الحسكة/ محمد حمود – في قلب مدينة الحسكة، تنبض روح التعاون بين الأهالي والمؤسسات الخدمية؛ حيث أطلق مجلس المدينة بالتعاون مع بلدية الشعب مبادرة أسبوعية لتنظيف الأحياء تهدف إلى تعزيز ثقافة النظافة، حماية البيئة، والحد من الأمراض.
أطلق مجلس مدينة الحسكة بالتعاون مع بلدية الشعب حملة نظافة أسبوعية تستهدف أحياء المدينة المختلفة ضمن برنامج طويل الأمد لترسيخ ثقافة النظافة وتعزيز الوعي البيئي.
تُنظم الحملة كل يوم سبت، وتشمل توزيع بروشورات توعوية تؤكد أهمية الحفاظ على البيئة، بمشاركة أعضاء المؤسسات المدنية التابعة لمجلس المدينة وبلدية الشعب.
وتسعى الحملة إلى تحسين المظهر الحضاري للمدينة، وتقليل انتشار الأمراض مثل اللاشمانيا، ومعالجة التحديات البيئية الناتجة عن تراكم النفايات، خاصةً الأكياس البلاستيكية التي تلوث الأراضي الزراعية وتهدد صحة المواشي. كما تهدف المبادرة إلى تشجيع الأهالي على المشاركة الفعالة للحفاظ على بيئة صحية ونظيفة.
المبادرة رؤية لمستقبل بيئي مستدام
نائبة الرئاسة المشتركة لمجلس مدينة الحسكة “خاتون حنا” أكدت استمرار الحملة خلال الأشهر القادمة ضمن برنامج منهجي منسق مع بلدية الشعب ومؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية.
وأوضحت أن المدينة تواجه تحديات بيئية كبيرة بسبب تراكم النفايات التي تؤثر على الصحة العامة والبيئة، مشيرةً إلى أن الحملة تهدف إلى تحفيز الأهالي على تحمل مسؤولية مشتركة في الحفاظ على نظافة أحيائهم.
الحملة تنظم أسبوعياً باختيار حي أو منطقة معينة للتركيز عليها، مع مشاركة المؤسسات والمتطوعين من الأهالي في أعمال التنظيف وتوزيع بروشورات توعوية تحث على تقليل النفايات البلاستيكية وفرزها.
إشراك الأهالي.. والتحوّل لعادة يومية
فيما شددت خاتون على أهمية إشراك الأهالي لتحويل النظافة إلى عادةٍ يومية، من خلال اتباع إرشادات التخلص الآمن من النفايات، مثل وضعها في حاويات مخصصة. وأشارت خاتون إلى أن تراكم النفايات يشكل بيئة خصبة لانتشار الحشرات مثل ذبابة اللاشمانيا، التي تنقل مرضاً جلدياً خطيراً.
كما أكدت أن تنظيف الأحياء وإزالة النفايات يقلل من احتمالية انتشار هذه الحشرات، بينما تساهم التوعية في تقليل المخاطر الصحية عبر التخلص الآمن من النفايات.
وبيّنت أن الأكياس البلاستيكية تشكل تهديداً كبيراً للأراضي الزراعية، حيث تمنع التربة من التنفس، تؤثر على خصوبتها، وتعرض المواشي للأمراض أو الموت عند تناولها عن طريق الخطأ أثناء الرعي.
وأضافت أن الحملة تسعى إلى تقليل هذا التأثير من خلال جمع النفايات وتوعية المزارعين والرعاة بأهمية الحفاظ على الأراضي نظيفة.
وأكدت خاتون “إن الحملة تتميز بطابعها الشامل، حيث لا تقتصر على التنظيف، بل تعمل على تغيير السلوكيات عبر التوعية، مع استمراريتها كمشروعٍ طويل الأمد يبني على النتائج أسبوعياً”.
وأوضحت أن التعاون بين المؤسسات والأهالي يعزز الشعور بالمسؤولية المشتركة، مما يجعل الحملة نموذجاً مجتمعياً مميزاً.
تأثير الحملة.. نحو مدينة حضارية
خاتون ووفق تصريحها تطمح أن تصبح الحسكة نموذجاً للمدن النظيفة والمستدامة في المنطقة، مع جعل النظافة جزءاً من ثقافة الأهالي، بحيث لا تتطلب حملات مكثفة مستقبلاً. كما كشفت عن خطط لتوسيع الحملة لتشمل القرى المحيطة وإدخال برامج إعادة تدوير لتحقيق استدامة بيئية أكبر.
الحملة أسهمت في تحسين نظافة الأحياء بشكل ملحوظ، حيث أصبحت الشوارع أكثر ترتيباً، وانخفضت النفايات المتناثرة. كما ساهمت البروشورات التوعوية في نشر الوعي بين الأطفال والشباب، الذين بدأوا يروجون لأهمية النظافة في مدارسهم ومجتمعاتهم. يعكس هذا التحول إمكانية تحقيق تغيير مستدام عندما تتكاتف جهود المؤسسات والأفراد.
التحديات وآفاق المستقبل
تواجه الحملة تحديات مثل نقص الموارد وضرورة زيادة مشاركة الأهالي، فقد أكدت خاتون حنا أن المجلس يعمل على تذليل هذه العقبات من خلال توفير المزيد من حاويات النفايات وتكثيف الجلسات التوعوية، كما تخطط الإدارة لإشراك المدارس والجامعات لضمان وصول الرسالة إلى الأجيال الشابة.
في الختام، تمثل حملة نظافة الحسكة نموذجاً ملهماً للتعاون المجتمعي، حيث تسعى المدينة من خلال جهود متواصلة وتوعية مستمرة إلى تحقيق رؤية طموحة؛ تتمثل بـ بيئة نظيفة، صحية، ومستدامة تعكس روح الحضارة والمسؤولية. وكما صرحت خاتون حنا، فإن نظافة المدينة ليست مجرد واجب، بل انعكاس لهوية أهلها وتطلعاتهم لمستقبل أفضل.