روناهي/ الطبقة – في الذكرى الثامنة لتحرير مقاطعة الطبقة من قبضة مرتزقة داعش الإرهابية، تواصل مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية تعزيز دور المرأة في مختلف جوانب الحياة، مع التركيز على تمكينها سياسياً واجتماعياً. ووسط هذه الجهود، تبرز هيئة المرأة في الطبقة أحد الأذرع الرئيسة في تحقيق التغيير المنشود في الواقع النسائي بعد سنوات من القمع والحرمان.
بعد معارك طاحنة دامت خمسين يوماً، في العاشر من أيار 2017، تمكنت قوات سوريا الديمقراطية وبريادة وحدات حماية المرأة، بمشاركة التحالف الدولي تحرير مقاطعة الطبقة، وإنهاء المعاناة التي فرضتها مرتزقة داعش على الأهالي، وخاصة على النساء اللواتي تعرضن لأقسى أنواع القمع والانتهاكات، ومع مضي سنوات على تحريرها شهدت المنطقة انتعاشاً ملحوظاً على الأصعدة كافة، وبالأخص المرأة.
المرأة قبل التحرير
قبل التحرير، كانت المرأة في الطبقة تخضع لظروف قاسية تحت حكم مرتزقة “داعش”. فقد فرضت عليها المرتزقة قوانين صارمة وممارسات تمييز، شملت حظر العمل والتعليم، وفرض النقاب الإجباري، وتم منع النساء من المشاركة في الحياة العامة، سواء في العمل أو السياسة أو حتى في بعض جوانب الحياة الاجتماعية.
كانت المرأة تُحرم من أبسط حقوقها مثل التنقل أو التعليم، وكان الكثير من النساء يعانين من العنف والتهميش على مدار سنوات سيطرة مرتزقة داعش.
النهوض بواقع المرأة بعد التحرير
بعد التحرير عام 2017، جاء تأسيس هيئة المرأة خطوة محورية لتصحيح الوضع، وتأسيس بيئة جديدة تعزز دور المرأة في المجتمع. وقد أُسِّست هيئة المرأة في الطبقة بعد إعلان تشكيل الإدارة الذاتية الديمقراطية في مقاطعة الطبقة في 25 تشرين الأول من العام 2017، حيث كانت النساء في مقدمة أولويات الإدارة الذاتية الديمقراطية في بناء مجتمع متوازن قائم على المساواة.
وفي هذا السياق، صرحت لصحيفتنا “روناهي”، رئيسة هيئة المرأة في الطبقة “تركية الحمادة”: “منذ بداية التحرير، كانت مهمتنا تهيئة الأرضية لإعادة تمكين النساء في مجالات الحياة كلها. وعملنا على بناء بيئة تتيح للمرأة أن تكون فاعلة ومؤثرة في صناعة القرار، وهذا تحقق بمؤسسات الهيئة”.
منذ انطلاقتها، بذلت هيئة المرأة جهوداً كبيرة في تعزيز حضور النساء في المؤسسات المحلية والريفية. وفقاً للإحصائيات التي قدمتها الهيئة، فإن نسبة مشاركة النساء في المجالس المحلية وصلت إلى65%، بينما استفادت أكثر من 700 امرأة من دورات التدريب المهني، التي شملت مجالات متعددة مثل الخياطة، والتمريض، والمشاريع الصغيرة، وهي أرقام تعكس التوجه القوي نحو تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً.
وتضيف تركية: “تمكين المرأة ليس فقط من خلال توفير الدعم المادي أو الاجتماعي، بل من خلال منحها الفرصة لتكون في مركز القيادة وصناعة القرارات. ونحن في الهيئة نعمل على تحقيق ذلك بكل عزم”.
التحديات والعقبات
ورغم هذه الإنجازات، تؤكد هيئة المرأة أن التحديات لا تزال مستمرة. فما تزال بعض المفاهيم المجتمعية التقليدية تشكل عقبة أمام تقدم المرأة الكامل، خاصة في بعض المناطق الريفية التي لا يزال حضور النساء فيها ضعيفاً.
وفيما يتعلق بالمستقبل، تركز الهيئة على التوسع في برامج التمكين الاقتصادي للنساء، خاصة في المناطق الريفية. وأن الهيئة تعمل على إبرام شراكات مع منظمات نسوية دولية ومحلية بهدف تقديم مزيد من الدعم للنساء في الطبقة وريفها.
ونوهت إلى: “نحن نعمل على دعم المرأة بشكل مستدام، وهذا يشمل التوسع في الدورات التدريبية وبرامج الدعم النفسي والقانوني، بالإضافة إلى دعم المشاريع الصغيرة التي تساهم في زيادة استقلالية المرأة الاقتصادية”.
وفي ختام حديثها، شددت رئيسة هيئة المرأة في مقاطعة الطبقة “تركية الحمادة” على أهمية تعزيز دور المرأة بشكل أكبر وضمان حماية مكتسباتها: “المرأة ليست مجرد شريك في بناء المجتمع، بل هي الأساس الذي يرتكز عليه هذا البناء. من دون المشاركة الكاملة للمرأة، لن يتم تحقيق الأهداف التي نسعى إليها في مشروع الأمة الديمقراطية”.