سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

بعد الانتخابات… الاقتصاد أوّل التحديات

رامان آزاد_

أسفرت جولةُ إعادةِ انتخاباتِ الرئاسةِ التركيّة إلى بقاءِ أردوغان على رأسِ السلطةِ بفارق 4.2% عن منافسه كمال كيليشدار أوغلو، وكان للعاملِ الاقتصاديّ دورٌ مهم في تعذّرِ حسمِ الانتخاباتِ في الجولة الأولى وتدني نسبة الفوز بالجولة الثانية، إذ لا يُمكِن تجاهلُ الرغبةِ العارمة لدى كثيرٍ من الناخبين في التغييرِ، والتي عبّروا عنها بالتصويتِ لكيليشدار أوغلو، وفي أولى مؤشراتِ ذوبانِ ثلجِ الوعود الانتخابيّة انهار سعرُ صرفِ الليرة التركيّة وسط تخوّف المستثمرين من القادم.
اقتصادٌ ينزفُ
نشرت وكالة بلومبرج تقريراً في 1/6/2023، بدأته بسؤال: “من في عقله السليمِ سيرغبُ في أن يكونَ وزيراً لمالية تركيا؟”، ووصفَ التقريرُ اقتصادَ تركيا بأنّه ينزف منذ سنواتٍ من سوءِ المعاملة على يدِ الرئيس أردوغان، وأنّ معظمَ المحللين يتفقون على أنّ أي فرصة لتضميدِ الجراحِ قد ضاعت مع إعادة انتخابه.
ورجّحتِ الوكالةُ التوقعاتِ القائلة أنّ وزير المالية السابق ونائب رئيس الوزراء محمد شيمشك سيتمُّ ترشيحه لمنصب وزير الاقتصاد، وقللت من أهميّةِ تعيينه إذا ظلَّ أردوغان متمسكاً بسياسته الاقتصاديّة وملتزماً بخفضِ أسعار الفائدة، التي يعتبرها “أم وأب كل شر”. وبينما أقرَّ بأنَّ التضخم، الذي يزيد حالياً عن 40٪، يسبّبُ الألمَ للأتراك، فإنَّ وصفته لذلك لم تتغير. ويخشى العديد من المحللين من أنه سيعتبر إعادة انتخابه على أنّها تأييد لسياساته الاقتصاديّة وتشجيعاً لمواصلةِ التباهي بالأرثوذكسيّة الماليّة.
وقال التقرير إنّه يجب ألا يرتكبَ المستثمرون نفس الخطأ، ولا ينبغي لهم أن يضعوا نصيباً كبيراً في وعدِ الرئيسِ الغامضِ بتعيين فريق يتمتع “بمصداقيّةٍ دوليّة” لإدارة الشؤون الماليّة للأمة. إلى أن يتخلى أردوغان صراحة عن أفكاره الاقتصاديّة السخيفة – تلك التي ساعدت في تحويل تركيا من حبيبة مستثمري الأسواق الناشئة إلى حالة مشابهة لفنزويلا والأرجنتين – يجب اعتبار أيّ تعيينات يقوم بها مجرد نافذة.
والتقى أردوغان الخميس 1/6/202 بالوزير السابق محمد شيمشك وعرض اتفاقاً على توليه حقيبة وزارة الخزانة والماليّة، ليعيدَ أحد أنصار الاقتصاد التقليديّ لتعزيز ثقة السوق بعد فوزه في الانتخابات الرئاسيّة.
وتؤكد التقارير، أنَّ الهبوط المُدوّي لقيمة الليرة التركيّة أمام العملات الأجنبيّة، وارتفاع معدلاتِ التضخم، والارتفاع الجنونيّ لأسعارِ السلع، جراء السياساتِ الاقتصاديّة الداخليّةِ التي انتهجها أردوغان وبخاصةٍ تدخّلاته في سياساتِ المصرف المركزيّ التركيّ، وغيرها من السياسات الخاطئة، فاقمت الأزمة المعيشيّة.
