الأمريكيّ براغماتيّ له ثوابته إلا أنّه يغيّر تكتيكه وفق متغيرات الموقف. فيما لم يتدخل الروسيّ في سوريا إلا لغاية واحدة وهي مصالحه والتي تطلبت تثبيت قدمي النظام، وهو بعد أن رسّخ نفوذه سعى لإضعاف الدور الأمريكيّ والإيراني ويطالب بإخراجهما من الساحة السوريّة بالتقارب مع تركيا وصولاً إلى اتفاق الشراكة مع تركيا، باعتبارها أهم بالنسبة من سوريا والدماء التي أريقت وهي بيضة القبّان في معادلة التوازن في المنطقة وبذلك أطلقت اليد التركيّة في سوريا وأعطت الضوء الأخضر بالعدوان على عفرين قرباناً لمصالحها وعقدت معها صفقة منظومة الصواريخ إس 400 الأحدث على مستوى العالم، متطلعة إلى إحداث خرقٍ بحلف الشمال الأطلسي.
ضمن هذا السجال العقيم وانسداد آفاق الحلّ والتنافس بين القوى الدوليّة والإقليميّة، نجد ثمّة مفارقة، فالجميع له مخاوفه من الإرهاب ووصوله إلى بلده. ولكنهم؛ توافقوا باتخاذ موقف الصمت إزاء عدوان الإرهاب على عفرين، ما طرح الأسئلة بالجملة، وبعد أكثر من عامٍ من العدوان جاء الردُّ على الأسئلة دفعة واحدة، عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات البلديّة وخسارة أردوغان كبرى المدن، ووقتها فقط صدر بيان مشترك من وزراء خارجيّة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ومصر وألمانيا والأردن والسعودية قالوا فيه إنّ ما يحدث الآن في شمال سوريا وفي مدينة عفرين من انتهاكات تركيّة جرائم بحق الكرد. وذلك بالتوازي مع تخيير وزير الدفاع الأمريكي مايك بنس أنقرة بين إتمام صفقة الصواريخ الروسيّة أو عضويّة الناتو.
السابق بوست
القادم بوست