سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

المستبشرون بداعش… والرهانُ الخاسر

رامان آزاد_

المعركةُ الإعلاميّة التي ترافقت مع أحداثِ سجن غويران كانت كبيرةً جداً وكلّ طرفٍ بطريقته، وكأنّها كانت تراهنُ على سقوطِ المنظومةِ الأمنيّة والإداريّة في شمال وشرق سوريا عبر الثقبِ الأسودِ الذي أحدثه “داعش”، وعلى مدى أسبوعٍ من الاشتباكاتِ العنيفة والعمليات النوعيّة ومع تكرارِ مشهدِ الباغوز واستسلام المرتزقة أُسقِط في أيدي المستبشرين بانبعاثِ “داعش” وحَبُطت آمالهم.  
قادمون لكنهم لم يَصلوا
 لم تتورع إحدى الأقنية التلفزيونيّة عن إطلاق وصف “ملحمة غويران”، فيما ضجّتِ الكثير من صفحات التواصل الاجتماعيّ بمعلوماتٍ مفبركةٍ مبالغ فيها، واستخدمت كلمة “قادمون” شعاراً للدلالة على خروج “المارد” من قمقم الاعتقال ليستعيد السيطرة والظهور العلنيّ على الأرضِ، ويرفع رايته السوداء على الأحياء.
والقدومُ لغةً يعني حركةَ المجيء، وهو يختلفُ عن معنى العودةِ التي تعني إيابَ أهلِ المكانِ إلى أرضهم وبيوتهم. وكان “داعش” أحد أكثر التنظيمات استخداماً لشعارِ “قادمون”، ما يعيد طرحَ السؤال القديم من أين جاء “داعش”؟ لتعود الذاكرة بنا إلى سجن “بوكا” في العراق. وحكاية “أبي مصعب الزرقاويّ” وجماعة “الجهاد والتوحيد”، ومن بعد “أبو عمر البغداديّ” وإعلان ما سُمّي “الدولة الإسلاميّة”، وليعلن “أبو بكر البغداديّ” على منبر جامع النور بالموصل ما سمّاه “الدولة الإسلاميّة في العراق والشام”.
وضمَّ “داعش” في صفوفه آلافاً من جنسياتٍ متعددةٍ، قدموا عبر الأراضي التركيّة، إضافةً إلى أعدادٍ كبيرةٍ من أهلِ المناطق التي سيطروا عليها. وبذلك فالقدومُ لا يعني بالضرورةِ الانتقالَ المكانيّ، بل سيطرةَ الفكر المتطرف والسلوك الدمويّ.
في 23/3/2019 كان المشهد الأخير في بلدة الباغوز، والنهاية الجغرافيّة لمرتزقة “داعش”، وانقسمت فلوله تباعاً مع إنجازات تحرير المناطق والمدن إلى ثلاث أقسام، البعض لجأ إلى البادية السوريّة وآخرون عبروا إلى المناطق المحتلة من قبل دولة الاحتلال التركيّ، فيما تحوّل القسم الثالث إلى خلايا نائمة، تمدّ برأسها من حين لآخر لتنفّذ عملية إرهابيّة.
وتنقسمُ معضلةُ “داعش” حالياً إلى ثلاثةِ مستويات الأول يتعلق بآلافِ المعتقلين من جنسيات متعددة، وتكمن المعضلةُ بالتجاهلِ الدوليّ لإيجادِ آليّةٍ قانونيّةٍ لمحاكمةِ المرتزقة، والثاني يتمثلُ بمخيمِ الهول، الذي يضمُّ آلافاً من أفراد عوائل المرتزقة، والإشكال يتعلق بالنساء اللواتي شكلن نموذجاً من “الحسبة” ويصدرنَ أحكام القتلِ والقصاص، ويشهد المخيم من وقتٍ لآخر جرائمَ قتل وحرقٍ للخيم، وأما الوجه الثالث للمعضلة فيتعلق بالأطفال أو ما يُعرف باسم “أشبال الخلافة”. وستبقى المشكلة قائمة ما دامت دولُ العالم تمتنع عن استلام رعاياها من النساء والأطفال.
ويمكن النظر إلى الأحداث الأخيرة على أنّها تتجاوز محاولة تهريب معتقلين، لتكون محاولةَ لإحياءِ “داعش”، والانتقال من طور الكمون إلى الظهور، بالاعتماد على إخراج آلاف المعتقلين من السجن. كما كانت محاولة لوصل الحسكة بالمناطق المحتلة من قبل دولة الاحتلال التركيّ التي قدم عدد من المرتزقة المهاجمين، واعترف أسرى بأنّهم قدموا من سري كانيه المحتلة، إلا أنّ المحاولة فشلت والقادمون لم يصلوا!

