سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

المُسيّرات في سوريا… معادلة خارج أطر الضبط

 بدرخان نوري_

 على مدى أكثر من أربعة عقود كان أسلوب السيارات المفخخة الأكثر شيوعاً لتنفيذ العمليات الإرهابيّة، ومع دخول العقد الثاني من القرن الحالي بدأت مرحلة جديدة يكون عنوانها الطائرات المسيّرة أو غير المأهولة، وتُستخدم على نطاق واسع لا يقتصر على الجيوش النظاميّة، بل حتى التنظيمات الإرهابيّة. ويوماً بعد يومٍ تزداد خطورة هذه الظاهرة مع التطور التقنيّ والإلكترونيّ الذي يطرأ على هذه الصناعات، من حيث زيادة المسافات والسرعة ووزن المتفجرات التي تحملها. وقد أضحت سوريا ميدان اختبار لأنواع كثيرة من المسيّرات لأطرافٍ مختلفة.
سوريا ميدان اختبار المسيّرات
 تمتاز الطائرات بدون طيّار بصغر حجمها وصغر وزنها وصعوبة كشفها بأجهزة الاستشعار، وتجهيزها القتاليّ وعدم حاجتها إلى قاعدة ثابتة وكبيرة للانطلاق والهبوط وسهولة صيانتها، والأهم أنّها تنطوي على عدم المخاطرة بالعنصر البشريّ (الطيارين)، ما يجعلها من أهم احتياجات ومتطلبات العمليات القتاليّة والدفاعيّة في الجيوش.
ويمكن أن تنفذ الطائرات المسيرة مهاماً مختلفة مثل مساعدة الوحدات العسكرية الأخرى في إدارة مسرح العمليات ومطاردة قوات العدو، وتحديد مواقعها بالتصوير والبث المباشر لتجمعاته وتحديد مواقع مدفعية العدو وتصحيح رمايات المدفعية الصديقة والحرب الإلكترونية واختراق موجات اتصالاته، ومراقبة المناطق الحدودية وتهيئة خرائط المسح الجغرافيّ.
تحولت سوريا خلال سنوات الأزمة إلى “مختبر للطائرات المسيّرة” لدول ومجموعات مسلحة متنوعة، وفق ما أفاد تقرير لمنظمة “باكس” الهولندية لبناء السلام الذي صدر في 22/11/2022، واستخدمت كل من الولايات المتحدة وروسيا وإيران وإسرائيل وتركيا فضلاً عن قوات حكومة دمشق 39 نوعاً مختلفاً من المسيرات خلال النزاع المستمر. وأضافت المنظمة: “شكّلت سوريا مختبراً سمح للدول والمجموعات المسلحة غير الحكوميّة باختبار أنواع جديدة من المسيرات ودرست كيف يمكن لاستخدامها أن يحسّن من التكتيكات والاستراتيجيات العسكريّة، وأنّه خلال العقد الأخير، أظهرت الطائرات المسيّرة المُطورة في الأجواء السوريّة كيف مرت الجهات العسكرية المتعددة بمرحلة تعلّم وكيف عززت معرفتها من ناحية التصميم والإنتاج”.
وفي شمال وشرق سوريا، تعوّل دولة الاحتلال التركيّ بشكلٍ كبير على الطائرات المسيّرة، وتستخدمها في العدوان المستمر منذ عام 2016. وكذلك في استهداف المنشآت الحيويّة والخدمية والمرافق العامة وتنفيذ عمليات الاغتيال عبر استهداف السيارات المباني.
وفي ظروف الأزمة سمحت لموسكو أن تقيّم مسيرات حلفائها وأن تختبر مسيّراتها المقاتلة وأسلحتها، لتؤدي دوراً مهماً في تغيير مسار الحرب.
