في عام 506 م جعلت جمعية الأساقفة الكاثوليك ببلدة آجدي عيد الميلاد إلزامياً، وفي عام 529 م، بموجب مرسوم من الإمبراطور جستنيان، بات يوم 25 كانون الأول/ ديسمبر يوم عطلة.
منذ القرن الرابع انتشر عيد الميلاد تدريجياً في جميع أنحاء أوروبا، ووصل بلاد الغال في القرن السادس وبلدان السلاف في القرن العاشر (غيتي)
يعتبر عيد الميلاد من أكثر الأعياد المسيحية شعبيةً اليوم، لكن يجهل الكثيرون حقيقة أنه لم يكن موجوداً خلال القرون الأولى من ظهور المسيحية.
فقد تطورت دورة ميلاد عيسى عليه الصلاة والسلام الليتورجية -حسب المعتقدات المسيحية- شيئاً فشيئاً على مرّ القرون، حيث انتقلت التقاليد الشرقية والغربية بين الأجيال.
أشار الكاتب كريستل جوكوا إلى أنه خلال القرون الأولى للمسيحية لم يكن الاحتفال بميلاد المسيح عليه الصلاة والسلام أمراً شائعًا، ولم يظهر إلا في القرن الرابع، إذ رأى البعض حاجة للاحتفال بميلاده.
تواريخ مختلفة للميلاد
لم تُذكر في الأناجيل أي معطيات عن تاريخ ميلاد عيسى عليه الصلاة والسلام، ففي الإسكندرية وفي بعض الكنائس الشرقية، منذ القرن الثاني بدأ الناس في الاحتفال بالعيد في السادس من كانون الأول، بحسب لاكروا، ولا تزال الكنيسة الأرمينية تحتفل بميلاد المسيح في ذلك اليوم.
بالإسكندرية وكنائس شرقية، بدأ الناس منذ القرن الثاني في الاحتفال بعيد الميلاد في السادس من كانون الأول (غيتي).
أما في الغرب فتم اقتراح عدة تواريخ أخرى، ليصبح يوم 25 كانون الأول يوم الانقلاب الشتوي، وفقاً للتقويم اليولياني الساري في ذلك الوقت، أكثر مواعيد الاحتفال بميلاد المسيح شيوعًا. وكان هذا اليوم بالفعل عيدًا للعديد من الطوائف المنتشرة في الإمبراطورية الرومانية. في روما، مثلاً، تم الاحتفال بميلاد الإله ميثرا، وهو إله من بلاد فارس، وكذلك ميلاد سول إنفيكتوس.
وفي البلدان الجرمانية، يوافق هذا اليوم عيد منتصف الشتاء “يول”، حيث كافأ الإله هايمدال الأطفال الذين عملوا بشكلٍ جيد بالهدايا، بحسب المعتقد المسيحي.
أما بالنسبة للمسيحيين الذين أعلنوا أن يسوع عليه السلام هو “نور العالم” و”شمس العدل”، فقد بدأ اعتماد تاريخ الانقلاب الشتوي تدريجيًا.
وحدث أول احتفال موثّق بميلاد المسيح يوم 25 كانون الأول في روما عام 336 ميلادي.
كنيسة المهد ببيت لحم
كنيسة المهد ببيت لحم مكان ولادة المسيح عليه الصلاة والسلام.
رحلات الزيارة إلى الأرض المقدسة
في القرن الرابع، كان قسطنطين الأول (272-337) يقود الإمبراطورية، ومع إعلان مرسوم ميلانو عام 313 أنشأ حقبة سلام للمسيحية.
في ذلك الوقت، بدأت رحلات الزيارة إلى الأرض المقدسة، حيث كانوا يحاولون تحديد الأحداث المختلفة في حياة عيسى عليه الصلاة والسلام.
وفي عام 325 ميلادي، طلب قسطنطين من والدته هيلينا بناء ثلاث كنائس هناك: كنيسة “أناستاسيس ومارتيريوم” (كنيسة القبر المقدس الحالية في القدس) في المكان المفترض لقبر يسوع بحسب المعتقد المسيحي. وبناء كنيسة أخرى في مكان عيد الصعود (كنيسة باتر نوستر الحالية على جبل الزيتون في القدس)، وكنيسة في بيت لحم “كنيسة المهد” مكان ولادة عيسى عليه الصلاة والسلام.
في كل موقع زيارة، تطورت “ليتورجيا” (حكاية) تتكيف مع المكان والحدث الذي يتم الاحتفال به، بالإضافة إلى تقويم طقسي يتبع التسلسل الزمني للأناجيل، مما يؤثر على ممارسة الكنائس الأخرى. ومع مرور الوقت، بدأت دورة عيد الميلاد تترسخ.
وظهر موسم مجيء عيسى عليه الصلاة والسلام -حسب المعتقد المسيحي- في نهاية القرن الرابع، الذي تزامن مع موسم الصوم الكبير الذي يسبق عيد الفصح، والذي بعد أن كان يدوم لمدة 6 أسابيع في البداية أصبح يقتصر على أربعة أسابيع. وتنتهي الدورة بمعمودية يسوع التي يُحتفل بها يوم الأحد الذي يلي السادس من كانون الثاني.
متى أصبح عيد الميلاد عطلة إجبارية؟
في عام 506 ميلادي، جعلت جمعية الأساقفة الكاثوليك ببلدة آجدي عيد الميلاد عيداً إلزامياً، وفي عام 529 ميلادي، بموجب مرسوم من الإمبراطور جستنيان، بات يوم 25 كانون الأول يوم عطلة رسمية.
وبعدها انتشر عيد الميلاد تدريجياً في جميع أنحاء أوروبا، حيث وصل بلاد الغال في القرن السادس، وبلدان السلاف في القرن العاشر.