قامشلو/ دعاء يوسف – على مدار ثلاثة أيام، تغنت مدينة قامشلو بمهرجان “أدب وفن المرأة” العاشر، والذي احتضن ثلاثة أقسام رئيسية: الفن، والأدب، والأعمال اليدوية، وفي برنامج متنوع من الفعاليات التي حظيت بحضور لافت، طغت على المهرجان حرفة الأعمال اليدوية.
المهرجان الذي نظمته هيئة الثقافة في مقاطعة الجزيرة بالتعاون مع حركة هلال زيرين من السابع عشر من نيسان، ولغاية التاسع عشر منه، تحت شعار “الفن الحر بصوت ولون المرأة” في حديقة آزادي بمدينة قامشلو، شمل ثلاثة أقسام رئيسية: الفن، والأدب، والأعمال اليدوية، مقدماً برنامجاً حافلاً بالأنشطة التي جمعت بين الأمسيات الشعرية، والمعارض الفنية، وعروض الأفلام الوثائقية، بالإضافة إلى العروض الموسيقية والفلكلورية؛ ما شكل منصة فريدة لعرض الإنتاج الثقافي والفني للمرأة.
حضور فني وتراجع أدبي
برز في المهرجان هذا العام الجانب الغنائي، بمشاركة فرقة “ياسنا” وفرقة “ستيرا زيرين”، إلى جانب وصلات غنائية قدمتها الفنانتان “ياسمين عسكر، وسمية محمد”. في المقابل، تراجع الحضور الأدبي مقارنة بالأعوام السابقة، حيث غابت القصة عن الفعاليات رغم وجودها في المسابقة، واقتصر الشعر على مشاركتين فقط، هما “مريم تمر” بالعربية، و”أيفر يلدزتان” بالكردية. وكالعادة، غابت اللغة السريانية عن القسم الأدبي، رغم مشاركتها العام الماضي.
شهدت الفعاليات تقليصاً في العروض الفلكلورية والمسرحية، واقتصرت على عرضين فقط لفرقتي الدبكة الشعبية “أنوش أبيدان الأرمنية”، و”أزدا إيزيدخان”، كما غاب المسرح بشكل كامل عن البرنامج، ما أضعف المحتوى الفني مقارنة بالنسخة السابقة، رغم أن الدورة الماضية استمرت يومين فقط مقابل ثلاثة أيام هذا العام. ولا يفوتنا أن ننوه، إلى أن النساء اللواتي قدمن فقراتهن وعروضهن في المهرجان قد أبدعن وأظهرن لون وثقافة المرأة الغنية بالعلم والمعرفة، وقد لاقى المهرجان حضوراً كبيراً من الزوار.
قصائد تلامس الواقع النسوي
شارك في المجال الأدبي من برنامج المهرجان، الشعر، فيما غابت منصات عرض الكتب والإصدارات الجديدة التي كانت من أبرز ملامح الدورة السابقة. هذا وقد بينت الشاعرة “أيفر يلدزتان” التي حضرت من باشور كردستان، أن هذا المهرجان منصة لإبداع النساء في المجالات كافة.
وعن مشاركتها تقول: “لقد شعرت بالسعادة أثناء إلقاء قصيدة على الحضور الذين تفاعلوا معها، وامتازت القصيدة بجمالية الصور الشعرية وقوة المفردة، وتحدثت فيها عن المرأة التي هي رمز الحياة، وكائن قادر على الحب، والإبداع، والتغيير، دون أن تفقد إنسانيتها في وجه العواصف”.
وأكدت الشاعرة “أيفر يلدزتان” في ختام حديثها: “إن الكلمة ما زالت تمتلك القوة على الإلهام والتأثير، خاصة حين تنبع من قلب امرأة تؤمن بدورها وصوتها”. وقد كانت مشاركتها واحدة من أبرز لحظات المهرجان، وتركت أثراً فنياً وإنسانياً لا يُنسى.
كما كان لقصيدة الشاعرة “مريم تمر” الإقبال ذاته فقد حاكت العديد من المشاعر، التي جاءت في الحرب وسقوط نظام طاغي وولادة جديدة للحياة، كما استذكرت المخيمات والأراضي التي سُلبت من شعبها، لتصف الواقع السوري في جميع جوانبه.
تنوع ثقافي وتمكين نسوي
وكما أنف ذكره، إن الغناء قد طغى على أروقة برنامج المهرجان، وقد بينت عضوة فرقة ستيرا زيرين “جين يحيى محمد” أن هذا المهرجان هو تخليد لإنجازات المرأة، ومنصة تظهر تميزها.
ونوهت، أن المرأة تُمثل الفن والثقافة، وبارتباطها الوثيق بتراثها وعراقة تاريخها، فهي تُحافظ على الثقافة من الاندثار، وتصونها من السياسة السلطوية والرأسمالية التي تطبق عليها.
فيما أشادت “جين” بتنوع الشعوب المشاركة في المهرجان، وبمشاركة النساء السريانيات، والإيزيديات والأرمنيات، والكرديات، والعربيات في فعاليات المهرجان: “لم تكن المرأة الكردية قادرة على الحديث بلغتها وثقافتها، واليوم هي تظهر فلكلورها وتراثها في المهرجانات، والفعاليات المقامة”.
واختتمت عضوة فرقة هلال زيرين جين يحيى محمد: “لمهرجان أدب وفن المرأة قدسية خاصة، فقد أعطى فرص قيمة للنساء، حتى يتمكنَّ من المشاركة سواء كان في الأدب، أو الرسم، أو الأشغال اليدوية، وحتى يثبتن أيضاً أن المرأة باستطاعتها أن تكون ناجحة في المجالات كافة، وليس في منزلها فقط فهي تستطيع أن تكون الشخص القيادي بطريقة التعبير عن موهبتها”.
وفي قسم اللوحات الفنية عرضت 45 لوحة فنية متنوعة، وصفت قوة المرأة والحياة والطبيعة، كما حاكت اللوحات معاناة النساء، ولكن الأمل والحياة كانت عنواناً لأغلب اللوحات.
فيما ترى الفنانة التشكيلية “نايا إبراهيم”، أن الفنانات كن قادرات على التعبير عن الإبداع والجمال الموجود في روح المرأة، وقد رسمت “نايا” لوحة لامرأة في زيها الكردي، تقف إلى جانبها امرأة ترتدي لباس الكريلا، وقد جسدت الفنانة قيمة المرأة وعنصرها الجمالي.
قسم الأعمال اليدوية
وفي قسم الحرف اليدوية شاركت 23 جمعية ومنظمة، وقد تراجع الطابع الأدبي والفني في المهرجان، إذ خُصصت ساعتان فقط للجانب الأدبي، افتتح اليوم كاملاً للأعمال اليدوية والحرفيات، ومعرض الرسم، ورغم أهمية هذا الجانب، إلا أن طغيان الطابع التجاري على الجانب الأدبي والفني أثار انتقادات، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية، ما يفرض مستقبلاً ضرورة إعادة التوازن بين البعد الثقافي والطابع السوقي.
وقد كان هناك مشاركة خاصة لذوي الهمم بين خيام المهرجان، إذ شاركت منظمة نودم للتنمية والتأهيل ومنظمة السفراء لذوي الهمم بمنسوجات صوفية.
ويعد المهرجان نافذة على تاريخ المنطقة وثقافتها العريقة، ويعكس تنوع الحرف اليدوية، منها صناعة الفخار والأواني الطينية وزخرفتها، والأزياء والسجاد التقليدية، والخرز، ما أضاف جمالاً مزيناً بالتراث والحرف التي تعكس أصالة المنطقة وعراقة ثقافتها.
وجاء هذا القسم لتسليط الضوء على أهمية الحرف التراثية واليدوية، في الحفاظ على هوية وثقافة المنطقة، ودعم جهود النساء من أجل صون هذه الثروة وإحيائها ونقلها إلى الأجيال والحفاظ عليها من الاندثار.
توزيع الجوائز
وفي اليوم الأخير، عرض فيديو للتعريف بلجنة التحكيم في مسابقة الشعر والقصة القصيرة والرسم، والتي تألفت من حكام من إقليم شمال وشرق سوريا، وسوريا، والشرق الأوسط، وكردستان.
في قسم المسابقات، منحت الجائزة الأولى للشعر باللغة العربية للشاعرة “خناف أيوب”، فيما منحت الجائزة الأولى للشعر باللغة الكردية “سوسن شيخ بكر”، والجائزة الثانية مناصفة بين “آناهيتا سينو” و”سلافا آرارات”، والجائزة الثالثة “فاطمة عبدو”.
وفي قسم القصة، منحت الجائزة الأولى لقصة ” بلا عنوان”، والجائزة الأولى باللغة الكردية لكاتبة القصة القصيرة “سلطانة عبدو”، والجائزة الثانية “ميديا بركات”، والجائزة الثالثة “زهرة حمو”.
وفي قسم الرسم التشكيلي حصلت “آية إبراهيم” على المركز الأول، و”ميديا عمراني” على المركز الثاني، و”يارا حسكو” على المركز الثالث.
وفي نهاية المهرجان، قدمت اللجنة المنظمة بطاقات شكر وتقدير للمشاركين من فرق ومؤسسات ثقافية، تقديراً لإسهاماتهم في إنجاح هذا الحدث السنوي الذي بات يشكل محطة ثقافية مهمة في المشهد النسائي في إقليم شمال وشرق سوريا.