كما انعكست هذه السياساتُ والتدخّلاتُ على الاستثمارات الأجنبيّةِ في البلاد، فانسحبت شركاتٌ كانت تعملُ على مدى سنوات في تركيا، وأحجمت عن الاستثمار هناك، وسط توقعاتٍ بتراجعِ الاستثماراتِ الأجنبيّة بشكلٍ أكبرَ بعد فوز أردوغان بالولايةِ الثالثة.
ومع كل هذه المعطيات لم يرَ النظام بُدّاً إلا بالعودة إلى تطبيع العلاقات مع عددٍ من الدول عموماً، والدول العربيّة النفطيّة منها على وجه الخصوص، فبدأ محاولاته بالانفتاح دبلوماسيّاً على الإمارات والسعودية، صاحبتا الاحتياطات الماليّة الضخمة والاقتصاد القوي، فدأب على عقد مزيدٍ من الصفقات التجاريّة معهما يمكن أن تُساعد في إنقاذ الاقتصاد المتردّي.
دعمٌ إماراتيّ
في محاولةٍ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الوضع الاقتصاديّ المُتردي في تركيا، الذي تقول تقاريرُ إنه نِتاج السياسات الخاطئة لرئيس النظام أردوغان، تعقد أنقرة اتفاقيةً تجاريةً مع الإمارات، لرفع التبادل التجاري.
صادقت الإمارات العربية المتحدة وتركيا، الأربعاء 31/5/2023، على اتفاقية الشراكة الاقتصاديّة الشاملة، التي تساهم في تطوير التعاون الاقتصاديّ والاستثماري والتبادل التجاري بين البلدين.
وقال وزير الدولة للتجارة الخارجية في الإمارات، ثاني الزويدي في تغريدة: “الاتفاقية ستساهم في نمو التجارة غير النفطية وازدهارها بين البلدين، إلى ما يتجاوز 40 مليار دولار سنويّاً خلال خمس سنوات”.
وتشمل الاتفاقية القطاعات الاستراتيجية مثل التكنولوجيا الزراعيّة والأمن الغذائيّ والطاقة النظيفة، كما تهدف إلى دفع التعاون المستمر في مشاريع البناء والعقارات.
وقالت وكالة بلومبرغ الأمريكيّة في 2/6/2023 إنّ ممثلين عن شركة “أرامكو” السعودية التقوا بمسؤولين في شركات مقاولات تركيّة هذا الأسبوع لمناقشة المشاركة في مشروعات بمليارات الدولارات بشأن مشاريع قيمتها 50 مليار دولار في المملكة.
الوكالة نقلت عن رئيس اتحاد المقاولين الأتراك إردال إرين قوله إن “أرامكو تريد رؤية أكبر عدد ممكن من المقاولين الأتراك في مشاريعها.. إنَّهم يخططون لمصفاةٍ وخطوط أنابيب، ومبان إدارية، وإنشاءات بنية تحتية أخرى بقيمة استثمارات تصل إلى 50 مليار دولار”. وأعلنت أرامكو عن مشاريع عدة، تخطط تنفيذها خلال الفترة المقبلة، أحدثها إنشاء مركز عالمي جديد للمشتريات والخدمات اللوجستية في السعودية بالشراكة مع “دي إتش إل” العالمية، والمتوقع تشغيله بحلول 2025.
ارتفاع حد الجوع
في 31/5/2023 قالت صحيفة زمان أنقرة: إنّ اتحاد النقابات العمالية التركيّ كشف عن إحصاءات حد الجوع والفقر لشهر أيار الماضي وتظهر الإحصاءات استمرار الارتفاع، إذ ارتفع حد الجوع الذي يعكس إجمالي النفقاتِ الغذائيّةِ الشهريّة اللازمة لأسرة مؤلفة من أربعة أشخاص للحصول على التغذية الكافية والصحيّة والمتوازنة إلى 10 آلاف و362 ليرة (500 دولار تقريباً) ، في حين ارتفع حد الفقر الذي يعكس إجمالي النفقات الشهريّة اللازمة لأسرة مؤلفة من أربعة أشخاص للحصول على المأكل والملبس والمسكن والتعليم والصحة والنقل والخدمات الأخرى إلى 33 ألف و752 ليرة.
