No Result
View All Result
المشاهدات 1
” تقرير/ صلاح إيبو” –
بعد تحضير لوحتهم القماشية على مدار أيام، بدأ فريق العمل المتطوع من شبان وفتيات ومشرفين بفرش اللوحة التي ربما تدخل التاريخ كأطول لوحة قماشية رسمها الأطفال في العالم، لكن هنا تختلف الحكاية فهذه اللوحة تحاكي مآسي وأفكار أطفال شعبٍ تم تهجيره قسراً من منطقته بفعل دولة من دول الناتو، إذ شارك نحو 2000 طفل في رسم تلك اللوحة التي فُرشت على طول الطريق المتوسط لمخيم سردم حيث يقطن أكثر من 3000 من أبناء عفرين المُهجرين.
وحملت الفعالية التي وصفها المنظمون أنها أكبر لوحة قماشية ترسم بأنامل الأطفال في العالم، ويأملون أن تدخل هذه اللوحة موسوعة غينس للأرقام القياسية، شعار: “من حقي أن أعيش” وهذه الفعالية هي الفصل الأخير من لوحات قماشية رسمت بأطوال مختلفة بدأت بعد أشهر من توافد النازحين من عفرين ونواحيها إلى مقاطع الشهباء “شمالي حلب 10 كم” وحملت اسم “بصمات ألم”.
هذه اللوحة التي بدأ الأطفال الرسم عليها منذ صباح الاثنين الموافق لـ2 أيلول، استمرت إلى ساعات الظهيرة رغم الجو الحار، خرجت العديد من المواهب التي وصفها الفنان التشكيلي حنيف حمو بالجيدة، لكنه قال أن الهدف الأساسي من هذه اللوحة هو نقل ألم وأفكار أطفال عفرين للعالم، ولكن من الناحية المهنية بدت رسومات الأطفال عفوية وبسيطة.
“بصمات ألم” بدأ العمل به منذ شهر نيسان 2018 من قبل وكالة روماف الإعلامية واتحاد مثقفي عفرين ومشاركة فعالة من فريق الهلال الأحمر الكردي ولجنة التدريب للمجتمع الديمقراطي التي ساهمت في تنظيم الأطفال وتأمين تنقلهم بشكلٍ مريح.
روح التشارك بدت واضحة
في جزء صغير من هذه اللوحة التي امتدت على 500 متر وبعرض 160 سم، تشاركت الطفلتان “سيفين وسار” مساحة صغيرة ورسمتا مزرعةً صغيرة فيها أشجار خضراء وفراشات ومنزلاً ريفياً صغيراً ويحيط بالمزرعة سلسلة من الجبال، تُشير سيفين التي تندرج من قرية عبلة في ناحية بلبلة، أنها عملت على دمج ما في مخيلتها مع مخيلة صديقتها من الواقع الذي عاشتاه في عفرين، واتفقت هي وصديقتها التي تعيش حالياً في مخيم برخدان على رسم لوحة مشتركة تعبّرعن مزرعتهم الصغيرة التي تركوها خلفهم في عفرين.
ذكريات مؤلمة وآمال بمستقبل مشرق
الطفلة هيفين رسمت هي الأخرى فتاة تحمل في يدها مظلة وتسير على قارعة طريق مكتظة، وملامح وجهها غير واضحة، وقالت الطفلة التي بدت خجولة مقارنة مع أقرانها من الرسامين الصغار، أن لوحتها هذه تجسد تلك الليلة التي سارت فيها مشياً على الأقدام تحت زخات المطر برفقة عائلتها مرغمة وتوجهت إلى مخيم برخدان، في ريف حلب الشمالي.
آلاف اللوحات الصغيرة التي حملت معاني مختلفة من واقع الأطفال، وامتزجت هذه اللوحات بتعابير كتابية عن عفرين التي باتت اليوم محتلة من قبل الجيش التركي، وعلى طول اللوحة تبدلت المشاعر والرؤى لدى الأطفال، لوحات رسمت الدمار والقصف وأخرى عبرت عن فرحة الطفولة وأخرى أفرغت ذكريات الأطفال وأيامهم الجميلة في مدينتهم عفرين، الطفل عماد رسم مجموعة من الأطفال يمرحون في حقول الزيتون وبين المرتفعات الجبلية، يقولها الطفل الذي خرج مكرهاً من قريته في ناحية راجو، أن رسمته هذه هي تجسيد لذكرياته الجميلة في قريته، عندما كمان يتوجه برفقة أطفال القرية للعب في حقول الزيتون، مستذكراً أسماء بعضاً من أصدقائه الذين يرقد اليوم بعض منهم في التراب وآخرون هُجروا إلى أماكن بعيدة.
