روناهي/ عين عيسى ـ خاضت المرأة السورية في مناطق شمال وشرق سوريا تجربة مريرة من خلال تفشي الفكر المتطرف والتعصب الديني الذي أصاب مجتمعاتنا نتيجة استغلال الخطاب الديني من قبل أجندات تخدم مصالح دولية وإقليمية، سببت الكثير من المشاكل الاجتماعية التي عانت وتعاني منها المرأة، واستطاعت المرأة في هذه المناطق تجاوز بعضها بعد القضاء على مرتزقة داعش عسكرياً في المنطقة، لذلك وجب إقامة اللقاءات والحوارات التي تناقش هذه المشاكل للعمل على الخلاص من هذه الأفكار وللنهوض بالمجتمع نحو الأفضل.
أقام مجلس المرأة السورية ملتقى حواري في ناحية عين عيسى لمناقشة جانب من هذه المشاكل تحت شعار( المرأة والدين … جدلية التسلط والتحرر)، وعلى هامش الملتقى الحواري كان لصحيفتنا لقاء مع محاضرات ومشاركات في الملتقى الحواري.
محاوِر النقاش في الملتقى في غاية الأهمية
حيث كان لنا لقاء مع عضوة الهيئة التنفيذية لمجلس المرأة السورية والمحاضرة في الملتقى سهير حامد والتي تحدثت قائلة:” الهدف من اللقاء الحواري هو تسليط الضوء على التطرف، وما تعرضت له بعض المناطق في سوريا والعراق من أثار جسدية ومعنوية جسيمة كتجربة طالت المرأة بوجه خاص والمجتمع على العموم”.
وأضافت” الحل يكمن في الحوار فمن خلال التحاور ومعرفة تجارب النساء وما عانينَّ منه يمكن إيجاد الحلول المناسبة ، فالحوارات هذه تكمن أهميتها من خلال النقاش المطول، والذي يوصِل إلى الحلول العقلانية لهذه المشكلة، ومعروف أن مجتمعاتنا عانت كثيراً من التطرف الديني، وهنالك وسائل كثيرة لانتشار التطرف والتعصب الفكري وغيره من خلال (السوشل ميديا) سبب انتشار الفكر المتطرف وبشكل كبير، لذلك إذا تكافلنا كمجتمع كرجال ونساء يمكن أن نخلص مجتمعاتنا من هذه المشاكل”.
وكان لنا لقاء مع نائبة المنسقة العامة لمجلس المرأة السورية هيفاء محمود التي بدأت حديثها بالقول:” ما أود أن أشدد عليه هو المحور الثاني من الملتقى الحواري المنعقد والذي يتناول (تحرير المرأة من خلال المصطلح الديني والتغييرات المأثورة)، في غاية الأهميَّة لأنَّ المقصود ليس التطرف الديني للإسلام لأنه ليس محصوراً بالإسلام فهناك تطرف في كل الأديان الأخرى كالمسيحية واليهودية… إلخ، فالتطرف نشأ مع ظهور الدين والقبيلة والأحزاب، ولم يكن موجوداً خلال العصور البدائية عندما لم يكن المفهوم الديني سائداً، وكان الإنسان ملك نفسه ولا علاقة له بالآخرين، ومن ضمن ذلك أن كانت المرأة حرة وملكة نفسها، ولم يُمارس بحقها أي نوع من التطرف والتعصب”.
وأردفت قائلةً:”علينا أن نعرف التطرف والمتطرف من هم..؟ فالمتطرف هو الشخص الذي ينسب كل شيء جيد لنفسه، وكل شيء سيئ سوف تنسبه إلى غيرك، حتى لو كنت على حق فأنت مُتطرف لفكرك وآراءك، ونجد بأن كل الأديان الموجودة يوجد فيها تطرف ومذهبيّة وتعصب، ففي كل الأديان جانبان جانب حق وآخر باطل، فالجانب الحق متى يكون متطرفاً؟ هو عندما تدافع عنه مباشراً، لذلك هذا الأمر يخلق الأتباع والمعارضين، ويولد التطرف والتعصب”.
