No Result
View All Result
المشاهدات 2
قرية وادعة جميلة، مبنية من الطين، سميت باسم امرأة مع أطفالها، “خربة كجي”، وأصبحت وجهة لأهلها وإرثاً لأحفادها.
على مسافة 37 كم من ناحية عامودا، و45 كم من مدينة الحسكة تتربع قرية خربة كجي. هذه القرية، التي تشبه غيرها من القرى المؤلفة من البيوت الصغيرة المشيّدة بدفءٍ، فهي قرية جميلة دافئة، يعتمد أهلها على الزراعة، وتربية المواشي، إلا أن أكثر ما يميزها عن باقي القرى، أنها سميت باسم امرأة، تُدعى “كجي”.
فمن هي كجي؟
تنحدر كجي من قضاء شنكال في باشور “جنوب” كردستان، من عائلة سرحوكي عشيرة كابارا، تزوجت عام 1890، أنجبت خمسة أولاد، هم (آسيا، ومريم، ومحمد، وإسماعيل، وعمر).
توفي زوج كجي، وتعرضت بعدها لضغوطات عائلية بإجبارها على الزواج مرة أخرى، لكنها قررت مغادرة شنكال برفقة أطفالها متوجهة نحو روج آفا؛ لما عانته هناك من ويلات وصعوبات معيشية.
منجزات كجي
بلغت كجي مقصدها، ووصلت إلى روج آفا، وتحديداً إلى ناحية عامودا، قرية طوبو، حيث يقيم هناك بعض أقاربها، مكثت كجي بضعة أيام لديهم، ثم قضت أياماً لدى أقارب آخرين في قرية كري إيش الواقعة في ناحية عامودا، حتى جاء اليوم، الذي قررت فيه الاستقرار وبناء منزل خاص بها.
اختارت كجي قطعة أرض صغيرة قريبة من قرية أقربائها، وبدأت ببناء منزلها الطيني بمساعدة أطفالها الخمسة، اعتمدت كجي في عامها الأول في بيتها على الزراعة وقطاف القطن، لتدبير شؤون منزلها، وتأمين احتياجاتها.
كانت كجي تنقل المياه بالجالونات إلى منزلها للشرب، وسقاية مزروعاتها، وشيئاً فشيئاً بدأت ملامح القرية بالتشكل حيث بدأ أهل كجي الموجودون في شنكال بالتوافد إلى القرية والاستقرار فيها، حتى وصل عدد المنازل فيها إلى أكثر من 40 منزلاً، وبنيت فيها مدرسة باسم “مدرسة خربة كجي”، فكانت تعمل كجي على تأمين احتياجات القرية من مياه الشرب بحفر بئر قريب من القرية، وهكذا دبت الحياة الريفية الجميلة في قرية كجي، كبرت القرية، وأصبحت لها حدود معروفة بها.
وقد اعتمد سكان القرية بالدرجة الأولى على زراعة القمح والشعير، وتربية المواشي (الأبقار والأغنام).
امرأة حكيمة
وصف “هارون إسماعيل كجي“، أحد أحفاد كجي، جدته نقلاً عن والده إسماعيل كجي، “بأنها كانت امرأة حكيمة، ذات كلمة مسموعة بين الجميع؛ لحكمتها وشخصيتها الجريئة والقوية، كانت ترشد التائهين بسبب وعيها الكبير وحسن تدبيرها”.
يعبّر هارون البالغ من العمر الآن (87 عاماً) عن فخره بكجي: “نحن فخورون جداً بأننا أحفاد تلك المرأة الشجاعة، التي أسست عائلة، وقرية بكل حب وشجاعة”.

“لم أرَ جدتي كجي، لكنني سمعت الكثير عنها، لقد كانت امرأة شجاعة وذكية، بنت القرية مع أولادها على الرغم من صغر سنهم، ودون مساعدة أحد”، هذا ما قالته “سورية عمر“، إحدى حفيدات كجي أيضاً.
وأشارت “سورية” البالغة من العمر الآن (67 عاماً)، إلى أن جدتها كجي كانت تدير أمور القرية، وتقدم المشورة في المواضيع المتعلقة بأهالي القرية سواء كانت هذه المواضيع شخصية أو لها علاقة بالقرية.
كما كانت كجي تستقبل في قريتها الكرد، الذين كانوا يهاجرون من مناطقهم لأسباب عديدة، وتقدم لهم المساعدة حسب الإمكانات المتاحة، على ما تذكر حفيدتها سورية.
وتوفيت كجي عام 1946، تاركة خلفها إرثاً لا يزول، لتبقى ذكراها خالدة في أذهان أحفادها، الذين يُعرفون حتى الآن باسمها، وأذهان كل من سمع عنها، والتقى بها.
وكالة أنباء هاوار

No Result
View All Result