 

 

 

 

 

 

 

المعركة الإعلاميّة ومحاولة الفتنة
المعركة الإعلاميّة كانت على أشدّها، ولم تقتصر على المبالغة في الحدثِ، بل على تزويرها خلافاً للمعطياتِ على الأرض، وإعطائه أبعاداً إضافيّة، فتم تداول قصص عن تهجير الأهالي في أحياء غويران والزهور والنشوة، وتجاهلت أنّ عناصر من “داعش” هربت إلى الأحياء السكنيّة وارتكبت جرائم قتلٍ واستخدمت الأهالي دروعاً بشريّة. ومضى البعض في التسويق للفتنة من قبيل توصيف المعركة أنها بين الأسرى الموحّدين والملاحدة، واستغرق آخرون في الخيالِ ليقولوا: إنّها معركةٌ تستهدفُ “السُّنة”، وتهجيرهم قسراً، وتغافلوا عن حقيقةَ أنّ الآلاف من ضحايا “داعش” من عشيرة أبو نمر وعشيرة الشعيطات وأبناء الرقة وريف دير الزور ومنبج هم من السُّنة. وراجت روايةُ أنّ الأحداثَ مفتعلةٌ.
والحقيقةُ أنّ الأحداثَ كانت استمراراً لمعاركَ سابقة ضد الإرهابِ، يخوضُها أبناء شمال وشرق سوريا، وهي لما تتوقف، وإنّما تغيّر أسلوبها، والأحداث مفتعلة فعلاً ولكنها محلّ استثمارٍ عدة جهاتٍ، وفي مقدمهم أنقرة التي لم يتوقف جيشها عن قصفِ مناطق في شمال وشرق وسوريا في الشهباء وعين عيسى وتل تمر وتقوم بمعارك مشاغلة، دعماً لمرتزقة “داعش”.
أحداث سجن غويران على وشكِ النهايةِ بما لها وما عليها، وبقيت جيوب مموّهة بالمهاجع الشماليّة، وكسبت قوات سوريا الديمقراطيّة المعركة بجدارةٍ، بصرف النظر عن كلّ الاتهاماتِ والأجندة الإعلاميّة المناهضة لها، وفيما أراد مهندسو الأحداث النيل من هذه القوات، فقد وضعتها الأحداث في صدارة الاهتمام الدوليّ، وفيما كان العالم قد ركن إلى الصمت حيال قضية “داعش” ومعتقليه، فإنّ أصواتاً كثيرةً ارتفعت في العالم وطالبت بتقديم المزيد من الدعم لهذه القوات، كما أشادت بدورها في مكافحة الإرهاب. ولفتت النظر إلى حقيقة أنّ الإرهاب وضعٌ لا يمكن التعايش معه كباقي أزمات العالم من قبيل مسائل الهجرة والمخدرات.
مغامرة وعملية انتحار