هل ستنصف مؤسسة “موسوعة” غينس أطفال عفرين؟
وأوضح الفنان أردلان إبراهيم المشرف مع الفنان حنيف حمو، هذا المشروع لقي صدى جيداً في الأوساط الإعلامية والمنظمات المهتمة بالطفولة، وهو يصادف اليوم الذي توفي فيه الطفل الكردي “آلان الكردي” غرقاً في مياه البحر أثناء رحلة هجرته مع عائلته باتجاه أوروبا، ولهذا تم اختيار هذا اليوم على وجه التحديد بهدف إرسال رسالة للمجتمع الدولي بضرورة حماية الأطفال وإعادة المُهجرين إلى ديارهم.
وأكد الإداري في وكالة روماف الإعلامية “نوري عدنان” وهو منسق العلاقات في هذه الفعالية التي ساهمت روماف بجزء كبير منه، على أنهم تواصلوا مع إداريين في كتاب غينس للأرقام القياسية، لكنهم تحفظوا عن الحضور بشكلٍ مباشر مبررين ذلك بضيق الوقت، وأشار إلى أن مندوبين من منظمة اليونسف تواصلوا معهم وسيتم إرسال ملف تصويري وكتابي شامل عن الفعالية وبعد الدراسة ربما يتم تبنّي هذا المشروع ويدخل في كتاب غينس للأرقام القياسية.
الأطفال أدخلوا الأمل في نفوس الكبار
هذه اللوحة لم تكن الأولى في العالم، وما يميزها هو تمازج الحزن والفرح معاً، وتجمع آلام جميع أطفال سوريا الذين عانوا من ويلات الحرب ووجدوا فسحةُ لهم للتعبير عما يدور في خلدهم، “لاف” من قرية كفر صفرة، رسمت شجرة زيتون ترمز للسلام ولكن ما ميزها هو وجه طفلة تجلس بالقرب منها وفي عينيها دموع، استوحت “لاف” هذه الفكرة من واقعها الذي عاشته إبان الاحتلال التركي، وبالقرب منها طفلة أخرى رسمت وجه طفلة قالت إنها صديقتها التي افترقت عنها نتيجة الحرب منذ سنة ونصف وهي تشتاق للعب معها.
صور متعددة، لكنها عفوية وبسيطة وسهلة الفهم، تعبّر عن أفكار الأطفال وتشابه آمالهم بإنهاء الحرب في سوريا والعودة إلى ديارهم، ولا قت هذه اللوحة البسيطة بتعابيرها والغنية بأفكارها استحسان الحضور، إذ توجه المئات من الأهالي والإداريين في المؤسسات المختلفة لمشاهدة هذه الفعالية وتقديم الدعم للأطفال، إلى جانب ذلك شاركت فرق فنية راقصة في الفعالية كنوع من الدعم للأطفال، ومن بين تلك الفرق “KOMA KALEN” وفرقة الهلال الذهبي.
لوحة البراءة… مشروع فلم ربما يرى النور
ويقول المخرج السينمائي هيثم مصطفى وأحد أعضاء اتحاد المثقفين أنهم بصدد تحضير فيلم يحمل اسم المشروع ذاته، وتم تصوير العديد من المشاهد لهذا الفلم وتم إجراء مقابلات حية مع الأطفال وشارك في التصوير كومين السينما في عفرين وحركة الثقافة والفن الديمقراطي، ويحاول القائمون على الفلم الربط بين ما تم في عفرين قبل وأثناء الاحتلال واللوحات الفنية التي رسمها الأطفال لتكون ترجمة فعلية عن الواقع المعاش وآمال التحرير والعودة.
No Result
View All Result