No Result
View All Result
المشاهدات 1
فواز حمود_
ما زال التغير الديمغرافي في سوريا يعدُّ من أحد أهم الملفات التي شغلت السوريين طوال سنوات الأزمة السوريّة، ومع أن هذا التغيير لم يكن وليد الأحداث التي عاشتها البلاد خلال السنوات الماضية حصراً، فمنه ما كانت مسؤولة عنه حكومة دمشق وتغييرها لديمغرافية بعض المناطق لحساباتها السياسية الداخلية أو لمساعدات دول الجوار مثال على ذلك ما عُرف بالحزام العربي.
ومنها ما سعت له الفاشية التركية من خلال اتفاقيات مشبوهة في تسعينيات القرن الفائت مع سلطات حكومة دمشق آنذاك، متخذة جميع الذرائع والوسائل التي كانت سانحة لها في تلك الحقبة الزمنية لدخول سوريا وتحقيق التغيّر الديمغرافي الذي تسعى إليه، إلا أنها لم تستطع تحقيق مأربها حينها ولكن نجحت بوضع حجر الأساس للتغيير الديمغرافي الحاصل الآن في الشمال السوري المحتل.
ومع بدء الصراع في سوريا وانشغال العالم بما يسمى “بثورات الربيع العربي” بدأت تركيا إعداد العدة لاحتلال مناطق سوريّة شاسعة، مستغلةً بعض المجموعات السوريّة التي حوّلتها عن طريق الاستقطاب المالي أو الطائفي وبعض الأحيان العقائدي إلى مرتزقة لتحقيق مكتسبات على الأرض السوريّة.
ومن بين تلك الخطوات التي أنتهجها الفاشي أردوغان لاحتلال بعض المدن في سوريا، مهاجمة عفرين ونزوح أكثر من ثلاثمئة ألف شخص قسراً من هناك، يعيشون الآن بالقرب من الشهباء في حلب وفي أنحاء أخرى من شمال وشرق سوريا.
كما احتلت تركيا أيضاً كري سبي وسري كانيه ما أدى هذا أيضاً إلى نزوح أكثر من ثلاثمئة ألف شخص قسراً، أي نزوح 600 ألف شخص في شمال وشرق وشمال غرب سوريا في الوقت ذاته.
كما عملت تركيا بعد احتلال تلك المناطق على محاولة تتريكها بالكامل، وخاصةً ما تقوم به في عفرين حيث تقوم بتغيير هوية المدينة ومعالمها وصبغها بالهوية التركيّة عبر تغيير أسماء الشوارع والميادين والمرافق العامة، والمستشفيات، ورفع العلم التركي فوق المدارس والمرافق العامة.
ومع مطلع العام الجاري نقل أردوغان مشاريع التغيير من ظلمات مكاتب استخباراته إلى العلن، من خلال التصريح بأن لديه خطة لإعادة توطين مليون لاجئ سوري في هذه المناطق المحتلة، وهنا نسأل إذا كان هذا ليس تغييراً لديموغرافية المنطقة، فماذا يكون إذا؟
ونقل مليون لاجئ سوري أو أكثر محميين ضمن القوانين الدولية التي تحرّم نقلهم من الأراضي التركيّة إلى مناطق أخرى، وترحيلهم قسراً ما سينتج عنه في المستقبل القريب أو البعيد صرعات قد تصل لحرب أهلية إذا صحّ التعبير، بين السكان الأصليين والمستقدمين الذين تم توطينهم في تلك المناطق، قد يمتد سعيرها ليعم الشرق الأوسط.
بمعنى أن التغيير لا يمكن له أن يتم إلا إذا سبقه فعل إجرائي آخر كنقل جماعة أو مجموعة سكانية من مكان ما والإتيان بجماعة أو مجموعة سكانية أخرى لتحل محلها، وهذا الفعل أو الإجراء يسمى بالتهجير أو النقل القسري، ويندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وفق القانون الدولي الإنساني بموجب المواد (6-7-8) من نظام روما الأساسي.
فإن التغير الديمغرافي ليس نتيجة الحرب أو الأزمة في البلاد فقط، ولكنه عملية ممنهجة وسياسة مُتبعة وهذه السياسة تورطت فيها أبرز الأطراف الموجودة في سوريا طبقتها بحذافيرها حكومة دمشق ودولة الاحتلال التركي.
No Result
View All Result