مهجرات كري سبي يؤكدن بأن الإيمان والأمل بالعودة يزداد لديهن يوماً بعد آخر..

بينت النساء المهجرات من كري سبي بأنهن نشأن على فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان لذا سينظمن أنفسهن أينما كن، وأكدن بأن جل ما يتمنينه هو العودة إلى مناطقهن والعيش بأمان، بعد طرد المحتلين منها.

شنت الدولة التركية المحتلة في التاسع من تشرين الثاني 2019 هجوماً على مناطق شمال وشرق سوريا، وعلى إثرها أُجبر أهالي مدينة كري سبي/ تل أبيض من كرد وعرب وتركمان وأرمن على النزوح قسراً من المدينة، ولإيواء هؤلاء المهجرين؛ افتتح مجلس مقاطعة كري سبي بالتعاون مع مجلس الرقة المدني والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا مخيماً لهم بالقرب من بلدة تل السمن التي تقع على بعد 15 كيلو متراً جنوب ناحية عين عيسى وشمال مدينة الرقة.

يضم المخيم 970 خيمة، حيث يتراوح عدد القاطنين في كل خيمة بين أسرة وستة أسر، يقطن في المخيم 730 أسرة، أي 3557 مهجراً، بينهم 1220 امرأة و1720 طفلاً، ومنهم 53 امرأة حامل، 390 من المرضى ومن ذوي الاحتياجات الخاصة، وخلال الشهرين الأخيرين اتجه 459 شخصاً من كري سبي/ تل أبيض إلى المخيم.

وحول المشاكل والصعوبات التي يعاني منها المهجرات ضمن المخيم وقصص مقاومتهن وآمالهن وأمنياتهن، أعدت وكالة هاوار التقرير التالي:

حقل خاص تعمل فيه النساء فقط

ينظم القاطنون في المخيم أنفسهم من خلال افتتاح الكومينات والجمعيات، حيث افتتحت جمعيات للحلاقة والخياطة وجمعيات زراعية بعضها عام وبعضها مستقل (خاص)، فهناك حقلان للزراعة في المخيم، تزرع فيهما مختلف أنواع الخضار كـ (الفليفلة، الباذنجان، البندورة، البطيخ، الشمام، والملوخية)، في الحقل الخاص تعمل النساء فقط، ويباع الإنتاج في المخيم، والمال الزائد يوضع في صندوق المخيم لاستخدامه وقت الحاجة، وقد افتتح في المخيم 38 كوميناً بمعدل كومين لكل 10 خيم، ويقوم الكومين بتوزيع الخبز على المهجرين في الصباح.

يتلقى 1922 طالباً تعليمهم على يد 35 مدرساً من المخيم في مدرسة المخيم، يتعلم الطلبة وفق المناهج التي كانت مقررة في مدارسهم، ويكون التعليم باللغتين العربية والكردية للمرحلتين الابتدائية والإعدادية.

المركز الصحي يعمل رغم إمكاناته القليلة

في إطار الإجراءات المتخذة للحد من انتشار وباء كورونا أغلقت المدرسة، ومنع الخروج والدخول من وإلى المخيم إلا بإذن من إدارة المخيم، الأشخاص الذين يودون الدخول إلى المخيم يجب أن تكون معهم ورقة إذن بالدخول، كما يتم إخضاعهم لبعض الإجراءات عند باب المخيم، حيث وضعت إدارة المخيم في إطار التدابير الاحترازية خزانًا للماء أمام الباب، ويتناوب أعضاء القوات الأمنية على الحراسة مرتدين الكمامات والقفازات، من يريد الدخول عليه أولاً أن يغسل يديه ثم يتم فحص درجة حرارة جسمه من قبل أعضاء القوات الأمنية ويعقم يديه ومن ثم يدخل إلى المخيم.

وإلى الآن لم تظهر أي حالة إصابة بفيروس كورونا ضمن المخيم، ولكن أدوات التعقيم والحماية الشخصية قليلة، المركز الصحي في المخيم يعمل بإمكانات قليلة.

وحول الصعوبات التي يعانين منها النساء ضمن المخيم بينت إلهام عبد الحليم الشيخ، القاطنة في المخيم منذ ستة أشهر وهي أم لخمسة أطفال وحامل بطفلها السادس، قائلةً: “هناك فرق بين أن يولد الطفل في بيته وأن يولد في المخيم، أرغب أن يولد طفلي في مدينته في جو من الأمن والاستقرار، وليس في معاناة التهجير، وإذا رزقتُ بفتاة سأسميها أمل على أمل العودة إلى ديارنا”. 

“سنعود ونعمر مناطقنا من جديد”

راما بعاج التي كانت حاملاً بطفلها عندما هجرت، وضعت طفلها في المخيم، بينت أنهم عانوا كثيراً بسبب احتلال أرضهم وتهجيرهم منها، وقالت: “عندما هجرت كنت حاملاً وولد طفلي في المخيم، وهذا ألم كبير بالنسبة لي، ليتعرف ابني على تاريخه جيداً سأحدثه دائماً عن هذا النزوح وظلم المحتلين”.

وأردفت راما بعاج بأن النساء الموجودات في كري سبي/ تل أبيض يتعرضن الآن لمختلف أشكال الانتهاكات على يد المرتزقة من قتل واغتصاب وتعذيب؛ بهدف كسر إرادة المرأة لأنهم يعادون حرية المرأة وهدفهم الأساسي هو إضعاف المرأة، وتابعت: “نريد فقط العودة إلى وطننا والعيش بأمان، نريد العودة إلى حياتنا السابقة الآمنة”.

وبدورها أوضحت نارين عبد الرحمن أنهم لن يستقروا في المخيم لأن إيمانهم بالعوة إلى كري سبي كبير جداً، وقالت: “على الرغم من وجودنا في المخيم إلا أننا لن نستقر فيه، لأننا ننتظر العودة إلى ديارنا، فأملنا بالعودة يزداد يوماً بعد آخر، وعلى الرغم من أن المرتزقة نهبوا بيوتنا ودمروها إلا أننا سنعود ونعيد بناءها من جديد”.

واختتمت نارين عبد الرحمن حديثها قائلةً: “لن ننسى أبداً المعاناة التي مررنا بها، الصعوبات كثيرة في المخيم، الحرارة مرتفعة جدّاً في الصيف، هناك نساء حوامل، أطفال رضع، مرضى وكبار سن، الخيم ليست كبيوتنا، لا يوجد أعداء هنا ونعيش هنا في جو من الأمان، هناك صعوبات، ولكن إلى جانب ذلك هناك تنظيم وخاصةً بيننا نحن النساء فمن أجل حل المشاكل نجتمع مع بعضنا ونتناقش ونجد حلولاً للمشاكل من خلال الحوار، صحيح أننا هجرنا وأن أرضنا احتلت، ولكننا نحافظ على تنظيمنا دائماً، نقوم بتنظيم أنفسنا أينما كنا لأننا نشأنا على فكر القائد عبد الله أوجلان”.