اليكساندرا محمد (كاتبة)
هذا هو واقع المرأة المأساوي مع الأسف في سوريا منذ عقود كانت المرأة مهمشة في عهد النظام السوري البائد، وبخلاف التهميش الذي كان مفروض على نساء سوريا أثبتت نساء شمال وشرق سوريا أن المرأة ثلاثة أرباع المجتمع وليست نصفه.
ومنذ تأسيس الإدارة الذاتية شغلت المرأة كافة المناصب والمؤسسات وجبهات القتال والساحة السياسية، وأثبتت المرأة الكردية والعربية والإيزيدية والسريانية والأرمنية والآشورية جدارتها في تولي زمام الحكم، وقد صنعت الإدارة الذاتية من المرأة منبر وهوية لكل نساء العالم بقفزتها النوعية بسياسة الإدارة المشتركة ما بين المرأة والرجل ومكنت المرأة فكرياً واجتماعياً وسياسياً.
حيث أن المرأة في الإدارة الذاتية لم يختص عملها بمكتب فقط بل شغلت كل المجلات، أي إننا نرى اليوم أن لدى الإدارة الذاتية هيئة للمرأة وتختص بشؤون وحماية المرأة، وأيضاً قوى أمن داخلي خاصة بالمرأة، والتي تعمل على حماية كل المجتمع وبشكل خاص المرأة، وأيضاً وحدات حماية المرأة والتي تعمل على تحرير المرأة من الإرهاب والاضطهاد، وأيضاً إعلام المرأة والذي يعمل على دعم النساء الإعلاميات بإعلام يختص بنقل قضايا المرأة ومناقشتها وعرضها للرأي العام، وأيضاً هناك دار المرأة والذي يختص بحماية النساء المتعرضات للتعنيف، وفي كل مؤسسة من مؤسسات الإدارة الذاتية هناك امرأة تمثل النساء وتشغل منصب الرئاسة المشتركة إلى جانب الرئيس المشترك بالإضافة لعدد كبير من العاملات الإناث في كل المؤسسات، بالإضافة للمشاريع التي تم إنشائها لعمل عدد كبير من النساء وتمكينهن من إعالة أنفسهن وعوائلهن، ولا ننسى القانون الأهم في الإدارة الذاتية ألا وهو إسقاط جريمة الشرف واعتبارها جرم يُحاسب عليه القانون مثل كل الجرائم الأخرى، وذلك بسبب تعرض الكثير من النساء للقتل تحت عباءة جريمة الشرف.
وإن المرأة بشغلها لجميع الساحات في شمال وشرق سوريا لم تخالف فطرتها بل ولم تنكر أنوثتها وإنما أخذت حقها المشروع في التواجد في كافة المجالات، لذا فهي جذبت النساء من كافة أنحاء العالم كون حركة المرأة في شمال وشرق سوريا كانت أكثر حركة دعمت جميع نساء العالم وناهضت وقاومت للحصول على حقوقها، وقد وجدت المرأة في ظل الإدارة الذاتية نظام داخلي خاص بها ينص على حقوقها، وقد تم تحرير العديد من المناطق المحتلة من قبل المرأة، وقد جذب إصرار وعزيمة نساء روج آفا الكثير من الصديقات من كافة الدول، حيث أن المنظمات النسائية كلها أثنت بجدارة نساء روج آفا وما حققنه في الساحات العسكرية والسياسية والاجتماعية ومدى قدرتهن على تولي المهام التي يتولاها الرجل لكن بطابع نسائي.
وإذ ما قارنا بين كل ما وصلت إليه نساء روج آفا مع تخصيص المرأة بمكتب واحد ضمن الحكومة، فإننا حتما سنرى بلداً تسود بها الذهنية الذكورية ولا أظن أن المرأة يمكنها أن تحصل على المساواة بوجود خجول لها ضمن الحكومة سواءً كان بمكتب أو مؤسسة أو منظمة أي أن المرأة لن تحصل على حقوقها وفق المعايير الإنسانية إلا بتحقيق المساواة والعدل بين الجنسين ولا يحدث ذلك إلا بتقبل المرأة لتحررها ومعرفتها بذاتها وتاريخها وفكها لقيود العبودية من داخل عقلها.
فالمرأة لا يجب أن تكون خجولة ومتخاذلة بطلب حقوقها فالحق مقرون بالمساواة وكذلك المرأة إن كانت فعلاً تناضل لتحصل على حقوقها، فلا يجب أن يكون ذلك وفقاً لمعايير يضعها الرجل لها، أي لا يجب أن يضع هو الحقوق التي يريد منحها لها، بلا هي من يجب عليها وضعها.
وعندما تريد تعويض المرأة عن العنف الذي تعرضت له، فيجب أن تقدم لها طريقة الخلاص الفكرية والنفسية التي تمكنها من معرفة ذاتها ومن فرض حقوقها، وبالإضافة إلى فكرة إن المرأة هي المعنية بأسرتها، فأحبُّ أن أنوّه هنا على أن المرأة شريكة لزوجها في العناية بأطفالها وحياتها العائلية، وليست الوحيدة المعنية بذلك وإذ ما نظرنا لأنفسنا كنساء بنظرة دونية تقتضي على القيام بواجباتنا دون الحصول على كامل حقوقنا، فإننا لن نتحرر ولن نمنح أي حق من حقوقنا وأن حصلنا على بعض الحقوق وفق ما يرسمه الرجل دون المساواة معه في حق السلطة والعيش المشترك فذلك يكون كدس السم في العسل.
وإذ ما نظرنا لكل ما حققنه نساء روج آفا خلال الثورة من تطوير للمجتمع والعائلة وتطوير المرأة بمختلف المجالات سواء كانت العلمية أو العملية، فإننا كنساء قد عرفنا تاريخنا وهويتنا وسطّرنا وجودنا في المجتمع وبعد وصول حركة تحرر المرأة من رحلة النضال إلى التمكين، فإن المرأة في روج آفا لن تتقبّل فكرة إعادتها على الظلمة من جديد حيث أنها عرفت هويتها وأصبح لها صوت لتطالب وتفرض حقوقها.