قضية أسرى “داعش” المعتقلين سبق أن أشار إليها “البغدادي” في آخر رسالة صوتيّة له في 15/9/2019، وودعا إلى “استهداف رجال الأمن والمحققين والقضاة في السجون”، التي يقبع بها عناصر “داعش”. وكان واضحاً خلال العدوان التركيّ على شمال سوريا فقي 9/10/2019، المسعى لتحرير معتقلي “داعش” وإنهاءِ حالةِ المخيماتِ، وتمت تصفية “البغدادي” في 26/10/2019، دون تحقق مطلبه، ولم يحقق “داعش”، إنجازاً كبيراً في غيابِ “البغداديّ”.
وبصرفِ النظرِ عن الاستثمارِ الإقليميّ للحدثِ، فإنّ “داعش” نفسه بحاجةٍ لعمليةٍ كبيرةٍ لكسرِ روتينِ عملياتِ الاغتيال، بعد الانهيارِ الكبيرِ، لتكون أولاً بمقامِ الانتقام لهزيمته الكبيرة، فيستعيد ثقته أمام مرتزقته، ويؤّكد أنّه يملكُ القدرةَ على تحرير معتقليه، وفي الوقتِ نفسه أراد أن يسترجعَ هيبته التي فقدها وأهميته، ويتداخلُ مع هذه الغايةِ هدفٌ آخر، يتعلقُ بالمعتقلين الذين يتجاوزُ عددهم أربعة آلاف، وهؤلاء سيشكّلون فرقةً عسكريّةً ضاربةً بمجردِ حصولهم على السلاحِ وتمكينهم من الخروجِ من السجن، وهو ما يُعوّلُ عليه في السيطرةِ على الأحياءِ القريبةِ والتوسّعِ منها إلى المدينة.
اعتمد المهاجمون على عنصرِ المفاجأة والتفجيرِ المفخخ والانتحاريين، وهي عواملٌ من شأنها إرباكُ حاميةِ السجنِ لفترةٍ من الوقتِ يمكنُ استغلالها للعملِ بسرعةٍ كبيرةٍ للوصولِ إلى داخلِ السجنِ وتأمينِ وصولِ السلاحِ إلى المعتقلين، إضافةً إلى الضغطِ عبر أخذِ رهائن.
إلا أنّ عاملَ الصدمةِ المفاجئ سرعان ما تمَّ استيعابه، في أقل من حدودِ الزمنِ المخطط له، وبادرتِ القوى الأمنيّةُ والعسكريّةُ إلى ضربِ طوقٍ أمنيّ حولَ المنطقةِ، وتدخلت حواماتُ التحالفِ، لتفشلَ الهجمات في أهدافها الأساسيّةُ، وتحولت إلى اشتباكاتٍ في بقعةٍ محدودةٍ، وفيما أثبتتِ الهجمات أنّ مرتزقة “داعش” افتقدوا إلى دقةِ التخطيط واعتمدوا على العاملِ المعنويّ والعقائديّ ومن يسمّون بالمبايعين على الموت، فإنّ المواجهةَ مع قوات سوريا الديمقراطيّة صعبةٌ، وهي التي راكمت خبراتٍ عسكريّةً وميدانيّةً في معاركِ تحريرِ المدن والبلدات، لتبدو العمليةُ بالنتيجةِ أقربَ إلى الانتحارِ، لا يخسرُ فيها المستثمرُ أيَّ شيءٍ في حالِ فشلتِ المغامرة.

 

 

 

 

 

 