قدمت إيران طائرات مسيّرة لحلفائها من الفصائل العراقية المتواجدة أيضاً في سوريا خصوصاً في شرق البلاد، كما لحزب الله اللبناني الذي يملك أساساً قدرات متطورة في سلاح المسيرات، إلا أن مشاركته في القتال في سوريا عززت من خبراته في هذا المجال.
وحوّلت تنظيمات إرهابيّة بينها “داعش” وهيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) مسيرات تجاريّة إلى سلاح حربي.
مسيّرات “داعش” 
عام 2013 كانتِ المسيرات لدى كلّ المجموعات المرتزقة للتصوير فقط، ولكنها سرعان ما تحولت إلى مهام قتاليّة هجوميّة في معارك العراق وسوريا ودول أخرى. وكشفت وثائق حصلت عليها القوات العراقيّة عن تفاصيل لنماذج تجاريّة رخيصة ومتاحة من هذه الطائرات، جرى تجميعها وتطويرها وإعادة تشكليها لتكون قادرة على نقل القنابل الصغيرة الحجم، ويجري تطويرها بسرعة كبيرة ليصبح هذا النوع من العمليات أكثر انتشاراً وتدميراً وفتكاً”.
كما أن الصين مورد مهم لها وعثرت القوات العراقية على وثائق لمرتزقة “داعش” ومراسلات تؤكد شراء طائرات صينيّة بسعر لا يتجاوز 3 آلاف دولار، تُستخدم بالأساس لغرض التصوير، ويتم تعديلها في ورش خاصة، ووجدت إيصالات شراء عبر الإنترنت لكاميرات ومحركات كهرباء وشحن أجهزة تحكّم عن بعد وشاشات مراقبة، تدخل كلها في صناعة طائرة مسيّرة قابلة لحمل قنابل تحوي على ما لا يقل عن 6 كيلوغرامات من مادة (سي 4). وباتت تقنية الطائرات المسيّرة.
ورفع مرتزقة “داعش” وتيرة استخدام الطائرات المسيّرة بعد الهزائم التي مُني بها منذ تحرير الموصل. وأكد مسؤولون بوكالة الاستخبارات العراقية أنّ “داعش” يصنع تلك الطائرات من خلال عمليات تجميع أجزاء أو تحوير طائرات جاهزة، لتكون قادرة على حمل قنابل وإسقاطها بأوامر متحكم على الأرض”. وباتت مختلف المطارات والقواعد العسكريّة في العراق تتخذ احتياطات جديدة بسبب طائرات “داعش” المسيّرة، ولم يعد ممكناً ترك الحوامات والطائرات مكشوفة خارج الهنكارات، والأمر ينطبق على سوريا أيضاً.
في 4/10/2013 جرى أول استخدام للطائرات المسيّرة في العراق وسوريا، من قبل جماعات مصنّفة على قوائم الإرهاب، عندما استخدم مرتزقة “داعش” طائرة مسيّرة (بعض المصادر ذكرت طائرتين) تحمل قنابل صغيرة مع بدء هجومه على مواقع قرب معمل آسيا للصناعات الدوائيّة بريف حلب الشمالي. ورغم أنّها لم تكن ذات فاعلية في الهجوم إلا أنَّ الحادثة كانت بداية دخول الطائرات المسيّرة سلاحاً جديد لدى التنظيمات الإرهابيّة في العراق وسوريا، وبالوقت نفسه كان مؤشراً على تسرّب تقنية الطائرات المسيّرة من المجموعات والميليشيات المدعومة من الحرس الثوريّ والباسيج الإيرانيين في سوريا، إلى مرتزقة “داعش” و”النصرة.
