دلبرين بطال
مفاوضات على مفترق طرق بين الغاز والقواعد العسكرية في خضم التغيرات الجيوسياسية التي يشهدها الشرق الأوسط، تتزايد التحركات الدبلوماسية بين روسيا وسوريا، حيث تسعى موسكو لتعزيز وجودها العسكري والاقتصادي في البلاد، خاصة في قطاع الطاقة، في مقابل تطلعات القيادة السورية الجديدة لتحقيق مكاسب استراتيجية من هذا التعاون.
الغاز السوري في عين موسكو بحسب تقارير نشرتها صحيفة “وول ستريت جورنال”، فإن روسيا تجري مفاوضات مع سلطة دمشق لإبرام اتفاقيات استثمارية طويلة الأمد في قطاع الغاز. وتأتي هذه المساعي بعد أن عززت موسكو نفوذها العسكري في سوريا على مدار السنوات الماضية، وهو ما يمنحها اليد العليا في إبرام صفقات اقتصادية مهمة. تشير التقديرات إلى أن سوريا تمتلك احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي، خاصة في شرق البلاد، وفي البحر المتوسط، حيث يُقدر أن حصتها من غاز شرق المتوسط تبلغ حوالي 6.5% من إجمالي المخزون في المنطقة، وهو ما يجعلها هدفًا للدول الكبرى.
في هذا السياق قال مصدر حكومي سوري رفض الكشف عن اسمه لصحيفة “وول ستريت جورنال”: “الروس يدركون تمامًا أهمية هذه الحقول، وهم حريصون على تأمين حصة رئيسية فيها، خاصة بعد العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، والتي أجبرتها على البحث عن بدائل استراتيجية لتعويض خسائرها الاقتصادية.”
مستقبل القواعد العسكرية الروسية إلى جانب الاستثمارات في قطاع الطاقة
تتفاوض موسكو مع دمشق بشأن مستقبل وجودها العسكري في سوريا ووفقًا لمصادر، فإن روسيا تسعى إلى “إبرام صفقة تضمن بقاء قواعدها العسكرية في سوريا لعقود قادمة”، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على نفوذها الإقليمي وتعزيز موقعها الاستراتيجي على البحر الأبيض المتوسط. يُذكر أن روسيا تمتلك بالفعل قاعدتين عسكريتين رئيسيتين في سوريا: قاعدة حميميم الجوية في محافظة اللاذقية، والتي تعد مركز العمليات العسكرية الروسية في المنطقة. وقاعدة طرطوس البحرية، وهي المنفذ الروسي الوحيد على مياه البحر المتوسط الدافئة.
حول هذا الملف، قال مسؤول روسي كبير لصحيفة “وول ستريت جورنال”: “لا نرى سببًا لمغادرة سوريا، على العكس، نريد تعزيز وجودنا هناك، لأن استقرار سوريا هو جزء من أمننا القومي”.
من جهته يرى المحلل العسكري الروسي أليكسي ليونكوف أن: “الحفاظ على القواعد الروسية في سوريا لا يرتبط فقط بالمصالح الاستراتيجية، بل هو جزء من المنافسة مع الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة”.
حكومة دمشق الجديدة بين الضغوط والمصالح مع تغيّر القيادة في دمشق
تبرز تساؤلات حول توجهات الحكومة الجديدة في التعامل مع موسكو، خاصة أن الوضع الداخلي لا يزال هشًا بسبب التحديات الاقتصادية والأمنية.
يرى محللون سياسيون: “أن الحكومة دمشق الجديدة تدرك أهمية التحالف مع روسيا، لكنها أيضًا تسعى إلى تقليل الاعتماد الكلي على موسكو من خلال فتح قنوات جديدة مع الدول العربية والغربية، وأن روسيا تستغل الأزمة الاقتصادية في سوريا لفرض شروطها، وهي تدرك أن النظام بحاجة إلى الدعم الروسي للحفاظ على الاستقرار الداخلي”.
هل تتجه سوريا نحو إعادة التفاوض مع موسكو؟
في ظل هذه المتغيرات يبدو أن دمشق تحاول الاستفادة من الوضع الدولي الجديد لإعادة التفاوض مع موسكو بشأن شروط الاستثمار في الغاز ومستقبل القواعد العسكرية.
بحسب تقرير لموقع “سوريا تي في”، فإن سلطة دمشق؛ تسعى إلى الحصول على تعويضات مالية أو دعم اقتصادي مقابل منح روسيا امتيازات في حقول الغاز، بالإضافة إلى تقليل النفوذ العسكري الروسي في بعض المناطق.
يقول الخبير الاقتصادي السوري فادي خليل: “دمشق لن تتخلى عن روسيا بسهولة، لكنها تحاول تحسين شروط التفاوض للحصول على مكاسب أكبر، سواء من موسكو أو من القوى الدولية الأخرى”.