المولية…نفحات الحب والحزن  الفراتية

إعداد/ عبدالرحمن محمد –

تعتبر المولية من فنون الغناء الأقدم في منطقة الفرات وبخاصة المناطق الوسطى منها، ورغم أن أصلها وتاريخها الحقيقي في المنطقة غير محددان بالضبط، إلا إن البعض ينسبها إلى القرن الرابع الهجري فيما يُرجعها إلى القرن الثامن الميلادي، ومأساة البرامكة بالتحديد عندما هاجمهم الخليفة العباسي هارون الرشيد، ولاقوا ما لاقوه من القتل والحرمان وما لاقاه الغلمان والجواري والأهل من فقدان ذويهم ومملوكيهم، ولأن المولية تتميز بالصدق والبساطة وسهولة الكلمات والإيجاز في التعبير بالإضافة إلى التنويع والعفوية ووحدة الموضوع وأغلب مواضيعها الغزل المعبّر عن الحب الإنساني. وتعتمد أحياناً على القدرة على الارتجال والابتكار، وهي مرتبطة بشكل كبير بالواقع وكل تفاصيله الموجعة والمؤلمة، ولهذا ارتبطت بالذاكرة الشعبية الفراتية، ونُقِلت من جيل إلى جيل شفاهاً.

تُغنى المولية من قِبل الرجال والنساء على حد سواء وتتجذر في الثقافة الريفية، وتبرز الكثير من العادات والتقاليد والفلكلور والتراث الفراتي، وهي عموماً تنظم على البحر البسيط (مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن) مع الاستفادة من زحافات البحر، ولها طرق في كتابتها أشهرها الرباعيات،  وهي الكتابة بأربعة أشطر تتوحد قافية الأشطر الثلاثة الأولى فيما الشطر الرابع ينتهي بياء أو ألف ممدودة أو تاء مربوطة.

يترافق أداء المولية في الأغلب مع آلتي المزمار والدف لما لهاتين الآلتين من إمكانية في إبراز لواعج الحزن وكسرة النفس والشجن العميق الذي تُعرف فيه المولية، وهي في الأغلب تتحدث عن الحب العذري ولواعج الهوى والشوق الدفين، وتحمل معاني سامية للعشق والوصال العفيف، وقد انتشرت وأصبحت جزءً من التراث الغنائي للمنطقة لقوة كلماتها وجزالتها، بالإضافة إلى اللهجة العامية المستخدمة فيها، حيث يصعب على غير سكان الفرات فهم مفرداتها.

المولية غناء وفن يعتمد على ألحان أصيلة وكلمات تلامس الذائقة الشعبية للعامة لذلك فقد وثقت بشكل كبير الحياة الاجتماعية في منطقة وادي الفرات الأوسط.