فهم النصوص الدينية بطريقة خاطِئة وتوظيفها سبب التطرف
بدورها المشاركة في الملتقى الحواري من مدينة الرقة سعاد الكردي تحدثت قائلة: “هذا الملتقى مهم للغاية وخاصة في الفترة الحالية، ونحن بصدد معالجة الأثار السلبية التي تمر بها المنطقة في الرقة وسوريا بشكلٍ عام، والمشاكل التي عانت منها المرأة بشكلٍ خاص، وأحد هذا الأسباب هو التطرف بشكلٍ عام فهو لا ينسب إلى الإسلام فقط فهو موجود في كل الأديان المسيحية واليهودية وغيرها، فأي شخص يحمل فكراً متعصباً يكون متطرفاً”.
وتابعت حديثها” أهم أشكال التطرف هو التطرف الديني من خلال الفهم الخاطئ للنصوص الدينية، وتسييس التطرف وخاصة الضغط الذي مورس على المرأة بسبب هذه الأفكار، واستغلال الشعار الديني وتوظيفه، لذلك تم الضغط على المرأة ومورس التطرف عليها، وعنفت واستغلت”.
وأشارت سعاد إلى الحلول من وجه نظرها” من أهم الحلول التي نسعى إليها العمل على تحرير المرأة في محو أمية المرأة في كافة المجالات لإرسال الفكر الصحيح، وفهم النصوص الدينية، فإذا استطعنا أن نهتم بتعليم وتنوير المرأة سوف ننجح في القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة”.
كما تطرق إلى مسألة تشويه الدين واستغلال الدين لتنفيذ الأجندات الخبيثة: “بسبب عدم الفهم الحقيقي للدين وقصر المعرفة لدى نسبة كبيرة في مجتمعاتنا، اتجه أغلب فئات المجتمع إلى ظاهرة التطرف الديني، وبالتالي نلاحظ بأن الذين لديهم علم واسع وأرضية دينية جيدة لم ينجروا إلى هذا الأمر، وكان هدفهم الأساسي مهاجمة الإسلام، وتسييس الإسلام لصالحهم ومن أبرز المظاهر لها هو جلد النساء، وفرض لباس معين لهنّ، وتجريدهن من حقوقهن بشكل كامل”.
وعزت سعاد الكردي تمسك بعض النساء بمظاهر التطرف الداعشي إلى الآن يعود ذلك إلى عوامل عدة كالخوف بسبب التهديدات التي تمارسها خلايا داعش الخفية، وقد يكون أيضاً اعتقاد بهذا الشيء واقتناع به، وممكن أن يكون نوع من أنواع التطبع والاعتياد، لذلك فمهمتنا هي العمل على معالجة هذه المشكلة بالتوعية والحد منها بقدر المستطاع حسب قولها.
المرأة في شمال وشرق سوريا حققت الكثير من الإنجازات
الرئيسة المشتركة للمجلس العام لإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا سهام قريو والمشاركة في الملتقى تحدثت قائلة: “في هذه الفترة انتهينا من الإرهاب، ولكن الفكر المتطرف لم ننتهِ منه بعد، يجب أن نفهم جميعاً الاستراتيجية المستقبلية للخلاص من هذا الفكر في مناطقنا ويجب العمل في كافة المجالات الفكرية والثقافية، وهذه الاستراتيجية يلزمها الكثير من الجهد ليس على المستوى المحلي وحسب بل على المستوى العالمي ككل”.
وأكدت سهام ” طالبنا بمحكمة دولية لمحاكمة الدواعش في مناطقنا، وهذه من التحديات الكبيرة التي وقعت على عاتقنا، ويجب أن تكون نظرتنا علمانية للخلاص من كل المشاكل، ولاحظنا أنه في هذه القاعة بعض النساء لا زلنا يعانين من الفتاوى الدينية والخطاب الديني”.
ووضحت الرئيسة المشتركة للمجلس العام في نهاية حديثها “نحتاج إلى ندوات ولقاءات كثيرة وخاصة في هذه المناطق لأننا لم نخرج من الطوق الذي وضعنا به، والمرأة في شمال وشرق سوريا حققت الكثير من الإنجازات، والمكتسبات نتيجة فكر الأمة الديمقراطية، والتفوا حول هذا المشروع من كافة الشعوب، هذا الفكر الذي جعل المرأة تُشارك في كافة المجالات، وفي مواقع صنع القرار، وكلما كان القرار بيد الرجل في المؤسسات الحكومية لن تصل المرأة إلى حقوقها ولدينا تجربة فريدة من نوعها في شمال وشرق سوريا من خلال الرئاسة المشتركة لتصل المرأة إلى ما تناضل من أجله”.