وكان حدُّ الجوع قد سجّل 8 آلاف و864 ليرة في كانون الثاني ليرتفع في شباط إلى 9 آلاف و425 ليرة وواصل الارتفاع خلال الأشهر التالية مُسجلاً 9 آلاف و590 ليرة في آذار و10 آلاف و135 ليرة في نيسان.
وبلغ حدُّ الفقر 28 ألف و875 ليرة كانون الثاني ليترفع في شباط إلى 30 ألف و700 ليرة مواصلاً الارتفاع إلى 31 ألف و240 ليرة في آذار و33 ألف في نيسان، وبلغت تكلفة المعيشة لموظف أعزب نحو 13 ألف و439 ليرة على الصعيد الشهري.
وسجل الحدُّ الأدنى للنفقات الغذائيّة اللازمة لأسرة مؤلفة من أربعة أشخاص في العاصمة، أنقرة، زيادة بنحو 2.23% مقارنةً بالشهر السابق ونحو 72.18% اعتباراً بالإثني عشر شهراً الأخيرة.
تحديات اقتصاديّة ووعود قاصِرة
يواصل الرئيس التركيّ أردوغان وعوده بتحسين الوضع الاقتصاديّ رغم حقيقة أنّ سياساته الخاطئة هي التي تسببت بخلق الأوضاع الاقتصاديّة الحالية، ونقلت فرانس برس عن خبراء ومحللين قولهم: “إنّه يضع الاقتصاد التركيّ أمام لحظة حقيقة لا مفرَّ منها، فهو يعاني مشكلة مزمنة سببتها السلطة التنفيذيّة التي قد تقوده نحو الانهيار.
والثلاثاء 30/5/2023 واصل أردوغان تقديم الوعود الإضافيّة، التي لا تثق بها نسبة كبيرة من الأتراك، وقال في كلمته خلال الاجتماع العام السنويّ لاتحاد الغرف والتبادل السلعي: إنّ الحكومة عازمة على اتخاذ خطوات لحماية المواطنين من التضخم المرتفع وتخفيضه ليصبح في خانة الآحاد بهدف تخفيف هذا العبء عن كاهل الشعب، وأضاف: إنَّ الحكومة ستجذب الاستثمارات إلى تركيا.
ويتوقع العديد من المحللين انخفاض الليرة في الأشهر المقبلة، في هبوط سيؤثر بشكل إضافي على قدرة الأتراك الشرائية ويمكن أن يرغم الحكومة على البحث عن مليارات الدولارات لاتخاذ إجراءات دعم للأُسر، بالإضافة إلى العديد من الوعود الانتخابية.
قطع أردوغان خلال حملته الانتخابيّة وعوداً بمليارات الدولارات، وضخَّ عشرات المليارات الأخرى لتعويم الليرة التركيّة قبل الاقتراع. وقالت شركة “كابيتال إيكونوميكس” إنَّ “ساعة الحقيقة قد تكون بصدد الاقتراب من الاقتصاد التركيّ”.  فبعد أنَّ كان مدعوماً بيدٍ عاملةٍ رخيصةٍ ونظامٍ مصرفيّ فعّالٍ، يعاني الاقتصاد التركيّ مشكلة تسببت فيها السلطة التنفيذيّة نفسها ولا يواجهها سوى عدد قليل من الدول الأخرى.
