امتداداً لجرائم تركيا… حالات تسمم في الحسكة

إعداد/ صلاح إيبو-

---

ما تزال مشافي الحسكة تستقبل حالات تسمم متزايد ناتجة عن استخدام الأهالي مياه ملوثة أو غير معقمة، وبدأت هذه الحالات بالظهور خلال الأشهر الثلاث الماضية بعد قيام الاحتلال التركي بإيقاف تشغيل محطة علوك وقطع المياه عن مدينة الحسكة، مما اضطر الأهالي لاستخدام مصادر بديلة غير موثوقة المصدر.

وقد أكد مراسل صحيفة روناهي في الحسكة، ورود حالات عدة لمشافي المدينة، كما أن حالات التسمم هذه انتشرت أيضاً في مخيم “واشو كاني/ سري كانيه” أيضاً بين المهجرين لكن بأعداد أقل مما تشهده المدينة.

وقالت الرئيس المشترك لمشفى الشعب في مدينة الحسكة الدكتور “محمد سعيد العبد الله” قبل أيام، أن عدد حالات التسمم والإسهال تعدت 753 حالة من أهالي الحسكة لشربهم المياه غير الصالحة للشرب، منذ قطع الاحتلال التركي المياه عن المدينة، وناشد المنظمات الإنسانية للتدخل ووضع حد للاحتلال التركي.

هذا وتستمر دولة الاحتلال التركي مع مرتزقتها بقطع المياه عن مدينة الحسكة وضواحيها منذ الثاني عشر من شهر نيسان الماضي من محطة علوك الواقعة في مدينة سري كانيه المحتلة.

تركيا تتحمل المسؤولية

وتتألف محطة علوك من 30 بئراً و8 مضخات، وبأوامر من دولة الاحتلال التركي يسمح بتشغيل مضخة واحدة وثلاثة آبار فقط مقابل منح الإدارة الذاتية الكهرباء للمحطة، ولكن مياه هذه الآبار الثلاثة قليلة ولا تصل أحياء مدينة الحسكة كافة.

وتؤكد سوزدار أحمد الرئيسة المشتركة لمديرية المياه في الحسكة أنهم يحتاجون إلى يومين حتى ثلاثة أيام لتعبئة الخزانات التابعة لمديرية المياه حتى يتم ضخها لجزء من أجزاء المدينة “لأن المرتزقة لا يقومون بتشغيل جميع الآبار والمضخات المتواجدة في المحطة”.

ونتيجة لذلك يضطر الأهالي لتعبئة خزاناتهم المنزلية من الآبار المتواجدة في الأحياء، ومياه غالبيتها غير صالحة للشرب، مما عرض المئات من الأطفال وأهالي المدينة إلى حالات تسمم وإسهال.

وفي السياق أكد الرئيس المشترك لمشفى الشعب في مدينة الحسكة الدكتور محمد سعيد العبد الله، وصول أعداد كبيرة من المصابين للمشفى، وقال خلال لقاء له مع وكالة أنباء هاوار أن إدارة مشفى الشعب في الحسكة ومن خلال الإحصائيات التي قام بها في قسم الإسعاف سجل وصول أعداد كبيرة من حالات التسمم والإسهال وخاصة بعد انقطاع المياه عن المدينة من قبل دولة الاحتلال التركي، وهو ما يُشير إلى وجود رابط مباشر بين حالات التسمم هذه ومياه الشرب المستخدمة في المدينة حالياً.

وغالبية هذه الحالات التي وصلت لمشافي المدينة تعود لأطفال، ويرجح الفريق الطبي بأن تكون المياه هي السبب، لأنه لم تصل إلى المشفى قبل انقطاع المياه هكذا أعداد وفي آن واحد.

بعض الآبار لا تخضع للمراقبة

وعن واقع المياه المستخدمة وآلية مراقبة صلاحيتها للشرب، يقول العبد الله خلال حديثه “المياه التي تصل إلى الأهالي عبر الصهاريج أغلبها غير صالحة للشرب والاستعمال، حيث يتم تعبئة المياه من مصادر غير معروفة”، مبيناً في الوقت ذاته أن هناك عدداً من الآبار المتواجدة في أطراف المدينة مرخصة من قبل مديرية المياه وتحت رقابتها، إلا أن هناك عدة آبار أخرى أيضاً غير خاضعة للرقابة، والكثير من أصحاب الصهاريج لا يهتمون بنظافة الصهريج أثناء التعبئة والتوزيع.