المرتزقة الأجانب
بالمجمل اعتمدت العملية على الخلايا النائمة المحليّة في الاقتحام وعلى المرتزقة الأجانب في العصيانِ والاشتباكِ، ومن المشاهدِ الأخيرةِ لانتهاءِ عصيانِ السجن والاشتباكات العنيفة التي عاشتها مدينة الحسكة طيلة أسبوعٍ، وخروج دفعات من مئات المرتزقة مستسلمين، يظهر مرتزقٌ تركيّ من ولاية أنقرة. وآخر من المغرب، فيما وصل البعضُ في تعاميه عن الحقيقة إلى درجة نفي وجودِ مرتزقة “داعش” في السجنِ، وأنّهم كلهم سوريون لا علاقةَ لهم بداعش. ولكنهم في الوقتِ نفسه ناقضوا أنفسهم بالتبشيرِ لعودةِ “الخلافة” والسيطرة على كامل مدينة الحسكة ومنها إلى غيرها والانبعاث مجدداً.
ليس مفاجئاً وجود عناصر أتراك في صفوف “داعش” فقد بدأ الأتراك في عام 2013، السفرَ إلى “دولة الخلافة”، وانضموا إلى الخلايا الناطقة باللغة التركيّة، مع الأئمة والمدربين العسكريين الأتراك.
ذكر تقرير لمجموعة الأزمات الدوليّة Crisis Group، أنّ تركيا تعتبر مصدراً للمجندين لداعش ومركزاً لتهريب الأسلحة والإمدادات والأشخاص عبر الحدود التركيّة السورية، ويتراوح عدد المواطنين الأتراك الذين غادروا للعيش في الأراضي التي يسيطر عليها “داعش” بتقديرات تتراوح بين 5ــ 9 آلاف. وحول تجنيد المواطنين الأتراك للانضمام لصفوف “داعش”، وتتبع مسار عودتهم من العراق وسوريا لتركيا، استندت المجموعة إلى مقابلات أجريت بين نيسان 2019 وكانون الأول 2019 في إسطنبول والمحافظات الجنوبية والجنوبية الشرقية من تركيا. وأجرت الكثير من المقابلات. وأكدت الكثير من الاستطلاعات والتقارير أنَّ تركيا لا تعتبر “داعش” تهديداً أمنيّاً جديّاً لها.
مجزرة الشعيطات وجرائم مروّعة
مجرد أن يتعلق الأمر بالإدارة الذاتيّة في شمال وشرق سوريا أو الكرد، يُشهر البعضُ خناجرَهم للطعن، ويكيلون الاتهامات، وينحازون إلى الإرهاب كيداً وحقداً، والسؤال العريضُ: ما المشروعُ المأمولُ تحقيقه لو نجحت عملية اقتحام السجن؟ ربما يحتاج البعض لإنعاش ذاكرته المهترئة والمتصالحة مع الإرهاب، ليتذكر بعضاً من حوادث مجزرة عشيرة الشعيطات والجرائم المروّعة التي ارتكبها “داعش”.
ففي 1/7/2014، وبعدما سيطر “داعش” على معظم قرى ومدن وبلدات محافظة دير الزور، دخل بلدات الشعيطات الثلاث (أبو حمام، الكشكية، غرانيج)، واتخذ عدداً من الأبنية فيها مقرات له، ومرت الأسابيع اللاحقة المصادف لشهر رمضان، هادئة تقريباً حتى ثالث أيام عيد الفطر، الموافق ليوم الأربعاء 30/7/2014 لتتسلسل الأحداث بعدها بما يُعرف بمذبحة عشيرة الشعيطات. بدأت الأحداث عقب ذبح الشاب محمد رجب من العشيرة ليلة زفافه أمام أهله، واندلعت الاشتباكات العنيفة وحوصرت البلدات الثلاث وفي 11/8/2015 قتل “داعش” نحو 700 شخص من عشيرة الشعيطات في قراهم بدير الزور، وفي قرية غرانيج وحدها قُتل 300 شخص. وصلب “داعش” أحد شباب العشيرة وكان عائداً من الخليج بعد غياب عامين. وفي 15/8/2014 وبعد السيطرة الكاملة على قرى “الشعيطات”، أصدر شرعي ما يُسمى “ولاية الخير”، أي محافظة دير الزور، المُكنى