سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الحرب في غزة… وتدحرج كرة النار

رامان آزاد_

انطلق الربيع العربي منذ نحو 13 سنة شهد خلالها العالم العربيّ متغيرات سياسيّة واجتماعيّة واقتصاديّة وانقسامات حادة حيالها، وانحسرت الشعاراتِ المتعلقة بالقضية الفلسطينيّة وانخرطت دول عربية في مسار التطبيع الذي ما زال مستمراً، فيما بقيت طهران تقود قاطرة الممانعة وتتوعّد إسرائيل، التي ردّت بمواصلة الضربات الجويّة للأهداف الإيرانية في سوريا. وبذلك فقد طرح طوفان الأقصى الكثير من الأسئلة حول احتمال تدحرج كرة النار لتقطع مسار التطبيع والثأر لعشراتِ حالات الاستهداف للأهداف الإيرانيّة.
طوفان الأقصى عملية غير مسبوقة
شنّت حركة “حماس” الفلسطينية هجوماً مباغتاً على إسرائيل شمل اختراق مسلحين حواجز أمنيّة وإطلاق وابل من الصواريخ من غزة فجر السبت خلال عطلة عيد “بهجة التوراة” اليهوديّ. وجاءت العملية بعد 50 عاماً من شنّ القوات المصريّة والسوريّة هجوماً خلال عطلة “يوم الغفران” اليهودي في محاولة لاستعادة الأراضي التي استولت عليها إسرائيل خلال صراع قصير في 1967.
أعلنت تل أبيب حالة الحرب لأول مرة منذ 50 عاماً، فيما أرسلت واشنطن حاملة طائرات وسفن حربيّة إلى شرق البحر المتوسط. ومساء الاثنين أعلنت وزارة الصحة الإسرائيليّة ارتفاع عدد القتلى الإسرائيليين إلى 900 والجرحى إلى 2600. منذ أن بدأت عملية حماس صباح السبت، والتي لا زالت مستمرة حتى الآن، فيما تواجهه القوات الإسرائيلية بقصف مكثف لقطاع غزة”. وأوردت صحيفة يديعوت أحرونوت تقديرات باحتمال ارتفاع عدد القتلى الإسرائيليين إلى ألف.
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «سنغيّر الشرق الأوسط» في الحرب مع «حماس» التي بدأت (السبت) بهجوم مباغت شنته الحركة الإسلامية، وردت عليه الدولة العبرية بقصف مكثف على القطاع. وقال نتنياهو لمسؤولين محليين بارزين في جنوب إسرائيل: «ما ستواجهه (حماس) سيكون صعباً ورهيباً. سنغير الشرق الأوسط».
صرّح الجيش الإسرائيلي الثلاثاء 10/10/2023 بأنّه تم العثور على نحو 1500 جثة لمقاتلي “حماس” في إسرائيل وحول قطاع غزة. وجاء ذلك في تصريحات صحفية للمتحدث العسكريّ الإسرائيلي ريتشارد هيشت، الذي أضاف أن قوات الأمن “استعادت السيطرة إلى حدٍ ما على الحدود” مع قطاع غزة المحاصر، وقال: “منذ الليلة الماضية نعلم أنه لم يدخل أحد (من غزة).. لكن لا يزال هناك احتمال بحدوث عمليات تسلل”، وفي وقتٍ سابق أعلن الجيش الإسرائيلي حتى الآن عن مقتل 122 من جنوده وضباطه منذ بدء هجوم “حماس” السبت.
ومن جهتها، سجلت وزارة الصحة في قطاع غزة مقتل 413 شخصاً بالإضافة إلى تسجيل 2300 إصابة، نتيجة الهجمات الإسرائيلية.
وتدير حماس قطاع غزة، الذي يسكنه نحو مليوني شخص، منذ سيطرتها عليه في 2007، ويعاني اقتصاد القطاع منذ فترة طويلة من اختناق بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل وقيود الدخول والخروج التي تفرضها مصر.
بالمجمل ووفق التقييم العسكريّ وتفاصيله التقنيّة واللوجستية والتدريبيّة وكذلك التقييم السياسيّ فإنّ “طوفان الأقصى” عملية عسكريّة مباغتة وكبيرة، وغير مسبوقة في تاريخِ الصراع العربيّ ــ الإسرائيليّ، علاوةً على ثقل نتائجها على الحكومة الإسرائيليّة، وتفتح الباب لاحتمالات التصعيد وتجاوز ميدان الصراعِ إلى الساحة الإقليميّة.
طهران تنفي ضلوعها وتهنئ
على وقع الاشتباكات المستمرة بين المسلّحين الفلسطينيين والقوات الإسرائيليّة في خضم عملية “طوفان الأقصى”، يتم تداول الحديث عن دورٍ إيرانيّ في التخطيط لمجمل العملية. وكشفت صحيفة أمريكيّة أنَّ طهران هي من أعطت الضوء الأخضر لعملية “حماس”.
