No Result
View All Result
المشاهدات 5
رؤوف كاراكوجان_
تُعدّ المؤامرة الدوليّة ضدّ القائد عبد الله أوجلان الحدث الأكبر والأبرز في القرن الأخير، لقد مضى على المؤامرة الدوليّة التي اتّفق عليها النظام الرأسمالي العالمي وتحالف عليها، وجعلوها المرحلة الأولى للتدخّل العسكري والسياسي والاقتصادي في مستقبل الشرق الأوسط، لكن هذه العملية لم تنته بعد، فعقب غزو العراق وأفغانستان والتدخّل في الشرق الأوسط مع الربيع العربي، لم يتغيّر أي شيء، بل ازداد الوضع سوءاً، وعلقت المنطقة في فوضى عارمة، إذ تتعمّق حالة المجهول وعدم الاستقرار يوماً بعد يوم.
تُعتبر المؤامرة الدوليّة بداية مشروع الشرق الأوسط الكبير، وقد بدأت باختطاف القائد عبد الله أوجلان من كينيا، ثمّ تسليمه إلى الدولة التركية لاحقاً، لقد كشف القائد المؤامرة من جوانب عديدة، لذا فمن أجل إخراجه من الشرق الأوسط، خطّطوا لاعتقاله أو تحييده جسديّاً، وبدأوا عمليتهم ضدّه بتهديد سوريا، فآنذاك هدّد المسؤول العسكري التركي، أتيلا أتيش، سوريا متوعّداً بـ “الصلاة في المسجد الأموي” مشيراً إلى التدخل العسكري في سوريا.
ويبدو أنّ القائد عبد الله أوجلان قد أدرك هذه العملية منذ بدايتها، وكانت القطبية الثنائية تقترب من نهايتها في العالم، فيما كانت سوريا تعتمد في علاقاتها على سياسة التوازن، وبقيت سوريا وحيدة وعاجزة في مواجهة التهديدات الموجّهة إليها، ولم يكن بالإمكان تفادي التهديدات والمخاطر بسبب القائد. لقد كان الخروج من سوريا ضرورياً، كما كان من الضروري أيضاً عدم الإضرار بالعلاقات الودّية، وبغضّ النظر عن خيار التوجّه إلى الجبال، كان خيار التوجّه إلى أوروبا الأكثر منطقية وأيضاً الخيار الإجباري الوحيد، بعدها وصل إلى ميدان نفوذ النظام الرأسمالي والهيمنة العالمية، وبعد أشهر من المراقبة والتضييق، أُلقي القبض على القائد عبد الله أوجلان وسُلّم إلى تركيا.
وبهذا أصبح من الواضح أنّ القضية الكردية هي قضية عالمية في المقام الأول، فأولاً؛ يعرقل النظام الرأسمالي العالمي حل القضية الكردية بالطرق السياسية أو العسكرية، ويُعدّ الناتو العائق الأكبر أمام نضال حزب العمال الكردستاني، إذ يعتبرونها حرباً منخفضة الحدّة، بعدها ظهرت ضدّ حزب العمال الكردستاني وقائده مخططات الحرب الخاصة كـ “حروب الغلاديو”، إلى أنّ تمّ اعتقاله، واستمرّت التدخلات المعادية المشابهة بعد اعتقاله.
لا شكّ أنّ أهداف المؤامرة كانت مختلفة جداً، فحل القضية الكردية يعني تغيير التوازنات السياسية في الشرق الأوسط القائمة على الاستعمار، لم يدعموا حلّ القضية الكردية قط، لأن الاستعمار، مشكلة تعيق توازن المصالح على المستوى العالمي والإقليمي، لقد عادوا حزب العمال الكردستاني باتهامه بـ “الإرهاب” وإعلانه “تنظيماً إرهابياً” لقد أصرّوا على إنكار الوجود الكردي وتمسّكوا بمحاولات القضاء عليهم، ويتوجّب النظر إلى تسليم القائد عبد الله أوجلان من هذه الزاوية.
أرادوا استخدام الورقة الكردية بطريقة مختلفة، لقد نصبوا فخاً للكرد وحاولوا القضاء على حركة التحرّر الكردستانية لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير، وأدرج حزب العمال الكردستاني على جدول أعماله مبادرات التغيير والتحول، ولا سيما تغيير النموذج والقضاء على آمال النظام الرأسمالي، وعلى الرغم من التطهير الداخلي الكبير، تمّ منع الانهيار وفشلت المؤامرة، وعلى الرغم من اعتقال القائد عبد الله أوجلان، سعى الشعب الكردي وحركة التحرّر الكردستانية للتغلّب على الصعوبات والانتصار في هذه المرحلة وكسب هذه المعركة لصالحهم.
لو نجحت المؤامرة التي تهدف إلى القضاء على حزب العمال الكردستاني، لكان لكلّ طرف من الأطراف ورقة كردية خاصة، وكانت قوى كالولايات المتّحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ستحصل على أوراق كردية تستخدمها كما تريد، كان سيكون لكلّ طرف منهم جماعة كردية موالية لها، وكما تستخدم الدولة التركية اليوم داعش وفلولها وفق سياساتها وتستخدم الحزب الديمقراطي الكردستاني كأحد حماتها، كانوا سيعيدون تشكيل حزب العمال الكردستاني كما يريدون ويستخدمونه وفقاً لمصالحهم، لقد كانت هذه خطتهم عندما رحّبوا بممثلي الكرد في روج آفا في أنقرة مع بداية الأزمة السورية، وعندما فشلوا في ذلك، أعلنوا روج آفا جبهة معادية.
خلق تغيير حركة التحرّر الكردستانية للنموذج منظوراً جديداً للقضايا والمشكلات الأساسية والنظامية والفكرية العميقة في الشرق الأوسط، سواء كانت المشكلات الناجمة عن البنية الاجتماعية التقليدية أو الناجمة عن التدخلات والإملاءات الخارجية، إنّه يقدّم اقتراحات منهجية جديدة للحل، إنّه يتخطّى المشاكل الناجمة عن الأسلوب نفسه، ويقدّم الحلول من خلال بدائل وخيارات كـ “المجتمع الديمقراطي”، “النظام الكونفدرالي” واختيار “الخط الثالث”.
استمرّ النضال ضدّ المؤامرة الدوليّة، ولو لم يتحقّق النهج الذي توقعه القائد ولم تتم تجربة أساليب مختلفة، لكانت النتيجة مختلفة جداً الآن، من خلال الفخ الذي نصبوه للكرد، كانت المؤامرة ستنجح وكانت العداوات اللامتناهية ستزداد أكثر وكان الصراع العرقي سيزداد دمويةً كما هو الحال في الصراعات الطائفية بين السنة والشيعة، كان هذا سيشكّل سيناريو كارثي للشرق الأوسط، وكما مهّدوا لعداوة لامتناهية بين شعوب المنطقة مع ظهور داعش، كانوا سيفعلون الشيء ذاته آنذاك.
لقد أُفشل الفخ الذي نصبوه للكرد بفضل الرؤيا أو البصيرة السياسية العميقة للقائد عبد الله أوجلان، لكن المؤامرة مستمرة اليوم بنسخ وأشكال مختلفة.
No Result
View All Result