تفجير خط الغاز العربي وأصابع الاتهام تشير لتورط النظام

الدكتورة فرناز عطية –

للمرة السادسة يتم تفجير خط الغاز العربي الذي يمر بالأراضي السورية، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان حدوث انفجارات عنيفة يوم 24/8/2020، هزت بدورها مناطق بريف العاصمة دمشق، والتي تبين لاحقًا أنها ناجمة عن تفجير لخط الغاز العربي الواقع بين منطقتي الضمير والرحيبة بريف العاصمة دمشق، ما أدى لاندلاع النيران بشكل واسع، وعملت فرق الإنقاذ على إخمادها، دون معلومات عن خسائر بشرية، إلا أن الخسائر المادية كبيرة، وتعد منطقة القلمون الشرقي، حيث يمر خط الغاز، بوابة رئيسية إلى البادية السورية، التي انكفأ إليها عناصر التنظيم المتشدد من مناطق عدة تم طردهم منها خلال السنوات الأخيرة، كما تشهد تلك المنطقة توترات على مدار سنوات الحرب السورية، لاسيما الصراع الروسي – الإيراني، والسعي الروسي المتواصل لإنهاء تواجد القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها، بالإضافة لكونها تعد منطقة  “مصالحات وتسويات” بعد سيطرة النظام السوري عليها في العام 2018، حيث يتواجد مقاتلين من الفصائل انضموا إلى “قوات النظام وأجهزتها الأمنية” بعد التسويات.

 ويذكر أن سوريا شهدت حوادث مماثلة في فترات سابقة، والتي قيدت في معظمها ضد مجهول، فعلى سبيل المثال تم استهداف محطة الريان للغاز ومصفاة حمص ومعمل غاز المنطقة الوسطى عبر طائرات مسيرة 21/12/2019، ما أدى لاندلاع النيران في المناطق آنفة الذكر بعد انفجار بعض الأنابيب وأفران تحسين المواد البترولية، كذلك في 14 تموز/يوليو2019 استهدف خط نقل الغاز الواصل بين حقل الشاعر، ومعمل إيبلا للغاز في بادية حمص الشرقية الذي خرج عن الخدمة نتيجة استهدافه من قبل جهات لا تزال مجهولة، حيث ينقل هذا الخط أكثر من 2 مليون متر مكعب من الغاز بشكل يومي إلى معمل إيبلا ومنه إلى محطات توليد الكهرباء.

ما هو خط الغاز العربي وما أهميته؟

ويعد الجزء المستهدف من خط الغاز العربي هو المرحلة الثالثة من خط الغاز العربي  الممتد من الأردن إلى منطقة دير علي بريف دمشق في سوريا، ويذكر أن خط الغاز العربي اتفق على إنشائه عام 2000، من أجل تصدير الغاز الطبيعي المصري إلى دول المشرق العربي ومنها إلى أوروبا، وذلك على مراحل عدة، وانطلق الخط في مرحلته الأولى، من مدينة العريش شمال سيناء إلى العقبة في جنوب الأردن، أما المرحلة الثانية من المشروع فبدأت من العقبة وصولاً إلى منطقة الرحاب الأردنية والتي يلتقي بها فرع الغاز المصري بفرع خط الغاز السعودي على الحدود مع سوريا، ويقطع خط الغاز العربي حوالي 350 كم من الأراضي السورية، والتي تم الانتهاء منها بحلول عام 2005، وكان من المفترض أن يمتد إلى مدينة كلس التركية، ومن ثم يتم توصيله بخط غاز نابوكو ثم بالقارة الأوروبية، ويعتبر لهذا الخط أهمية اقتصادية لكونه خط عابر للقارات، وبالتالي يحقق إيرادات للدول التي يمر بها ومنها سوريا، وكذلك دوره في نقل الغاز بين عدد من الدول، كما يربط هذا الخط بين معظم حقول الغاز التي تخضع لنفوذ النظام السوري كحقول الرقة ودير الزور والشاعر وحيان، ويتم نقل غازها وتزويد المحطات الكهروحرارية السورية بالغاز، حيث يعتبر المسؤول الرئيسي عن تغذية محطات توليد الطاقة الكهربائية في المنطقة الجنوبية، ويبلغ قطره 36 إنشًا وباستطاعته نقل من 7 إلى 8 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا، ويقدم الخط كثيرًا من خدمات النقل الغاز لدول عربية كمصر والسعودية.