فقد قالت صحيفة وول ستريت جورنال” الأمريكيّة، إنّه تبيّن أنّ مسؤولين أمنيين إيرانيين ساعدوا في التخطيط للهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس يوم السبت على إسرائيل، وأعطوا الضوء الأخضر للعملية في اجتماع عقد في بيروت يوم الاثنين الماضي، وفقًا لأعضاء كبار في حماس وحزب الله اللبنانيّ. وقال هؤلاء الأشخاص إن ضباط الحرس الثوري الإيراني عملوا مع حماس منذ آب الماضي لتخطيط التوغلات الجوية والبرية والبحرية، وهو الخرق الأكثر أهمية لحدود إسرائيل منذ عام 1973.
وكشفوا أنه تم تنقيح تفاصيل العملية خلال عدة اجتماعات في بيروت حضرها ضباط الحرس الثوري الإيراني وممثلي أربع جماعات مسلحة مدعومة من إيران، بما في ذلك حماس، التي تسيطر على السلطة في غزة، وحزب الله في لبنان.
في حين أعلن مسؤول أمريكيّ عن الاجتماعات، بأنّه ليس لدى بلاده أي معلومات في الوقت الحالي لتأكيد هذه الرواية.
وبعد انتشار معلومات عن مشاركة بعض مسؤوليها في التحضير للهجوم الذي أطلقته الفصائل الفلسطينيّة فجر السبت، متوغلة من قطاع غزة إلى داخل مستوطنات إسرائيلية، نفتِ البعثة الإيرانيّة لدى الأمم المتحدة ضلوع طهران، في هجوم “طوفان الأقصى” كما أسمته الفصائل الفلسطينيّة، واعتبرت في بيان مساء الأحد أنَّ “الإجراءات الحازمة التي اتخذتها فلسطين تشكّل دفاعاً مشروعاً تماماً في مواجهة سبعة عقود من الاحتلال القمعيّ والجرائم البشعة التي ارتكبها النظام الصهيوني غير الشرعيّ”. وشددت على أنها “تدعم فلسطين على نحو لا يتزعزع”، لكنها أكّدت أنّها لم تشارك في الرد الفلسطينيّ. واعتبرت أن” نجاح عملية حماس كان بسبب المباغتة وهو ما يمثل أكبر فشل للأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة”. ورأت أنَّ “الإسرائيليين يحاولون تبرير فشلهم ونسبه إلى القوة الاستخباراتيّة الإيرانيّة والتخطيط العملياتيّ”.
كما أشارت إلى أن تل أبيب “تجد صعوبة بالغة في قبول ما يتردد في أجهزة المخابرات عن هزيمتهم على يد مجموعة فلسطينية”، وفق ما نقلت رويترز.
لكن طهران لم تُخفِ يوماً دعمها لحماس وتمويلها وتسليحها مع حركة الجهاد الإسلاميّ. وأعلن المستشار العسكريّ للمرشد الإيراني علي خامنئي، أن طهران تدعم العملية العسكرية التي تشنها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، بينما قالت وزارة الخارجية الإيرانية، إنّ “الهجوم دليل على زيادة ثقة الفلسطينيين في مواجهة إسرائيل”.
وقال اللواء يحيى رحيم صفوي: “ندعم عملية طوفان الأقصى، وواثقون بأن جبهة المقاومة -أيضاً- تدعمها”، وذلك في إشارة إلى طهران والفصائل والدول الحليفة لها في المنطقة. وأضاف يحيى -وهو قائد سابق للحرس الثوريّ- “إنّنا نهنئ المجاهدين الفلسطينيين، وسنقف إلى جانبهم حتى تحرير فلسطين والقدس الشريف”. كما شهدت العاصمة طهران مسيرة حاشدة للتعبير عن تضامنها مع المقاومة الفلسطينية.
القضية الفلسطينيّة وسياسة طهران
الموقف الإيرانيّ من القضية الفلسطينيّة حافظ على وتيرةٍ واحدةٍ، وكان أحدَ روافع زيادة النفوذ الإيرانيّ بالمنطقة مع تبني مشروع تصديرِ الثورة، والقصة بدأت مباشرةً مع التحوّلِ الإسلاميّ وإسقاط حكومة الشاه محمد رضا بهلويّ. فقد أعلن الخمينيّ في تموز 1979، عن يوم القدس وحدده بالجمعة الأخيرة من شهر رمضان، وجاء الإعلان بعد ستة أشهر من عودةِ الخميني إلى إيران، وأربعة أشهر من إعلان الجمهورية الإسلاميّة، وبذلك تمَّ استثمارُ البعدِ العاطفيّ والوجدانيّ للقضيةِ الفلسطينيّةِ على المستويين العربيّ والإسلاميّ، وأضحى يوم القدس مناسبةً تشهدُ فيها شوارع المدن الإيرانيّة حشوداً جماهيريّة تُرفع فيها الأعلام الفلسطينيّة ويُحرق العَلَم الإسرائيليّ، وتُردد شعاراتُ الموت لإسرائيل وأمريكا. وهذه الطقوس السنويّة المكررة يُراد بها إعادة تعبئة الجماهير وترسيخ بنيةِ النظامِ القائم عبر طرح قضايا إسلاميّة كبرى.
