هل شنكال بخير؟؟؟

أزهر أحمد –

وكأن السماء كسرت قيودها، ترغب بالتخلص من روتينها المعتاد، هل بدأت تتمرد على أوامر السلاطين والأباطرة والملوك، ستكسر حبات برد آذار أصنام يقدسها صوافي السلاطين، سئم السماء من يتراءى بيمين كاذب بعد اقتراف المعاصي ولحظات الخلوة، ويريدون التوبة رجاءً بتطهير معاجم قذارة أعمالهم، الحلفان والتكبير والركوع والسجود المصطنع كرهه الجميع.

هذه المرة السماء ليست كعادتها، وكأنها أفاقت من سباتها وتريد أن تتمرد  فتزداد هيجاناً وردود أفعال أكثر من التنديد والشجب والاستنكار والانزعاج، والعبارات الطنانة والرنانة والشعارات البالية تزداد تمرداً آخذةً قوتها من زغاريد الفتيات  الثائرات من الكرد والعرب والسريان وأصدقائهم، وأصوات بنادق مقاتلو قوات سورية الديمقراطية، ووحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة. وتزداد السماء شعوراً بالذنب كلما تعالت أصوات المعذبين سجناً، حرقاً، قصاصاً اغتصاباً، إرهاباً، برداً. فترتجف السماء شعوراً بالذنب على ما يسمعه ويراه من فنون الظلم في ربوع الأرض، فيأمر الغيوم على غير عادتها، ولتتناثر نثرات عواصف الغبار والعجاج الغادر والرعد يغلي غضباً دون أن ينطق ليبقى صامتاً يتأمل المشهد وقاراً للمعذبين لحظات النجوى وحزناً على الشهداء لحظات مراسيمهم في المزارات.  والشمس تُداعب وجوه الأطفال الإيزيديين المخطوفين دفئاً ونوراً لحظات تحريرهم  في الباغوز، وطرداً لظلام كم كرهته تلك الوجوه البريئة، ولتكون الباغوز آخر الشهود على من كان يتستر بالسماء وبمن جالس فوق العرش أسطورة دنس اسمه العصاة، ليصطحب مجموعة شابة تجمع بين الأجناس والأديان عرباً، كرداً سرياناً، وإشارات واضحة على الكتف (قوات سورية الديمقراطية – وحدات حماية الشعب والمرأة – المجلس السرياني ومجلس دير العسكري ومجلس منبج العسكري ومجلس باب العسكري ومجلس رقة العسكري  وجيش الثوار)، الكل متشغف لتحرير السجناء، ولكن وحدات حماية الشعب كانت الأسبق على احتضان الأطفال الإيزيديين الإحدى عشر، ليركض الأطفال إلى أحضان المقاتلين والمقاتلات “YPG ،YPJ”، وليكون أول سؤال يجبر جميع المقاتلين للبكاء والتأثر بالموقف عندما سأل أحد الأطفال هل شنكال بخير؟؟؟ هل شنكال بخير؟ هل شنكال بخير؟ مردداً السؤال ثلاث مرات وعيناه تدمعان.

يا له من موقف ويا لها من عبرة، كم تأثر المقاتلون والمقاتلات بكلمات ذاك الطفل، وهم يتأملون ملامح وجوه الأطفال وكلمات ذاك الطفل الهائج فرحاً تارةً وحزناً تارةً أخرى، ازداد المقاتلون يقيناً بأن الوطن أغلى من الأب والأم وجميع الأصول والفروع ومن نعاشرهم في حياتنا، وأغلى من الكنوز والأملاك. فطمأن أحد المقاتلين الأطفال قائلاً: “نعم شنكال بخير يا صغاري، وهناك من ينتظر عودتكم في شنكال، فقال أحدهم إنني متأكد إنني قد خسرت والدي  ووالدتي ومنزلي لأنني رأيت القصاص بأم عيني، ولكنني فَرِح بأني عائد إلى صخور شنكال، حضن شنكال الدافئ سيخفف عني مصيبتي ويعوضني من حرماني حضن والداي، الوقت داهمهم ليطلب أحد الرفاق منهم الإسراع في مغادرة المكان قبل حلول الظلام. فحرق الجميع تلك السترات السوداء التي أجبروا على ارتدائها، ومضى الجميع وأصوات أهازيجهم تتنقل بين السحب تارةً وبين الغيوم أخرى. وليردد الجميع (تعيش شنكال، تعيش شنكال)، فتصادمت الغيوم فرحاً لترعد من جديد معلنةً فرح السماء، لتهدي حبات مطر ناعم تداعب وجوه الأطفال  الحالمين بغد أجمل، المرددين عاشت شنكال عاشت QSD عاشت ال YPG عاشت ال YPJ.