اتهامات متبادلة..

 أشار وزير النفط والثروة المعدنية بنظام الأسد في حكومة تسيير الأعمال إلى أن “الخط الرئيسي المغذّي للمنطقة الجنوبية تعرض لانفجار قد يكون ناجمًا عن عمل إرهابي”، وكذلك اتهم رئيس الحكومة السورية المعارضة  بالوقوف وراء تفجير خط الغاز، وفي المقابل اتهمت المعارضة السورية النظام بالوقوف خلف التفجير تزامناً مع انعقاد اجتماعات اللجنة الدستورية في جينيف لتعطيلها.

مؤشرات تشير لتورط النظام..

 استهداف موقع الانفجار بالرغم من تأمينه المستمر من قبل القوات العسكرية وأفراد من القطاعات الأمنية التابعة للنظام بشكل مستمر ودوري، إضافة إلى وجود عدد من خطوط الغاز الأخرى في هذه المنطقة؛ ولم يستهدف منها إلا ما يتبع الدول العربية، ومن ناحية أخرى لم يعلن تنظيم “الدولة الإسلامية” مسؤوليته عن هذا التفجير بيد أنه كان قد تبنى استهداف الكثير من حقول الغاز بأوقات سابقة.

كما تثير السرعة التي تم تغطيت أخبار حادث التفجير بها من قبل وسائل إعلام النظام التي وصلت إلى موقع الحادث إثر اندلاعه بوقت قصير عدد من التساؤلات، كما تم الاعتياد على مثل هذه الأفعال من قبل النظام السوري بالتوازي مع وجود حدث دولي يخص الشأن السوري بهدف تعطيله والتأثير على مساره لصالحه بأكبر قدر ممكن وإلصاق التهمة بالتنظيمات الإرهابية أو بالفاعل المجهول تنصلا من المسؤولية، كما يرى البعض أن استهداف خط الغاز العربي يرمي لتوجيه رسالة للدول العربية التي يمر عبرها خط الغاز مفادها أن هناك إستراتيجية جديدة تتبع في سوريا، وهي الإضرار واستهداف المصالح العربية داخل سوريا، مما يوجب على هذه الدول اتخاذ مواقف بعينها تجاه أطراف معينة بالداخل السوري للحفاظ على مصالحها، وبالتالي فإن تكرار عملية استهداف خط الغاز العربي، دون غيره، بالرغم من مرور خمس خطوط غاز أخرى كخط الغاز الإيراني، وخط غاز جيهان باكو، والخط القطري وخط نابوكو الذي ينقل الغاز لبحر قزوين، مما يثير حفيظة الدول العربية ذات المصلحة ويدفعها إلى اتخاذ إجراء بعينه لحماية مصالحها، كما يوفر ذلك أجواء تسمح  للمليشيات التي تتاجر ببيع المولدات والمحروقات باستثمار مالي كبير من خلال ابتزاز المواطنين في هذه الظروف.

وأخيرا لايزال النظام السوري يستمر في انتهاكاته بحق الشعب السوري من خلال افتعال الحوادث للحفاظ على مصالحه على حساب البلاد والعباد الذين شهدوا انقطاع الكهرباء في معظم المحافظات السورية لساعات طويلة متواصلة بسبب انفجار خط الغاز الذي يغذي معظم مناطق النظام بالكهرباء، في استمرار لسياسة اللامبالاة وانتهاك حقوق السوريين تحت مسميات متعددة.