بالمقابل اعتبرت تل أبيب أنَّ إيران مصدر خطرٍ وجوديّ لها، ولم تنفكّ عن التهديد بتوجيه ضرباتٍ صاروخية إلى المنشآت النوويّة والعسكريّة الإيرانيّة وسعت لدى واشنطن في مناسباتٍ عديدةٍ للتوصّلِ إلى خطةٍ بهذا الشأن.
وإذا كانتِ المواقف الرسميّة للمسؤولين الإيرانيين حيال واشنطن وإسرائيل وعموم الغرب معلنةٍ وبخاصةٍ التهديدات، لتكونَ محلَّ السجالِ، فإنّه من الحوادث اللافتة أنّ صحيفة طهران تايمز الإيرانيّة نشرت في 15/9/2021 خريطة تظهر أهدافاً داخل إسرائيل في إشارة إلى أن إيران جاهزة أيضاً للرد حال أقبلت إسرائيل على فتح باب للحرب. في الوقت ذاته تساءل عدد من الخبراء في تل أبيب عن جاهزية إسرائيل لمثل هذه الحرب. وكان من الواضح أنّ الأهداف تشمل منطقة غوش دان المركزيّة التي من ضمنها تل أبيب، كما تظهر حيفا بالخارطة ومنطقة إيلات، وكذلك مناطق في الضفة الغربية المحتلة يُعتقد بأنّها مستوطنات إسرائيلية، في حين تظهر أيضاً مدن إسرائيلية محاذية لحدود كُل من غزة وسوريا ولبنان.
حرب في الميدان السوريّ
نفّذت إسرائيل خلال الأعوام الماضية عشراتِ الضربات الجويّة في سوريا، طالت مواقع سوريّة وأهدافاً إيرانيّة، وأخرى لحزب الله اللبنانيّ، بينها مستودعات أسلحة وذخائر في مناطق متفرقة. ونادراً ما تعلن إسرائيل تنفيذ تلك الضربات، لكنها تؤكّدُ مواصلة تصديها لما تصفه بمحاولاتِ إيران الرامية لترسيخِ وجودها العسكريّ في سوريا. وبذلك فإنّ ما يحدثُ وفق مراقبين يتجاوزُ مجردَ نقلٍ لميدانِ الصراعِ الذي لم يكلف تل أبيب أيّ خسائر، إلى المواجهةِ المباشرةٍ في العمقِ الإسرائيليّ مع خسائر ثقيلة ونمطٍ من الحرب غير المسبوقة.
وأكدت تقارير إسرائيليّة في مناسبات عديدة وبخاصةٍ في بداية العام الحالي، محاولات إيرانية للإخلال بمعادلة الردع، وأعلنت أجهزة الأمن الإسرائيليّة أنَّ «حزب الله» اللبنانيّ يقف وراء التفجير الذي وقع في مفترق مجدو، في 13/3/2023، والذي نفذه شابٌ لبنانيّ تسلل من الحدود وتمكن من الوصول إلى العمق الإسرائيليّ في الجليل الأعلى. ورأت فيه إسرائيل خطراً إذا ما تحوّل إلى نمط يستخدمه حزب الله مستقبلاً، إضافة إلى كونه يشكّل جرأة في تحدي الترتيبات الإسرائيليّة في الشمال، وبذلك فإنَّ الضربات الإسرائيلية الكثيفة كان هدفها إعادة ترسيخ التوازن.
وفق جملة المعطيات زادت إسرائيل كثافة الضربات الجويّة الإسرائيليّة على الوجود الإيرانيّ في سوريا، وقالت إنّها أحبطت هجوماً تعدُّ له إيران باستخدام طائرات مسيّرة من سوريا، وهاجمت في 1/4/2023 عدة قواعد جوية في سوريا، بينها مطارات الضبعة والشعيرات والتياس ــ T-4، والتي يُعتقد أنّها تضمُّ جميعاً طائرات بدون طيار تابعة للحرس الثوريّ” و”حزب الله”، وأنظمة تشويش إلكترونية ومستودعات أسلحة.