عانت تركيا خلال العقد الماضي وضعاً اقتصاديّاً متأرجحاً، زادت حدته في السنتين الأخيرتين، جرّاء السياسات الاقتصاديّة الخاطئة التي انتهجها أردوغان، ويحذّر المحللون من أنّ الاقتصاد التركيّ يواجه الآن وضعاً حرِجاً، فالسياسة الحالية التي يعتمدها أردوغان تنطوي على خطرٍ وشيكٍ، في حين أنَّ أيَّ حلّ سيتطلب اتخاذ إجراءاتٍ مؤلمة.
معلوم أنّ التضخم الماليّ يتعلق بحجم عرض العملة، ولذلك تلجأ الحكومات إلى رفع أسعار الفائدة للحدِّ من التضخم، إلا أنّ أردوغان خاض حرباً ضد نسب الفوائد المرتفعة وينسبها إلى “لوبي” أجنبيّ. وبرر قراره بتعاليمِ الإسلام التي تحرّمُ الربا، في إطار خطةِ تقديم نفسه قائداً للعالم الإسلاميّ وكسبِ الناخبين المحافظين. وأقال حكام المصرف المركزيّ. وكانت النتائج كارثيّة إذ هبطت الليرة التركيّة وتجاوز التضخم السنوي الرسميّ نسبة 85% في الخريف، فيما تقدر مجموعة من الاقتصاديّين الأتراك المستقلين هذه النسبة بأكثر من الضعفين.
قال اقتصاديّون في بنك “غولدمان ساكس غروب”، ومن بينهم كليمنس جريف: “إنّنا نتوقع تقشفاً في النصف الثاني من العام، يؤدي إلى تباطؤ نمو الاقتصاد”، مستندين إلى تدهور الاحتياطيّ من النقد الأجنبيّ وتجاوز عجز الحساب الجاريّ نسبة 6% من إجمالي الناتج المحليّ في الربع الأول من 2023.
هبوط الليرة وانخفاض الاحتياطيّ
واصلتِ الليرة التركيّة الهبوط لتصل يوم الجمعة 2/6/2023 إلى 20.91 أمام الدولار وبذلك انتهت “المعجزة الاقتصاديّة” التركيّة التي كانت قائمة خلال العقد الأول من حكم أردوغان، وغادر المستثمرون الأجانب خوفاً من عدم الاستقرار ومن وضع اليد على مؤسسات كان يديرها في السابق تكنوقراط محايدون.
يقول بارتوش ساويكي، من شركة “كونوتوكسيا”، “نقدرُ أنَّ حيازة السندات التركيّة من قبل حاملي السندات الأجانب انخفضت بحوالي 85% مقارنةً مع 2013 السنة التي خسرت فيها الليرة حوالي 90% أمام الدولار”.
ورأى تيموثي آش المحلل لدى شركة “بلوباي” أن “الوضع الحالي غير قابل للاستمرار”. وقدّم الخبراء حلين: رفع أسعار الفائدة أو ترك الليرة تهبط، حيث ألغت إجراءات الدعم النقديّ ميزة أسعار الفائدة المنخفضة في اقتصاد يهيمن عليه قطاع التصنيع.
وبحسب المحللين لدى أليانز؛ فإنَّ سعر الصرف الفعليّ لليرة “ارتفع بحوالي 35% منذ دخول النهج غير التقليديّ للسياسة النقديّة حيز التنفيذ بالكامل في كانون الأول 2021”. ويرون أنَّ “العودة إلى نظام سعر الصرف العائم ستكون ضروريّة لاستعادة القدرة التنافسيّة للصادرات التركيّة”.
ويمكن أن تساعد زيادة حادة في أسعارِ الفائدة على كسر هذه الحلقة المفرغة، لكن أردوغان استبعد ذلك خلال الحملة. ويخشى أتيلا يسيلادا، من شركة الاستشارات “غلوبل سورس بارتنرز”، أن يطبعَ المصرف المركزيّ التركيّ أوراقاً نقديّةً لتمويلِ زيادة رواتب موظفي الخدمة المدنيّة والمعاشات التقاعديّة التي وعد بها أردوغان.
