No Result
View All Result
المشاهدات 3
إعداد/ آرين شنكالي –
تحمل قصة الأميرة السورية ذائعة الصيت “جوليا دومنا” الكثير من الحزن في طياتها، وهي التي فُجعت بمقتل ولدها “غيتا” وهي في أوج قوتها وعنفوانها السياسي والاجتماعي، وكانت مصيبتها الكبرى إن من قتل ولدها هو ابنها الآخر “كاركلا” بعد خلافهما على بعض الأمور السيادية في الحكم والسلطة في روما.
ولِدت جوليا دومنا حسب أغلب المصادر بين عامي 166 و170 م، في مدينة حمص التي كانت تعرف حينها باسم “أميسا” وهي الابنة الصغرى لـ “جايوس يوليوس باسيانوس” كاهن إله الشمس “إيل هاغابال” الكاهن الأعظم لهذه العبادة في حمص، وكان لجمالها ونسبها الرفيع السبب في تقدم القائد الروماني “سبتموس سيفروس” قائد الفرقة الرابعة في الجيش الروماني لطلب يدها وزواجه منها عام187م.
انتقلت العائلة إلى روما عام 189م. وفيها أنجبت جوليا مولودها الثاني “بوبليوس غيتا” وكانت قد ولدت قبل ذلك ابنها البكر “لوسيوس باسيانوس- كركلا”، وبين عامي 191- 193 م انتقلت الأسرة إلى (كارنوتوم) في النمسا شرق فيينا.
نالت جوليا دومنا لقب “المُعَظمة أو أوغستا” عام 193م. لتكون أول امرأة في روما تنال هذا اللقب ولتكون أيضاً أول إمبراطورة سورية تُحكم من إمبراطورية تمتد من “أسكتلندا إلى العراق”، ويعرف عنها إنها رافقت زوجها في المعارك التي خاضتها في الشرق، ونالت لقب الشرف” أم المعسكر” بل أنها ومنذ سنة 205 م استطاعت أن تمارس دورها كحاكمة إلى جانب زوجها الذي توفي عام 211م. وتولى ولداه الحكم من بعده، واحتدم الخلاف سريعاً بينهما ليصل حد قتل “كركلا” لشقيقه “غيتا” في 11كانون الثاني 211م.
ترك حادث مقتل “غيتا” جرحاً عميقاً في وجدان جوليا دومنا، كما تتحدث المصادر الرومانية، وكانت تتولى الشؤون الإدارية في الإمبراطورية ، بينما ولدها كان منشغلاً بحروبه ومعاركه، وتابعت دومنا اهتمامها بالآداب والفلسفة والفنون، من خلال عقد حلقات للأدباء والفلاسفة في قصرها، ومنهم الكاتب “فيلوستراتوس”، الذي ألف كتاب – بناء على طلب جوليا دومنا- عن حياة الفيلسوف الفيثاغوري “أبو للونيوس” والذي أنهاه بعد مماتها.!
ويَذكر التاريخ إن ابن عمه جوليا هو الحقوقي والمشرع الحمصي والمعروف باسم ( بابنيان ) وإنّه قد قُتل لأنه رفض أن يشرع “فتوى” تبررقتل “كاركلا” لأخيه “غيتا”، قائلاً أشهر عبارته الخالدة: “ان ارتكاب جريمة قتل، أهون من تسويغ هذا القتل”.
عادت جوليا إلى مسقط رأسها في سوريا مع ابنها كركلا عام 214م. وبتدبير من القائد الروماني “مكاريوس” قُتل ابنها كركلا عام 217م. وطلب القيصر الجديد منها مغادرة روما خوفاً من عودة نفوذها لتقيم في الرها وحمص من جديد لكنها رفضت ذلك، وكانت تعاني من مرض عضال، وامتنعت عن الطعام في بيتها المعزول حتى توفيت بها سنة 217م،ُ وأُحرِقت جثتها في انطاكية، ودفن رفاتها فيها، ونقل رماد جثتها وجثة “غيتا” إلى المقبرة الإمبراطورية للانطوائيين في ضريح هادريان.
بقي أن نقول ان جوليا دومنا كانت لها بصمتها البارزة في الأدب والمعرفة والفن والفلسفة في كل مكان أقامت به وبخاصة في سوريا، لاهتمامها ورعايتها وتذوقها للآداب ومعاني الجمال والفن، وكانت تتقن اللغات السائدة وقتئذ كالتدمرية والرومانية والآرامية والمصرية القديمة، أما لقب “دومنا أو دومينا” فهو لقب لقب منحته روما لها ويعني “السيدة الفائقة الجمال”.
No Result
View All Result