مصنع مسيّرات في إدلب  
ذكر تقرير تلفزيون سوريا في 6/9/2021 أن “هيئة تحرير الشام” بدأت بتدريب جيش من قائدي الطيارات المسيّرة والمفخخة بمواد شديدة الانفجار، لتكون قادرة على استهداف تجمعات النظام وأسلحته الثقيلة وغرف عملياته، عبر الانقضاض السريع على هذه الأهداف. وأضاف التقرير ليست الطائرات المسيرة وحدها هي السلاح النوعيّ الذي باتت هيئة تحرير الشام تمتلكه، بل إنّها تعمل على تطوير صواريخ أرض جو محمولة على الكتف مضادة للطائرات.
وفي 24/11/2021 قالت وكالة “سبوتنيك” الروسيّة إن “هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة” الإرهابيّة تمكنت من استجرار أكثر من 500 طائرة مسيّرة متوسطة الحجم، عن طريق أحد وسيط محليي استطاع إدخالها إلى المحافظة عبر الحدود التركيّة بالتعاون مع تجار أتراك متنفذين.
وأضافت أنّ الطائرات نقلت منتصف الشهر الماضي إلى مدينة جسر الشغور غرب إدلب، وخُزنت في أحد أهم مقرات تنظيم “الحزب الإسلامي التركستانيّ” الإرهابيّ قرب مشفى جسر الشغور. وأنّ خبراء صينيين من كوادر “الحزب التركستاني” يجرون تعديلات على هذه الطائرات واستبدال الهيكل المعدنيّ والبلاستيكيّ بآخر مصنوع من مواد كربونيّة لجعلها خفية لا تكشفها أنظمة الرادار. ويشمل التعديل طريقة التحكم بالطائرات بربط مجموعة طائرات مسيّرة بنظام ملاحة آليّ بعد تحديد الهدف مسبقاً وتزويد هذه الطائرات بقنابل او صواريخ صغيرة الحجم وشديدة الانفجار. وأشارت الوكالة أنّه
بناءً على معلومات مؤكدة” فإنّ متزعم “هيئة تحرير الشام” المدعو “أبو محمد الجولاني”، كلف خبراء فرنسيين وبلجيكيين بتعديلات على أنواع محددة من القذائف الصاروخية لاستبدال حشواتها المتفجرة بمادة C4 شديدة الانفجار ليتم تذخير الطائرات المسيّرة بها.
ووفق مراقبين فإنّ أسراب المسيرات الانتحارية التي تنطلق من مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام”، في إدلب، وتقصف أهدافاً مدنيّة وعسكريّة، هي رسائل للأطراف المتقاتلة والمعنية بالملف السوريّ. وقد لا تكون تلك المسيرات نسخاً مطورة، لكنّ استخدامها يثير قلق موسكو ودمشق وطهران، حول تطوير المنظومة الدفاعيّة، ويطرح سؤالاً كبيراً عن كيفية وسبب حصول “هيئة تحرير الشام” على تلك الطائرات واحتمال وجود مصانع خاصة لتصنيعها في إدلب.
وذكر تقرير نشرته وكالة نورث برس، في 10/2/2024، الحصول على معلومات حصريّة تشير لوجود مصنع للهيئة في قرية عين البيضا بريف اللاذقية وهو عبارة عن مدرسة تم تحويلها لمصنعٍ لتصنيعِ المسيرات. وشددت المصادر، أنّ مهندسي الطيران هم من مقاتلي الإيغور (الحزب الإسلامي التركستانيّ قدموا من موطنهم في الصين مع عوائلهم في 2013 وتمركزوا في جبال الساحل والريف الغربي لإدلب). وهؤلاء من يصممون تلك الطائرات ويشرفون على تصنيعها. ويتقاضون رواتب شهريّة قد تتجاوز 4000 دولار. والعاملون في المصنع من جنسيات متعددة بينهم سوريون من أبناء المنطقة، وهم مما يسمون بالجهاديين انضمّوا للعديد من المجموعات المتشددة ثلثهم من مرتزقة “داعش” يعملون بإشراف خبراء من الإيغور.
