No Result
View All Result
المشاهدات 0
نوري سعيد –
المتتبع للشأن التركي يلاحظ أوجه التشابه بين ما يقوم به أردوغان وما كان يقوم به دونكيشوت في حربه ضد طواحين الهواء، فتركيا تصنع لنفسها أعداء وهميين رغم أنها لم تتعرض لأي تهديد أو اعتداء من أي طرف سوري. ومع ذلك يصرح قادة العدالة والتنمية إن الأمن القومي التركي في خطر بسبب الإدارة الذاتية الديمقراطية، وقوات سوريا الديمقراطية، ويطالبون بإقامة ما تسمى بالمنطقة الآمنة على حدودهم مع سوريا! وإذا كانت تركيا صادقة فيما تدّعي فهل ليبيا والسودان والصومال تشكل تهديداً لها ولأمنها، فلتوضح سبب تدخلها في شؤون تلك الدول. تركيا تدق طبول الحرب ورسائل السلام تصل من إيمرالي موضحة بأن قضايا المنطقة لا تُحل بالحروب بل بالسلم والحوار، ولكن علينا ألا نستغرب لغة الحرب التركية، لأن الأنظمة الفاشية كالنظام التركي الذي يكن العداء لشعوب المنطقة، ويحاول تصدير أزماته الداخلية إليها.
هذا الأسلوب جعل الكثير ممن كانوا رفاق درب أردوغان في العدالة والتنمية الانسحاب من الحزب وأولهم عبدالله غول، وداؤود أوغلو، وغيرهم، في الوقت الذي تتجلى القيادات الحكيمة في المنعطفات المصيرية للدول، ولكن أردوغان بسياساته الفاشلة هذه يقود تركيا إلى الهلاك، خاصة عندما تخلى عن النظام البرلماني وحل محله الجمهوري حتى يتفرد بالسلطة، إننا نرى بأن العزف على وتر الفوبيا الكردية لن يفيد أردوغان في شيء لأن الكرد في الأجزاء الأربعة هم دعاة سلام، والتعايش الأخوي المشترك، وهم شعب من حقه العيش بكرامة، والحصول على حقوقه المشروعة. والحروب المصيرية التي خاضتها تركيا لولا الكرد لما انتصروا فيها، كمعارك ملاذ كرد وجالديران، وليس من مصلحة النظام التركي معاداة الكرد لأن تاريخ المنطقة أثبت أن قوة تركيا تكمن في انفتاحها على الكرد، وإذا أقدمت تركيا على أية خطوة عدائية في شمال وشرق سوريا بحجة “المنطقة الآمنة”، سوف تكلفها الكثير. لأن شعوب المنطقة اختارت المقاومة ضد أي اعتداء سافر عليها، وهذه المنطقة جزء من سوريا ولابد أن تتضافر جهود كافة السوريين، للوقوف بوجه أي هجوم تركي محتمل، وهذه المرة لن تكون كالمرات السابقة قطعاً. ونحن في الشمال السوري لم نعتدِ يوماً على تركيا، بل هي التي تحتل أراضٍ سورية وتسعى لاحتلال المزيد، وبدلاً من المطالبة بمنطقة آمنة جراء انتهاكات النظام التركي لحرمة الأراضي السورية، تقوم هي بذلك على مبدأ ( ضربني وبكى سبقني واشتكى )، إن خسارة العدالة والتنمية لرئاسة بلدية اسطنبول أفقد أردوغان صوابه، وهو يحاول بشتى السبل أن يجعل من نفسه أتاتورك آخر أو سلطان من سلاطين آل عثمان، ولكن ذلك لن يكون بالمغامرات لأن الوضع الداخلي التركي غير مستقر وعلى وشك الانفجار في أية لحظة، والخلاف الروسي التركي يتفاقم جراء الوضع في إدلب، وعلى تركيا الانسحاب من الأراضي السورية والكف عن تهديداتها، لأن صبر السوريين كاد أن ينفذ ولن نقبل مطلقاً بالوجود التركي غير الشرعي على أرضيهم. وعلى النظام السوري الكف عن كيل الاتهامات لقوات سوريا الديمقراطية، لأنها لن تقبل الطعن في وطنيتها التي أثبتتها قولاً وفعلاً، وهذه القوة هي من حافظت على شمال وشرق سوريا من أي تدخل تركي أو داعشي ولا تزال، وعلينا جميعاً تبني لغة الحوار في هذه المرحلة لأن تهديدات تركيا لا بد أن تُجابه بقوة ووحدة الصف، حيث تُصِر تركيا على فرض رؤيتها في إقامة ما تسمى بالمنطقة الآمنة، وطبعاً هذا مرفوض من قبل ( قسد ) والإدارة الذاتية لأن أي مساس بالسيادة السورية خط أحمر، ولابد أن نكون نحن السوريون جميعاً موالاة ومعارضة جاهزين لكافة الاحتمالات حتى لا نندم في وقت لا ينفع فيه الندم.
No Result
View All Result