صرخة عفرين تُعري حقيقة الطغاة وأشباه الكُرد

” زكي شيخو “

من المؤلم جداً أن نرى يومياً ولعقود من الزمن استمرار مسلسل إبادة الشعب الكردي من جميع النواحي؛ جريمته الكبرى كونه كردي. إن ما تعرّض له أهالي عفرين من قبل الاحتلال التركي وحلفائه واتباعه من المرتزقة المهزومين المجردين من القيم الإنسانية والأخلاقية ومن وحشيتهم وإجرامهم وحقدهم، لا يمكن مقارنته بأيّ مرحلة مرت به تلك المنطقة منذ فجر التاريخ حتى يوم احتلالها. وكل ما ينشره إعلام الدولة التركية المحتلة، بالإضافة إلى الجماعات المتطرفة الراديكالية والائتلاف الوطني السوري من الدعايات المضادة وتشويه الحقائق وتقديم الصورة الحقيقة بشكل معكوس، من جعل الظالم مظلوماً والجلاد سجيناً والقاتل مقتولاً، وكل الاتهامات التي تطلقها الدولة التركية وقياداتها ضد الشعب الكردي وقواته التحررية، هي محاولة هزيلة فاشلة ويائسة لطمس الحقائق التي تؤكد انهم قاموا بالعدوان واحتلال منطقة عفرين وارتكبوا فيها المجازر والتدمير والإبادة. محاولين دفن الجرائم البشعة التي ارتكبوها بحق أناسٍ مسالمين، ولفرض واقع على جماجم وأشلاء وهوية شعب آخر تم تهجيرهم بقوة السلاح والإرهاب من موطنهم.

أجبر إرهاب القوات التركية والمجموعات المتطرفة مئات الآلاف من أهالي عفرين على الهجرة والنزوح القسري، متبعين أساليب متعددة لسلب جميع مقومات البقاء وتحويل حياتهم إلى جحيم لا يطاق، في سبيل تنفيذ مشروعهم الاحتلالي لإحداث تغيير ديموغرافي؛ ما أجبر أغلب أهالي عفرين على ترك منازلهم وحقول زيتونهم ومقابر أجدادهم، وفي قلبهم حسرة العودة يوماً ما إلى ديارهم، حيث احتله أشباه البشر.

المعروف عن أهل عفرين قيمهم السامية والنبيلة يمجدون روح التسامح ولا يحملون مشاعر الحقد والضغينة لأحد، طيبون لدرجة كبيرة متواضعون ويتواصلون مع الثقافات المتنوعة ببساطة. أشجار الزيتون وقراهم ومدنهم وذكرياتهم المحفورة في وجدانهم تعتبر الرئة بالنسبة لهم، وعفرين معروفة بعالمها الواسع الغني بالمواهب الثقافية والفنون وتراثها وأغانيها التي تعبّر عن المعاني السامية وحب الحياة والكدح والصدق والإخلاص، ولديهم شغف بالعلم والتطور والتحصيل العلمي.

ويكسبون لقمة أطفالهم بعرق جبينهم رغم ذلك يتصفون بخصال الكرم الذي قل نظيره، هذه القيم التي تحاربها الجماعات المتطرقة كمرتزقة داعش وأخواتها الذين استولوا على تلك المنطقة الغنية الجميلة بطبيعتها الخلابة، وبكدح أهلها متخيلين إنها جنتهم الموعودة من قبل الله ولويس ويتزل؛ أردوغان، (لويس ويتزل السفاح سلب أرواح الآلاف من الهنود الحمر الأبرياء). هل هناك حفلات دينية أو مدنية أسوء من التي تم ويتم تنظيمها من قبل الدولة التركية المحتلة ورئيسها أردوغان؟!، ابتهاجاً لسفكهم دماء الكرد في عفرين، ومع هذا هناك الكثير من المغفلين يمجدون أردوغان كرمز للمسلمين.

قامت حكومات الدول وبخاصة دولة الاحتلال التركي بتقاسم كردستان واحتلالها وممارسة انتهاكات بحق الشعب الكردي، منذ ما يقارب قرن من الزمن وصولاً إلى احتلالها لعفرين الكردية، وارتكابها أبشع الجرائم ضد الإنسانية، وبجميع الوسائل الممكنة. ولذلك؛ كان لا بد من تسليط الضوء عليها بخطوطها العريضة دون الخوض في التفاصيل والتي هي من اختصاص المؤرخين. وهناك بعض الحقائق والتجارب التاريخية الحية منها، والمنسية في أغلبها وبخاصة ما حل بالشعوب والإثنيات المسلمة في المناطق القفقاسية والبلقانية من قبل الإمبراطورية الروسية وأدواتها. والإبادة الأرمنية والشعوب المسيحية الأخرى من قبل السلطنة العثمانية، والدولة التركية يبدو أنها تسير على المنهاج نفسه، بالإضافة إلى القضية الفلسطينية ومأساة شعبها المستمر، وكيف تم ابادة تلك الشعوب وتم تغيير ديمغرافية مناطقهم بشكل تعسفي وإجرامي. ولكي نعيش بسلام وأمان؛ لا بدّ من حل القضية الكردية، وحصول الكرد على حقوقهم كاملةً وبخاصة أن الكرد أمة كاملة متكاملة لديها جميع مقومات الأمة.