27 أيلول أحلام الاستقلال ووعود المستعمرين

مريم الخوري –

بدأ هجوم ألمانيا في 10 أيار عام 1940 على فرنسا وبدأ هتلر باحتلال الأراضي الفرنسية شيئأ فشيئاً، كان من نتائج هذا الزحف الهتلري أن احتلت ألمانيا الجزء الشمالي والغربي من فرنسا في حين احتلت إيطاليا بقيادة موسوليني جزءاً صغيراً في الجنوب الشرقي، أما الجزء المتبقي فكان من نصيب حكومة فيشي (صنيعة الألمان) بقيادة فيليب بيتان.

كان وقتها الجنرال ديغول يقود إحدى فرق الجيش الفرنسي، فلما استسلمت فرنسا وسقطت بيد هتلر أبى أن يستسلم وانسحب مع الجيش البريطاني إلى إنكلترا وراح يسعى هناك إلى تأليف جيش يحارب إلى جانبه، فلبّى الكثيرون من الفرنسيين نداءه في الداخل والخارج، أما أولئك المحتلون لسوريا ولبنان فأعلنوا ولاءهم وخضوعهم لحكومة فيشي؛ فانقسمت فرنسا إلى فريقين؛ فرنسا الفيشية وفرنسا الحرة (الديغولية).

في تلك الأثناء أعلنت بريطانيا (حليفة فرنسا في الحرب وشريكتها في التقسيم) المحتلة لمصر وفلسطين وشرقي الأردن ومعها قوات فرنسا الحرة؛ الحرب على القوات الفرنسية الفيشية المتواجدة في سوريا ولبنان وحلقت طائراتها في سماء بلاد الشام ملقية سيلاً من النشرات تعد الشعب السوري واللبناني فيها بالحرية والاستقلال، كان مما جاء في تلك النشرات:

“أيها السوريون واللبنانيون الكرام، لقد أزفت ساعة عظمى في تاريخكم، إن فرنسا بصوت أبنائها الذين يحاربون من أجل حياتها وحياتكم ومن أجل حرية العالم تعلن استقلالكم

8 حزيران 1941

الجنرال كاترو”

ودخلت طلائع الجيش البريطاني والديغولي دمشق وطردت الفيشيين في 21 حزيران.

استقلال أيلول

 في السابع والعشرين من أيلول من العام ذاته أذاع الجنرال جورج كاترو بيان استقلال البلاد السورية.

مما جاء في بيان الاستقلال:

“أيها السوريون

في اليوم الثامن من شهر حزيران الماضي عند دخول جيوش الحلفاء بلاد الشرق أذعت عليكم باسم فرنسا الحرة ورئيسها الجنرال ديغول بياناً اعترفت فيه لسوريا بصفة الدولة المستقلة ذات السيادة …

لتحي سوريا المستقلة

لتحيا فرنسا

دمشق في 27 أيلول 1941

كاترو”

  وبناء عليه تشكلت حكومة سورية برئاسة حسن الحكيم، عُين فيها فائز الخوري وزيراً للخارجية وعبد الغفار الأطرش وزيراُ للدفاع، وفيضي الأتاسي وزيراً للمعارف، وأُعلن تاج الدين الحسني رئيساً للبلاد.

 اعترفت إنكلترا والولايات المتحدة الامريكية بهذا الاستقلال إلا أن ذلك لم يكن إلا حبراً على ورق غشاً وخداعاُ كعادة المستعمرين المحتلين، خانَ الفرنسيون العهود ولم يفوا بوعودهم واستمر الاحتلال بعدوانه ووحشيته وتابع السوريون كفاحهم ونضالهم ضد المحتل إلى أن اندحر أخيراً في نيسان 1946 وأجبر على إنهاء الانتداب والخروج من سوريا.