في 5/11/2023 ذكرت وكالة إنترفاكس الروسيّة نقلاً عن نائب مدير مركز المصالحة الروسيّ في سوريا الأميرال فاديم كوليت، أنّ غارة جوية للطائرات الروسيّة استهدفت مستودعاً للطائرات المسيرة في منطقة جفتلك – الشغر بمحافظة إدلب. السورية.
امتلاك المرتزقة للمسيرات والتكنولوجيا المتطورة واستخدامها أضحى هاجساً يقضُّ مضاجع الدول، ولذلك أطلقت تحذيرات من خبراء دراسات الإرهاب ومكافحة الإرهاب، والأكاديميين. ولكن ما يحدث أمر يقع تحت نظر ومراقبة الأطراف الفاعلة في الملف وتحديداً أنقرة.
مؤكد أنّ تركيا لها مصلحة في تطوير المنظومة الدفاعيّة لمرتزقة “هيئة تحرير الشام” كونها حليفها الأبرز والأقرب، وذلك على حساب بقية المجموعات المرتزقة، كما تسعى لتهديدِ أطرافٍ أخرى في سياق حرب الوكالة لتعزيز موقفها التفاوضيّ مع موسكو برفع مؤشرات الخطر.
هجمات متواصلة بالمسيّرات
أضحت المناطق التي تسيطر عليها حكومة دمشق جبهة مفتوحة للمسيرات، وأدت إلى خسائر مادية وبشرية. وكان أعنفها الهجوم الذي الكلية الحربيّة في حمص في 5/10/2023، أثناء حفل تخرج للضباط ما أودى بحياة 112شخص، بينهم 21 مدنياً من ضمنهم 11 امرأة وطفلة، إضافة لإصابة 120 بجروح بعضها خطير، بحسب آخر حصيلة للمرصد السوريّ لحقوق الانسان وانطلقت المسيرات من أطراف إدلب وعبرت حماة وحمص.
وفي 26/10/2023 قُتل أربعة مدنيين وأصيب أربعة آخرين بريف حماة في هجمات بمسيرات مفخخة شنتها “هيئة تحرير الشام”، واستهدفت مسيّرة انتحارية، بعد منتصف ليلة السبت 4/11/2023، القنصلية الإيرانية في حلب ما أسفر عن أربع إصابات بينهم أطفال كانوا في الحديقة المجاورة للقنصلية.
في 11/7/2023 قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إنّ الدفاعات الجويّة تصدّت لعدة طائرات مسيّرة في سماء مدينة جبلة كانت في طريقها إلى قاعدة حميميم. وفي 24/7/2023 استهدفت طائرة مسيّرة ضاحية في مدينة القرداحة ما أودى بحياة مدنيّ وإصابة شقيقه.
وأعلنت وزارة الدفاع بحكومة دمشق في 21/8/2023 إسقاط ثلاث طائرات مسيّرة لجماعات مسلحة في ريفي إدلب وحماة. وقالت إن الطائرات المسيرة كانت مزودة بذخائر متفجرة، وحاولت قصف قرى وبلدات محيطة.
في 8/10/2023، أُعلن إسقاط سبع طائرات مسيّرة في سماء مناطق في حلب وريفي حماة وإدلب، وفي 10/10/2023، أسقطت المضادات الأرضيّة في ضواحي حلب، لهجوم طائرة مسيّرة أطلقتها “هيئة تحرير الشام”، كما أسقطت طائرة مُسيرة كانت تحلق فوق السقيلبية بريف حماة. وسُمعت في 12/10/2023، أصوات إطلاق مضادات دفاع جويّ أرضيّة، في مدينة حلب، للتصدي لطائرات مسّيرة
وفي 17/10/2023 أعلنت وكالة “سانا” الحكوميّة أنّ وحدات عسكريّة أسقطت ودمرت ست طائرات مسيّرة بريفي إدلب وحلب.
