أثر التقسيم وآلامه. فالبلدان ما زالا يدعيان السيادة على ولايةِ كشمير. وخلال أسابيع من استقلالهما، خاض البلدان حرباً حول السيادةِ على وادي كشمير في صراعٍ ما زال بلا حلٍّ.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle