د. علي أبو الخير
في غرور سياسي بشع، يحاول الرئيس التركي رجب أردوغان الاستفادة من علاقته الخصوصية بأمريكا والكيان الصهيوني، لاحتلال الشمال السوري على الأقل، والقضاء على الشعب الكردي في سوريا، وهنا نرى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يفعل ضد الشعب الكردي، إلا كما تفعل الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني والعرب عموماً.
ولكن المأساة تتعلق بأن الصهيونية حركة عنصرية تستخدم الشعب اليهودي للقتل العنصري، وأردوغان ينفذ سياسة الأوربيين الذين أسسوا الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن قتلوا أكثر من خمسين مليوناً من شعب (المايا) أو الهنود الحمر، كما أطلق عليهم المستعمرون، وكانت أكبر حملة تطهير عرقي في التاريخ، ومصطلح التطهير بحد ذاته؛ استخدمه أردوغان أثناء تهديده للشعب الكردي.
التهديد الأردوغاني بدفن الكُرد
المفترض أن أردوغان رئيس وحاكم مسلم، حتى لو كان مستبداً، فحتى المستبدون لا يطهرون الشعوب عرقياً، إلا في حالات نادرة، وأخيراً يعلن أردوغان ويمارس العنصرية في أبشع صورها وبدون أي خجل ديني أو عُرف سياسي، ففي وسط استمرار الأعمال القتالية الإرهابية بين المرتزقة المدعومة من تركيا ضد وحدات حماية الشعب الكردية، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنه يتعين على المسلحين الأكراد في سوريا إلقاء أسلحتهم وإلا فإنهم سيُدفنون في الأراضي السورية، وأعاد أردوغان نفس التهديد أمام نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان “إما أن يلقي المسلحون الأكراد في سوريا أسلحتهم أو يدفنوا في الأراضي السورية مع أسلحتهم”.
هو تهديد يجب على المحكمة الجنائية الدولية أن تمارس حقها القانوني وتقبض على أردوغان وتحاكمه على جرائمه ضد الكرد، سواء داخل تركيا أو في سوريا والعراق، فالقوات التركية تهاجم الكرد في الشمال العراقي والشرق السوري، منذ زمن طويل، بحجة مطاردة ومحاربة قوات حزب العمال الكردستاني، رغم أن الحزب لم يقتل ولم يغتال أحداً، ومد الزعيم عبد الله أوجلان يده للسلام، ويمكن لخوف أردوغان من أوجلان ونظرياته للأمة الديمقراطية، التي تفوق كل تصور، من أسباب رفض إطلاق سراح أوجلان الفيلسوف.
على أية حال، إن تركيا، ممثلة في رئيسها أردوغان، تقود حملة واسعة ضد الكرد، لا تقل عن بشاعة عمّا ارتكبته الدولة العثمانية التركية من مجازر ضد الكرد والأرمن قبل ما يزيد على قرن من الزمان، وأقل ما يُقال عنها إنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، خاصةً وأن أنقرة تقوم بتوجيه عملياتها العسكرية على أهداف مدنية ومخيمات تضم آلاف اللاجئين الكرد؛ تحت مبررات عنصرية متهافتة، لترفع الحرج عن نفسها إذا ما اتهمت بارتكاب مجازر بحق المدنيين.
موقف الدول الكبرى والدول العظمى
إن الكرد لطالما شكّلوا كقومية هاجساً لدى أردوغان، وأنه في سياق ذلك ليس من المفاجئ أن يستهدفهم في شمال وشرق سوريا، أو يعمل على تهميشهم في تركيا نفسها، من خلال ما يرتكبه من انتهاكات أمنية وثقافية وسياسية كبيرة بذريعة مطاردة حزب العمال الكردستاني.
فالانتهاكات من قتل وقمع وتنكيل على الهوية، الذي طال الكرد تعد جرائم جزائية غير مبررة، ومقاومتها أمر مشروع سياسياً وأخلاقياً من باب الدفاع عن النفس.
وبالمثل يجب توجيه نداءات متواصلة للمجتمع الدولي، بشأن الاعتداءات التي يتعرض لها الكرد؛ ما يمكن أن يخلق من ذلك حراكاً دبلوماسياً على أكثر من مسار إقليمي ودولي لإيجاد صيغة حل نهائية تنصف الكرد في كل مكان.
الموقف العربي من المشكلة الكرديّة/ التركيّة
الدول العربية مشغولة بنفسها، فهي مهددة أو تحت التهديد الصهيوني الأمريكي الاستعماري، ولتركيا علاقات متنوعة مع الدول العربية والإسلامية، ومن غير المأمول أن تتحرك دولة عربية للضغط على أردوغان لوقف حربه العنصرية ضد الكرد.
ولا ننصح الأشقاء الكرد بانتظار رد فعل إيجابي من الدول العربية، ويبقى الأمل هو النضال ضد المستعمر التركي، وتستطيع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الانتصار على أردوغان كما انتصرت على تنظيم داعش الإرهابي، ويكون هناك تنسيق مع التحالف الدولي ضد الإرهاب..
وعلى الله قصد السبيل.