وسُجل هجوم بطائرة مسيرة، طال مدينة حلب، بتاريخ 18/10/2023، واستهدف حي السريان الجديدة، إذ سقطت المُسيرة بذخيرتها على شرفة منزل بالحي، ما أدى لإصابة شخص بجروح، وخلق حالة رعب بالحي.
في 3/12/2023 نقلت نورث برس عن مصادر في حلب، إحباط هجوم بطائرة مسيّرة، أطلقها مرتزقة “هيئة تحرير الشام” على مدينة حلب الغربيّة، وذلك بالتزامن مع استهداف نقاط عسكرية بريف حلب الشمالي. وأعلنت وزارة الدفاع بحكومة دمشق في 26/12/2023، إسقاط ثماني طائرات مسيّرة في ريفي حلب وإدلب.
إيران تزوّد بالطائرات وتقنية الصنع 
في 13/5/2013 أعلن الحرس الثوريّ الإيراني تشكيل ميليشيات باسم “مدافعو الحرم”، وهي قوة من جنسيات أفغانيّة وعراقيّة وإيرانيّة وذلك في تجمع تجاوز 10 آلاف من قوات التعبئة الإسلامية (الباسيج) في “استاديوم شيرودي” بطهران، معلنين توجههم إلى سوريا دفاعاً عن المراقد الشيعيّة والجولان! وسجلت ميليشيا “مدافعو الحرم” أول استخدام للمسيرات في سوريا للتصوير والتجسس، والقصف.
ومع التدخل الإيرانيّ في سوريا وصلت الطائرات المسيّرة والعديد من الميليشيات الإيرانيّة تمتلك طائرات مسيرة مثل كتائب حزب الله والخراسانيّ والنجباء والعصائب وبدر. وتقف إيران وراء نقل تقنية صنع المسيرات إلى سوريا والعراق إلى ميليشيات تدعمها، ومنها تسرّبت للجماعات الأخرى. والطائرات المسيّرة الموجودة اليوم في سوريا تقنية إيرانيّة بالكامل، واستهدف القصف الإسرائيليّ عدة مرات مطار التيفور حيث موقع مشروع تطوير مسيرات إيرانيّة في سوريا، وفي 9/4/2018 قتل أربعة عسكريين إيرانيين بينهم عقيد بغارة إسرائيليّة على المطار.
في إطار تعزيز قدراتها العسكريّة، قامت الميليشيات الإيرانيّة بتنفيذ تدريبات استثنائيّة في 2/12/2023، في مدينة البوكمال شرقي دير الزور، واستعرضت قدراتها في استخدام الطائرات المُسيَّرة. وشهدت التدريبات مشاركة طائرات “صقر1” العراقيّة الصنع، التي حصلت عليها ميليشيا “الحشد الشعبي” وكتائب “حزب الله” العراقي، إضافةً إلى “كتائب الإمام علي” وأخيراً “المقاومة الإسلاميّة العراقيّة” والتي استخدمتها في استهداف قاعدة البرج 22 الأمريكيّة بالأردن وحقل العمر.
وكان لافتاً في التدريبات وجود قياديين من ميليشيا “الحشد الشعبيّ” العراقي، إضافة إلى “الحاج عباس” قائد الميليشيات الإيرانيّة في مدينة البوكمال، للإشراف على عمليات إطلاق خمس طائرات مُسّيرة.
وتفيد تقارير إعلاميّة أنّ الميليشيات الإيرانية تُخطط لنقل عدد من الطائرات المسيّرة إلى مدينتي الميادين ودير الزور، وتتوقع استخدامها لاستهداف القواعد الأمريكيّة شرقي الفرات خلال الفترة القادمة. ويُضاف إلى ذلك إرسال خبراء مختصين باستخدام الطائرات المُسيَّرة، ما يُنبئ بآفاقٍ جديدة للتطوراتِ العسكريّة في إطار حرب الوكالة. ولتبقى المسيرات معادلة خارج أطر الضبط والتحكم.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle