بقلم دجوار أحمد آغا_
التطبيع الإسرائيلي
عملية تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية جارية على قدم وساق، منذ بدء أول خطوة فيها خلال عهد الرئيس المصري الأسبق، أنور السادات وزيارته التاريخية إلى إسرائيل، والبدء بمفاوضات شاقة وطويلة استمر لسنوات 1977 / 1979 في منتجع كامب ديفيد الرئاسي في أمريكا، حيث تم في نهاية المطاف عقد المعاهدة الأولى بين مصر وإسرائيل، وسُميت معاهدة السلام.
بعدها تم عقد مؤتمر مدريد عام 1991م، وبحضور سوري، حيث بدأت مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، التي تُوِّجت باتفاقية السلام وفق مبادئ تم الاتفاق عليها، عُرفت باتفاقية أوسلو 1993
ثم جاء دور الأردن وفق اتفاقية وادي عربة 1994م، لتتوقف عمليات التطبيع لفترة طويلة حتى عام 2020، حيث بدأت تظهر عمليات التطبيع مرة أخرى فوقّعت الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين اتفاقية سلام مع إسرائيل في 2020م، ومن بعدها جاء دور السودان، وبعده المملكة المغربية، التي قررت عقد الاتفاقية بعد أن اعترفت إسرائيل بسيادتها على الصحراء الغربية في مواجهة خصمها اللدود الجزائر، التي تدعم جبهة البوليساريو.
رياح التطبيع في ليبيا
ليبيا بعد القضاء على حكم العقيد معمر القذافي وتدخل الدول الخارجية فيه، تم تقسيمها إلى مناطق نفوذ، حيث أصبحت قسمين غربي، وعاصمته طرابلس، وتسيطر عليه قوى مختلفة يتزعمها الدبيبة، الذي تدعمه تركيا بقوة، وعقدت العديد من الاتفاقيات معه. وشرقي وعاصمته بنغازي ويسيره مجلس النواب الليبي، الذي يدعمه اللواء خليفة حفتر المدعوم من مصر، والمملكة العربية السعودية، وروسيا. هذا الأمر دفع بالدولة الليبية المنقسمة على حالها إلى الابتعاد حالياً عن مسألة التطبيع مع إسرائيل.
لكن في الآونة الأخيرة ظهر أمر آخر دفعنا إلى إعادة النظر بهذه المسألة، ونقصد هنا موضوع التشهير بوزيرة الخارجية اللبيبة نجلاء المنقوش على خلفية لقاء سري جرى في روما بينها، وبين وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، الذي سرّب خبر اللقاء عبر صحفيين؛ ما أثار موجة من الغضب والاستنكار لدى الطرفيين. يُذكر أن اللقاء تم بوساطة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني.
نجلاء المنقوش
ولدت نجلاء المنقوش خارج ليبيا في مدينة كارديف بويلز في بريطانيا يوم السابع من حزيران 1973، لعائلة ليبية مؤلفة من أربعة أطفال، حيث كان والدها الدكتور محمد المنقوش الطبيب في أمراض الدم مدرّساً هناك، وفي العام 1976 قدمت أسرتها إلى ليبيا، فاستقرت في عاصمة الشرق بنغازي حيث نشأت وترعرعت هناك. أكملت دراستها وحصلت على ماجستير في القانون الجنائي من جامعة بنغازي. وبعد اندلاع أحداث شباط 2011م، سافرت مع طفلتيها بعد الانفصال عن زوجها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بقيت هناك ثماني سنوات، أكملت دراستها، ونالت شهادة ماجستير إدارة الصراع، والسلم من جامعة “إيسترن مينونايت” في فرجينيا، وبعدها أتمت دكتوراة في إدارة الصراع، والسلم من جامعة “جورج مايسون”.
الحراك السياسي
بحكم عملها أستاذة في القانون، ومختصة بالقانون الجنائي وحصولها على درجات علمية عالية في مجال إدارة الصراع، وإحلال السلام، تم ترشيحها لمنصب وزارة الخارجية في حكومة “الوحدة الوطنية” برئاسة عبد الحميد الدبيبة في آذار 2021 حيث انضمت بذلك نجلاء المنقوش لقائمة وزيرات الخارجية العربيّات وهن: الناهة بنت حمدي ولد مكناس (2009)، أول امرأة تتولى حقيبة الخارجية في الدول العربية وفي موريتانيا؛ وفاطمة فال بنت أصوينع (2015)، من موريتانيا أيضا؛ والسودانية أسماء محمد عبد الله (2019).
استمرت نجلاء في عملها حتى تاريخ إقالتها في 28 آب 2023م، على خلفية لقائها بوزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين في روما، الذي عدّته الحكومة تصرفا فرديا، وغير مسؤول ولا يمثل توجهاتها.
تصريحات شكلت أزمة ليبية
نجلاء المنقوش وبعد استلامها حقيبة الخارجية بفترة وجيزة، صرّحت بأن الحكومة الليبية مصرّة على انسحاب تركيا من البلاد. الأمر الذي عدّه البعض بأنه انحياز إلى اللواء خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي خاصة وأنها ابنة بنغازي. كما أن هذا الأمر أثار حفيظة تركيا التي احتجت لدى الدبيبة والذي قام بدوره بتعليق مهام الوزيرة نجلاء المنقوش وتحويلها إلى التحقيق ومنعها من السفر إلى حين انتهاء التحقيق.
بالإضافة إلى تعليقاتها وتصريحاتها المثيرة للجدل لقناة BBC البريطانية فيما تُعرف بقضية “لوكيربي” حادثة تفجير طائرة أميركية بأسكوتلندا 1988م، فوق بلدة لوكيربي التي راح ضحيتها 270 شخصاً معظمهم أمريكيون، وقد اتهمت وقتها أمريكا، وبريطانيا، ليبيا وإدارة القذافي بتفجير الطائرة. كانت السلطات الليبية قد أغلقت ملف قضية لوكيربي نهائيا عام 2003، لكن نجلاء صرحت للقناة البريطانية بأن الحكومة الليبية مستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة في القضية وتسليم متهمين ليبيين إليها.
