الارتزاق ظاهرة تتجدد على يد أردوغان

غاندي إسكندر _

الارتزاق تعني القتال من أجل المال، وأغلب المرتزقة هم أولئك الذين يتم استغلالهم من الناحية المادية ولا سيما في الدول التي تعيش نزاعات عرقية واثنية وسياسية، حيث يتم تجنيدهم للقتال في نزاع مسلح تحقيقاً لمصالح مشغليهم، والمرتزق بعيد كل البعد عن المصالح السياسية أو الإنسانية أو الأخلاقية.

الارتزاق تاريخياً

الارتزاق ظاهرة قديمة عرفت على مدى العصور السابقة للميلاد حيث شاع استخدام المرتزقة في مصر القديمة، فخلال حكم الأسرة التاسعة عشرة كان المرتزقة الأجانب يشكلون الأغلبية في الجيش المصري، ففي عام 1290 قبل الميلاد استخدم الفرعون رمسيس الثاني المرتزقة لمحاربة الحثيين في معركة “قادش” وخلال القرون الماضية برز استخدامهم في القرن السابع عشر بعدما اعتمدت بريطانيا على جنود ألمان مأجورين أثناء الثورة الأمريكية (1775- 1783) سمو حينها “جنود هسن” لمحاربة السكان الأمريكيين، وفي عصر النهضة تأسست “الشركة البيضاء” التي تضم مجموعة من الجنود الذين يتلقون أموالهم لمشاركتهم في حروب بإيطاليا، إذ عرفوا بداية بدفاعهم عن بابا الفاتيكان، ومن ثم قاتلوا ضده، وحاربوا لأجل مدينة ميلانو وتآمروا عليها فيما بعد، وتوالى استخدام المرتزقة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في فيتنام وأثناء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي كما استخدمتهم كل من فرنسا وبريطانيا في حروبهما في إفريقيا والشرق الأوسط.

الارتزاق وفق القانون الدولي

هي معادلة عسكرية محرمة دولياً بموجب الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم تاريخ كانون الأول 1989 ففي الجلسة العامة 72 المعقودة في 4 كانون الأول أبرمت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاتفاقية، وذلك اقتناعا من الأمم المتحدة “أن استخدام المرتزقة أو الأنشطة ذات الصلة بالمرتزقة أو الشكل الذي يتخذونه لاكتساب بعض مظاهر الشرعية، فإنهم يعتبرون تهديداً لسلام الشعوب وأمنها وتقرير مصيرها وعقبة في سبيل تمتع الشعوب بحقوق الإنسان” حيث أكدت المنظمة أن استخدام المرتزقة يشكل انتهاكا للمقاصد والمبادئ المكرسة في ميثاق الأمم المتحدة.

تركيا حاضنة الارتزاق

لعل أفضل مثال ظاهر للعيان ولا يختلف عليه اثنين هو ما نشاهده كل يوم من جرائم يقوم بها المرتزقة المجندين من قبل حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة “رجب طيب أردوغان” فمنذ بدء الحراك الجماهيري السوري سعى أردوغان إلى لملمة قطعان من المرتزقة من شتى دول العالم، وذلك من خلال إنشاء منظمة “سادات” عام 2012 والتي تتمحور وظيفتها في تجنيد المرتزقة وتمويلهم وتدريبهم، ففي عام 2013 أدخلت تركيا آلاف الأشخاص من نحو مئة دولة إلى سوريا والعراق حيث سهلت انضمامهم إلى “داعش الإرهابي” وتعتبر جوازات السفر التي خلفها أعضاء داعش ورائهم والتي عثر عليها مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية إلى أنها مختومة وممهورة بأختام الدخول إلى تركيا دون الخروج منها وقبل انهيار “داعش ” دعمت تركيا وأسست مجموعات وكتائب وألوية بأسماء مختلفة “ككتيبة الحمزات وأحرار الشرقية والسلطان مراد وسليمان شاه وحركة نور الدين زنكي وفيلق الشام وجيش الإسلام وجيش النخبة وجيش النصر والفرقة 23والجبهة الشامية ولواء المعتصم وكتائب الصفوة إضافة إلى جبهة النصرة” وقد جمعت كل الفصائل السابقة تحت اسم “الجيش الوطني السوري” تم استخدام أولئك المرتزقة في احتلال العديد من مدن الشمال السوري ومحاربة النموذج الديمقراطي الذي تبناه شعوب شمال وشرق سوريا ففي “عفرين وسري كانيه” ارتكب المرتزقة جميع أنواع الموبقات من قتل وترهيب للمدنيين وقطع للشجر وتدمير للحجر وتغير لديمغرافية المن

طقة وسرقة ونهب الآثار وهدم الرموز الثقافية للشعب الكردي واغتيال النشطاء المدنيين والسياسيين.

مرتزقة تحت الطلب

 ولم يقتصر تجنيد المرتزقة السوريين في سوريا فقط، بل نقلت تركيا إلى ليبيا التي تشهد حالة من عدم الاستقرار السياسي آلاف المرتزقة ويبلغ عددهم وفق إحصائيات رسمية 12835 مرتزق، وأثناء نشوب الصراع على إقليم “ناكورني كرباخ “ذي الأغلبية الأرمنية والمتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان أرسلت تركيا المرتزقة السوريين إلى أذربيجان وزجتهم في قتال القوات الأرمنية، ورغبة من أردوغان في العزف على وتر الصراعات التاريخية التي تحمل طابعا دينيا كمشكلة “كشمير” بين الهند وباكستان فقد بينت العديد من المصادر أن قياديا من مرتزقة “سليمان شاه” الممولة تركياً كشفت عن نقل أعداد من مسلحيها إلى إقليم “كشمير” للقتال مقابل 2000 دولار شهرياً، ومما لا شك فيه أن  الاعتماد التركي على المرتزقة الذين يعيثون فسادا في أي مكان تطأ أقدامهم فيها لن تكون النتيجة سوى كسب المزيد من عداء الشعوب لأردوغان واتباع نهجه وهو انتهاك صارخ للاتفاقيات الدولية المعنية بهذا الشأن.