حسام إسماعيل_
ساهم اندلاع الأزمة السوريّة لعام 2011 بموجة من الانتفاضات والاضطرابات السياسية في المنطقة ككل، وفي إيقاد جذوة الثورة ضد الأنظمة المتسلطة والفاشيّة، لكن سرعان ما تحوّلت الثورة والاحتجاجات السلميّة إلى نزاع مُسلّح تطور بعدها إلى استخدام العنف وفرض الحلول العسكرية لإنهاء الاحتجاجات.
شكّلت الحرب في سوريا أحد أكثر النزاعات تعقيداً وتدميراً خلال السنوات الأخيرة، فقد أودى الصراع بحياة مئات الآلاف من الأشخاص، وشرّد الملايين وترك البلاد في حالة خراب، ورغم المحاولات العديدة التي قام بها المجتمع الدولي لإنهاء الصراع إلا أن المبادرات التي طرحها مجلس سوريا الديمقراطية الذي يعدُّ المظلة السياسية للشعوب السورية هي الأنجع بالرغم من التعنّت المستمر والعرقلة من قِبل حكومة دمشق لفرض حلولها على الشعوب السوريّة بعقلية ما قبل الـ 2011.
تحوّلات الصراع السوري
دفعت التطورات المُتسارعة التي شهدتها سوريا خلال السنوات الأولى للثورة إلى تحوّل الصراع إلى حربٍ بالوكالة، إذ دعمت القوى الإقليمية والدولية أطرافاً مختلفة، ما أدّى إلى تفاقم العنف، وعليه فإن أحد التحديات الرئيسية في إيجاد طريق للسلام في سوريا هو تعقّد الصراع بسبب تعدد الجهات الفاعلة التي لديها مصالح متنافسة، مثل روسيا وإيران وتركيا وجهات دولية وإقليمية أخرى، كل من هذه الجهات الفاعلة لديها أجندتها الخاصة، وهي غير مُستعدة لتقديم تنازلات ما يجعل من الصعب الوصول إلى تسوية تفاوضيّة.
فيما لعبت التجربة الديمقراطية في مناطق شمال وشرق سوريا دوراً هاماً في جلب السلام والاستقرار إلى مناطقها بعد حالة مرعبة من فوضى السلاح وتدمير البنى التحتية خلال فترة هيمنة ما يُعرف بالمجموعات المرتزقة المدعومة من الأطراف الإقليمية وعلى رأسها الدولة التركيّة المحتلة، وما رافق هذا العبث من أزمات وخاصةً “الأزمة الإنسانية” الناجمة عنه والتي كان لها تأثير مدمّر على السكان المدنيين في البلاد، إذ نزح ملايين السوريين قسراً من ديارهم، ولجأ الكثير منهم إلى الدول المجاورة وأوروبا بسبب ذلك.
أدى تدمير البنية التحتية وانهيار الاقتصاد إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، وحرمان العديد من السوريين من الوصول إلى الضروريات الأساسية، مثل الغذاء والماء والرعاية الصحية وتدهور الأمن الغذائي، حيث قدّرت الأمم المتحدة أعداد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر بأكثر من 90% من إجمالي السكان، وتلبية هذه الاحتياجات الإنسانية أمر بالغ الأهمية لأي اتفاق سلام دائم، لكنها تتطلب موارد وتعاوناً كبيراً من المجتمع الدولي.
آليات تحقيق السلام
مع غياب مؤسسات الدولة بعد اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، وبعدها بعامين تقريباً تبلورت فكرة قيام الشعوب السورية في مناطق شمال وشرق سوريا بإيجاد بديل وسد الفراغ الحاصل نتيجة ذلك من نواحي الحماية وتأمين الخدمات، وحماية ما تبقّى من مرافق حيوية وخدمية لذلك شكّل انطلاق ثورة روج آفا في التاسع عشر من تموز عام 2012 نقلة نوعية في تحقيق السلام والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة بعد انسحاب الحكومة خدمياً وعسكرياً وأمنياً من الساحة وتركها تواجه مصيراً أسوداً لذلك شكّلت “ثورة روج آفا” منطلقاً هاماً وأساساً لتكوين الإدارات الذاتية والمدنية تماشياً مع الحملات العسكرية لتطهير المنطقة وتحرير الشعوب من نير المرتزقة، ولتحقيق السلام الدائم في بقية الأراضي السوريّة.
وبعد تأسيس الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا ومجلس سوريا الديمقراطية المظلة السياسية لقوات سوريا الديمقراطية تم تحديد أولويات تحقيق السلام بين القوى والتوجهات السياسية على الأرض السوريّة لذلك أطلق مجلس سوريا الديمقراطية “مسد” العديد من المبادرات تماشياً مع القرارات الدولية من ضمنها القرار 2254، وخاصةً مع حكومة دمشق ووجه عدة نداءات بوجوب تحقيق الحل السلمي للأزمة السوريّة على أسس ديمقراطية، وعدم إلغاء أي طرف من الأطراف والقوى السورية، إلا أن الواقع يشير إلى عدم إمكانية ذلك في ضوء تعنت النظام السوري و