بأبي فيصل الكويتي فتوى وصف فيه “الشعيطات” بـ”الطائفة الممتنعة بشوكة” والطائفة الممتنعة حسب التيارات السلفيّة الجهادية هي طائفة منتسبة للإسلام وممتنعةٌ عن بعض شرائعه الظاهرة المتواترة. ما يعني تكفير “الشعيطات” ووجوب “قتل كلِّ شخص بالغٍ والاستيلاء على أمواله. وتوجه رتل كبير من “داعش” باتجاه منطقة السوسة وهجين بحثاً عن أيّ شخصٍ من أبناء “الشعيطات”. فدخلوا مدرسة في بلدة “الشعفة” حيث تقيم بضعة عوائل نازحة من “الشعيطات”، وقتلوا شخصاً أمام أبيه وأهله وضربوا رأسه بعد قطعه بالأرض. واقتادوا في ذلك اليوم الأسود كلَّ رجلٍ ألقوا القبض عليه، وتجاوز عدد المعتقلين مائتي شخص، قُتل جميعهم ومثِّلَ بجثثهم.
واستمر “داعش” يلاحق يوميّاً لأبناء “الشعيطات” لمدة ثلاثة أشهر. وفي كلِّ يوم يعتقل أكثر من عشرين شخص ويقتلهم بطرق مرعبة. وبلغ عدد القتلى 1200 شخصاً، ونهب ممتلكات وأرزاق أكثر من 170 ألف شخص، وكلّ ما تحتويه البيوت “الشعيطات” من أثاث وماشية وسُلبت المحلات التجاريّة. وبعدد أكثر من أربع أشهر أجبر الأهالي على تقديم بندقية حربيّة عن كلِّ بيتٍ.
تروي امرأة من أهالي الرقة أنّ عناصر “داعش” اعتقلوها وهي حامل، وأخذوها إلى قبو في شارع الوادي، وأساؤوا معاملتها، ولما سألتهم عن مصيرها، قالوا: الحكمُ للأمير الذي سيأتي بعد حين. وتقول: فوجئت أنّ الأمير هو شخصٌ أعرفه فهو من أبناء قرية مجاورة لقريتنا… وواصل تعذيبها حتى أُجهضت.
في صبيحة 8/1/2016 أقدم (ع. ص) في العشرين من عمره، وهو تابع لداعش على قتل والدته (45 عاماً) على مرأى مئات الناس قرب مبنى البريد في مدينة الرقة بتهمة الردة. وفي حوادث أخرى تم قتل الأخ والقريب والصهر والجار.
وفي منبج أعدمت امرأة متزوجة رجماً في 15/11/2015، بسبب رفضها الزواج من “مرتزق داعشيّ”، وأُعدم 24 مدنياً إثر اقتحام قرية البوير في 28/7/2016. وشهدت ساحاتُ دوّار الدلةِ والنعيم في مدينة الرقة العديدَ من عملياتِ الإعدام والنحر، التي يُجبر الأهالي على حضورها بما فيهم الأطفال.
عملياتُ الإعدام التي نفّذها “داعش” وحرص على تصويرها بتقنيات عالية ليجعلها مادة تسويق إعلاميّة ووسيلة تخويف، بأساليبها المتنوعة (الرصاص، الرجم، والطعن والصلب، والنحر، والحرق والإلقاء من أماكن مرتفعة، والتفجير، القصف والإغراق بالماء والصعق الكهربائيّ)، وفي إحدى الحوادث تم ضرب مواطن بالبلطة ثم دهسه بالسيارة، وفي أخرى دُهِسَ مواطنٌ مكبّلٌ تحت سلاسلِ دبابةٍ. كما أنّه أعدم الكثير من عناصره لرفضهم التعليمات أو مواصلة القتال. ويضاف إلى كل ذلك جرائم الذبح المصوّرة للرعايا الأجانب والصحفيين وحرق الطيار الأردنيّ معاذ الكساسبة.
سقط رهان “قادمون” بفضلِ معجزةِ المقاومة وروحِ الفدائيّةِ ودماء الشهداء، والأزمةُ السوريّةُ لن تُحلَّ إلا عندما يتبنّى السوريون شعار “عائدون”، ليعود كلّ النازحين والمرحّلين والمهجّرون والمهاجرين إلى بلداتهم وقراهم وقد تحررت من الإرهابِ والاحتلالِ.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle