الفتنة في دير الزور.. من يقف وراءها وما هي أهدافهم؟

حسام الدخيل_

تسعى بعض الجهات المعادية لمنجزات ثورة التاسع عشر من تموز إلى إشعال نار الفتنة في ريف دير الزور الشرقي بين قوات سوريا الديمقراطية من جهة والعشائر العربية من طرف آخر، على خلفية إطلاق قوات سوريا الديمقراطية لحملة “تعزيز الأمن” الهادفة لملاحقة خلايا داعش ولمكافحة التهريب وملاحقة تجار المخدرات والتي كانت بدعوة من العشائر العربية.واستعلمت هذه الجهات وسائل الإعلام لنفث السموم ولتأجيج نار الفتنة التي يسعون لافتعالها في الشرق السوري لتصوير أن ما يجري هناك حرباً عربية وكردية.

القـــصـة كـاملـــة

في ليلة السابع والعشرين من شهر أغسطس/ آب الفائت، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية عملية تعزيز الأمن في ريف دير الزور لملاحقة خلايا مرتزقة داعش وتجار المخدرات ومكافحة التهريب، وأتت هذه الحملة على طلب من وجهاء العشائر في المنطقة بحسب المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية الذي أعلن عن الحملة. واستهدفت الحملة قائد مجلس دير الزور العسكري أبو خولة الخبيل وأربعة آخرين من قيادة المجلس، جاء بناءً على أمر من النيابة العامة لتورطه في التنسيق مع جهات معادية وجرائم بحق المدنيين بما فيها جريمة اغتصاب وقتل وقعت غربي دير الزور، بحسب المركز الإعلامي لقسد.

وبعد تأكيد عملية الاعتقال خرج جلال الخبيل شقيق قائد مجلس دير الزور العسكري بتسجيل مصور يدعو فيه أبناء قبيلة البكير التي ينحدر منها بالإضافة إلى قوات مجلس دير الزور العسكري إلى تنفيذ تمرد وخلط للأوراق في ريف دير الزور للضغط على قوات سوريا الديمقراطية حتى إطلاق سراح أبو خولة وبعض القادة الآخرين الذين تم عزلهم.

لتبدأ بعدها بعـض العناصر الموالية لأبو خولة من مجلس دير الزور العسكري بشن هجمات على بعض نقاط قوى الأمن الداخلي وقوات سوريا الديمقراطية في ريف دير الزور الشمالي في محاولة منها للضغط على قوات سوريا الديمقراطية للعزوف عن قرارها؛ الأمر الذي أجج الفتيل في المنطقة الأكثر تعقيداً على جغرافية شمال وشرق سوريا.

سعي لزعزعة استقرار المنطقة

إذا نظرنا إلى سياق وخلفية هذه الأزمة، فإننا نجد أن هناك عوامل كثيرة تشير إلى أن هذه الأزمة ليست ناتجة عن خلاف طبيعي، بل هي نتيجة لمخطط مدبر من قبل جهات تسعى إلى زعزعة استقرار المنطقة، وإفشال مشروع التوافق والديمقراطية في شمال وشرق سوريا. من هذه الجهات:

ـ المجموعات التابعة لإيران: هذه المجموعات التابعة للحرس الثوري الإيراني، تحتل مناطق كبيرة في غرب دير الزور، خصوصاً في مدينة الميادين، حيث تستخدمها كممر لإمداد قواتها في سوريا والعراق. هذه المجموعات تخشى من توسع نفوذ قسد في شرق دير الزور، وتحاول تقويضها بكل الوسائل، من خلال دعم بعض من أبناء العشائر الموالية لها، وتحريضها على الانقلاب على قسد، وتنفيذ هجمات واغتيالات ضد قادة ومقاتلي قسد أو استهداف أبناء العشائر أنفسهم لاتهام قسد وذلك لخلق الفتنة وزعزعة الاستقرار.

ـ توابع حكومة دمشق: المجموعات التابعة لحكومة دمشق يسيطرون على جزء من دير الزور، خصوصاً في مدينة دير الزور وبعض القرى المحيطة بها، يرى في قسد خصماً قوياً ومنافساً على ثروات دير الزور، خاصةً النفطية منها. حكومة دمشق تحاول استغلال الخلافات بين قسد والعشائر، لزرع الفتنة والكراهية بينهم، ولإضعاف قسد وتقليل شعبيتها، ولإعادة فرض سيطرتها على المنطقة.

ـ المحتل التركي: تركيا، التي تحتل مناطق كبيرة في شمال سوريا، تعادي قسد بشكلٍ علني، تركيا تخشى من أن تصبح قسد قوة مؤثرة في المفاوضات السورية، وتحاول عرقلة أي تقدّم في مشروع التوافق والديمقراطية في شمال وشرق سوريا. كما تدعم بعض المجموعات المرتزقة، وتحرضها على شن هجمات ومظاهرات ضد قوات سوريا الديمقراطية.

أساليب مختلفة لتنفيذ المخططات

وجدت الأطراف التي ذكرناها آنفاً الخلاف الحاصل فرصة ذهبية لا تعوض لنفث سمومها، وسعت لتأجيج الصراع، من خلال تصويرها إن الحرب هي عربية كردية، وسعت إلى شحن النفوس، واستخدمت أساليب مختلفة لإشعال الفتنة وأهمها:

• نشر الشائعات والأكاذيب عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإخبارية، لزعزعة ثقة الأهالي بقسد، ولإثارة المشاكل والخلافات بينهم.

• تزوير الوثائق والصور والفيديوهات، لإظهار قسد بصورة سلبية أو مشبوهة، أو لإثبات اتهامات زائفة ضدها.

• استخدام بعض المأجورين أو المستفزين أو المخبرين، لإثارة المشادات أو المواجهات مع قسد أو العشائر، أو لتنفيذ عمليات تخريبية أو إرهابية ضدهم.

• تقديم الدعم المادي أو العسكري أو اللوجستي لبعض العشائر أو المجموعات المرتزقة التي تقاتل ضد قسد، أو لتشجيعها على الانضمام إلى صفوفها.

• تهديد أو ابتزاز أو اغتيال بعض الشخصيات البارزة أو المؤثرة في قسد أو العشائر، التي تسعى إلى التهدئة والتفاهم بين الطرفين.

فرصة لداعش لترتيب الصفوف

هذا الخلاف له تأثير سلبي كبير في إعادة ظهور خلايا داعش في المنطقة، فهو يخلق بيئة من الفوضى والانقسام والضعف، تُسهّل على داعش استغلالها لتنفيذ هجمات واغتيالات وتفجيرات ضد قسد والعشائر والمدنيين. كما أنه يشغل قسد والعشائر عن مواجهة داعش، ويحول دون التنسيق والتعاون بينهما في مجال الأمن والمخابرات. بالإضافة إلى ذلك، وفقا لبعض التقارير، فإن نشاط داعش في شرق سوريا قد ازداد بشكلٍ ملحوظ منذ بدء عملية تعزيز الأمن، وأن داعش قد استطاع تجديد خلاياه وتجنيد عناصر جدد من بين المحتجين.

إدراك لما يجري ودعوات لقطع دابر الفتنة

أدرك أهالي المنطقة منذ اليوم الأول أنَّ هناك أيادي خفية مرتبطة بما يجري في دير الزور بالوقت الحالي، تسعى للسيطرة على ريف دير الزور من خلال تصوير ما يجري أنه حرب كردية وعربية، وليست عملية لتعزيز الأمن وبسط الاستقرار في المنطقة لطالما عانت من ويلات داعش المجموعات المرتزقة الأخرى. وقد أطلق عدة ناشطين على مواقع التواصل حملة لدعم قوات سوريا الديمقراطية ولنبذ الفتنة تحت وسم #قسد_أمل_الشعوب_لا_للفتنة

وقد لقي هذا الوسم تداولاً واسعاً بين مختلف الشعوب في شمال وشرق سوريا؛ لنبذ الفتنة ولدعم قوات سوريا الديمقراطية في حربها ضد الإرهاب.