يونس بهرام
في ظل الأحداث المتعاقبة والتقلبات الدراماتيكية في السياسة الإقليمية والعالمية، وبخاصةٍ ما تشهده سوريا من سقوط للنظام وتولي هيئة تحرير الشام لزمام الحكم، يبدو أنه من الواجب على الإدارة الذاتية اتخاذ خطوات استباقية على كِلا المستويين السياسي والعسكري.
ما أُريد طرحه يشير إلى تحوّل جدي في السياسة التركية تجاه سوريا، خصوصًا في ظل التطورات الأخيرة والمواقف الإقليمية المعقدة. لقد نجح أردوغان في تشكيل طاقم وزاري للحكومة السورية موالية له أو تضم فقط مسؤولين من حاملي الجنسية التركية، وهذا يُعدُّ تحولًا جذريًا في طبيعة العلاقات السورية – التركية. هذا السيناريو قد يعزز السيطرة التركية على الشؤون السياسية والعسكرية في سوريا، ويجعل من تركيا لاعبًا رئيسيًا في إعادة بناء سوريا على غرار نموذجها الخاص. خاصةً بعدما أبدت تركيا استعدادها بتأسيس الجيش السوري، والتي ستكون مُشكَلة من عناصر هيئة تحرير الشام والحمزات التركمانية والعمشات.
كذلك والأخطر منها هو ما تردد من أنباء حول استخدام سوريا شبكة الاتصالات التركية كأساس للاتصالات وهذا يعني بأن الاستخبارات التركية ستكون على علم بكل ما هبَّ ودبَّ في سوريا.
الاستفادة التركيّة في هذا السياق قد تتعدد، بدايةً من السيطرة على الاقتصاد السوري من خلال المشاركة الفعالة في إعادة الإعمار واحتكار السوق لها، حيث يجعل من سوريا سوقاً استهلاكياً للمنتجات التركيّة. كما تسعى تركيا على إلزام دمشق على عقد صفقات وعقود عدة لفرض سيطرتها على موارد النفط والغاز في باطن المناطق الساحلية السوريّة، مما سيعزز مكانتها الاقتصادية والاستراتيجية، بالإضافة إلى ذلك، فإن تركيا قد تسعى إلى استخدام سوريا كطريق تجاري رئيسي يعزز موقعها في المنطقة العربية.
أما فيما يتعلق بالقضية الكردية، فإن تركيا ترى في القوة الكردية في شمال وشرق سوريا تهديدًا لأمنها القومي، وقد يسعى النظام التركي إلى القضاء على هذا التهديد من خلال تحركات عسكرية ودبلوماسية، في خطوة لتقليص النفوذ الكردي وتفكيك المكاسب التي تحققت في المنطقة.
من هذا المنطلق، يبدو أن السيناريو التركي “النيو عثماني” يشير إلى احتمالية تحويل سوريا إلى منطقة نفوذ تركي، بما يشبه الاحتلال، على غرار ما حدث في العراق تحت النفوذ الإيراني. هذا يضع ضغطًا كبيرًا على النظام السوري القادم، خاصةً إذا كان يرغب في الحفاظ على استقلاله السياسي والعسكري.