العنب فاكهة غذائية وتجارية نشطة في مدينة الرقة

الرقة/ حسين علي –

في رحاب مدينة الرقة، تزدهر فاكهة العنب بكل روعتها وجمالها، وتعدُّ ثمرة تاريخية قديمة تحمل في طياتها ثقافة وتراثاً عريقاً، وتعكس روح الإصرار والقوة لأهالي هذه المنطقة العريقة.

حيث تشتهر الرقة بزراعة العنب منذ قرون عديدة، لأن أراضيها مثالية لزراعة هذه الثمرة اللذيذة. ويتميز مناخ الرقة بالصيف الحار والجاف والأشهر الشتوية المعتدلة؛ ما يوفر الظروف المثالية لنمو العنب وتطوره بشكل متميز، بالإضافة إلى ذلك، تتميز التربة في المنطقة بخصوبة عالية، وتوفر مصادر مائية مناسبة وخصوصاً في منطقة الكسرات، التي تقع على الضفة الجنوبية لمجرى نهر الفرات؛ ما يسهم في إنتاج عنب ذي جودة عالية ونكهة رائعة.

وتتواجد في الرقة العديد من أصناف العنب المميزة، مثل العنب الأصفر، والأحمر، والأسود، ويتميز كل صنف بخصائصه الفريدة ومذاقه الرائع، ما يلبي أذواق الأهالي هنا، وتتم زراعة العنب في مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في الرقة، حيث يعمل الفلاحون بكل حرفية واجتهاد على زراعته ورعايته، ولا يكاد كل منزل من المنازل الريفية، أن يخلو من أشجار العنب.

وأصبحت زراعة العنب في الرقة مصدراً رئيسياً لدخل أهالي ريف الرقة خصوصاً، حيث يقومون بتصدير هذه الثمار إلى الأسواق المحلية؛ ما يسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل جديدة، ورفع مستوى المعيشة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المربيات الخاصة من العنب، إن نجاح زراعة العنب في الرقة يعود إلى خبرة الفلاحين المحليين وحرصهم على استخدام أحدث التقنيات الزراعية والممارسات المستدامة، وبجانب قيمتها الاقتصادية، تحمل فاكهة العنب أيضاً قيمة غذائية وصحية كبيرة، فهي غنية بالفيتامينات والمعادن مثل فيتامين سي، وفيتامين ك، وتعد مصدراً هامًّا للألياف الغذائية ومضادات الأكسدة. ويتم استهلاك العنب الطازج وجبة خفيفة لذيذة، كما ينتج منه العصير، والمربى ومنتجات أخرى، مثل العنب المجفف ما يسمى (الزبيب)، والعنب المعلب، وتعدُّ هذه المنتجات طريقة مثالية للاستمتاع بفوائد العنب على مدار العام، وفي ذلك رصدنا من خلال لقائنا آراء بعض الفلاحين، قال خالد العلي “أبو أحمد” وهو مزارع عنب لصحيفتنا “روناهي”: “منذ زمن بعيد كان والدي يثابر على زراعة أشجار العنب في المنزل، واكملت بعده لأنشئ حقلاً، وحقيقة الأمر نجحت هذه الزراعة، لكنها تحتاج عناية خاصة ومتابعة وحماية من الحشرات والحيوانات، وتواجهنا بعض المشاكل مثل الشبكات العنكبوتية، التي تسبب تلف العنب، لذلك الالتزام بمواعيد العلاج والري لهذه الفاكهة ضروري جداً”.

أهمية محصول العنب في مدينة الرقة

ويحظى العنب في الرقة بأهمية ثقافية واجتماعية كبيرة. يعد حصاد العنب فرصة للمجتمع للتجمع والاحتفال، حيث يتم قطاف العنب عبر جو مجتمعي وثقافي ما يعكس قيمة هذه الفاكهة، وتعكس روح البهجة والسعادة التي يحملها العنب في قلوب الأهالي.

وأضاف العلي: “يتميز العنب بأهمية كبيرة حيث شكلنا ورشات قطف وورشات تجفيف، وخصصنا وسائل نقله وبيعه في الأسواق، ويعدُّ عام 2023 عاماً إنتاجياً كبيراً لمحصول العنب لدينا”.

التحديات التي تواجه زراعة محصول العنب في الرقة

ومع ذلك، لا يمكننا إغفال التحديات التي تواجه زراعة العنب في الرقة، حيث تأثرت بشكل كبير جراء النزاعات والصراعات، التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى تدمير الأراضي الزراعية وتشرد الفلاحين ما أدى لجفاف، وموت الكثير من بساتين العنب، بسبب العطش والتدمير، إلا أن بالرغم من هذه التحديات، يستمر أهالي الرقة في العمل بجد لإعادة إحياء زراعة العنب وتطويرها، وذلك بفضل إرادتهم القوية، ولا تزال مشكلة المياه تشكل عائقاً أمام الكثير من الفلاحين، بسبب قلة المياه وضعف المنسوب وانخفاضه، ما يشكل صعوبة في إيصال المياه إلى بعض الحقول البعيدة عن سرير النهر، ما يضطر الفلاحون إلى حفر الآبار الارتوازية، وفي ذلك اختتم المزارع “خالد العلي” حديثه: “نحن في ريف الرقة رغم التحديات مصممون على نجاح هذه الزراعة، وحققنا نجاحاً كبيراً من خلال بساتين العنب الموجودة لدينا، وإنتاجنا جيد هذا العام ونأمل في متابعة هذه الزراعة من قبل لجنة الزراعة بتقديم المبيدات والأدوية الزراعية والأسمدة بوقتها المناسب، لكي نستطيع الاستمرار بقوة وتحقيق الاكتفاء الذاتي من هذا المحصول الهام”.

ختاماً فاكهة العنب في الرقة تعد قيمة زراعية تعكس قدرة الإنسان الزراعة بطرق متطورة، وإنها رمز للتراث والثقافة، وتلهم الأجيال القادمة الحفاظ على تراثها الزراعي القيم والعمل على تطويره وإحيائه.