No Result
View All Result
المشاهدات 2
أحمد شعبان_
لا أحد ينكر ما توصلت له التكنولوجيا والمعلوماتية والحداثة من تقنيات وتطور، لقد أصبح العالم أشبه بالقرية الصغيرة، وتم وضع العالم أجمع بين يديك وتقديم كافة التسهيلات والمعلومات وتبسيط وصولها إليك دون أي جهد أو عناء.
جميعنا نستخدم وسائل التواصل الافتراضي ونلاحظ ونشاهد الغريب العجيب، لا بل نطلبه ونشتريه حتى وإن كان في أبعد البلدان فخدمة التوصيل من ضمن التكنولوجيا والحداثة، وأيضاً تقديم التكنولوجيا لك يعتبر من الأمور البديهية في هذا العصر، أنت فقط ادفع المال واطلب وكل شيء يحضر بين يديك، ولكن الأمر السيئ أو الوجه الآخر للتكنولوجيا هو استفادة من ينتجها ومن يصنعها طبعاً الاستفادة مادياً وتقنياً كبلاد منتجة، أما موضوعنا فهو عن البلدان المستهلكة أو البلدان التي تعتبر أسواق تصريف للبلدان التي تقوم بصناعة التكنولوجيا، وهي تتحكم عن طريق إنتاجها وتطورها بحياة البلدان التي تعتبر أسواق لهذه البلدان.
إن التكنولوجيا قضت تقريباً على الإبداع الفكري والعلمي لبلدان العالم الثالث، ومن الممكن أن نسميهم اليوم العالم السادس أو السابع نتيجة التراجع الذي هم عليه، و ما يحصل فيها من صراعات وحروب وتنازع، ونتيجة عدم تقديم حكوماتهم لهذه الدول أبسط الأمور التي من الممكن أن تطور قدرات الإبداع والاختراع، عدا عن دس السموم وانتشار الأوبئة والمخدرات والانحلال، كل هذا يؤدي إلى التقهقر والتراجع عن أي تطور من الممكن أن يقوم به أي مخترع أو باحث ضمن هكذا مجتمعات، عدا عن التضخم السكاني وغلاء المعيشة وقلة الموارد الطبيعية والبشرية وعدم وجود بيئة ملائمة أو على الأقل التهيئة لوجود بيئة مناسبة للعقول المبدعة والأفكار البنّاءة، والمعضلة الأخرى هي سهولة وصول التكنولوجيا لهذه المجتمعات والدول ورخص ثمنها لتصبح في متناول الجميع.
إن أول حالة لعرقلة التفكير وأعمال العقل شاهدناها وعملنا بها منذ منتصف القرن الماضي هي الآلة الحاسبة وشاهدنا جميعاً كيف أصبحت عنصراً مهماً بالمجتمع ويتناولها جميع أفراد المجتمع بل أصبحت جزءاً من الاحتياجات الأساسية ولا يمكن الاستغناء عنها، وكيف سيطرت على الجميع وبالرغم من دراسة الطلاب وحفظهم للجمع والطرح والضرب والقسمة إلا إنه سرعان ما يستخدمها لكي لا يشغل نفسه بالتفكير الطويل أو لكي “لا يُتعب عقله وحتى من الممكن أن تقوم “بتخطيء” نفسك وتصديق هذه الآلة إذا حدثت إشكالية بأي عملية حسابية.
منذ ذلك الوقت بدأت مرحلة جديدة لتدمير العقول وبدون ذكر الأشياء التي يتم تقديمها في سبيل ذلك والبرامج أيضاً والسيطرة على المجتمعات عن طريق اختراعات تسيطر على الأدمغة وتمنعها من أداء ما خُلقت لأجله
ولا ننكر بأن وجود التكنولوجيا والعديد من نتاجاتها قام بتطوير العالم، من طب وهندسة وإنشاءات ونقل ومواصلات واختراعات وابتكارات، ساهمت في تطور البشرية وتسهيل العديد من الأعمال التي كانت شبه مستحيلة أو فيها من المشقة التي كانت تودي للتهلكة.
ولكن نحن كمجتمعات في دول العالم الثالث علينا إعمال العقل والتفكير وبذل المزيد من الجهد وعدم الانجرار الأعمى وراء التكنولوجيا، والتسليم بالأمر الواقع، والرضاء بأي شيء يتم بثه وتصديره إلينا، وعدم بذل الجهد لتطوير قدراتنا، والانتباه لما يلائم مجتمعنا وبيئتنا، والعمل على تطويره، ونبذ ورفض ما هو مخالف لعادات وتقاليد مجتمعنا، ونشر بحوث ودراسات تواكب تطور مجتمعاتنا، لكي نقوم بالسعي لبناء جيل جديد يكون قادر على الاعتماد على نفسه ويقوم بصناعة تكنولوجيا من خبراته وقدراته، ويقوم باستخدامها لتأدية الخدمة للمجتمع الذي نشأ به، ومن الممكن أيضاً أن يواظب على العمل والعلم لتطوير أي اختراع أو تكنولوجيا وتصديرها إلى باقي دول العالم لتصل إلى مصافِ العالم المتطور ويصبح لك مكان موزون بالمجتمع الدولي تستطيع من خلاله أن توصِل أفكارك وتدافع عن حقوقك.
No Result
View All Result