No Result
View All Result
المشاهدات 14
د. علي أبو الخير_
مازلنا نتحسس ونبحث ونكتب عن الفكر، الذي أسّسه القائد المفكر عبد الله أوجلان، حيث تظهر لنا كل يوم رؤية جديدة تشمل الدين والسياسة والتاريخ والاقتصاد، وباقي فروع المعرفة، والرؤية المثالية له ليست مجرد فكرة فقط، بل هي نظرات قابلة للتطبيق في واقع الحياة، وربما كان ذلك من أسباب تآمر القوى العالمية عليه، وعلى مشروعة الإنساني، وحجبه عن البشرية لخدمة المصالح الصهيونية والإمبريالية متحالفين مع الأنظمة التركية المتعاقبة، وهم مصممون على ألَّا يتوقفوا على محاربة مشروع القائد أوجلان، بل حجب جسده وراء قضبان الحرية، فلا تتسرب أفكاره، ولكن فكره خرج للنور رغم أنف كل المتآمرين.
ولا نبعد عن الفكرة الروحية، عندما نكتب عن رؤيته للثقافة والمثقفين، فهو في الأصل من أكبر مثقفي العالم، وطرح مشروعه من واقع الحرب والسلام، وهو يولي الثقافة أهمية كبرى، لأن الثقافة تحمل في طياتها التاريخ والسياسة والعلوم الإنسانية، إذن الثقافة لها دور مهم وخطير عند كافة الشعوب.
رؤية القائد أوجلان للثقافة والمثقفين
بناء على الأهمية، التي يوليها القائد عبد الله أوجلان للمثقفين، فقد جعلهم منقذو الشعوب، من براثن الأنظمة الساعية إلى طمس هويتها والقضاء على جذورها الثقافية.
ويرى القائد أوجلان أنه يتحتم على المثقفين (المثقفون الكرد خصوصا)، لعب الدور الأساسي في نشر فكره، ويؤكد القائد عبد الله أوجلان أن “المثقف المتنور هو من يظهر ويكشف الحقائق، فقد أظهرنا (في حالة حزب العمال الكردستاني) كل هذا من خلال الحرب، وأن ما ظهر وأبدع من خلال الحرب، يُعتبر ثمرة ثمينة، ومن يريد أن يصبح كردياً مخلصاً عليه أولاً معرفة ذاته، والأكثر من ذلك عليه معرفة صديقه من عدوه”، وتلك هي الثورة الفكرية، تبدأ بخصوصية فكر المفكر عبد الله أوجلان، تمهيدا لنشر فكره في الشرق الأوسط ثم باقي دول العالم، أن الثورة الفكرية، كما يرى ويطلب من المثقفين، لا تشبه تلك الانتفاضات، فالوضع مختلف والحسابات مختلفة؛ لأن الثورة في الحالة الكردية، قائمة على أساس فكرٍ وفلسفة طرحها القائد أوجلان نفسه، وأن الكرد أصبحوا واعين، ويدركون ماهية الألاعيب التي يحيكها أعداء الشعب الكردستاني، كما نفهم من سياق كلمات القائد عبد الله أوجلان.
ولا يتوقف الأمر عند الحالة الكردستانية، لأن فكر الثورة الأوجلانية تشمل كل الشعب الكردي وكل شعوب المنطقة، فهو تحدث عن الحالة الكردية كنموذج يُحتذى به، على المستويين الثقافي والسياسي، وعلى المستوى المحلي والدولي، خاصة أن قيم العدل والمساواة والأريحية، هي قيم عالمية، تنشدها البشرية عبر العصور والأماكن، وعندما ينشرها القائد أوجلان بين الكرد، فهو يطلب العدل لكل الشعوب، في كل قارات الأرض.
رؤية القائد أوجلان للثقافة والتاريخ
إن المثقف الواعي، كما نستوعب من وحي كتب المثقف عبد الله أوجلان، هو من ينشر تلك الثقافة بين الشعب، لتتغير الثقافة للأفضل، فثقافة الشعوب هي مجمل ثقافات الأفراد، والأنبياء، والمصلحون جميعهم يبدؤون بإصلاح أفراد الشعب وينتهون بإصلاح الأمم، وهو ما ينشده القائد عبد الله أوجلان.
ونضرب مثلا حتى لا تتوه منّا المعاني، الأمة الديمقراطية، هي فكرة أوجلانية قابلة للتحقيق والتطبيق العملي، ولكنها تحتاج للمثقفين ليبشروا بها، يبشرون بالفكرة الرئيسية للأمة والفكرة الديمقراطية معا، وهو يستلزم معرفة التاريخ والسياسة.
الحضارة الديمقراطية
في كتابه (مانيفستو الحضارة الديمقراطية، المجلد الأول: المدنية (الدمقرطة وقضايا تجاوز الحداثة الرأسمالية)، يرى “أنّ المقارباتِ التي تَتَّخذُ الثقافةَ والحضارةَ أساساً لها، محدودةُ النطاقِ في التاريخ، والموجودةُ منها هي ذاتُ وجهاتِ نظرٍ مختلفة”.
ويستطرد فيقول، أما القضايا التي نسعى لتحليلها، فلا نطرحها بالارتكاز إلى الأسسِ الثقافية والحضارية، ذلك أننا مرغَمون على تقييم مكانِ الثقافة والحضارة وزمانهما، في سياقِ التطورِ الحضاري، نسبةً إلى مساهماتِهما، مع أخذِ أهميتِهِما الحيويةِ بعينِ الاعتبار “وبالتالي نعتقد أن الثقافة تشمل المعرفة بكل جوانبها، بما فيها التطور الحضاري، والتطور الحضاري هو النافذة التاريخية للأحداث”.
إن الحاضر غرس الماضي والمستقبل جني الحاضر، والتاريخ سجل الزمن لحياة الأفراد والشعوب والأمم، وتسير الأمم في تقدمها، ويرى القائد عبد الله أوجلان هنا أنه وفي حال العكس، فالتاريخُ الذي بين أيدينا لن يتضمن معاني أَبعد من “أكداسِ أحداث” (وهذا ما يحصل غالباً)، ماهيةُ عِلمِ التاريخ المُعيقةُ للمعرفة – بدلاً من أن تكون تعليمية – هي على صلةٍ وثيقة بهذه الخاصية، فسردُ التاريخِ على أنه محض انسكابٍ تعداديٍّ متوالٍ لظواهر مختلفةٍ، كالدين والسلالة والمَلِك والحربِ والقومِ وغيرها، وبدلاً من أنْ يفيدَ في تعليمِ التطور الاجتماعي، فإنه يعبرُّ عن المساعي الأيديولوجيةِ، التي تهدف إلى إسدالٍ متَعَمَّدٍ للستارِ عليه، بغيةَ إعاقةِ تَعَلُّمِه، وترمي إلى إعدادِ الذاكرةِ المجتمعية، وفق مشيئةِ أصحابِ السلطة والاستغلال.
هذا ما يشرحه المفكر عبد الله أوجلان، يريد ثقافة حضارية، تقوم بها أمة، وتكون الأمة ديمقراطية الحقيقة، وليس مجرد تغيير الوجوه في لعبة ما يسمّوها تداول السلطة، مع بقاء باقي أفكار الرأسمالية الاستعمارية المتآمرة على مقدرات الشعوب جميعا…
No Result
View All Result