وقعت الحادثة الأولى من هذا النوع في 30/1/2013، عندما اتهمت الطائرات الإسرائيليّة بأنّها ضربت قافلة سوريّة تنقل أسلحة إيرانيّة إلى حزب الله، ورفضت إسرائيل التعليق على الاستهداف.
في 10/5/2018 قال الجيش الإسرائيليّ إنه أنهى عملية واسعة وُصفت بأنها الأوسع منذ حرب 1973واستهدفت خمسين موقعاً إيرانيّاً في سوريا، بُعيد إطلاق فيلق القدس الإيرانيّ عشرين صاروخاً على مواقع عسكريّة إسرائيليّة في الجولان السوريّ المحتل، وفق الرواية الإسرائيليّة. وقال الجيشُ الإسرائيليّ إنّه يستعد لجولةِ مواجهة ثانية مع قوات إيرانيّة في سوريا بعد أول اشتباك مباشر بينهما، وأنَّ تلك القوات ما زالت قادرة على إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل. فيما لوّحت طهران بالانتقام وبأن تدفع إسرائيل ثمناً باهظاً.
في 22/3/ 2023 تعرّض مطار حلب لقصف إسرائيليّ، أدّى لخروج المرفق الحيوي من الخدمة. وفي 2/5/2023 نقلت وسائل إعلام رسميّة سوريّة في ساعة مبكرة من الصباح عن مصدر عسكريّ، أنّ إسرائيل شنت هجوماً في وقت متأخر من الليل أسفر عن مقتل عسكري وإصابة سبعة آخرين بينهم مدنيين، إلى جانب إخراج مطار حلب الدوليّ عن الخدمة.
استهدفت القصف الإسرائيليّ الجويّ ممتلكات ومواقع تابعة لوحدة إيرانيّة في سوريا مطلع أيار 2023 وهي منشآت في منطقة حلب لإنتاج أسلحة، ويتولى قيادتها جواد سليماني، ومن ضمن ما يُنتج ويُختبر صواريخ دقيقة، إذ تقومُ إيران بتحسين دقة الصواريخ التي تصنعُ في تلك المواقع.
متغيرات بين التوافق والتناقض
بالإجمالِ فإنّ السياقَ الذي تجري على هامشه الأحداثُ الأخيرة، ينطوي على احتمالاتٍ خطرةٍ، بالنظر إلى المتغيّرات الإقليميّة، التي أفرزت مساراتٍ مركّبةٍ في الحسابات الإسرائيلية، ومحاولات طهران الخروج من أطر الحصار والتصالح مع الجوار الجغرافيّ. ومن جملة ذلك الاختراق الدبلوماسيّ الذي نجحت بكين بإحرازه عبر رعاية المصالحة بين طهران والرياض والذي لاقى ترحيباً روسيّاً، وكان ذلك أحد ملامح التغيير المهمة بالمنطقة، ومنح طهران قيمةً مضافة، وبخاصةٍ أنّ واشنطن وتل أبيب لم تكونا جزءاً من هذه العملية، وهذا المتغيّر وضع حداً لتصوّرِ أن تتحول جغرافيا الخليج إلى ميدان رديف في حال المواجهة مع إيران، كما حصل في حرب الخليج.
من جهة ثانية استمر التنسيق الروسيّ ــ الإيرانيّ على أعلى المستويات، وبخاصةٍ العسكريّ وموقف إيران من الحرب في أوكرانيا وتزويد روسيا بالطائرات المسيّرة، ونية موسكو بيع طائرات سوخوي المتطورة إلى إيران، إلا أن ّموسكو لم تبدِ موقفاً حاسماً إزاء الضربات الجويّة الإسرائيليّة المستمرة لأهدافٍ إيرانيّة في سوريا، ما يطرح السؤالَ حول رغبة موسكو الضمنيّة بتحجيمِ الحضور الإيرانيّ في سوريا وحساباتها الإقليميّة بتحسينِ علاقاتها مع الدولِ العربيّةِ.
من المؤكد أنّ متغيرات طرأت على الموقف العربيّ حيال القضية الفلسطينيّة وانخرطت دولٌ عربيّة ليست في خط المواجهة في مسار التطبيع كالإمارات والبحرين، وتتداول كواليس السياسة موضوع مسار تصالحيّ بين الرياض وتل أبيب، وبذلك فإنّ عملية “طوفان الأقصى” فرضت نفسها في توقيتٍ حسّاس بالنسبة للمسار، وأُريد بها دفع القضية إلى واجهة الأحداث، وإذا كانت أبو ظبي قد وصفتِ العملية بالتصعيد بنبرةِ الإدانةِ لها، فموقف الرياض محرجٌ، فدعت للوقفِ الفوريّ للتصعيد بين الجانبين، وحماية المدنيين، وضبط النفس، والتذكير بمخاطر انفجار الأوضاع نتيجة استمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطينيّ من حقوقه المشروعة وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضد مقدساته…
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle