No Result
View All Result
المشاهدات 2
إبراهيم عبود_
تمر الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بالعديد من المنعطفات الحرجة التي لا بد من الانتباه لها والنظر إليها ومعالجتها بحكمة وروية، لما سيكون لها من أثر سلبي إذا ما تم تجاهلها، وهذا كله يأتي في محاولة لمحاصرة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وإعاقة لإنجازاتها في المجتمع، التي كانت حاضرة على مدار ثلاثة عشرة عام من الثورة.
انطلاق مشروع الإدارة الذاتية استهدف الفرد الرجل والمرأة على حدٍ سواء، بالإضافة للأمن والسلم الأهلي في المجتمع بعد مشاركة كل أطياف المجتمع في إدارة نفسه من خلال مشروع الأمة الديمقراطية، وبما تم إنجازه في كثير من النواحي الاقتصادية والثقافية وأهمها الخلاص من الفكر الظلامي الداعشي، حيث كانت الانطلاقة بالثورة في مجال التعليم تبنت شعار التعليم قبل الغذاء، وذلك للأهمية التي تُلقيها الإدارة الذاتية للتعليم لاعتباره اللبنة الأولى وحجر الأساس في التطوير في المجتمع، وبعد كل هذه الإنجازات تم تقديم المنهاج الخاص بالإدارة الذاتية بعد دراسة عميقة وأبحاث قادها مختصين من كل الاختصاصات لكافة المواد، لمواكبة ودعم الثورة الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، حيث سيكون هناك تناقض بين الرؤى والأهداف التي تتبناها الإدارة والمناهج القديمة التي عفى عليها الزمن التي كانت من ضمن الأسباب التي أدت لهذه الثورة ولا تمثل كل شرائح وخصوصيات المجتمع والتنوع الثقافي فيه.
ومن هذه الإجراءات التي تسعى إليها الجهات الخارجية محاربة الفكر الديمقراطي الذي عمل على نقلة نوعية بالمجتمع، حيث بدأت الدعوات للقيام بالإضرابات التي ترفض هذا المنهاج. وإذا أردنا التحدث عن الإضراب يجب علينا في البداية تعريف الإضراب.
الإضراب: مجموعة من الأفعال التي يقوم بها مجموعة من الأشخاص لإبداء الرأي تجاه أمر معين لتغيير ورفض هذا الحدث. واسم الإضراب يأتي من الجذر ضرب وهنا يتبين المراد السلبي لهذا الفعل وهو أحد أنواع العنف والقوة الناعمة السلبية التي تأثيرها أكثر من فائدتها.
يُقسم الإضراب إلى أنواع كثيرة منها الإضراب السياسي الذي يؤدي لتجميد الحياة السياسة في أي دولة، من خلال تجميد عمل المواطنين وإيقاف عمل الأحزاب في الحكومة أيّاً كانت، بالإضافة للإضراب الاقتصادي الذي يشمل الجانب الاقتصادي من البلد.
وأخطر عملية هي الإضراب الذي يخص العملية التربوية من إغلاق المدارس والجامعات والمعاهد التربوية، والتي تؤدي لإيقاف العملية التربوية رفضاً للقرارات التي تقوم بها الجهات ذات العلاقة، فإذا أردنا إعطاء وجهة نظر عن هذه الدعوات يجب النظر أولاً إلى القضية من كل جوانبها وعدم حصر الحديث بنقاط ضيقة معينة تتبناها بعض الجهات والتابعة لأطراف أخرى التي لا يُعرف توجهها وهدفها الحقيقي من هذا الطرح.
وقبل هذا كله وبالدرجة الأولى يجب دراسة هذا المنهاج دراسة جدية ورؤية ما يحتويه من أفكار وقيم اجتماعية، وليس الالتفات لأي جهة تُعارض هذا المنهاج، وهي لم تلقِ نظرة عليه أو قراءة صفحة واحدة منه، أو السير مع موجة هذه الدعوات لكي يثبت وجوده في المجتمع، ففي الواقع بعد مراجعة هذه الكتب يستطيع أي طالب ومتابع تربوي وحتى أولياء الأمور التأكد من صحة هذه المراجع، ومطابقتها مع العملية التربوية، ومراعاة القيم والمعايير الاجتماعية التي تتبناها الإدارة، وتمثّل كل ألوان المجتمع والتي تمثل تعاليم الدين الإسلامي الوسطي المعتدل، الذي ينبذ العنف ويدعو إلى التسامح والأخوّة والاشتراكية، ومن هنا أتى مصطلح إخوة الشعوب الذي يضمن الحياة المدنية، لكل الشعوب بكل تنوعها، وإذا أردنا تفاصيل أكثر سنجد المواد التطبيقية العلمية والرياضيات والعلوم ومواد اللغة، فهي تفتح آفاق الإبداع الذهني والتفكيري، الذي يعطي للطالب مجال أوسع في التعلم ومخاطبة الحس الإبداعي للطالب، بعيداً عن القوالب الجاهزة القديمة التي تعتمد على الحفظ والأسلوب الواحد، الذي كان مسيطر على المجتمع ولا يقتصر على السياسة، وإنما يشجع على الابتكار، والذي يتماشى مع المعايير العالمية في كل الدول وخاصةً المراحل الابتدائية، فهي الموجه الأول الذي يُبنى عليه تأسيس الطالب فإذا تم تنشئته جيداً؛ فإن أثر هذا العمل سيظهر في كل مراحل حياته، وهو يواكب التطور العلمي الحاصل في العالم وعدم الاكتفاء بنظريات قديمة لا تتناسب وتوجهات هذه الأجيال وما المناسب لها.
وإذا اردنا نقد هذا المنهج يجب أن لا ندفع لأي عمل يؤدي لأي ضرر في العملية التعليمية، فإغلاق المدارس بالدرجة الأولى خطورته على الطالب الذي توقف عن أخذ العلم وبدلاً من هذا العمل أن تكون هناك أبحاث واعية لتلك الأخطار، وأن تمثل وجهة النظر المراد إيصالها بدل الدعوات للإضراب التي يمكن أن تؤدي لأضرار أخرى يتم استغلالها من جميع الذين يتربصون بمشروع الإدارة الذاتية، ولا ننسى أن تكون هذه اللجان على درجة من المعرفة والثقافة وأن تحمل أفكار حقيقية وبرامج يمكن من خلالها التشاور والحوار الذي كانت تتبناه الإدارة وليس فقط سحب هذا المنهاج بدون أي أسباب علمية حقيقية.
المؤكد إن هذه الاضطرابات توازي في ضررها الإضرابات الاقتصادية والأعمال التخريبية التي تقوم بها وتدعمها أطراف عدة، وعلى رأس القائمة الدولة التركية والتي تستهدف الاقتصاد والأمن في الإدارة، وهذا يهدف لضرب العملية التربوية التي يقوم عليها أي مشروع، وهذا نوع من الأفعال التي تقودها الجهات الأخرى لمحاصرة الإدارة الذاتية، ومنعها من القيام بواجباتها الخدمية والتعليمية، وإن إيقاف العملية التربوية الذي يعتبر حجر أساس في أي ثورة، والتي عليها يقوم أي مجتمع.
ويجب ألا ننسى بأنه لا يوجد عمل متكامل لا يحتوي على أخطاء، إنما الأفضل بأن يتم التقييم والمتابعة والمراجعة إذا ما حدثت أخطاء علمية أو تاريخية، أو كان في هذه المناهج ما يُنافي معايير ومبادئ المجتمع، وهذه كله يتغير بالحوار والمناقشة وهذا يتطلب إرادة حقيقية في الحوار وتقبّل لجميع الآراء، لكن بدون دعوات تخريبية أو دعوات إضراب ضررها على الفرد والمجتمع أكثر من نفعها.
في الختام: الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا دائماً كانت تدعو للحوار والتشاركية في الحياة السياسة والعامة، وهذه مبادئها التي قامت عليها وتبنتها، وعليه يجب إعادة النظر في أي دعوات تدعو لإعادة الأوضاع إلى سنوات من الجهل والظلام، وقبل هذا كله عدم العودة لسياسة الحزب الواحد الذي يمنع التعددية والتشاركية، والاستمرار في دعوات الإضراب هو إعادة للأوضاع لنقطة الصفر، وعدم رؤية التطور الحاصل في كل نواحي الحياة، والتي كانت جزء من المشاريع الحقيقية التي أدت لرفع وتيرة الحياة الاجتماعية والاقتصادية في مناطق شمال وشرق سوريا.
No Result
View All Result