ووفقاً للمعلومات الميدانية؛ فإن المياه التي تصل إلى الأحياء عبر الكومينات خاضعة لرقابة مديرية المياه وصالحة للشرب إلا أن هناك الكثير من الصهاريج المدنية حيث لا يُعرف من أي آبار يقومون بتعبئة تلك المياه، وبالتالي لا تخضع للرقابة.

تلوث المياه قد يتسبب بأمراض جلدية

وينوه محمد سعيد العبد الله أنه وبسبب ضعف الإمكانات لدى بعض العوائل يقومون بتعبئة المياه من الآبار المنزلية، وهي غير صالحة للشرب وحتى الاستعمال، حيث تسبب التسمم والإسهال، إضافة إلى أمراض جلدية.

ويُشير العبد الله خلال حديثه إلى أنه خلال شهر نيسان وصلت أعداد الإصابات إلى حوالي 616 حالة تسمم وإسهال، أما عند الأطفال فتجاوز العدد 400 حالة بين التسمم والإسهال.

ضعف الوعي يزيد الحالات

ويرجع الدكتور زيادة عدد الحالات هذه في الفترة القادمة وعزاها إلى ضعف الوعي عند الأهالي وعدم تقيدهم أيضاً بالتعليمات الصحية “حيث من المفروض أن يتم غلي المياه جيداً، وفيما بعد يتم إعطاؤها للأطفال لتجنب هكذا حالات”.

ووفقاً لإحصائيات المشفى، ففي فترة العيد وصل الكثير من الحالات إلى المشفى، وكانت على الشكل التالي: حالات التسمم عند الكبار 73، حالات التسمم لدى الأطفال 10، حالات الإسهال عند الأطفال 30 حالة، وعند الكبار 24 حالة، فبشكل كلي وصلت أعداد الإصابات إلى 753 حالة تسمم وإسهال منذ قطع المياه عن المدينة.

“مستعمرات للجراثيم”

وحذرت مديرية المياه في مقاطعة الحسكة من حدوث كارثة إنسانية في المدينة “بسبب انقطاع المياه من محطة علوك أو تشغيلها بطاقة إنتاجية قليلة جداً”.

وأكدت الرئيسة المشتركة لمديرة المياه في المدينة “سوزدار أحمد” أن المياه التي تصل إلى الأهالي من قبل مديرية المياه في المدينة تكون معقمة وصالحة للشرب، لأن جميع الصهاريج التابعة لمديرية المياه معقمة وتحت إشراف مختصين.

وفيما يخص حالات التسمم والإسهال المنتشرة بين الأهالي فقد أرجعتها سوزدار أحمد إلى “استعمال الأهالي مياه الآبار المنزلية المتواجدة في الأحياء والتي تكون غير صالحة للشرب والاستعمال أيضاً”.

وصرحت مديرية المياه في الحسكة مرات عدة خلال العام المنصرم بأن المياه الجوفية لبعض الآبار بالمدينة ومحيطها غير صالة للاستعمال البشري، وحذرت الأهالي من استخدامها للشرب وأعمال النظافة الشخصية، والسبب وفق المديرية أن مياه الآبار المنزلية مياه ملوثة وتكون مقراً لمستعمرات “الشرشياكولي” والتي تسبب حالات التسمم.

ودعت سوزدار أحمد، خلال حديث لها مع وكالة هاوار، الأهالي لتعقيم تلك المياه بإضافة مادة الكلور للقضاء على جميع الجراثيم، لكي تصبح صالحة فقط للاستخدام المنزلي وليس للشرب.

المجتمع الدولي شريك

ويجدر بالذكر أن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوري، طالبت مرات عدة المجتمع الدولي للضغط على دولة الاحتلال التركي وحثها لتحييد موضوع المياه عن الصراع السياسي والعسكري الدائر في المنطقة، إلا أن المجتمع الدولي لم يتحرك هذه المرة وترك أكثر من مليون نسمة في الحسكة يعانون العطش والمرض.