وقد يضطر أردوغان في نهاية المطاف للتخلي عن حملته ضد رفع نسب الفوائد، لكن أتيلا يسيلادا يحذّر من أنَّ “زيادة أسعار الفائدة ستخفض رؤوس أموال البنوك” التي “لن تكونَ قادرة على الإقراض لفترة طويلة”، وكتب “كونوا مستعدين للأسوأ، والذي قد يستلزم ضوابط رسميّة على رأس المال أو هروباً خطيراً من عمليات الإيداع في البنوك”.
في موازاة ذلك يجب أن تموّلَ تركيا إعادة إعمار الولايات المتضررة من زلزال 6 شباط الذي أوقع 50 ألف قتيل، وتتجاوز أضراره مئة مليار دولار، وقال يسيلادا “كيف ستموّلُ الحكومة جهود إعادة الإعمار دون طباعة الأوراق النقديّة والاتجاه إلى تضخمٍ مفرط؟ هذا سؤال لا يودُّ أحدٌ الإجابةَ عنه”.
ويرى المحللون أن الحكومة التركيّة لن يكون أمامها أي خيار سوى زيادة أسعار الفائدة، ويقول إمري بيكر من مجموعة أوراسيا الفكرية إن تركيا ستحاول أولا احتواء الطلب على الدولارات عبر “إجراءات احترازية شمولية وضوابط على رؤوس الأموال”.
والمشكلة الأكثر إلحاحاً بالنسبة إلى تركيا هي أنَّ مصرفها المركزيّ تنقصه السيولة. فقد أنفق المصرف المركزي حوالي 30 مليار دولار لدعم الليرة منذ مطلع كانون الأول 2022، ما دفع احتياطه من النقد الأجنبيّ إلى المنطقة السلبيّة للمرة الأولى منذ 2002.
وقال أربعة مصرفيين الثلاثاء إنه من المتوقع أن يكون إجماليّ احتياطيات المصرف المركزيّ التركيّ قد انخفض ثلاثة مليارات دولار ليصل إلى نحو 98.5 مليار دولار في 26/5/2023، ما يُشير لمزيدٍ من الانخفاض في ظل الزيادة الحادة التي تواجهها السلطات في الطلبِ على النقد الأجنبيّ. وأضاف المصرفيون أنّه من المتوقع أيضاً أن يكون صافي احتياطيات النقد الأجنبيّ للبنك المركزيّ قد تراجع بأكثر من ملياري دولار في الأسبوع نفسه، لينخفضَ أكثر في المنطقة السلبيّة إلى مستوى سالب 2.5 مليار دولار. وسجل الطلب على النقد الأجنبيّ مستويات مرتفعة تاريخية قبل وأثناء الانتخابات الشهر الماضي بفعل توقعات انخفاض أكبر لقيمة الليرة بعد التصويت.
رغم تراجع معظم مؤشرات الاقتصاد التركيّ لكنّ ذلك لم يكن العامل الأساسيّ المؤثّر على نتائج الانتخابات، فقد عوّلت المعارضة كثيراً عليه كعاملٍ أساسيّ في تراجع شعبية أردوغان والحزب الحاكم، فقد أوجدت الحكومة طرقاً متعددة للحفاظ على الاقتصاد متماسكاً من الانهيار، تضمنت المشاريع الضخمة، والاعتماد على أقنية التمويل الخارجية، واتباع سياسات وأنظمة صارمة في سوق العملات.
من غير المتوقع أن يغيّر أردوغان سياساته الاقتصاديّة على الأقل في المرحلة الأولى من الفترة الرئاسيّة الجديدة، بل يُرجّح أن يستمرَّ بتبني السياسة الاقتصاديّة التي ينتهجها منذ أكثر من عقدين، وبخاصةٍ أنّه تهرب من مسؤوليته في الأعوام الخمس الماضية في تدهور الاقتصاد في بلاده، ويصرُّ على أنّها الحلّ.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle