كوباني/ سلافا أحمد – “نارين ” الطفلة التي سلبها الاحتلال التركي حق العيش مع عائلتها، الناجية الوحيدة من مجزرة برخ بوطان، تصارع مأسي الحياة وحدها. بين الفقدان والألم أصبحت وجهاً آخر لمعاناة أطفال إقليم شمال وشرق سوريا، الذين حرموا من أبسط حقوقهم في الحياة.
استهدفت دولة الاحتلال التركي، ليلة 16- 17 من آذار المنصرم، مزرعة واقعة بين “قرية قومجي وبرخ بوطان” جنوبي كوباني بطائرة مسيّرة، ما أدى إلى استشهاد عشرة أشخاص، ثمانية أطفال ووالديهما: عثمان بركل عبدو 42 عاماً، و زوجته غزال عثمان عبدو 39 عاماً، وأطفالهم آهين 15 عاماً، ودجلة 14 عاماً، دلوفان 13 عاماً، وفواز عامان، وصالحة أربعة أعوام، وياسر ستة أعوام، وأفيستا ثمانية أشهر، وإصابة الطفلتين رونيدا 18 عاماً، ونارين التي لم تبلغ تسعة أعوام بجروح بليغة، لكن نتيجة لإصابة رونيدا البليغة لم يتمكن الأطباء من إنقاذها، وبعد استشهاد عائلتها بيومين فارقت رونيدا أيضاً الحياة.
وحيدة تصارع الحياة
نجت الطفلة “نارين عبدو” وحدها من المجزرة المروعة التي ارتكبت بحق عائلتها، وهي تعاني من كسور في الساقين واليد اليسرى، مع رضوض في اليد الأخرى والصدر والأضلاع، حيث تم إخضاعها لعملية جراحية، والآن حالتها مستقرة.
وعائلة عثمان بركل عبدو، من قرية كرك الواقعة في الريف الجنوبي لمقاطعة كوباني، ولأوضاعهم المادية السيئة، توجه عثمان بركل مع عائلته إلى المزارع الواقعة بين قريتي قومجي وبرخ بوطان، لإعالة أسرته وتأمين قوتهم اليومي من خلال الاهتمام بأشجار المزرعة. إلا أنّ دولة الاحتلال التركي لم تسمح لهم العيش بسلام، وكانت عائلته هدفاً لمسيراتها.
بعد تلقي نارين العلاج في مشافي كوباني قرابة شهر، تواصل حالياً علاجها في منزل أحد أشقاء والدتها في مقاطعة كوباني، دون معرفتها بأنها فقدت أفراد عائلتها، وبقت يتيمة الأبوين والأخوات.
جريمة بحق الإنسانية
وفي السياق، قالت زوجة خال الطفلة نارين “ليلى كياظ” الموصية الحالية لها: “ترتكب دولة الاحتلال التركي أفظع أنواع الجرائم والانتهاكات أمام مرأى ومسمع العالم أجمع، فأي دولة تسمح باستشهاد المدنيين دون سبب؟”.
وأضافت: “كانت تعاني عائلة عثمان عبدو بركل من سوء الأوضاع المعيشية، لذلك قصدوا المزارع للاهتمام بالأشجار للعمل، فكانت فرحة العائلة لا توصف في عملهم الجديد، كانوا يصفونه بالفرج بعد المعاناة الطويلة الذي عانوها من الفقر، لكن بعد بضعة أيام قليلة لم تتجاوز الأسبوعين، استهدفت دولة الاحتلال التركي المنزل القاطنين فيه، وعلى أثره راحت ضحية ذلك العائلة بأكملها، ونجت الطفلة نارين وحدها”.
وحول المجزرة تابعت ليلى: “في مساء ليلة 16-17آذار المنصرم، عندما كانت العائلة تقضي وقتها مع بعضهم، فاستهدفت المسيرة التركية منزلهم، بغارتين؛ فاستشهدت العائلة بأكملها، ونجت منها الطفلتان نارين ورونيدا التي كانت إصابتها بليغة جداً، ولم يتمكن الأطباء من إنقاذها فلحقت بأفراد عائلتها الشهداء بيومين”.
تقول ليلى: إن الطفلة نارين لا تعلم بأنها فقدت أفراد عائلتها: “منذ أكثر من أسبوع، خرجت الطفلة نارين من مشفى كوباني بعد تلقيها العلاج قرابة الشهر، وتواصل الآن علاجها في المنزل، ولا تمر لحظة على نارين وهي تتساءل عن والديها وأخواتها، إلا أننا نحاول إقناعها بأن عائلتها لسوء أوضاعهم الصحية سافروا إلى خارج البلاد لتقلي العلاج، لكن لا تصدقنا، وتواصل السؤال عنهم رغم أننا نحاول إقناعها بأن العائلة بخير لحين تحسن وضعها، ولكن لا جدوى”.
وأكدت بأن وضع نارين مأساوي جداً: “على الرغم بأن حالتها الصحية غير جيدة، وتعاني من كسور وجروح في جسمها، إلا أن حالتها النفسية سيئة جداً، إنها لا تزال تعاني من حالة صدمة إثر المجزرة التي مرت بها ورؤية عائلتها وهم جرحى مبتوري الأعضاء”.
وفي ختام حديثها، حملت زوجة خال الطفلة نارين “ليلى كياظ”، المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية التي تدعي بحمايتها لحقوق الطفل والإنسان، مسؤولية الجرائم والانتهاكات التي تمارسها دولة الاحتلال التركي بحق أبناء إقليم شمال وشرق سوريا، مشددة على ضرورة محاسبة تركيا على جرائمها بحق شعوب المنطقة